نواكشوط – “القدس العربي”: بدأت ترتسم في الأفق مؤشرات مقلقة لانكماش اقتصادي عالمي متوقع حسب تقارير متطابقة لهيئات دولية مختصة في الرقابة الاقتصادية.
وسواء تعلق الأمر بالولايات المتحدة أو أوروبا أو بمنطقة آسيا المحيط الهادئ، فإن مؤشرات الانكماش أصبحت بادية مقروءة على مستوى الأسواق منذرة بمستقبل قاتم.
وفي الولايات المتحدة، وخارجا عن قضية الانسداد الذي تشهده الحكومة الفدرالية بسبب الخلاف حول بناء السور على حدود المكسيك، فإن إدارة ترامب تتجه للاصطدام بأعاصير اقتصادية مخيفة.
وكان الملياردير الأمريكي قد تعهد “بأن يعيد للولايات المتحدة كبرياءها” عبر خفض الضرائب واستئناف أشغال البنى التحتية ومراجعة الاتفاقات التجارية التي توصم بعدم الإنصاف.
وعلى مستوى الأسواق المالية الأوروبية، فقد بدأ المستثمرون يشعرون بضيق الأفق؛ فليست الولايات المتحدة هي وحدها من يواجه المشاكل الاقتصادية الداخلية، بل إن فرنسا الشريك المهم لدول افريقية عديدة، تواجه هي الأخرى معضلات اقتصادية مقلقة، فقد وصلت ديونها العمومية لمستويات قياسية (109 في المئة من الناتج الداخلي الخام).
ووصلت ديون الدولة الفرنسية خارج القطاع المالي، لمستويات غير مسبوقة (136 في المئة) وهو ما يعرضها للمزيد من الاحتجاجات الاجتماعية التي تتطلب مواجهتها إجراءات تهدئة مكلفة.
وفي المملكة المتحدة الشريك المفضل لمصر ونيجريا وكينيا، تخوض رئيسة الوزراء تريزا ماي معركة مع البرلمان لإجازة اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي.
وتؤكد المؤشرات أن مكمن الخطر الآخر يوجد في آسيا المحيط الهادئ، حيث سجلت الصين كما هو معروف، نموا اقتصاديا زهيدا غير مسبوق، خلال عام 2018.
وفي اليابان، بدأت الشركات التجارية، تنشر نتائج أعمالها حيث أظهر مؤشر السوق المحلية أن الأمور ليست على ما يرام هناك.
أما بلدان افريقيا فإنها غير مهتمة وعاجزة في نفس الوقت.
ففي هذه اللوحة التي بدأت ترتسم، لا تبدو المنطقة وخاصة بلدان افريقيا ما وراء الصحراء، مهتمة وليست متجهة لاتخاذ أي احتياطات لمواجهة الخطر الداهم.
وتنشغل كبريات دول المنطقة مثل جنوب افريقيا، بأجندات انتخابية.
وفي عام 2017 شهدت افريقيا ارتفاعا مفاجئا للمديونية الدولية ناجما عن إنفاقات بذلتها الحكومات لحماية عملاتها الوطنية التي شهدت قيمها انخفاضات كبيرة ما عدا الشيلينغ الكيني.
ومع ذلك فإن جميع الدراسات تشير إلى أن افريقيا قد تكون المكمن المقبل للنمو الاقتصادي العالمي كما كانت أوروبا وآسيا في مراحل سابقة من التاريخ.
ولكي يتحقق ذلك فلا بد أن توحد القارة الافريقية مواقفها وأن تسد الباب أمام التنافس الاقتصادي للدول العظمى لتضمن استفادة شعوبها من خيرات تزخر بها أراضيها.
فالقارة الافريقية تتوفر اليوم على أوراق ضغط غير مسبوقة؛ فبريطانيا والصين تتقاتلان من أجل مناجمها، والولايات المتحدة والصين تتنافسان على التأثير في قضاياها، وفرنسا وايطاليا تخوضان معارك بسبب الفرنك الافريقي، قد بدأت ألمانيا تهتم بخيرات القارة.