مأزق إسرائيلي غير مسبوق: المجتمع منقسم والجيش مأزوم… وحدود المناورة شبه معدومة

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: احتفلت قوى المقاومة الفلسطينية بالعام الجديد، بإمطار عاصمة الكيان المغتصب وعدد من المستوطنات والبلدات بصواريخ صنعت بأيد فلسطينية.. وقد نفى محمود مرداوي القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التقارير الإسرائيلية التي تحدثت عن أن حركة “حماس” لم تعد تتمسك بشرط وقف شامل لإطلاق النار، قبل إبرام أي صفقة مع إسرائيل. وزعمت هيئة البث الإسرائيلية أن الحركة لم تعد تطالب بوقف الحرب من أجل المضي قدما في صفقة تبادل أسرى جديدة”. وردّ مرداوي، في تصريحاتٍ لـ”بوابة أخبار اليوم”، على ذلك قائلا: “موقفنا واضح بخصوص هذا الموضوع.. لا تنازل عن وقف إطلاق النار قبل أي مفاوضات وهذا ثابت بالنسبة لنا”. وتابع قائلا: “نحن لن نتفاوض إلا من خلال وقف إطلاق نار شامل وممتد، ولن نخضع دماءنا وأطفالنا وشعبنا في غزة للمساومة، ولن نتفاوض تحت النار.. وهذا موقف نهائي”.. وعن تصريح نتنياهو الأخير حول “محور فيلادلفيا”، وأنه ينبغي أن يكون تحت سيطرة إسرائيل، أشار مرداوي إلى أن هذا هو موقف التيار اليميني في حكومة الحرب الإسرائيلية، الذي لا يريد أن يُوقف الحرب. موضحا “نتنياهو يحاول استعادة ناخبيه اليمينيين ومن الصعب عليه أن يستعيدهم. وقد ركز على إيران والخطر النووي في تصريحاته الأخيرة، في محاولة منه للظهور بأنه سيد الأمن في إسرائيل، وهو ما أبقاه في السلطة من 2009، واستمرار الحرب هو هدفه”.
وعلى صعيد الغلاء آلت الحكومة على نفسها ألا تمرر بداية العام الجديد، دون أن تفسد على المواطنين حياتهم، إذ رفعت وزارة النقل أسعار تذاكر مترو الأنفاق في جميع خطوط المترو، بعد أن أعلنت عن بدء التشغيل التجريبي بالركاب. وأعلن وزير النقل الفريق مهندس كامل الوزير، بدء التشغيل التجريبي بالركاب للجزء الثاني من المرحلة الثالثة من الخط الثالث، بدءا من صباح أمس الاثنين الموافق 1 يناير/كانون الثاني 2024، والممتد من الكيت كات حتى المحطة النهائية عند محور روض الفرج، الذي يشتمـل علـى 6 محطات هي (السـودان – إمبابة – البوهي – القـومية العربيـة – الطـريق الدائـري – محــور روض الفرج)، لخدمة المواطنين والطلاب في المناطق التي يمر بها هذا الجزء، والتي تتميز بكثافة سكانية عالية، ليكون تشغيل هذا المشروع للمواطنين هو هدية الرئيس لأهالي القاهرة الكبرى، بمناسبة بداية العام الميلادي.
أسباب إخفاقها

لم تتوافر فرص حقيقية لنجاح المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة، وهي القضية التي اهتم بها عبد الله السناوي في “الشروق”: المبادرة بنصوصها وسياقها أقرب إلى محاولة وسط حقول ألغام سياسية لإنهاء أكثر الحروب الحديثة بشاعة وتدميرا، على ثلاث مراحل لا مرة واحدة بقرار دولي، كما سعت أغلبية ساحقة من دول العالم دون جدوى. بدا لافتا أن الأطراف المخاطبة بالمبادرة تحفظت عليها في بيانات رسمية، دون إشارة إلى الجهة التي أطلقتها بالاسم. هكذا عدلت السلطات المصرية توصيفها إلى مقترحات أولية تصلح أساسا لاستطلاع آراء الأطراف كافة، قبل بلورة «موقف متكامل». المعنى أنه لم يكن هناك تداول حقيقي ومتكامل بشأنها، رغم المباحثات المطولة مع قيادات «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في القاهرة، ولا جرت تفاهمات مسبقة مع أي أطراف إقليمية متداخلة ومؤثرة في الملف. تأسست المرحلة الأولى في الخطة المقترحة على تجربة الهدنة المؤقتة الأولى، التي شهدت إفراجات متزامنة فلسطينية وإسرائيلية بنسب متفق عليها عن أسرى ورهائن من النساء والأطفال. إعادة إنتاج الفكرة نفسها لتشمل هذه المرة تبادل كبار السن والمرضى وقدامى الأسرى، بالنسبة السابقة، استدعى موقفين متعارضين، قبول إسرائيلي مراوغ ورفض فلسطيني معلن، خشية الوقوع في فخ خسارة ورقة الأسرى والرهائن، دون أن يكون هناك وقف مستدام لإطلاق النار. في بيان مشترك لممثلي فصائل المقاومة الفلسطينية عقد في بيروت، لم تشارك فيه حركة «فتح»، جرى التأكيد على «الوقف الفوري لحرب الإبادة والأرض المحروقة والتطهير العرقي للعدوان الإسرائيلي». كان ذلك الموقف بتوقيته ودواعيه نوعا من التحفظ على الخطة المقترحة، دون إشارة إلى أصحابها خشية إفساد العلاقات مع أكبر دولة عربية، في ظروف غير محتملة. لم يكن ذلك موقفا جديدا، فقد أعلنت المنظمات نفسها رفضها لأي هدنة مؤقتة جديدة، قد تمتد لفترة أطول هذه المرة، يعود إطلاق النار بعدها.

وتيرة الغضب

الموقف الإسرائيلي يبدو من وجهة نظر عبد الله السناوي أكثر تعقيدا بشأن المرحلة الأولى. هناك ضغط داخلي متزايد من أسر الأسرى والرهائن وتجمعات احتجاجية في قلب تل أبيب، تطالب بصفقة تبادل أسرى شاملة فورا وتدعو في الوقت نفسه لوقف إطلاق النار. وتيرة الغضب ارتفعت بعد فشل الجيش الإسرائيلي في إحراز علامة نصر واحدة، ومقتل ثلاثة جنود أسرى بنيران الجيش، رغم رفعهم رايات بيضاء وهم يصرخون «أنقذونا». التشققات السياسية الداخلية في بنية الحكومة وخياراتها، كما في المجتمع الإسرائيلي كله، وانخفاض مستوى الثقة في الجيش والاستخبارات في السجال العام، استدعت تطورين كاشفين: الأول ـ توسيع نطاق الرقابة العسكرية على وسائل الإعلام، والثاني ـ الدعوات المتواترة إلى نبذ الخلافات، بذريعة أن الدولة تمر بأوقات صعبة وحرب قاسية، كما قال رئيسها إسحاق هرتسوغ في خطاب متلفز. المجتمع منقسم والجيش مأزوم، وحدود المناورة شبه معدومة.. في مثل تلك الأجواء يصعب تماما على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أي ممانعة في ضرورة المرحلة الأولى، خاصة أن الداعم الأمريكي يؤيد دوما الهدن المؤقتة. بنظر الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن هناك انحسارا للدعم الدولي، الذي كانت تحظى به الدولة العبرية. معضلاته الداخلية والدولية تدعوانه إلى تبني جوانب عديدة من الخطة المقترحة. إنها تعفيه أولا من المساءلة الداخلية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي اقتربت مواعيدها، بذريعة أن هناك خطة سلام أكثر واقعية من مشروعات وقف إطلاق النار، التي حال دون استصدارها بحق النقض مرة بعد أخرى في مجلس الأمن الدولي. ثم إنها تخفف ثانيا من وطأة العزلة الدولية، التي وضع فيها بلاده، واتساع مدى الانتقادات في صفوف الحلفاء الغربيين للطريقة التي يدير بها الحرب على غزة. ثم كانت المرحلة الثانية في الخطة المقترحة أقرب إلى مخرج سياسي آخر لأزمة اليوم التالي، وهو سؤال لا إجابة متماسكة واحدة عليه.

عام الجراح

العام يوصد أبوابه ويرحل، ويترك لنا كما قالت خولة مطر في “الشروق” مساحات مكتظة بصور من المذابح المتنقلة من بيت لبيت، ومن شارع لشارع، ومن مدرسة لمدرسة، ومن مستشفى لمستشفى، ومن جامع لجامع آخر، ومن كنيسة لأخرى، هكذا تطارد صواريخهم وأدواتهم «الحديثة والذكية جدا»، كل الأرواح الواقفة في وجهها بلا سلاح سوى اليقين بأن الحق معهم.. لم تعد هناك أي ذكريات أو صور لـ 2023 أكثر حضورا من تلك الأسماء كلها؛ لأطفال وأمهات وزوجات ورجال وصحافيين ومسعفين وأطباء وصانعا الرغيف، عندما شح الدقيق بأوامر عليا من الصهاينة، وكل حلفائهم المعلنين والصامتين أيضا، كلهم تلطخت أيديهم بدماء أطفال غزة حتى آخر يوم على وجه هذا الكون. يغادر العام دون أمنيات سوى أن تتوقف الإبادة، هكذا يصرخ كُثر منا، ممتدون نحن أيضا على مدن الكون كله، بل ربما نحن أكثر منهم، ولكننا دون أسلحة على اختلاف أنواعها، بما فيها سلاح النفط والمال والسلطة والقمع والهيمنة الكاملة على الاقتصاد والإعلام، حتى تصبح التغريدة جنحة أو جناية، حسبما يراد لهم أن يصفوا الجرائم، أليس هم من نزعوا كل المصداقية عن كل تلك التشريعات والأنظمة والقوانين، التي قرر البشر أن تكون هي حكمهم منذ أن أوصدت الحرب العالمية الثانية أبوابها، أو حتى قبلها بسنوات طويلة منذ الأديان السماوية والتشريعات شرعت في تنظيم علاقة البشر بالبشر حتى لا يعم الظلم، لأنه السلاح الأوحد لنهاية البشر فلا استدامة للظالم ولا خنوع للمظلوم إلى الأبد؟

عذابات الفلسطيني

تعرف أن 2023 كانت سنة وستبقى مغلفة بعذابات الفلسطيني والفلسطينية، ونحن كما تقول خولة مطر، نتابع دقات قلوبهم بوجع العاجز عن الفعل سوى أضعف الإيمان، وهو بعض الاحتجاج والاعتصام والتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والأهم ألا يبقى الغزاوي وحيدا يعيش الموت اليومي جوعا أو قصفا أو عطشا، ولا متابع، لأن بعضهم تعب من كثرة مراقبة الموت المتحرك في شكل ووجه طفلة بريئة، نعم البعض يبرر له ولغيره بأنه أو أنها لا تستطيع تحمل كل هذا القتل المباشر على شاشات التلفزيون، وأمام العدسات في ما هم ـ أطفال وشباب وشابات وصحافيو غزة ـ يطالبوننا بالمتابعة حتى لا تغلق صفحاتهم، أو تصبح المذبحة جزءا من نشرة الأخبار التي تضم أيضا حفلات واحتفالات بأعياد بعضها وهمي ويدعو للسخرية، والآخر لا طعم له، والدم الفلسطيني الإنساني لا يتوقف حتى لأخذ نفس لبعض الحياة. فعل المتابعة هو أحد أعمدة التضامن مع الفلسطينيين، ونشر الخبر مهما كان صغيرا لعائلة تم قتلها، بل إبادتها وبعد أن كانت تجمعهم صالة منزل صغيرة حول أكواب المرامية، صارت تجمعهم حفرة في الأرض قيل إنها مقبرة جماعية لهم، وكتبت أسماؤهم فوق أكفانهم البيضاء كبياض قلوبهم المؤمنة والصامدة والحاضرة بهم حتى بعد الموت، بين لحظة وأخرى بل دقيقة ودقيقة ترحل سنة وتبدأ أخرى والبشر يبحثون عن بصيص يوقف الدم وليس بصيص أمل للنصر، لأنهم قد انتصروا ربما بثمن باهظ، ولكن هي الأوطان التي لا تتطهر إلا بدم أبنائها وبناتها… تتفاجأ حينها وأنت تبحث عن سيناريوهات اليوم التالي، كما يسمونه، أو ما بعد الصاروخ الأخير والشهيد أو الشهيدة الأخيرة، تجد أن بعضهم لا يخجل من نشر تذاكر ليلة رأس السنة في هذه المدينة العربية أو تلك، بأسعار لو سمع بها وائل أو أحمد أو ياسر في قبره لأصيبوا بكثير من الفزع، فهذه المبالغ لتذاكر ليلة رأس السنة قد تطعم أطفال غزة وتضمد جراحهم وتوفر لهم الأطراف الصناعية والعناية النفسية، وغيرها من كل أساسيات الحياة بعد الحرب أو خلالها… كم مفزع أن ترى من يسكن قريبا منك، بل هو الأقرب في ما هو الأبعد عنك وعن وجعك؟

العدوان الشرس

لا شك والكلام لأسامة غريب في “المصري اليوم”، أن إسرائيل تيقنت، بعدما يقرب من ثلاثة شهور من العدوان الشرس ضد الفلسطينيين، أن الأسرى لن يتم تحريرهم بالقوة، وقد عجز الجيش فائق التسليح بكتائب نخبته عن تحرير أسير واحد طوال هذه المدة، وكل ما أمكن للمجهود الحربي الصهيوني أن يفعله هو قتل بعض أسراه عوضا عن استعادتهم، ومن الواضح أن مبدأ هانيبعل الإسرائيلي تم تفعيله، وهو يقضي بقتل جنودهم الأسرى، إذا عجزوا عن تحريرهم، وواضح أن اليأس دب في أوصال آلة الحرب الصهيونية بالنسبة لموضوع الأسرى، فاعتبروهم قتلى حتى ينزعوا من يد المقاومة ورقة تفاوضية مهمة، وما الحديث عن صفقة ستتم قريبا للتبادل بين الجانبين، إلا مجرد مخدر يتم إطلاقه في وجه أهالي المحتجزين، الذين يسببون صداعا لنتنياهو ومجلس حربه، لكن الحقيقة أن وحوش اليمين المتطرف يفضلون شرب دماء الغزاويين، أكثر من رغبتهم في استرداد أبنائهم. ولعل هذا يجيب عن سؤال: لماذا يستمر العدوان في خان يونس ورفح والشجاعية وجباليا، ما دامت نتائجه ستكون سلبية؟ يمكننا في هذا الصدد أن نضيف أن التوغل والقصف وكل الدمار والموت وإطلاق اليد في استخدام الأسلحة الفتاكة في ساحة المعركة على أهداف مدنية غير محمية، هي المرحلة الأخيرة في حملة التطهير العرقي للفلسطينيين المستمرة منذ عقود.

إبادة وليست حربا

العدوان المستمر بإصرار شديد يتعلق بخلق بيئة غير صالحة للحياة وغير قابلة لإعادة الإعمار.. حيث تكون حياة الفلسطينيين وفق ما شبهها أسامة غريب جحيما في أوقات السلم، وهذا يتصل بالعمل على بناء سلسلة من الجيوب المُسوَّرة وفرضها كواقع حياة على الفلسطينيين، حيث تكون للجيش الإسرائيلي القدرة على الإيقاف الفوري في أي وقت لحركة البشر ودخول الغذاء والدواء وباقي السلع، لإدامة البؤس وجعله طبيعيّا. التاريخ سيسجل أن إسرائيل النووية تستخدم طائرات هجومية متطورة وسفنا بحرية ومدفعية ثقيلة ودبابات مصفحة، لقصف مخيمات اللاجئين المزدحمة بالبشر وضرب المدارس والمستشفيات والمساجد، والأحياء الفقيرة لسكان القطاع الصغير، الذين ليس لديهم قوة جوية ولا دفاع جوي ولا بحرية ولا أسلحة ثقيلة، لا وحدات مدفعية ولا دروع آلية، لا قيادة وسيطرة ولا جيش، ورغم ذلك يطلقون على مذبحتهم اسم الحرب.. إنها ليست حربا، إنه القتل والإبادة الجماعية في أوضح أشكالها. إسرائيل صارت قوة متوحشة منفلتة لم تعد تأبه لأن يرى العالم صور الأطفال الفلسطينيين القتلى مصطفين، كما لو كانوا نائمين على أرضية الساحات الخلفية للمستشفيات، التي دمرها الجيش الإرهابي. ومع ذلك فكل هذه الوحشية والإساءة والعنف العشوائي لن تحقق لإسرائيل الأمن، لكنها ستخلق رِدّات فعل لا نهائية.. الأم والأب اللذان يموت طفلهما بقصف صاروخي، أو بسبب الجوع، أو لنقص اللقاحات، أو الرعاية الطبية لن ينسيا، والصبي الذي يشهد إهانة أمه على أحد حواجز التفتيش لن ينسى. لقد تم شحن الذاكرة الجمعية الفلسطينية بما سيجعل حلم إسرائيل بالأمن سرابا مؤكدا.

سلام عليه

ولد المسيح عليه السلام في بيت لحم، وحينما ولد قام جنود هيرودوس بقتل كل الأطفال الذكور في بيت لحم، فحولوا بيوتها إلى مناحة دون أن يعلموا أن المسيح وأمه وقتها كانا في الطريق إلى أرض مصر المباركة وغادرا فلسطين كلها، واليوم كما يقول الدكتور ناجح إبراهيم في “الوطن” تكرر إسرائيل المذابح نفسها في البلاد نفسها، وتمنع أعياد الميلاد في بيت لحم. سيدي المسيح.. العالم كله يحتفل بعيد ميلادك إلا بلدة بيت لحم، التي ولدت بها، موطنك يا سيدي يشهد اقتحامات، قتل، تخريب، منع الناس عن مساجدهم وكنائسهم من الجيش الإسرائيلي والمستوطنين. أرض ميلادك يا سيدي تنتهك حرماتها ويداس على كرامة أهلها، مسلمين ومسيحيين، ويقتل الكثير من أبنائها، ويلقون في السجون الإسرائيلية التي تعج بالتعذيب الآن، 4 آلاف أسير فلسطيني قبضت عليهم إسرائيل في الضفة الغربية في ثلاثة أشهر، فضلا عن الشهداء، وهدم البيوت واقتلاع الزراعات.. سيدي المسيح عليك السلام، صدق الفلسطيني المسيحي الذي هتف قائلا: كنا نضيء شجرة الميلاد أضواء لماعة، أما اليوم فنضيئها بدماء الشهداء التي نزفت في غزة.. العالم المسيحي يحتفل بعيد ميلاد المسيح، إلا في مهد ولادته بدعم من أمريكا وأوروبا.. تحية إليك سيدي المسيح بن مريم في يوم مولدك، تحية حب واعزاز وإعجاب وتقدير، تحية إليك من قلب أحبك وأحب أسرتك العظيمة “آل عمران” حيث سمى القرآن ثاني أكبر سورة في القرآن باسم أسرتك…عمران هو جدك العظيم وأحد رؤوس الصلاح في قومه من بني إسرائيل، وأمك العظيمة العذراء مريم ابنة عمران أعظم نساء الأرض، وزوج خالتك نبي الله زكريا، نبي أمته العظيم ومصلحها الكبير وكافل السيدة مريم بعد وفاة والدها، وابن خالتك العظيم نبي الله يحيي بن زكريا “يوحنا المعمدان”.

لا يعرفونك

أسرة كلها اصطفاء رباني، فليس المسيح وحده وفق ما قال الدكتور ناجح إبراهيم هو المتفرد بالفضل والعلم والطاعة في أسرته، ولكنه امتداد لركب الإيمان والصلاح، إنه اصطفاء من اصطفاء رباني، اصطفاؤه ممتد إلى أجداد عظام ورثوا منظومة الصلاح والتقوى والإيمان والهداية والتوحيد. والاصطفاء الرباني لا يأتي من فراغ، أو دون استحقاق، فالله سبحانه وتعالى لا يجامل أحدا، ولا يهب رسالته الغالية إلا لمن يستحقها. تحية إليك سيدي المسيح بن مريم عليك السلام في يوم مولودك، فأمك العذراء مريم نالت أعظم وسام قرآني رباني “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ”.أما أنت سيدي المسيح فحصلت على أعظم الأوسمة القرآنية وأهمها وسام البركة “وَجَعَلَنِي مُبَارَكا أَيْنَ مَا كُنتُ”، ووسام البر “وَبَرا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارا شَقِيا”، ووسام السلام والسلامة “وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيا”، فالسلام والبر والبركة قرناء بالمسيح في مولده وحياته وحلة وترحاله. سلام عليك يا سيدي يا من أيدك الله بروح القدس جبريل المطهر “وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ”. لو كانت أوروبا وأمريكا يعرفان رسالتك حقا ما دعموا إسرائيل وهي تدمر غزة، وتقتل في شهرين فقط قرابة عشرين ألف فلسطيني أكثرهم من المدنيين وثلثهم من الأطفال، وتجرح أكثر من خمسين ألف فلسطيني أكثرهم من النساء والأطفال. سيدي جئت تصلح قوما قساة القلوب، قتلوا سيدنا زكريا دون ذنب جناه ونشروه بالمنشار، وذبحوا النبي الكريم والسيد الحصور يحيي بن زكريا “يوحنا المعمدان” إرضاء لراقصة طلبت رأسه، وحاولوا قتلك سيدي، وأنت طفل صغير وكرروا المحاولة بعد ذلك، رغم أنك بذلت لهم الخير، ورغم أنك عالجت وشفيت الأكمه والأبرص والأعمى والمشلول، وأحييت الموتى بإذن الله، دون أجر ودون منَّ. واليوم أحفاد قتلة الأنبياء يقتلون الفلسطينيين ويقومون بإبادة جماعية وتصفية عرقية بغيضة.

الوقاحة الصهيونية

يبدو أن الفكر الصهيوني أصبح هو السائد لدى إسرائيل في هذه المرحلة، بل وصلت الوقاحة، وفق وصف محمود الحضري في “المشهد” أن تطلب وتناقش وبدعم وبتمويل أمريكي، طرح مشروعات في الأراضي المصرية لحمايتها من “رعب المقاومة الفلسطينية”. والوقاحة الصهيونية وفي الوقت الذي تواصل فيه قتل الفلسطينيين في غزة ودعم المستوطنين في الضفة وتسليحهم لارتكاب جرائم قتل يوميا، تطلب بأن يتم بناء جدار تحت الأرض في أراضي رفح، ووصلت الوقاحة أن تدعي أنها تستهدف من الجدار حمايتها من الأسلحة التي يتم تهريبها من مصر، ولا بد من منع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عن طريق مصر. صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، التي نشرت تفاصيل المطلب والخطة “الصهيونية” قالت، إن بناء الجدار يعني (منع شريان الأوكسجين عن “المقاومة”)، وزادت بالقول إن يوآف غالانت وزير دفاع إسرائيل، طرح على نظيره الأمريكي لويد أوستن، خلال زيارته مؤخرا إلى تل أبيب، إمكانية بناء جدار عميق تحت الأرض في منطقة رفح المصرية، وبتمويل أمريكي لمنع تهريب الأسلحة “للمقاومة”. وتستمر حكومة إسرائيل بزعامة المجرم بنيامين نتنياهو في وقاحتها، لتكرر أن الهدف منع تهريب الأسلحة من مصر إلى قطاع غزة، في وقت يؤكد المتابعون والمراقبون، أن ما تقوله إسرائيل “الصهيونية”، ما هو إلا مزاعم في خيالها لا تستند إلى أي معلومات، بل هي (هلوسة) صهيونية، نتيجة الورطة التي وقعت فيها تل أبيب، وما كشفت عنه الحرب على غزة، وما جرى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، من ضعف في القوة التي تدعيها تل أبيب. المؤكد أن مصر رسميا وشعبيا وعلى كل المستويات، لا تعترف ولن تشارك، ولن توافق على أي خطط لفصل رفح وما حولها وما بعدها عن غزة، وليس هناك وطني مصري يوافق على استخدام الأراضي المصرية لحماية عدو محتل وقاتل، تقوده حكومات متورطة في جرائم حرب، وأيديها ملوثة بدماء الشعب الفلسطيني والعربي.

بناء الجدار

والمؤكد الذي يصر عليه محمود الحضري، أن مصر وعلى كل المستويات ترفض كل المخططات الصهيونية لمثل هذا الجدار المزعوم، وترفض أي محاولات إسرائيلية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية، أو تقليص الأراضي الفلسطينية، أو إعادة انتشار لقوات عسكرية على الحدود المصرية، بما في ذلك محور فلادلفيا، المعروف بمحور صلاح الدين. موقف مصر محدد وهو، ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة، والدخول في مراحل أكثر تقدما نحو حل الدولتين، وتوفير الحماية للفلسطينيين، ومنع أي عدوان على المدنيين، في قطاع غزة والضفة، والاتفاق على خريطة طريق تؤكد حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية. القول من جانب أعضاء حكومة تل أبيب بأن الحدود المصرية في رفح مصدر لتهريب السلاح لقطاع غزة، فيه (جليطة صهيونية) ولغة دبلوماسية لا تليق بمكانة مصر، واتهام غير مقبول، ويبدو أن حكومة الصهيوني نتنياهو تنسى أن مصر خاضت معركة طويلة لحماية حدودها، خصوصا مع الإرهاب من عام 2013 وما بعده، من خلال إغلاق مئات الأنفاق في سيناء مع الحدود الفلسطينية. وما يثير الدهشة والوقاحة أن المطلب الصهيوني يحمل في فحواه لغة تهديد، بأن الجدار سيحول دون قيام إسرائيل بعمليات عسكرية برية في رفح، وعلى حدود مصر، لتؤدي لنزوح الفلسطينيين من غزة إلى الأراضي المصرية، بل وصلت الوقاحة بوجوب وقف ما تسميه بـ”شريان الأوكسجين” لـ”المقاومة” المقبل من مصر، عن طريق تهريب السلاح. وتنسى أو تتناسى تل أبيب، أن مطلبها يتعارض مع كل الأعراف الدولية والأمن القومي المصري، فرفح ومحور فلادلفيا، وقطاع غزة هي أراض مصرية وفلسطينية، وليست إسرائيلية، ولا يحق لإسرائيل وقوات الاحتلال الصهيوني المطالبة بتنفيذ وسائل حماية فيها، أو عليها أو تحتها، من مخاوفها والرعب الذي تعيشه، من أعمال المقاومة التي ستظل حقا فلسطينيا طالما أراضيهم محتلة. ويبدو أن الفوضى التي تعيشها إسرائيل أنستها أن جدارها الإلكتروني لم يحمها مما جرى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، من خلال عملية طوفان الأقصى، التي كشفت أكبر فضيحة عن وهم القوة العسكرية الإسرائيلية، وأنها من دون رعاية من الولايات المتحدة لا قيمة لها.

بين غزة وأوكرانيا

الفرق شاسع بين غزة وأوكرانيا الأولى عربية، والثانية أوروبية الأولى يسكنها مسلمون في الغالب، الثانية سكانها كلهم مسيحيون، الأولى مساحتها كما أوضح رفعت رشاد في “الوطن” عبارة عن قطاع صغير، الثانية مساحتها كبيرة الأولى فقيرة للغاية، الثانية غنية لدرجة كبيرة الأولى لا تملك سلاحا كافيا لحمايتها، الثانية تملك أسلحة حديثة وكافية لحمايتها الأولى تضربها أمريكا بيد إسرائيل، الثانية تحميها أمريكا وكل أوروبا من هجوم دولة بحجم روسيا، هذه الفروق الواضحة المادية الملموسة تعطينا الصورة الحقيقية لوضع غزة، ووضع أوكرانيا. تفتح أمريكا ترسانتها المهولة متجاوزة الكونغرس لكي تضخ قنابل وصواريخ جديدة لإسرائيل، لأنها تستخدم الكثير منها لقتل المدنيين وتعيد تدمير ما دمرته من قبل في غزة أيضا تفتح أمريكا ترسانتها لأوكرانيا بمبرر دفاعها عن أرضها ضد الغزو الروسي ـ كما تردد – في مجلس الأمن، تقدمت أمريكا وحلفاؤها مرات بقرارات لإدانة الهجوم الروسي، أما عن غزة فقد اعترضت أمريكا على قرار بوقف إطلاق النار على المدنيين، رغم أن إسرائيل لا تواجه جيشا نظاميا إنما تواصل قتل المدنيين.. أين العرب من غزة؟ تبذل مصر وقطر جهودا تنسيقية لوقف إطلاق النار ومد القطاع بشاحنات الغذاء والاحتياجات الأساسية للسكان، ولكن إسرائيل تستمر في تنفيذ مخططها لتهجير السكان ونزوحهم إجبارا بعدما توجه لهم الإنذارات بأنهم سيضربون مساكنهم، من الطبيعي أن يرحل الناس للنجاة بحياتهم من القتل والتدمير. وهذا أمر لا يمكن لأي شخص أو كيان أن يلوم عليه الفلسطينيين الذين يفرون لكي ينقذوا أنفسهم وأطفالهم. عندما احتدم الأمر في الأندلس منذ قرون طويلة كانت – الطوائف ـ العربية، أو شراذم دولة الخلافة تتصارع في ما بينها وتتنافس على صغائر الأمور حتى تعاظمت قوة أهل البلاد من الإسبان الذين استعصوا على دخول الإسلام أو تعلم اللغة العربية، أو ربما لم تبذل دولة الخلافة الأموية هناك جهدا للتأثير عليهم.

أغواهم هواننا

تركت الأمور، كما ذكّرنا رفعت رشاد، حتى استفحلت بعد ما يقرب من 800 سنة على وجود العرب والإسلام هناك وبعد انتصار الإسبان واسترداد الأندلس من العرب أعادوا الجميع إلى الديانة المسيحية، ونبذوا كل ما كان للعرب الذين بقوا لقرون يندبون ضياع الأندلس، وبعد نكبة فلسطين عام 1948، سموها النكبة الثانية بعد الأندلس. لكن الملاحظ أن هؤلاء وأولئك كان أمامهم الوقت ليدركوا أن النكبة مقبلة، وأن العدو يعد العدة للاستيلاء على الأرض، وعلى الثروة، وعلى السلطة هنا وهناك ومع ذلك لم يتدبر أصحاب الشأن حالهم وبقوا ليشاهدوا الضباع تفتك بالفريسة وكأنهم يشاهدون برنامج عالم الحيوان، ماذا لو نفذت إسرائيل مخططاتها؟ ماذا لو طردت منظمات الأمم المتحدة من غزة الأونروا؟ ماذا لو استمرت تمنع مقومات الحياة الأساسية لتترك شعب فلسطين في غزة ينهار ويموت؟ ماذا لو استمر الموقف العربي على هذا الشكل ولم يتخذ العرب والمسلمون خطوة حقيقية لإنقاذ الشعب الأعزل؟ ماذا لو ضمت إسرائيل غزة للأراضي التي احتلتها وغيرت ملامحها ونفذت مشروعاتها الاستعمارية على أرضها؟ من قبل كان شعار المقاومة العربية أن الصراع مع إسرائيل صراع وجود لا صراع حدود، لكن حتى الحدود صارت لينة وطيعة في أيدي الصهيونية، ولا تجد تصديا عربيا أو إسلاميا ما نتيجة اتصالات اللجنة التي شكلتها القمة العربية الإسلامية من بعض وزراء الخارجية؟ نقترب من ثلاثة شهور على الحرب بين البرغوث والكلب ـ حرب عصابات – حرب تدمير من جانب وصمود غير عادي من الجانب الآخر، ولا نتيجة حاسمة، فماذا لو استمرت أمريكا التي لا تجد اعتراضا عربيا حقيقيا على موقفها في دعم إسرائيل تشجيعا لها على إبادة الفلسطينيين؟ سؤال أخير: أين سكان الضفة الغربية من الفلسطينيين تجاه ما يحدث في غزة؟ لماذا لم يقاوموا ويشتركوا في الحرب دعما لأهلهم في غزة؟

من رائحة مبارك

يقول ياسر شورى في “الوفد”: تابعت بشكل دقيق التصريحات التلفزيونية التي أدلى بها مؤخرا الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار الأسبق في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك والمدير التنفيذي الحالي لصندوق النقد الدولي. تصريحاته تأتي في وقت ازدادت فيه التكهنات بقرب اختياره رئيسا لوزراء مصر في الحكومة الجديدة المرتقبة مع بداية الولاية الجديدة للرئيس عبدالفتاح السيسي. قال الدكتور محمود محيي الدين: “مصر لديها استقرار أمني، وتمتلك الإمكانيات الاقتصادية للنمو والتقدم الاقتصادي وتمتلك الفرصة في التنوع بالهيكل الاقتصادي». وتابع: الإمكانيات الحالية لمصر اقتصاديا عالية وتمكنها من تجاوز العقبات المؤقتة.. يجب الاهتمام بالاستثمار والتصدير وزيادة التنافسية، هناك استثمارات واعدة في مجال الاقتصاد الأخضر في مصر”. في رأيي أن التصريحات المهمة لمحيي الدين تعد خريطة طريق للاقتصاد المصري، وتجعل الرجل الذي يشغل هذا المنصب الدولي المهم، أكثر من مجرد رئيس وزراء، رغم أهمية المنصب لأي مصري. محمود محيي الدين قد يكون أكثر فائدة في منصبه الكبير خارج مصر، ويستطيع أن يكون مستشارا مؤتمنا للدولة المصرية، خاصة مع سير الدولة بلا تراجع في طريق الاقتراض من صندوق النقد الدولي والحصول على القرض، ومعه شهادة الثقة في الاقتصاد المصري، كما وصفها محيي الدين، واضعا شرط أن يكون هناك اتفاق عادل. لم يقل إن الحل هو صندوق النقد، ولكنه عدد الفرص الكبيرة التي تحدث الفارق الحقيقي، ومن بينها الاستثمارات والتصدير والاتجاه إلى الاقتصاد الأخضر. نعم نتمنى أن يكون الرجل رئيسا للوزراء، ولكن بالمنطق هل يضحي بمنصبه الدولي الكبير، ونضحي نحن بوجوده وفائدته وهو في مكانه الحالي؟ من الممكن اختيار رئيس وزراء يشبه محمود محيي الدين ويتشاور معه، ولكن كيف نصل بمصري آخر إلى المكان الذي وصل إليه محيي الدين؟ فهو ينتمي إلى مدرسة من الاقتصاديين المصريين الذين برزوا في نهاية عهد مبارك، ولديهم خبرات كبيرة من التعلم الحقيقي المتطور، ويستطيع أحدهم الآن أن يقود الوزارة وينجح والأمثلة هنا متعددة، صحيح أن محمود محيي الدين هو الأبرز والقادر على إدارة دفة الأمور في مصر، ولكن أيضا لو تم تعيين رئيس وزراء اقتصادي غيره نكون قد كسبنا محيي الدين وكسبنا رئيس وزراء جديد. المسألة ليست أفرادا بقدر ما هي منهج ورؤية يمتلكها هذا أو ذاك وتبقى فقط الإرادة السياسية في الاختيار والعبور والسير في طريق آخر غير الطريق الذي أوصلنا إلى هذه الأزمة الكبيرة. أتمنى أن يتم اختيار رئيس وزراء يحمل سمات ومنهج محيي الدين ويسير على خريطة طريق واضحة للاقتصاد المصري تعظم من الفرص المتاحة وتنطلق نحو آفاق اقتصاد حقيقي لا يقوم على فرض الضرائب وأموال البنوك، وإنما على التصنيع والزراعة والتصدير وتمكين القطاع الخاص، تمكين القطاع الخاص لا يكون بإعادة إنتاج نظام مبارك الاقتصادي وزواج المال من السلطة والاعتماد على تصنيع السلع الاستهلاكية فقط وإنما رؤية أخرى يكون التصدير والتصنيع الثقيل أهم أركانها.. وقتها فقط سيظهر في مصر ألف محيي الدين جديد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية