طرابلس – «القدس العربي»: مع انشغال الحكومتين في ليبيا بالصراع على السلطة وبمجادلات البقاء التي لم تنته بينهما، تردت الأوضاع الأمنية في عموم ليبيا، حيث ابتدأت الاحداث بشرق ليبيا وانتهت في غربها، بين حوادث خطف وقتل خارج إطار القانون، وصراعات مسلحة، وتشكيلات تابعة للدولة بشكل أو بآخر.
ففي العاصمة طرابلس، عاش المواطنون حالة من الخوف والفزع عقب اندلاع اشتباكات مسلحة بين كتيبتين وسط العاصمة بسبب مناطق نفوذ كل منهما وتداخلها مع الأخرى.
هذه الاشتباكات العنيفة التي شهدتها عاصمة ليبيا طرابلس أدت إلى سقوط ما لا يقل عن ستة قتلى، وقد اندلعت بين كتيبة النواصي التابعة لوزارة الداخلية، وجهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي.
كما وقعت هذه الاشتباكات المسلحة بشارع الصريم قرب مبنى الجوازات في قلب العاصمة طرابلس مساء الإثنين، وأشارت مصادر لـ “القدس العربي” إلى إصابة سيارة مصفحة جراء إطلاق النار عليها.
ولم تعلن الجهات الرسمية حتى الآن عن أسباب الاشتباكات التي اندلعت بشكل مفاجئ وسط الأحياء المكتظة بالسكان والمدنيين، فيما لم تعلق وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية عن هذه الأحداث. وأفادت مصادر أمنية لـ”القدس العربي” أن الأوضاع تشهد هدوءاً الآن، فيما أغلقت الجهات الأمنية المداخل المؤدية إلى منطقة الاشتباكات.
جهاز دعم الاستقرار الذي كان طرفاً في النزاع، علق على الواقعة قائلاً بأن ما حدث “لا يعدو كونه خلافاً بسيطاً بين الأشقاء، وقد تمت السيطرة عليه وحلحلته بتدخل العقلاء والحكماء”، وذلك بعد أن توفي ستة أشخاص على الأقل.
وطالب، في بيان، وسائل الإعلام بالتحري في نقل الأخبار من مصادرها، والابتعاد عن “زرع بذور الفتنة بين الإخوة، ولا عزاء للشامتين”، حسب تعبيره.
واعتبر الجهاز، وهو تشكيل مسلح ينضوي تحت مظلة الحكومة، في بيان نشره عبر صفحته على فيسبوك، أن بعض المنصات الإعلامية تناولت تلك الأحداث بتضخيم وتهويل.
وفي ظل تحفظ حكومة الوحدة للوطنية عن إصدار أي بيان حول الواقعة، قالت وزارة الداخلية بالحكومة الليبية التي يرأسها فتحي باشاغا، إن هذه الاشتباكات تهدد أمن المواطنين وتعرض ممتلكاتهم للخطر”.
ودعت وزارة الداخلية، في بيان، كل الأطراف داخل طرابلس لإيقاف المواجهات المسلحة والتهدئة الفورية وتغليب مصلحة الوطن والمواطن.
وشددت على أن زمن العنف والفوضى قد انتهى، وفرض الأمن والأمان أمران لا ثالث لهما، متعهدة للشعب الليبي بأن تفعل ما بوسعها لتكون ليبيا وطرابلس آمنة.
فيما نعت كتيبة النواصي التابعة لوزارة الداخلية خمسة من افرادها الذين قتلوا في الاشتباك المسلح الذي حصل في العاصمة طرابلس، واصفة إياهم بالمغدورين وأنهم قتلوا أثناء ممارسة مهامهم.
وفي وقت سابق، قال رئيس بعثة تقصي الحقائق في ليبيا محمد أوجار، إن المحققين اكتشفوا المزيد من الأدلة على انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في البلاد التي أعلنوا عنها لأول مرة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأوضح، أن التوترات لا تزال مرتفعة اليوم بعد تأجيل انتخابات 24 ديسمبر/كانون الأول مع استمرار وجود حكومتين متنافستين، لافتاً إلى أنه في ظل هذه الخلفية استمر العنف والانتهاكات والتجاوزات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، قائلاً إن ذلك يمكن أن يعرقل انتقال ليبيا إلى السلام والديمقراطية وسيادة القانون.
ولم تقتصر هذه الانتهاكات على طرابلس فقط؛ فقبل أيام قالت منظمة رصد الجرائم الليبية إنها رصدت خلال شهر مارس المنصرم عدداً من الانتهاكات الحقوقية والجرائم عن طريق مكتب الرصد والتوثيق بالمنظمة. وأوضحت المنظمة في بيان لها، أن أبرز ما رصده المكتب هو شن جهاز الأمن الداخلي سرت حملة اعتقالات تعسفية طالت 12 مدنياً على الأقل كانوا قد شاركوا في وقفة احتجاجية بمدينة سرت. وذكر البيان أن المنظمة تابعت استمرار مخلفات الحرب والألغام في حصد أرواح المدنيين، حيث سجلت وقوع ثلاثة ضحايا، من بينهم طفلان، في أطراف بنغازي، وإصابة طفل آخر في سرت.
وذكرت المنظمة اختطاف جمال عبد المالك العوكلي، قرب حاجز أمني في منطقة القيقب جنوب مدينة شحات، من قبل مجموعة مسلحة تنتمي للواء طارق بن زياد التابع لميليشيات حفتر، على خلفية انتقادات وجهها عبر مقطع فيديو إلى خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح، وأخلي سبيله بعد ثمانية أيام.
كما سجلت المنظمة مقتل مدني من الجنسية التشادية إثر انفجار لغم يعود لمخلفات حرب 2014 في منطقة بنينا جنوب بنغازي
وتابعت أنها رصدت قيام مجموعة مسلحة تنتمي لمليشيات حفتر مع جهاز الأمن الداخلي سرت، بشن حملة اعتقالات تعسفية وخطف ضد مشاركين في الوقفة الاحتجاجية وسط سرت بتاريخ 19 مارس، واعتقل على إثرها 5 أفراد على الأقل من أماكن مختلفة في المدينة، ومازال مكان احتجازهم مجهولاً.
كما سجلت المنظمة إصابة طفل بجروح طفيفة إثر انفجار قذيفة من مخلفات الحرب داخل مدرسة في منطقة وادي جارف غرب سرت.
ورصدت العثور على جثتين مجهولتي الهوية في مشروع ماسكلو الزراعي قرب منطقة جردينة جنوب مدينة بنغاري بنحو 40 كيلومتراً. وحسب شهود عيان، كانت الجثتان مكبلتي الأيدي وعليهما آثار رصاص في الرأس، ووجدتا داخل أكياس حفظ الجثث.
وسجلت المنظمة وفاة السجين علي فرج جبريل الديباني 37 سنة، في سجن قرنادة بسبب عدم توفير العناية الصحية والإهمال الطبي من قبل إدارة السجن، وهو من بين السجناء المعتقلين بدون إجراءات قانونية ولم يعرض على المحكمة.