مؤسسات عالمية تطلق أول معرض إلكتروني بالعربية لإبراز آثار “تدمر” للمحافظة على إرثها- (صور)

سليمان حاج إبراهيم
حجم الخط
0

الدوحة- “القدس العربي”: أعلنت مؤسسة “جيتي”، الناشطة في مجال الفنون والثقافة على مستوى العالم، إطلاق أول معارضها الإلكترونية باللغة العربية تحت عنوان “العودة إلى تدمر”.

ويدعو المعرض، الذي يُتاح باللغة الإنكليزية أيضاً، الجمهور لإعادة اكتشاف التاريخ الأثري لمدينة تدمر السورية، من خلال الرابط: (Getty.edu/palmyra).

ويُعد المعرض إعادة تقديم لمعرض “إرث تدمر القديمة” الذي أطلقته “جيتي” عام 2017 كأول معرض إلكتروني لها، ولكن هذه المرة تقدمه في حلة جديدة باستخدام تكنولوجيا حديثة وإضافة نصوص جديدة وترجمة باللغة العربية.

ويتكون المعرض من ثلاثة أجزاء رئيسية أولها الصور والرسومات النادرة التي توثِّق تاريخ مدينة تدمر القديمة وتحتفي بها. وتعود الصورُ للمصوِّر الفرنسي لويس فيغنس (1831–1896) الذي التقطتها عدسته في القرن التاسع عشر، أما الرسومات فهي من إبداع المعماريّ الفرنسي لويس فرانسوا كاساس (1756-1827) في القرن الثامن عشر.

صور ورسومات نادرة تعرض لتوثق تاريخ المدينة القديمة وتحتفي بها

ويتمثل الجزء الثاني من المعرض في استعراض شامل لتاريخ مدينة تدمر تقدمه الباحثة المرموقة جوان أروز، الأمينة الفخرية لفنون الشرق الأدنى في متحف متروبوليتان للفنون، عبر مقال تتناول فيه بالتفصيل تاريخ مدينة القوافل وصمودها عبر العصور.

أما الجزء الثالث فيأتي في شكل مقابلة غنية بالمعلومات القيّمة والمشاعر الإنسانية الجياشة مع وليد خالد الأسعد، المدير الفخري للآثار والمتاحف في تدمر. وفي هذه المقابلة، يسرد وليد ذكريات نشأته بين أطلال هذه المدينة المهيبة وعمله تحت إشراف والده خالد الأسعد الذي كان مديراً للآثار والمتاحف في تدمر حتى تقاعده في عام 2003. وقد خلِفه وليد في هذا المنصب حتى شن تنظيم “الدولة” هجومه على المدينة في عام 2015 وقتل والده على الملأ لمحاولته الدفاع عن التراث الثقافي للمدينة.

يستمر المعرض لمدة ثلاث سنوات ويتميز بعرضه لمصادر جديدة تسلّط الضوء على مدينة تدمر من منظور غير غربي، وأهم ما تتسم به هذه المصادر أنها تنتمي لباحثين درسوا المنطقة دراسة عميقة وباحثين من أبنائها أيضاً مثل وليد الأسعد.

وتعليقاً على ذلك، تقول ماري ميلر، مدير معهد بحوث جيتي: “لطالما رأينا مدينة تدمر المذهلة وتاريخها الفريد بعين غربية عن طريق فنانين وباحثين من أوروبا وأمريكا. ونهدف أن يكون معرض “العودة إلى تدمر” مغايراً لهذه الفكرة وجديداً تماماً في فلسفته وذا تأثير مماثل باللغتين العربية والإنكليزية”.

ويأتي إعادة تقديم المعرض باللغة العربية انسجاماً مع التزام “جيتي” بتعزيز تنوع مجموعاتها ومعارضها ومحتوياتها الرقمية وبرامجها العامة بحيث لا يقتصر تقديمها على اللغة الإنكليزية، بل تشمل لغات أخرى تتوافق مع موضوعات أنشطتها لتقديم رؤى وتجارب تعليمية أصيلة.

ويهدف المعرض أيضاً إلى أن يكون مصدراً تعليمياً وتثقيفياً للناطقين باللغة العربية حول العالم وأن يسهم بدور فاعل في زيادة الوعي بثقافة الشرق الأوسط القديم.

وفي سبيل ذلك، تعاونت “جيتي” مع فريق مكون من 5 باحثين واختصاصيين عرب لتقديم المشورة في كل خطوة من خطوات بناء المعرض، سعياً لتقديم قراءة وافية وتجارب مرئية شاملة تتسم باتساق محتواها وجاذبيتها باللغتين العربية والإنكليزية.

ومن بين هؤلاء الخبراء الباحث التونسي رضا المومني، زميل برنامج الأغا خان في جامعة هارفرد والذي أجرى دراسات ميدانية في مدينة تدمر أثناء إعداد رسالته للدكتوراه، حيث يقول: “لمدينة تدمر العريقة جمالٌ طاغ إذا عايشته ظلَّ خالداً في ذاكرتك. كانت المدينة ملتقى للثقافات، ولهذا صنعت لنفسها فلسفة معمارية وجمالية مميزة عكست تنوع مجتمعها الذي نشأ في صحراء الشرق الأدنى واستمر على مدار عصور عدة”.

كما يهدف المعرض أيضاً إلى لفت انتباه العالم للوضع الهش الذي تعيشه هذه المدينة التاريخية التي كانت مجتمعاً ينعم بالازدهار وذلك بتسليط الضوء على آمال أبناء المدينة الذين يعيشون في الشتات ويحلمون بالعودة إليها وإعادة بنائها. هذا إلى جانب زيادة الوعي بالدور التاريخي للمدينة في صياغة ملامح عصرنا الحالي من خلال تأثيرها الثقافي والاقتصادي والاجتماعي.

وحول ذلك، قالت فرانسيس تيبراك، أمين ورئيس قسم التصوير في معهد جيتي للبحوث، والتي أشرفت على تنسيق المعرض: “يتناول معرض العودة إلى تدمر موضوعاً قديماً، غير أنه مرتبط بعالمنا اليوم، فتدمر وما تزخر به هذه المنطقة من آثار لا يزال يمثل نقطة مضيئة على المسرح العالمي”.

وأضافت: “من المهم أن نلفت انتباه العالم للوضع الهش للمدينة التاريخية التي كانت مجتمعاً مزدهراً، ولاحتياجات أهلها المقيمين فيها إلى الآن، ولهؤلاء الذين يمنون النفس بالعودة لها يوماً ما”.

يشار إلى أن “جيتي” ستتيح معظم صور المعرض النادرة لمشاركتها رقمياً وتعديلها وإعادة استخدامها مجاناً بموجب رخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف 4.0 دولي (CC-BY) وذلك تعزيزاً لالتزام جيتي لبرنامجها “المحتوى المفتوح”، وهو برنامج يتيح الصور المملوكة لـ”جيتي” للاستخدام العام مجاناً.

هذا وكانت مؤسسات قطرية شاركت سابقا في جهود وحماية التراث السوري، ونظمت الدوحة من خلال متحف الفن الإسلامي في قطر، معرضا حول تأثير الحرب على الأماكن الأثرية في سوريا وبينها مدينة تدمر.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية