مؤثرات صوتية ودراما وموسيقى تصويرية مفترى عليها

كمال القاضي
حجم الخط
0

ربما يفتح الجدل الدائر حالياً حول أهمية الموسيقى التصويرية من عدمها داخل المحتوى الدرامي، مجالاً أوسع لمناقشة القضية الجدلية الطارئة ويضع النقاط فوق الحروف ليتم تصحيح المفاهيم في ما يتعلق بالتصورات الوهمية حول اختصار معنى الموسيقى التصويرية في تعريف محدود ومُخل بأنها مجرد شريط صوت يُفسر الانفعالات والمواقف الدرامية حسب ما نُسب للبعض من أهل التخصص في المجال السينمائي في الولايات المُتحدة الأمريكية ونقله عنهم فنيون مُشتغلون في السينما في دول العالم الثالث.
ولكي يتم التحقق من الصلة الوثيقة بين الموسيقى التصويرية والعمل السينمائي أو الدرامي لابد من الرجوع لعلم الأصوات الذي يُحدد دور الموسيقى بدقة كعنصر مهم في التكوين الإبداعي المرئي والمسموع بكل أشكاله وألوانه، وهنا يستلزم الأمر التفرقة بين المؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية.
وبما أن هناك التباسا وخلطا عند البعض بين النوعين لذا يتعين التوضيح للتفرقة بين مصادر الصوت كافة وآثارها ووظائفها في العمل الإبداعي. فالأصوات تنقسم مصادرها إلى عدة أنواع، مصادر طبيعية ومصادر حيوانية ومصادر صناعية ومصدر بشري، ويتحدد المصدر الطبيعي في صوت الريح والأمواج وحفيف الشجر وخرير المياه، كذلك تتميز المصادر الحيوانية بنبراتها المُختلفة، فهناك نباح الكلاب وصوت الذئاب وزئير الأسود وصهيل الخيول وغيرها، هذا بخلاف الأصوات الصادرة عن الطيور كالكروان والببغاء والعصفور إلى آخره.
وتعتبر هذه الأصوات كلها ضمن المؤثرات التي تُستخدم في الأعمال السينمائية والدرامية ويتم تقليدها بواسطة وسائل تكنولوجية وذكاء اصطناعي لإعطاء إحساس معين بالخوف أو الانسجام أو التردد أو الحيرة.
كما يوجد الكثير من الأصوات الصناعية كصوت المكن والقطارات والطائرات والسيارات والبواخر والشاحنات والدراجات البخارية والأبواب وطلقات الرصاص، وكلها لازمة في العمل الفني لإحداث التأثير المطلوب.
وبالقطع تبرز أصوات الآلات الموسيقية كعناصر أساسية مجردة كصوت الناي والكمان وصوت العود والغيتار والأورغ والطبلة والأكورديون والكونترباص والبيانو وجميع آلات النفخ النحاسية، حيث يتم استخدامها منفردة إذا لزم الأمر في حالات التأثير الخاصة ، فضلاً عن جدارة الصوت البشري الغنائي في التعبير عن مشاعر الفرح والحُب والوطنية والفداء وهذا يظهر عادة مع الألحان والأغاني ويخلق شعوراً بالنشوة والطرب والسعادة والقوة والانتصار.
تلك هي عناصر التأثير في ما يُسمى بشريط الصوت المُصاحب للفيلم أو المُسلسل. أما الموسيقى التصويرية فلها علاقة أخرى بالعمل الإبداعي سواء السينمائي أو الدرامي أو المسرحي، والأمثلة الدالة على وظيفة الموسيقى التصويرية كعنصر تأثيري مهم كثيرة ومُتعددة، كأوبرا عايدة والأوبريتات والصور الغنائية التلفزيونية والإذاعية والمسرحية وحلقات ألف ليلة وليلة والفوازير.
أما الأفلام والمُسلسلات فهي أكبر من أن تُحصى عدداً، فجميع ما يدخل في تركيبتها الفنية والإبداعية هو من بنات أفكار أساطين الموسيقى في مصر والعالم العربي، كالموسيقار الكبير فؤاد الظاهري ونظيره أندريا رايدر وعلي إسماعيل ومحمد عبد الوهاب ومحمد فوزي ومحمد الموجي وبليغ حمدي وكمال الطويل وجمال سلامة وعمار الشريعي ومودي الإمام وراجح داود، فمن لم يحترف من هؤلاء صناعة الموسيقى التصويرية للأعمال السينمائية والدرامية والمسرحية ظهرت قُدراته الفائقة في التلحين وهو نوع آخر من التصوير، إذ يتم تحويل الكلمات الغنائية بفضلهم إلى صور إبداعية مُغناة عن الحُب والحرب والفداء والقتال.
فأغنية قارئة الفنجان لعبد الحليم حافظ مُطرباً ونزار قباني شاعراً صاغها لحناً وتصويراً رومانسياً محمد الموجي، وأغنية البندقية التي غناها أيضاً عبد الحليم في أيام حرب الاستنزاف كتبها الشاعر الغنائي مُحسن الخياط ولحنها بليغ حمدي في قالب فريد من نوعه يصور المعارك وضراوتها على جبهة القتال.
وبالمثل كانت أغنية ذكريات للشاعر أحمد شفيق كامل والمُلحن محمد الوهاب تصور معاناة الأطفال المصريين مع الاحتلال الإنكليزي منذ نعومة أظفارهم، ففي هذه الأغنية استخدم عبد الوهاب ثيمات لحنية ذات تأثيرات وطنية خاصة، وبالقياس يُمكن اعتبار أغاني مثل بستان الاشتراكية ويا أهلاً بالمعارك وفدائي وخلي السلاح صاحي وابنك يقولك يا بطل وأم البطل ونشيد الله أكبر ومصر تتحدث عن نفسها عناوين مهمة لحالات غنائية وموسيقية مصورة أبدعها مُلحنون كبار جسدوا بها حالات القتال والانتصار.
أما عن الإبداع الموسيقي التصويري المُتضمن في الأفلام فهو غني عن التعريف والإفصاح وله رواد تخصصوا فيه ذكرنا بعضهم سلفاً ونضيف لهم أسماء أخرى كهاني مهنا وعمر خيرت وهشام نزيه وتامر كروان وخالد حماد وشادي مؤنس وعادل حقي وعمرو إسماعيل وهيثم الخميسي، وهم أصحاب بصمة واضحة في لغة التصوير الموسيقي للدراما والسينما، وقد اتفق جميعهم على تكوين رابطة للموسيقيين التصويريين تُجابه محاولات الإنكار وتثبت قواعد الموسيقى التصويرية فلا يُمكن تجاهلها أو الإدعاء بدمجها ضمن اختصاصات شريط الصوت أو ما يُسمى بذلك كنوع من الإهمال والعزل المُتعمد لهذا الفن الدقيق والفريد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية