مؤشرات لصدام جديد بين النظام الموريتاني وإسلاميي حزب «الإصلاح والتنمية»

حجم الخط
0

نواكشوط – «القدس العربي»: اتسعت في موريتانيا، أمس، على مستوى مواقع التواصل وداخل مساجد العاصمة، نداءات التضامن التي قوبل بها القرار الذي اتخذته السلطات الأمنية بإغلاق مركز تكوين العلماء الذي يديره رجل الدين الموريتاني الشيخ محمد الحسن ولد الددو.
وقد فسر قرار إغلاق هذا المركز بأنه مقدمة لصدام جديد بين نظام الرئيس الموريتاني وإسلاميي حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الذي يعتبره الأمن السياسي الموريتاني ذراعًا من الأذرع الفكرية والمالية لحزب التجمع لكونه مسيرًا من الشيخ الددو الأب الروحي لجماعة الإخوان في موريتانيا المنضوية في هذا الحزب.
ولم يخف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، خلال مؤتمر ه الصحافي الأسبوع الماضي، تضايقه من حزب «تواصل» الإسلامي، بل ومن الإسلاميين عمومًا، حيث وصفهم بأنهم «قوة تدميرية أخطر من إسرائيل، وبأن إسرائيل أكثر إنسانية منهم».
ونفى الشيخ محمد الحسن الددو في تصريح أدلى به، أمس، بعد إغلاق المركز «أن يكون مركزه سياسيًا أو له علاقة بحزب «تواصل» الإسلامي أو بأي حزب آخر».
وقال: «إن المركز مجرد قلعة علمية لتدريس العلوم الشرعية طبقًا للكتاب والسنة، وأمرنا إلى الله في قضية إغلاقه».
وأعلنت إدارة المركز في بيان وزعته أمس «أنها فوجئت بوصول وحدات من الشرطة لمقر المركز، في وقت كانت إدارة المركز تستعد لاستقبال طلبة العلم بعد اكتمال مسابقة دخول العام الدراسي الجديد».
وأوضح البيان «أن المركز خرج طيلة سنوات العديد من العلماء وطلبة العلم، ولم تسجل على أي من خريجيه الكثيرين أي مخالفة شرعية أو خلقية، أو انحراف أو تطرف، وهذا نتيجة طبيعية للمناهج العلمية التي يعتمدها المركز، ولجهود العلماء الربانيين الذين يتولون تقديم هذه المناهج، ونحن ننبه المسؤولين وأجهزة الأمن إلى أن المركز هو آخر مظنة، وأبعد موطن عن أسباب تهديد الأمن العام، أو خرق السكينة، أو إثارة الفوضى والبلبلة».
وطالبت إدارة المركز «بوقف الإجراءات التي اتخذت، وإزالة أي أثر لها قد يشوش على بداية السنة الدراسية الجديدة في وقت اكتملت الاستعدادات لها، وأعلنت لوائح المتأهلين في مسابقة دخول العام الدراسي الجديد».
وتوقع الصحافي المدون محمد عالي أمين أن تكون الخطوات التالية لغلق مركز العلماء قرارًا لمجلس الوزراء بسحب ترخيص حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية واعتباره هيئة ترعى التطرف والإرهاب، مع تجميد أرصدة الحزب البنكية ومصادرة جميع ممتلكاته، ثم تبرر الداخلية قرار الحكومة بأنه يصب في إطار محاربة التطرف والغلو والحفاظ على الأمن والسكينة، وستلي ذلك تظاهرات احتجاجية على خطوة الحكومة، ثم صدور ترحيب كبير في كل من الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة بخطوة الحكومة، قبل انتشار لقوات الأمن في نواكشوط ونواذيبو، وإغلاق قناة «المرابطون» باعتبارها قناة تروج أفكارًا متطرفة».
وفي هذه الأثناء، تواصلت طيلة يوم أمس، على مواقع التواصل، موجة التضامن مع الإسلاميين حتى من طرف خصومهم وأعدائهم.
وكان من أبرز ذلك ما كتبه المدون البارز أسماعيل الشيخ سيديا، الذي قال: «هؤلاء إما أن يئدوا المركز، فقد وأدوا أول محاولة جادة لاستعادة مجد المحظرة وتنقيتها وتمدينها في تاريخ البلد، وإما أن يحتكوا مع إخوان موريتانيا لحسابات إقليمية وداخلية، فقد نسوا أن الشيخ الددو عالم ومعلم قبل أن يكون ذا موقف سياسي، لهذا كله فإغلاق المراكز العلمية المرخصة فسق ثقافي بواح لا يركن إليه صانع قرار يحترم العلم».
«قدموا لنا، يضيف المدون، أدلة قاطعة على أسباب الإغلاق أو واصلوا تجربة المركز وحسنوها إن رأيتم ذلك بدون الشيخ الددو، أو عدوا أنفسكم أعداء للثقافة والعلم؛ قلبي مع أمهات وآباء تلامذة انتظر ذووهم أن يرثوا الأنبياء يومًا، فوُصد في وجههم مكان تعلمهم».
وتابع: «مقاربة مركز تكوين العلماء الحداثية كانت ستخرج علماء يلبسون الجينز ويمشون في الأسواق، ولدوا في المستشفى ويأكلون الساندويش، لكنكم ضقتم بها ذرعًا فقتلتم الحلم في خلق علماء يمتون بصلة للواقع بدل آخرين مجنحين يعتبرون المدينة سجنًا والمكاتب المكيفة إسرافًا».
واعتبر إكس ولد إكس اكرك، أبرز مدوني موريتانيا، «أن إغلاق مركز تكوين العلماء قرار اتخذه الرئيس عزيز بنصيحة من مستشاريه». وأضاف: «من المفارقات أن إغراء الرئيس المبتلى بالحكم لا يكون حبًا له بقدر ما هو تمسك من بطانته بمكاسبها، وعندما تلفظه الأيام يفرون منه فرارهم من الأسد، وما ولد الطايع منا ببعيد، زينوا له سوء عمله فلما أصبح من النادمين، زادوه خبالًا، هي حملة على «تواصل» وعلى العلامة محمد الحسن، رعتها المخابرات، وبدأها البيدق محمد ولد أمين وتلقفها الكنتي وبقية الذباب».
ويرى السياسي المعارض حسين حمود «أن الرئيس ولد عبد العزيز لن يقدم على حل حزب تواصل لأن تلك مغامرة وصدام مع تيار واسع من الشعب الموريتاني وكهف ستتوحد تحته المعارضة وستكون أولى خطوات إزاحته هو عن الحكم بالطريقة نفسها التي انقلب هو فيها على رئيسين من قبل».
وأضاف: «إن بيع المواقف لفرنسا والغرب عن طريق حل حزب «تواصل» ليس مجديًا، فالغرب لا يعتبرون تواصل حزبًا إرهابيًا والمخابرات الفرنسية تقدر بلا شك خطورة خطوة كهذه على أمن واستقرار البلد الذي هو في النهاية من صميم أمن واستقرار مصالح فرنسا في الساحل».
وأكد حسين حمود إن ما أدى إلى التسرع في اتخاذ هذه الخطوة هو رسائل جميل منصور ورئيس «تواصل» وخطبة الشيخ الددو التي كانت كلها تؤكد للرئيس «أن التخويف بالحل بات لعبة قديمة، ونحن لن ندعمك في أي مساع لمأمورية ثالثة والحصول على أغلبية في البرلمان بلا جدوى لأنه لا يمكنك من تمرير مأمورية ثالثة من خلاله دون شرعنة من نواب المعارضة حتى تتعدى القضية دون مشاكل، ونحن مستعدون للمواجهة ولن نشكل لك طوق نجاة».
«هكذا، يضيف حسين حمود، تنرفز الرجل الجريح في كبرياء قوته الزائفة وقرر أن يقوم بخطوة عملية لتبرهن لهم أنه جدي وأنه يريد أيضًا أن يقلم أظافر «تواصل» ويجفف منابع تمويله قبل انتخابات 2019، فقد انتهى الرئيس للتو من اختبار قوة الإسلاميين الانتخابية، وهو لا يتصرف بضغوط من الإمارات والسعودية فلكل من هاتين الدولتين مشاكلها الكبيرة التي تلهيها عن موريتانيا كلها».
وتابع: «الأكيد في خضم هذا كله أن الرجل كلما اقترب موعد الخروج الحتمي بعد 8 أشهر فقط سيزداد غضبه وهيجانه وتخبطه، وهناك من داخل نظام الرئيس ولد عبد العزيز من يحفر من تحته ليسقطه قبل موعد السقوط في 2019».
ومن داخل جبهة النظام ثمة من يدافع عن قرار إغلاق مركز العلماء، حيث كتب الإعلامي سيدي محمد ولد آبه: «حين يقرر رئيس العمل الإسلامي القائد الثوري محمد ولد عبد العزيز، الذي طبع المصحف وافتتح قناة وإذاعة القرآن الكريم واكتتب الأئمة وطرد سفارة الكيان الصهيوني وأقام للدين والعزة ركنًا مكينًا في هذه الأرض، ويقرر أيضًا إغلاق «مركز تكوين العلماء» أو غيره، فذلك يعني بالضرورة أنه مركز ضرار وأن إغلاقه درء للمفاسد عن هذه الأمة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية