أيال زيسر
إدارة ترامب، إذا ما حاكمنا الأمور حسب التعيينات التي أعلن عنها الرئيس المنتخب، ستكون “إدارة يمين بالكامل”، وثمة من سيقول إدارة يمينية ذات مواقف صقرية حتى أكثر من مواقف حكومة إسرائيل.
بدءاً بالسفيرة إلى الأمم المتحدة، عضو الكونغرس أليس سبتنك، التي قادت المعركة ضد الإرهاب واللاسامية اللذين تعززا في الجامعات الأمريكية؛ عبر السفير إلى إسرائيل مايك هاكابي المؤيد بفم مليء لضم “يهودا والسامرة” الأمر الذي حتى حكومة إسرائيل تخشى من التعهد به؛ وانتهاء بوزير الخارجية ماركو روبيو، بمستشار الأمن القومي مايكل فالس وبوزير الدفاع بيت هكسغت – كلهم مؤيدون واضحون لإسرائيل.
هذه التعيينات تدل على أن ترامب لا يحسب حساباً لأحد ويتخذ القرارات وفقاً لآرائه ونزواته أيضاً، أكثر مما تجرأ في ولايته الأولى. ومع ذلك، فقد عين هؤلاء الأشخاص في مناصبهم ليس بسبب مواقفهم في مسألة الشرق الأوسط أو إسرائيل، بل لولائهم والتزامهم بالرئيس المنتخب. لهذا السبب، شطبت من القائمة أسماء بعض من مؤيدينا الكبار في الولاية الأولى لترامب – وزير الخارجية مايك بومبيو والسفيرة إلى الأمم المتحدة نيكي هيلي.
تعيينات ترامب هذه تبدد الغموض وعلامات الاستفهام في الأشهر الأخيرة بالنسبة لنوايا وسياسة ترامب في المستقبل. فإلى جانب التأييد والحنين لإسرائيل، يتوجه إلى جمهور المصوتين العرب، الذي هو في قسمه الأكبر مناهض لإسرائيل بوضوح وحاول تجنيده إلى جانبه. وقد وعد المصوتين العرب بإنهاء الحرب في منطقتنا – وهؤلاء فسروا أقواله كوعد منه للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة ولبنان، قبل أن تحقق فيها أهدافها.
لكن الحديث لا يدور فقط عن تصريحات انتخابية بل أيضاً عن تغيير ذي مغزى تحقق داخل “العائلة الملكية”. ففي ولاية ترامب الأولى، تحكمت ابنته إيفانكا التي تهودت تهويداً أرثوذكسياً وزوجها جاريد كوشنر الذي كان مبعوث الرئيس إلى الشرق الأوسط ودفع إلى الأمام باتفاقات إبراهيم و”صفقة القرن” التي استهدفت حل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. ضحك القدر، بالمناسبة، هو أن أبو مازن الذي رفض الصفقة وبعث بترامب إلى “الجحيم” يغازله بنشاط اليوم في محاولة لينتزع منه ما رفض الفلسطينيون قبوله قبل بضع سنوات.
غير أن الدائرة العائلية التي تحيط بترامب اليوم تضم أيضاً ممثلي العالم العربي: مُسعد بولس حمو ابنته والكفيل بأن يعين كمبعوثه إلى العالم العربي. ابن مُسعد، مايكل، متزوج من ابنة ترامب، تيفني. بولس الأب رجل أعمال لبناني، تنافس في 2009 وخسر في انتخابات البرلمان اللبناني في قائمة تصدرها سليمان فرنجية، حليف منظمة حزب الله.
اليوم، يدعو بولس إلى السلام بين إسرائيل والعرب، ويبدو أن وجوده إلى جانب ترامب نقله إلى جانب الأخيار. لكن مع ذلك، بقي لبنان والعالم العربي على رأس اهتمامه، وكذلك جهوده لإقناع ترامب لإنهاء الحرب في منطقتنا بسرعة.
وبعد كل هذا، بقي ترامب في ولايته الثانية لغزاً. فهو في موقع قوة، قلة ممن نزلوا في البيت الأبيض تمتعوا بها. فهو ليس ملزماً لأحد بشيء ولا يحتاج أحداً.
هل سيتبين كانعزالي يمقت التدخل الأمريكي في شؤون العالم، لأن -برأيه- يأتي هذا على حساب دافع الضرائب الأمريكي، وبالتالي سيمتنع عن العمل بحزم ضد إسرائيل ويسعى إلى الهدوء والاستقرار؟ أم ولكونه محرراً اليوم من الاضطرابات سنحظى بإسناد ويد حرة في محاولة إعادة تنظيم الشرق الأوسط والمضي بعلاقاتنا مع العالم العربي، في ظل دحر المسألة الفلسطينية عن جدول الأعمال الإقليمي.
في اثناء ولايته الثانية في البيت الأبيض، قد يصبح ترامب أفضل رئيس نعرفه، لكن في الوقت نفسه، قد يتبين كمن قضم من الالتزام والمساعدة المالية والعسكرية التي تمنحها الولايات المتحدة لإسرائيل. مهما يكن من أمر، لم يتبقَ لنا غير أن نصلي ونأمل بالخير.
إسرائيل اليوم 17/11/2024