مدريد ـ ‘القدس العربي’: قررت الحكومة الإيطالية نشر وحدات من البحرية العسكرية في الجنوب وقريبة من المياه الإقليمية الليبية والتونسية ابتداء من اليوم الاثنين لتفادي مزيد من غرق قوارب المهاجرين السريين بعدما غرق قارب جديد منذ ثلاثة أيام في جزيرة لامبادوسا بالجنوب مخلفا 50 شخصية ينضافون الى قرابة 350 آخرين منذ عشرة أيام. وهذه المأساة الجديدة تجعل من الهجرة السرية تحضر مجددا في أجندة الاتحاد ألأوروبي.
وبينما مازالت إيطاليا تعيش على إيقاع غرق السفينة التي خلفت قرابة 350 غريقا الخميس من الأسبوع الماضي، حتى تفاجأت الجمعة الماضية بغرق سفينة جديدة انطلقت من سواحل ليبيا وخلفت غرق 50 شخصا من ضمنهم عشرة أطفال بينما نجح 200 في النجاة بعد تدخل فرق الإنقاذ الإيطالية.
وفي خطوة تعتبر منعطفا في تفادي مزيد من الغرقى ترقبا للقوارب التي قد تنطلق من سواحل ليبيا بحكم غياب حراسة الحدود نتيجة الفوضى الأمنية، أعلن رئيس حكومة روما إنريكو ليتا نشر وحدات بحرية عسكرية ذات طابع إنساني في جنوب إيطاليا وفي جزء من البحر الأبيض المتوسط ابتداء من اليوم الاثنين. وتفيد وسائل الاعلام الإيطالية أن وحدات البحرية ستكون قريبة من شواطئ ليبيا وتونس دون الدخول الى مياههما الإقليمية.
وتلقى هذه الخطوة تأييد الجمعيات غير الحكومية ببينما ينتقدها اليمين القومي المتعصب ‘عصبة الشمال’ في شمال البلاد الذي يرى أنها ستشجع على مزيد من قدوم القوارب طالما أن المهاجرين سيدركون أن البحرية ستنقذهم.
كما ستتخذ حكومة روما قرارا آخر يلغي قانونا يجرم مساعدة المهاجرين، لأنه تبين أن بعض سفن الصيد الإيطالية رفضت تقديم المساعدة للسفينة التي غرقت منذ عشرة أيام خوفا من التعرض للعقوبة. وأعربت بعض الأحزاب المحافظة عن رفضها إلغاء هذا القانون.
وترتب عن مأساة غرق 350 شخصا ثم المأساة الأخيرة احتلال موضوع الهجرة مكانة أساسية في أجندة الاتحاد الأوروبي، حيث ترغب المفوضية الأوروبية في محاولة توحيد موقف موحد للدول الأوروبية تجاه هذه الظاهرة التي عادت بقوة خلال الشهور الأخيرة وخاصة نحو شواطئ إيطاليا وبدرجة أقل نحو شواطئ اسبانيا انطلاقا من المغرب. وتراهن المفوضية الأوروبية على دور أكبر لوكالة حماية الحدود الأوروبية.
وعكس المرات السابقة التي هيمن فيها الهاجس الأمني لمحاربة الهجرة، يبدو أن ما وقع مؤخرا من عدد هائل من الغرقى قد دفع بالأوروبيين الى التفكير في الجانب الإنساني أكثر بكثير من الجانب الأمني.
وهذا التفكير يعود الى وعي المفوضية الأوروبية ودول جنوب أوروبا بأن الظاهرة ستتفاقم لسببين، الأول هو ضعف حراسة تونس وأساسا ليبيا لشواطئهما، حيث تنطلق قوارب الهجرة كل يوم، أما السبب الثاني فهو استمرار النزاعات ومنها النزاع السوري حيث ارتفع عدد المهاجرين من هذا البلد العربي.