طرابلس – «القدس العربي» : في الوقت الذي يتصاعد فيه الانقسام في ليبيا الذي نتج عن وجود حكومتين ترفض كل منهما التعاطي مع الأخرى، باتت تبرز مطالبات واضحة ودعوات من المنظمات والهيئات والمجتمع المدني لوضع حلول سياسية سلمية عاجلة وسريعة. وفي بيان جديد صدر عن عدد من منظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات، طالبت هذه التكتلات المجلس الرئاسي بتحمل مسؤولياته وإعلان حالة الطوارئ، وتجميد مجلسي النواب والدولة، وتحديد موعد للانتخابات.
وأوضحت المنظمات المدنية في بيان مشترك، إن الوضع المتردي في البلاد وحالة الانسداد السياسي وغياب الدستور ومعايير تولي المناصب السيادية، كلها عوامل منحت من تسلم المجلس التشريعي الفرصة للبقاء في السلطة التشريعية إلى ما لا نهاية.
وحمل البيان مجلس النواب مسؤولية إشرافه على صناعة حكومات اعتُمد في تكوينها على المحاصصة في غياب واضح لكل المعايير الأساسية لإدارة الدولة بالشكل الصحيح كالكفاءة والنزاهة والوطنية، وفق نص البيان.
وطالب البيان المجلس الرئاسي بتكليف المحكمة العليا بإعداد قاعدة دستورية في مدة لا تتجاوز 15 يوماً، وتشكيل حكومة أزمة تقودها شخصيات من التكنوقراط، ومحاسبة الوزراء الفاسدين.
ودعا البيان مفوضية الانتخابات بإجراء الانتخابات في الموعد الذي يحدده المجلس الرئاسي أو وضع أنفسهم على ذمة القضاء للمحاسبة على مشاركتهم البرلمان في إطالة أمد الأزمة، متوعدين في حال عدم الاستجابة لتلك المطالب بالدعوة إلى العصيان المدني، حسب تعبير البيان.
ووقع على البيان الهيئة الطرابلسية والاتحاد العام للعمال والمكتب التنفيذي لاتحاد العمال وغرفة التجارة طرابلس ونقابة المؤسسة الوطنية للنفط، إضافة إلى عدد من النقابات العمالية الأخرى.
وبات ناقوس الخطر يدق في ليبيا مرة أخرى بعد تعيين البرلمان لحكومة جديدة تمكنت من إرضاء اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ونشرت نفوذها شرقاً وجنوباً، لكنها لم تتمكن من دخول العاصمة طرابلس والعمل منها.
وما ضاعف حجم المخاوف والتهديدات هو نشاط حفتر الأخير في الجنوب الليبي وتحركاته فيه، فضلاً عن تصريحاته التي حملت دعوات شعبية بالنهوض ومحاربة ما سماه بالفساد، مشيراً إلى عزمه إنهاءه وتقويضه في البلاد. وقبل يوم واحد، استنكر حفتر ما سماه بالفشل الحكومي والفساد المصاحب له، موضحاً أنه تسبب في تدهور الأوضاع المعيشية بمختلف المدن الليبية، خاصة مدن الجنوب، مؤكداً أن ما تعانيه تلك المدن لم يعد يطاق، ولا يمكن القبول به أو السكوت عنه.
وقال حفتر، في كلمة له خلال عرض عسكري بمدينة سبها، الإثنين، إذا كانت المدن الليبية تعاني آثار الفشل الحكومي والفساد المصاحب له، فإن ما تعانيه مدن الجنوب من تدني مستوى الخدمات والحالة المعيشية القاسية لم يعد يطاق ولا يمكن القبول به أو السكوت عنه.
وحذر الليبيين قائلاً إنه «إذا ما تركنا الأمور تسير على هذا النمط القائم دون أن يتخذ الشعب موقفاً موحداً وحاسماً فإن المسألة ستزداد تفاقماً بما يعرِّض مستقبل الوطن للخطر القادم».
وشجع حفتر المواطنين على الخروج قائلاً إنه «ليس من سبيل لتغيير ذلك الواقع إلا بانتفاضة ضد المتربعين على كراسي السلطة والمفسدين ومن خانوا الأمانة ونهبوا ثروات الشعب، ومن يحملون السلاح ويرهبون به المواطنين ومؤسسات الدولة… وضد الفقر والتخلف والتردد والخوف».
وأردف: «لقد بلغنا المرحلة التي وجب فيها على الجميع الاعتراف بفشل كافة المسارات، وأنه لا مجال لمواصلة السير في الطريق المسدود، وليس هناك طريق يؤدي إلى النجاح إلا المسار الذي يصنعه الشعب».
وقال حفتر «إنها معركة فاصلة لا مفر من خوضها من أجل المواطن الليبي وكرامته من أجل ليبيا التي تئن من الجراح والألم من أجل السيادة الوطنية وهيبة الدولة ومكانة ليبيا بين دول العالم. إنها معركة من أجل العدالة والحرية من أجل الحقوق، والإنتاج من أجل العيش الكريم والتقدم إلى الأمام». وختم حفتر مجدداً التأكيد قائلاً إنه لن يمل من تكرار النداء للقوى الوطنية المدنية الشريفة أن توحد كلمتها وتتفق على رؤية واضحة المعالم تحظى برضا الشعب لتحل محل المسارات الفاشلة نحو بناء الدولة وتحقيق أي قدر من طموحات الليبيين.
ومع تأزم الوضع في البلاد، يعقد مجلس الأمن في 21 أكتوبر/تشري الجاري، جلسة إحاطة حول تطورات الوضع في ليبيا، تليها جلسة مشاورات حول بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وأفادت نشرة الأمم المتحدة، الصادرة في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بأنَّ المجلس سيصوت على قرار يجدد ولاية البعثة التي تنتهي في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، وفقاً للقرار 2647.
يشار إلى انه وفي الثاني من أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلن الأمين العام تعيين عبد الله باتيلي ممثلاً خاصاً، ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بعدما استقال المبعوث الخاص السابق يان كوبيش في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.