طرابلس – «القدس العربي»: انتهى مؤتمر برلين 2 بنتائج وصفها البعض بالتوصيات، والتي لم تقترن بآليات تنفيذية واضحة، وقد جاء ذلك مع تمثيل منخفض في العموم لهذه النسخة، مع قيام بعض الدول بتقليص هذا التمثيل إلى مستوى أقل.
حيث أرسلت الإمارات وفداً أقل من مستوى بقية الوفود، ويعتبر ممثلاً عن وزارة خارجيتها، فيما قامت روسيا بتصرف مماثل أيضاً، حيث أرسلت نائب وزير خارجيتها، ورغم كون الطرفين يعتبران أساسيين في الالتزام الكامل لوقف إطلاق النار، إلا أن هذا الأمر عكس حسب متتبعين رفضهم لمبدأ السلم .
تركيا الحليف القوي لليبيا خلال حربها التي جرت على تخوم العاصمة طرابلس، كان موقفها جاداً في الدفاع عن قواتها النظامية، ورفض تشبيهها بالقوات المتحالفة مع حفتر من الفاغنر والجنجويد، حيث رفضت وبشدة المادة الخامسة، وتحفظت على توصيف قواتها بالقوات الأجنبية.
بصفة عامة، فقد احتوت المخرجات مجموعة من النقاط، كان أبرزها الدعوة لسحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون تأخير، وإصلاح قطاع الأمن ووضعه بقوة تحت إشراف وسلطة رقابة مدنية موحدة، فضلاً عن ضمان التخصيص العادل والشفاف للموارد في جميع أنحاء البلاد.
كما تضمنت المخرجات معالجة انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان وكذلك انتهاكات القانون الإنساني الدولي، والبدء في عملية مصالحة وطنية شاملة وقائمة على الحقوق وعدالة انتقالية، واتخاذ خطوات جادة نحو توحيد المؤسسات الليبية وإنهاء الانتقال السياسي، إضافة إلى الامتناع عن التدخل في النزاع أو في الشؤون الداخلية لليبيا.
كما دعا المؤتمر مجلس النواب إلى حسم الأرضية التي ستقوم عليها الانتخابات واعتماد الميزانية.
المبعوث الأممي إلى ليبيا، يان كوبيتش، دعا المبعوث الأممي إلى وضع حد لكافة التدخلات الخارجية في الشأن الليبي، وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة وفق جدول زمني واضح.
وقال، في بيان له الخميس، إن مؤتمر برلين اثنين، يعد فرصة لتجديد التزام المجتمع الدولي باستقلالية ليبيا وسيادتها وسلامة أراضيها، مشدداً على ضرورة إجراء انتخابات الرابع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر في موعدها، وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل.
وحث المبعوث الأممي السلطات الليبية على قيادة عملية مصالحة وطنية شاملة قائمة على العدالة الانتقالية، ومعالجة جميع انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، وفق البيان.
تعليقات وقراءات عدة عقبت المؤتمر أولها وأبرزها كانت قراءة النائب في مجلس النواب عبد السلام نصية والذي رأى أن المؤتمر أظهر استمرار عدم التوافق الاقليمي والدولي بشأن ليبيا، فضلاً عن عدم حسم المسار الدستوري ولا ضمان لنتائج الانتخابات .
وتابع أن الحديث عن خروج القوات الأجنبية والمرتزقه بالتزامن مع المؤتمر، لم يضع آلية واضحة، فضلاً عن الامتناع عن الحديث عن مسار توحيد المؤسسة العسكرية و الأمنية .
وانتقد نصية قيام وزير الخارجية الليبي بالتحدث في الإنكليزية في مؤتمر صحافي بشأن القضية الليبية مطالباً في ختام تعليقه الأطراف الليبية بالقيام بمهامها ولعب دور الأب الراعي للقضية الليبية، والتمسك بموعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها وتفعيل دور لجنة 5+5 ومنحها مدة محدده لتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية.
المحلل السياسي علي أبوزيد قال إن غياب الأطراف الليبية المعنية بإتمام مسار الانتخابات عن أجندة مؤتمر برلين (لجنة 75 والنواب والأعلى للدولة)، والتعويل على الحكومة والرئاسي اللذين من صالحهما تأجيل الانتخابات أو عرقلتها، يؤكد أن الغاية من المؤتمر هو تحقيق الهدف الأوروبي باستعادة السيطرة على الملف الليبي وإبعاد الأتراك والروس على حد سواء، وهو ما ظهر جلياً في حديث وزير الخارجية الألماني الذي يساوي بين الوجود التركي والروسي.
وتابع أن المؤتمر لم يقدم آليات واضحة في التعامل مع المرتزقة والقوات الأجنبية، ومبادرة المنقوش لا تعدو كونها حديثاً استعراضياً يتغنى بالسيادة وإرادة الليبيين بشكل إنشائي سمج سئمه الليبيون، ومهما بدت الكلمات متفائلة وإيجابية في برلين، فإن المسار الانتخابي مهدد بالتمييع والتضييع في ظل ضيق الوعاء الزمني المضروب موعداً للانتخابات والالتهاء بخلافات جانبية غايته إفشال الانتخابات.
وختم أبو زيد أن بصيص الأمل يبقى في مخرجات لقاء لجنة الـ75 في سويسرا نهاية الشهر بخصوص إقرار القاعدة الدستورية للانتخابات.
المحلل السياسي علي فيدان شاطر أبو زيد ذات الرؤية، حيث قال إن مؤتمر برلين 2 لم يأتِ بجديد، وإن كل ما نتج عنه قد قيل في الكثير من المخرجات والمناسبات، موضحاً: “ولا نتوقع غير ما قد نتج”.
وأضاف “أن ما يقال في الكواليس ليس ما هو في الظاهر.. فظاهر الأمور شعارات برّاقة أقرب إلى الأمنيات ونقاط لا يختلف فيها اثنان.. لكن الصحيح هو ما هي الآلية التي تمّ الاتفاق عليها لإدارة مصالح الدول الكبرى في ليبيا؟.. وأين ستتم المقايضات؟.. وماهي الأثمان التي تُقبض هنا وهناك؟.”
وختم علي أن مؤتمر برلين 2 لزوم مارلا يلزم.. فما حدث في اجتماع الدول السبع الكبرى ثم اجتماع دول حلف الناتو ثم اجتماع بوتين وبايدن يغني عن كل ذلك وكأن بالأوروبيين يقولون “نحن هنا” وهي صرخة في وادٍ سحيق .. وربما مستوى التمثيل في هذا المؤتمر قد يعكس نتائجه، مضيفاً أن برلين 2 محطة جديدة كمثيلاتها من مؤتمر باريس إلى مؤتمر باليرمو إلى مؤتمر برازافيل إلى مؤتمر جنيف وغيرها الكثير الكثير والكل يعلم ذلك.