ليبيا: خريطة طريق إلى أين؟

حجم الخط
0

بعد تمكن لجنة 6+6 التي تمثّل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة (وهما هيئتان تشريعيتان تعبران عن الانقسام المؤسساتي الليبي) من التوصل إلى نوع من التوافق، اعتمد المجلسان، في طرابلس، ثم بعد أسبوعين من التأجيل، في طبرق، «خريطة طريق» للانتخابات، تنص على تشكيل حكومة مصغرة تشرف على تلك الانتخابات المقبلة.
يمكن، نظريا، اعتبار اتفاق أي هيئتين متضاربتين ومتوازيتين في ليبيا المنقسمة جغرافيا وسياسيا وإقليميا ودوليا نوعا من الاقتراب نحو حلّ، غير أن الواقع يقول إن أي حلّ لا توافق عليه القوتان الرئيسيتان الداخليتان الممثلتان بحكومة الوفاق الوطني التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، والحكومة الموازية في بنغازي، التي يتحكّم فعليا بشؤونها الجنرال خليفة حفتر، سيؤدي إلى صراع عسكري شهد الليبيون جولات متعددة منه منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
المتغيّر الجديد في هذه المعادلة هو حصول توافق مبدئي رعته بعض الدول الإقليمية المؤثرة بين حفتر والدبيبة، غير أن هذا التوافق، وتمكّن المجلسين المذكورين من الوصول إلى صيغة اتفاق، يواجه معارضة داخل المجلسين، فهناك كتلة معارضة تسمى «مجموعة الـ54» في المجلس الأعلى في طرابلس، تعارض هذا التوافق بين حفتر ـ الدبيبة، كما أنها تعارض مجمل المسار الحاصل، وقد اعترضت على حصول جلسة غير مكتملة النصاب (56 حضروا من أصل 135 وصوت 38 عضوا منهم) أقرت فيها خريطة الطريقة، كما صعّدت مجموعة من 40 نائبا في مجلس النواب في طبرق، احتجاجها في حزيران/يونيو الماضي على «جلسة مخالفة» مغلقة صوتت على اختيار رئيس وأعضاء للمحكمة الدستورية، واعتبرت القرارات باطلة وغير شرعية.
يمكن القول إن حروب حفتر الداخلية التي أثارها ضد حكومات طرابلس، والمناورات الكثيرة التي تلاعب فيها بالأطراف الأخرى، جعلته في موقع أفضل داخليا من موقع الدبيبة (الذي يواجه معارضة من رئيس المجلس الأعلى خالد المشري) غير أن استعانة حفتر بقوات فاغنر، يعني أن الدبيبة يتمتع بأفضلية خارجيّة، من دون أن ننسى أنه ما زال لروسيا دور وازن في ليبيا، وخصوصا مع توالي الانقلابات العسكرية المؤيدة لها في أفريقيا.
تحسّست بعثة الأمم المتحدة في ليبيا هذا الوضع الرجراج واعتبرت اقتراح مجلسي النواب والأعلى للدولة «تشكيل حكومة مؤقتة جديدة قبل إجراء الانتخابات» إجراء أحاديا يمكن أن يؤدي إلى «عواقب وخيمة» وأن يتسبب بمزيد من «عدم الاستقرار وإثارة العنف».
لقد استخدم حفتر وزير الداخلية الأسبق في حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، في فتح طرابلس، وقد باءت تلك المحاولة لدخول طرابلس بالعنف بالفشل، الليبيون يستطيعون التمييز، بالتأكيد، إن كانت «خريطة الطريق» التي تحمل أختام مجلسي النواب والدولة، محاولة جديدة لإحلال حكومة مكان أخرى أم هي مجرد «هيئة تسييرية» لاجتياز عنق الزجاجة الليبي: الانتخابات الموعودة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية