رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يبدي مؤخرا مؤشرات أولية للسياسة. فقراره الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين، مثل قراره تحرير 104 سجناء كفيلان بان يشهدا على ان رئيس الوزراء استوعب أخيرا الحاجة الى اخراج اسرائيل من الجمود السياسي، الذي فرضه على نفسه اثناء ولايتيه الثانية والثالثة. لقد أثبت نتنياهو أول أمس بانه عندما يريد، فانه قادر على ان يقود، بل ان يتخذ خطوات شجاعة. فالقرار بتحرير السجناء الفلسطينيين اقره في حكومته باغلبية واضحة، مع ان هذه حكومة يمينية. فالضغط الدولي المتعاظم، الامريكي والاوروبي، اعطى ثماره ونتنياهو فهم على ما يبدو انه من دون مسيرة سياسية، فان اسرائيل تقترب من هوة حقيقية. وعليه، فقد تأزر بالشجاعة وقاد خطوة تحرير السجناء، التي تقف في خلاف مع تصريحات ماضية له، ولكنه كان الشرط الضروري لاستئناف المفاوضات. وهو جدير بكل ثناء على ذلك. مع بداية المحادثات في واشنطن امس، ينبغي الامل في أن يواصل رئيس الوزراء التصرف كسياسي شجاع قادر على أن يواجه التحديات التي تقف امامها اسرائيل، ويتخذ قرارات أكثر شجاعة حتى من قرار تحرير السجناء. فهذه ليست فقط فرصة حياة نتنياهو الذي لم يقد حتى الان اي خطوة ايجابية ذات مغزى، بل ان هذه الفرصة الاكبر لاسرائيل لتغيير صورتها وتحسين مكانتها. قرار تحرير السجناء يجب أن يعلم نتنياهو درسا مهما: اذا اراد فانه يستطيع ان يمرر تقريبا اي قرار في حكومته، حتى بخلاف موقف الجناح اليميني المتطرف فيها. من الان فصاعدا لم يعد يمكنه أن يختبئ خلف الذريعة المدحوضة التي تقول انه يريد ولكنه لا يستطيع. الى المفاوضات في واشنطن يتعين على اسرائيل أن تصل وهي مزودة ليس فقط بالشجاعة، بل ايضا بالرغبة الحقيقية والصادقة للوصول الى تسوية سلمية. اذا كان نتنياهو يعتزم فقط ادارة مفاوضات لغرض المفاوضات، كي يكسب الوقت ويخفف قليلا الضغط الدولي عن اسرائيل، فانه يتخذ سياسة خطيرة وعديمة المسؤولية. فتجربة الماضي تفيد بانه ليس هناك مثل الفشل في المفاوضات ما يعيد اشعال دوائر العنف وسفك الدماء. فشل المحادثات في واشنطن سيدهور أكثر فأكثر المكانة الدولية لاسرائيل: العالم مل الاحتلال ولا يمكن لاي ذريعة ان تحررنا من المسؤولية عنه. في واشنطن اشتعلت امس شرارة أمل. محظور على اسرائيل أن تطفئها.