مئة دولار شرط دخول السوري إلى وطنه

منهل باريش
حجم الخط
0

فرض مبلغ المئة دولار على السوريين الهاربين من جنوب لبنان والبقاع، دفع أعدادا كبيرة إلى الاعتماد على المهربين لدخول الأراضي السورية وهو ما فعله المطلوبون أمنيا للنظام.

أطلقت حكومة النظام السوري حملة دعائية كبيرة لاستقبال «الوافدين اللبنانيين» حسب ما تسميهم، وتجنبت استخدام تعبير اللاجئين، وأعلنت محافظة دمشق عن تجهيز مراكز إيواء للنازحين اللبنانيين في 3 فنادق بمنطقة السيدة زينب ومراكز أخرى في كل من الحرجلة والدوير ويبرود والنبك وداريا. كما بدأت محافظات حمص وطرطوس واللاذقية بتجهيز مراكز إيواء في المدن الرياضية وبعض المساكن التابعة لاتحاد الشبيبة ومعكسرات الطلائع. وأفاد مصدر مقرب من محافظة حمص أن «القيادة ترجح الاجتياح البري الإسرائيلي للجنوب اللبناني وهذا ما يجعلها تستعد لاستقبال ما يقارب المليون لبناني، تعمل على خطة لتوزيعهم في كافة المحافظات السورية».
وفي سياق منفصل، أظهرت التصريحات الرسمية تباينا واضحا بين تصريحات الحكومة اللبنانية وتلك التي يطلقها المسؤولون في النظام السوري، فحسب آخر تحديث من مكتب رئيس الحكومة اللبناني، مساء الخميس، قال إن أكثر من 16.1 ألف لبناني و15.6 ألف سوري عبروا الحدود اللبنانية باتجاه الأراضي السورية خلال اليومين الماضيين.
في الوقت الذي نقلت صحيفة «الوطن» السورية الموالية للنظام عن مصدر في إدارة الهجرة والجوازات السورية، عن أن عدد «الوافدين» إلى سوريا من اللبنانيين بلغ حتى صباح يوم الأربعاء، 5650 وافداً، إضافة إلى 7820 من اللاجئين السوريين العائدين عكسيا.
إلى ذلك، ذكر نائب محافظ ريف دمشق جاسم المحمود في تصريح لإذاعة «شام اف ام» المحلية أن عدد الذين عبروا الحدود خلال يومي الثلاثاء والأربعاء وحتى ظهر الخميس بلغ 42 ألف شخص من معبر جديدة يابوس الحدودي فقط، بينهم 11 ألف لبناني و31 ألف سوري. وهو ما يظهر تباينا كبيرا بين أرقام الحكومة اللبنانية والأرقام التي يعلنها النظام السوري.
في إطار دعم اللاجئين اللبنانيين إلى سوريا، سمحت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد للشركات الخلوية تسهيل بيع الخطوط الخلوية ومنحهم باقات إنترنت مجانية.
وقالت الهيئة في بيان نشرته الجمعة على قناتها في تطبيق «تلغرام»: «بهدف تأمين خدمات الاتصالات والإنترنت للتواصل مع أهاليهم، سمح ببيع الخطوط الخلوية عن طريق الهوية اللبنانية، مع سمة الدخول أو عن طريق جواز السفر، إضافة إلى منح باقات إنترنت مجانية لهم». وأوضحت الهيئة أن شركات الاتصالات تقوم بإرسال سيارات جوالة لمناطق محددة لتسهيل شراء الخط الجديد للبنانيين بكل سرعة ويسر.
وفي التفاصيل، أعاق شرط تبديل السوريين لمبلغ الـ 100 دولار مقابل قيمته بالليرة السورية على كل مواطن سوري لحظة دخوله إلى سوريا، حيث فرض على كل الأشخاص الذين بلغوا الـ18 من أعمارهم تبديل 100 دولار على المعبر بسعر الصرف الذي يفرضه المصرف المركزي ويعادل سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد اليوم نحو 1260 ليرة سورية، أي ان المئة دولار تبدل بفارق نحو 400 ألف ليرة عن سعر السوق السوداء.
ورغم ان اللاجئين اللبنانيين أو الوافدين – كما يفضل إعلام النظام وصفهم- لا يقومون بتبديل الدولار الأمريكي الذي يحملونه وسيفعلون الأمر في السوق السوداء وهو ما سيتسبب بعدم استقرار سعر الصرف ـ فإن النظام لم يقبل بمساواة مواطنيه بالمواطنين اللبنانيين علما أن أغلبهم هم من العمال والمزارعين المياومين والذين تعتبر أحوالهم سيئة للغاية أساسا، فكيف حالهم بعد الهجوم الإسرائيلي وخروجهم بثيابهم محاولين النجاة، عدا أن بعضهم فقد أوراقه الثبوتية والشخصية في القصف على قرى الجنوب.
وأعلن المصرف المركزي انه وجه كافة المصارف والبنوك التي تمتلك مكاتب متنقلة وشركات الصرافة المرخصة للعمل في معابر الحدود السورية اللبنانية المشتركة للقيام بكافة الخدمات المصرفية المسموح بممارستها وفق أحكام القرارات والأنظمة. معتبرا ان الهدف من الإجراء هو «تسهيل إجراءات دخول الأخوة الوافدين إلى الأراضي السورية». ورغم أن القرار يوحي بأن الهدف منه هو بيع الدولار للاجئين اللبنانيين فإنه بقي لزاما على السوريين فقط، ويشتري الوافدون الليرة السورية بشكل صغير لتسيير أمورهم موقتا يكفي لوصولهم إلى وجهتهم.
أن فرض مبلغ المئة دولار على السوريين الهاربين من الموت المحقق في جنوب لبنان والبقاع، دفع الأسر المكونة من أعداد كبيرة إلى الاعتماد على المهربين لدخول الأراضي السورية وهو ما فعله المطلوبون أمنيا للنظام أيضا، حيث فضلوا الدخول بعيدا عن البوابات الرسمية، بحثا عن أمل للنجاة داخل سوريا أو الوصول إلى مناطق شرق سوريا وشمالها حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية «قسد» وفصائل الجيش الوطني المعارض.

صعوبات على الجانب اللبناني

أجبر الأمن العام اللبناني المغادرين السوريين دفع الغرامات المالية المتعلقة بقانونية إقامتهم في لبنان، حيث أن عددا كبيرا من العائدين عبر المعابر لا يملك أوراقا قانونية لاقامته أو أن قسما كبيرا منهم لم يجدد إقامته بسبب الشروط الصعبة التي فرضتها السلطات اللبنانية على السوريين هناك.
في المقابل فإن السلطات السورية سمحت للمواطنين اللبنانيين المتوجهين إلى سوريا بالدخول رغم عدم حملهم لوثائق السفر أو لأوراقهم الثبوتية بسبب الأوضاع الأمنية واكتفوا بأن اعطوا بياناتهم ليحصلوا على ورقة دخول رسمية يمكنهم التنقل من خلالها على كامل الأراضي السورية.

قصف المعابر

قصف سلاح الجو الإسرائيلي منفذ قرية مطربا الحدودي الرسمي مع لبنان، ويعتبر المنفذ أحدث المنافذ الحدودية بين البلدين وافتح عام 2022. وحسب تحليل الصور التي انتشرت على وسائل الإعلام مع خرائط الأقمار الاصطناعية في تطبيق غوغل فإن الجزء المستهدف يشير إلى أن صاروخا على الأقل سقط شمال المكاتب مسبقة الصنع داخل الأراضي السورية ـ وحتى الجسر النهري الصغير الواقع على ساقية المياه المتصلة ببحيرة زيتا الذي جرى استهدافه ضمن الأراضي السورية، وتقع مفرزة الأمن العسكري كاملة خلف الجسر المذكور، حيث يبقى الجسر هو الطريق الوحيد الذي تتمكن السيارات من عبوره للدخول للأراضي السورية. وهذا يناقض تصريحات رئيس المجلس البلدي في القصير الذي قال إن الاستهداف حصل داخل الأراضي اللبنانية.
وفي حين أن الجسر يلاصق المفرزة الأمنية ويقع داخل الحدود السورية بمسافة 750 مترا، ويبعد عن مفرزة الأمن العام اللبناني قرابة 800 متر. وأكدت مصادر «القدس العربي» أن عنصرا بمفرزة الأمن العسكري التابعة للفرع 261 ـ شعبة المخابرات العسكرية قد قتل في الهجوم على معبر مطربا.
وبرر الجيش الإسرائيلي عبر منصة «أكس» الخميس، أنه يعمل على منع دخول الأسلحة إلى لبنان بهدف تسليح «حزب الله» وهو مستمر بمهاجمة القدرات العسكرية والبنية التحتية لحزب الله، ووصف هدف الهجوم في مطربا أنه: «بنية تحتية يستخدمها حزب الله لنقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان».
وفي إطار المعابر، نقلت وكالة «سانا» السورية عن مسؤول عسكري أن سلاح الجو الإسرائيلي هاجم أحد المواقع العسكرية على الحدود اللبنانية قرب بلدة كفريابوس بريف دمشق، واعترف المرصد بمقتل خمسة جنود وإصابة آخر. هذا واستهدفت المقاتلات الحربية الإسرائيلية الموقع حوالي الساعة 1:30 فجر الجمعة.
ونعت صفحات موالية للنظام السوري مقتل أربعة عناصر هم: علي حسن علي من ريف القدموس بمحافظة طرطوس وأحمد حسن من الحسكة ومنهل محمد فهد ابو العنز من قرية الغاوي بريف حماة الشرقي، والمساعد أول في الأمن العسكري محمد رسلان رسلان من منطقة وادي العيون غربي حماة. وتشير مصادر «القدس العربي» أن القتلى الثلاثة من المحتمل أن يكونوا من مرتبات اللواء 18 في الفرقة العاشرة بالجيش السوري.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية