مئوية تأسيس الجيش العراقي: الكاظمي يتعهد بسحب أكثر من نصف القوات الأمريكية

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: مرّت، أمس الأربعاء، الذكرى المئوية على تأسيس الجيش العراقي، وفيما نظّمت السلطات استعراضاً عسكرياً كبيراً في ساحة الاحتفالات وسط المنطقة الخضراء، شديدة التحصين، في بغداد، استغل قادة سياسيون شيعة المناسبة، بتجديد مطالبتهم «حصر السلاح في يد الدولة» وإنهاء التواجد الأجنبي على الأراضي العراقية، فيما طالبت قوى سنّية الحكومة، بإطلاق سراح قادة الجيش السابق، وإعادة المنّفيين منهم خارج البلد وتعويضهم.

«لن يكون ملعباً»

القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، أكد عدم السماح بـ«اختطاف القرار الوطني العراقي من أي جهة كانت» وفيما أشار إلى أن الأيام المقبلة ستشهد اكتمال انسحاب أكثر من نصف القوات الأمريكية، شدد على أن العراق «لن يكون ملعباً للصراعات الإقليمية أو الدولية بعد اليوم».
وبين، في كلمته في مناسبة بالذكرى المئوية لتأسيس الجيش العراقي، «نقف باعتزاز وفخر لتحية جيش العراق العظيم، قادة وضباطا ومراتب، ونحيي بطولاتهم وتضحياتهم في الدفاع عن أرض العراق وحماية كرامته، كما نحيي بطولات جيشنا وتضحياته في الدفاع عن فلسطين الحبيبة، جنين، والجولان».
وأضاف، أن «رحلة جيشنا الاستثنائية التي بدأت بفوج الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) في يناير/6 كانون الثاني 1921 وضعت ملامح الدولة وخطت هويتها وصانت مبادئها وقيمها، ومهما أثّرت الخيارات والصراعات السياسية والحروب العبثية على هذه الرحلة، لكن جيش العراق ظل وفياً للوطن وللدولة، توّج جيش الوطن مسيرته إلى جانب قواتنا الأمنية بكل صنوفها في دحر تنظيم داعش الإرهابي وطرده من أرض العراق المقدسة».

«جيش منتصر»

وأردف: «نهض جيشنا منتصراً من كبوة داعش، ومن جرح اسمه داعش، خرج الجيش منتصراً على محاولة كسر هيبته ووجوده وطمس هويته، وقد فعل ذلك مراراً عبر التاريخ الحديث» ماضياً إلى القول: «لا تنهض أمة بجيش مطعون وجريح يتم التآمر عليه وزجه في الأخطاء السياسية كما حدث في عهد الديكتاتورية الصدامية».
وأشار إلى أن «على عاتقنا واجبا تاريخيا مبارك بوضع جيشنا في الموقع الذي يستحقه وإعادة الثقة لضباط الجيش ومراتبه بأنكم أيها الأبطال رمزنا وعنوان هيبتنا وسيادتنا، العراق بكم سينهض كدولة تمثل ضرورة للحضارة الإنسانية وضرورة للتوازنات الدولية، وإنكم رسالة الأمل والأمان لشعبنا في كل مساحة الوطن».
وأوضح: «لقد واجهنا منذ اليوم الأول لتشكيل هذه الحكومة تحديات كبيرة ومعقدة لم تمر في تاريخ العراق المعاصر يتقدمها تحدي وباء كورونا والأزمة الاقتصادية التي نجمت عن إنهيار أسعار النفط، بالإضافة إلى تداعيات الأزمة الاجتماعية الحادة التي مثلتها تظاهرات 2019، وما تلاها وما ترتب عليها من نتائج».
ومضى إلى القول: «كان من المؤسف حقاً، أن يتحول العراق، وهو سليل الحضارة وبوابة التاريخ، إلى ساحة لتصفيات وتحديات حرب عالمية وإقليمية على أرضه، وكان علينا واجب حماية بلدنا من تداعيات هذا الصراع الخطير، ولذلك، عملنا منذ اليوم الأول على مسارات واضحة في إعادة التوازن لملف علاقاتنا الدولية، وكذلك إطلاق الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية بهدف انسحاب قواتها، وهو الأمر الذي أعلنه الرئيس الأمريكي خلال زيارتنا الأخيرة إلى واشنطن، وكثمرة لهذا الحوار الاستراتيجي المتواصل تم سحب دفعات من القوات الأمريكية ضمن توقيتات فنية خلال الأشهر الماضية، وسوف يكتمل في الأيام المقبلة انسحاب أكثر من نصف تلك القوات، ولن يتبقى إلا مئات منهم فقط، للتعاون في مجالات التدريب والتأهيل والتسليح والدعم الفني، ويجري جدولة إعادة انتشارهم خارج العراق بالكامل ضمن اتفاقات بين البلدين».

صالح يدعو لحصر السلاح في يد الدولة وتعزيز التكاتف بين مكونات الشعب

ولفت إلى أن «هذا التطور قد تأسس على ضوء جهوزية قواتنا المسلحة البطلة والقوات الأمنية بمختلف صنوفها، لحماية أرض العراق وصون كرامة شعبه» مضيفاً: «نجدد اليوم عهدنا إلى الشعب العراقي، بأننا لن نسمح باختطاف القرار الوطني العراقي من أي جهة كانت، ولن نخضع للمزايدات السياسية والانتخابية، وأن قراراتنا تنطلق من مسؤوليتنا الوطنية».
وأشار إلى أن «صون سيادة العراق وأمنه وسلامة دولته هو قرار عراقي بامتياز، تفرضه ضرورات العراق ومصالحه أولاً وأخيراً» مشدداً على أن «العراق لن يكون ملعباً للصراعات الإقليمية أو الدولية بعد اليوم، ولن يسمح بأن تستخدم أراضيه لتصفية حسابات بين الدول».

عام الإنجاز

وتابع، أن «جيش العراق على أهبة الاستعداد للقيام بواجبه لوضع كل هذه الاستحقاقات حيز التطبيق، واجهنا حملات الطعن والتشكيك ومحاولة كسر إرادتنا باستعادة هيبة الدولة بصبر الشجعان لا ضوضاء المزايدين والانتهازيين، لن ننتبه إلى من يحاول إرهابنا بالصوت العالي، قرار العراق لن يكون بيد المغامرين، اكتفينا بتاريخ من المجانين الذين قادونا إلى الحروب العبثية والدم وكسر هيبة الدولة، علينا واجب إيصال العراق وشعب العراق ؤلى بر الأمان وسوف نعمل مهما ظن الواهمون أن بإمكان الصراخ ترهيب من تجذّر حب الوطن في قلوبهم».
وزاد بالقول: «نقف في يوم جيشنا الباسل، لنعلن أن عام 2021 سيكون عام الإنجاز العراقي على كل المستويات، وأن مرحلة استنزاف ثروات العراق وإمكاناته قد انتهت إلى غير رجعة بإرادة العراقيين» مؤكداً أن «سيادة العراق على كل شبر من أرضه لن تكون مجرد شعار للتداول السياسي، وإنما فعل ملموس».
واختتم رئيس الوزراء كلمته بالقول: «في الآونة الأخيرة شهدنا تصريحات متشنجة من كل الأطراف، أهيب بالجميع الالتزام بالمصلحة الوطنية واعتماد لغة الحوار وبث روح الأمل لدى شعبنا، العراق والعراقيون يستحقون التضحية والصبر والحكمة».
كذلك، هنأ رئيس الجمهورية، برهم صالح، الجيش العراقي بمناسبة الذكرى المائة لتأسيسه، وفيما أكد أن قوته تمثل هيبة الدولة، اشترط ثلاثة أمور لبناء «جيش وطني مؤمن بعقيدته العسكرية».

«هيبة الدولة»

وقال، في بيان صحافي، إن «قوة وهيبة الجيش وتطوير صنوفه المسلحة تمثل قوة وهيبة الدولة الحارسة والخادمة لشعبها» لافتاً إلى «ضرورة أن يبقى الجيش مؤسسة وطنية دستورية حامية للسيادة والوطن لا أداة بيد الاستبداد والدكتاتورية».
وأكد أن «الانتصارات التي تحققت على الإرهاب بفضل التعاون والتكاتف بين الشعب والجيش ومختلف صنوف القوات المسلحة من البيشمركه والحشد الشعبي وأبناء العشائر، تستدعي مواصلة الجهود لبناء جيش وطني مؤمن بعقيدته العسكرية ورسالته في الدفاع عن الوطن وحفظ السيادة، وهذا لن يتحقق ما لم يتم ضبط السلاح المنفلت، وحصر السلاح بيد الدولة، وتعزيز التكاتف بين مكونات الشعب».
ونوه إلى أن «الحفاظ على الأمن والاستقرار مطلب واستحقاق لا تراجع فيه ولا تهاون، وهو الأرضية للانطلاق نحو إكمال الاستحقاقات الأخرى في بناء دولة مقتدرة ذات سيادة كاملة».

دعم المؤسسة العسكرية

في حين، دعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى دعم المؤسسة العسكرية.
وأضاف في بيان صحافي أمس، «لقد سطَّر جيشنا عبر تاريخه المشرّف أروع صور البطولة، وكتب بالدم عبر قوافل الشهداء سفراً عظيماً من الانتصارات، وترفّع عن كل الميول والاتجاهات سوى الوطن وحماية أمنه وسيادته».
وأضاف أن «ما قدّمه جيشنا العظيم طوال مسيرة قرن من الزمن يعدُّ مفخرة عظيمة تستحق التخليد والإشادة والتكريم، وتتطلب مزيداً من الدعم والمساندة لهذه المؤسسة الوطنية التي بذلت الكثير خلال مسيرتها المشرقة».
أما تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري، فأشاد بدور القوات المسلحة العراقية في الحفاظ على «حدود وتراب» العراق.
وقال في بيان صحافي، إن «العراق وحمايته والحفاظ على وجوده وترابه وحدوده مسؤوليتنا التاريخية والوطنية على حد سواء، وأن التاريخ سيكتب من وقف إلى جانب حماية أمته ودرء الأخطار عن وجودها الإنساني واجتماعها البشري».
وتابع، أن التاريخ «سيخلد من تصلب في خنادق المقاومة والبسالة الشرسة بمواجهة العدوان الداعشي، وقد صنعتم إلى جانب بقية أبناء العراق الغيارى في الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب وجميع الصنوف المقاتلة، تاريخاً جديداً، وحفرتم أعظم انتصار في تاريخ البشرية وتاريخ شعبكم في جدار الخلود عندما نهضتم بتكاليف الحرب وقاتلتم ببسالة الشجعان وانتصرتم في معركة الوجود».
واختتم التحالف بيانه بالقول: «بمرور مئة عام على تأسيس جيشنا العظيم تستمرون أنتم أيها البواسل حماةً لهذه الأرض وسوراً للوطن ورجالاً أوفياء لبلدكم. بكم يبقى الوطن مهاباً وموحداً ومستقلاً».
لكن الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، شدد على ضرورة الالتزام بحصر السلاح بيد الأجهزة الأمنية للدولة.
وأكد في «تدوينة» له «إنهاء التدخلات الخارجية التي «تعيق حق العراق في بناء قواته والاعتماد على نفسه بحماية أراضيه».
حاثّاً على التزام الجميع بضرورة «حصر السلاح بيد الأجهزة الامنية» وأكمال السيادة «بخروج القوات الأجنبية من أرض العراق».

خطر وجودي

إلى ذلك، توجه رئيس الوزراء الأسبق، زعيم ائتلاف «النصر» حيدر العبادي برسالة إلى الجيش العراقي، محذّراً من «خطر وجودي» مُحدق بالعراق.
وأضاف في بيان صحافي: «أيها الجيش الباسل: يمر العراق اليوم بأخطر تحدياته، فوحدته وأمنه وسيادته بخطر وجودي، ومطلوب من الجيش كقوة وطنية نظامية أن تحمي الدولة وتدافع عن وجودها وكرامتها وقوتها».
واستدرك: «أدعوك، أيها الجيش وكما عهدتك، أن تبقى سوراً للوطن وليس سوراً لطائفة أو حزب أو حاكم، أنت حارس شرعية الدولة، وحامي أسوار القانون والسيادة، قوة الدولة بوحدتك ووطنيتك والتصاقك بآمال الشعب وأهداف الدولة لننتصر في هذا التحدي كما انتصرنا في السابق». في الأثناء، دعا زعيم تحالف «عراقيون» عمار الحكيم، «للارتقاء بواقعها وجعلها في أتم الجهوزية ماديا ومعنويا ولوجستيا». سنّياً، دعا تحالف «القوى العراقية» بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إلى إطلاق سراح قادة الجيش العراقي السابق المعتقلين منذ عام 2004، وإنصاف جميع الضباط والمراتب المهجرين وإعادة «حقوقهم المسلوبة». وقال التحالف في بيان، إنه في الذكرى المئوية لتأسيس الجيش «يعز علينا أن نشهد قادة الجيش العراقي ممن عرف عنهم انضباطهم ومهنيتهم ونزاهتهم وحبهم للعراق بعضهم لازال في المعتقلات والبعض الآخر في دول اللجوء محرومون من أبسط حقوقهم سنوات خدمة فعلية».
وكرر التحالف، مطالباته بـ«إنصاف قادة الجيش العراقي وإطلاق سراح المعتقلين منهم وإعادة حقوق المنفيين وبما يعزز كيان وهيبة واحترام المؤسسة العسكرية العراقية».
في الشأن ذاته، كتب القيادي في جبهة «الانقاذ والتنمية» أثيل النجيفي، «تدوينة» على صفحته في «فيسبوك» يقول: «في ذكرى تأسيس الجيش العراقي وبعد مائة عام تبدلت فيها الأنظمة وبقي الجيش» مبيناً أن «لأول مرة تتحكم طبقة سياسية تتبنى فصائل مسلحة تريدها أقوى من الجيش وتعتبرها سورا بديلا للوطن. وتفرض على القائد العام للقوات المسلحة قرارات الحرب والسلام».
وختم متسائلاً: «لا أدري هل نهنئ الجيش بالذكرى أم نأسى على حال الدولة ؟».

انقسام حول دور الجيش العراقي: أداة قمع أو له إنجازات وطنية؟

يحتفل العراقيون بمرور 100 عام على ذكرى تأسيس الجيش العراقي الذي تأسس في السادس من يناير/ كانون الثاني 1921 وسط خلافا حول دور هذا الجيش، ففيما يعتبر البعض أن له إنجازات وطنية، يراه آخرون أداة بيد الأنظمة لقمع الشعب.
محمد صلاح قال: «جميع دول العالم تحتفل بذكرى تأسيس جيشها وسط إجماع، باستثناء العراق، حيث يختلف الشعب حول هذا الجيش على حسب الانتماءات والولاءات الطائفية والقومية والعرقية».
وبين أن «الجيش العراقي له مواقف بطولية عديدة على المستوى الداخلي والخارجي فقد خاض حروبا كبيرة وكانت أولى بطولاته حرب 1948 وبدخوله فلسطين ومقاتلة الكيان الصهيوني دفاعا عن شعب فلسطين وكذلك حرب 67 و 73. كانت حروب الدفاع عن العرب مرورا بالحرب العراقية الإيرانية حيث كان العراق مدافعاً عن البوابة الشرقية للعرب لذلك يجب أن نفتخر بهذا الجيش الكبير وبطولاته وانتصاراته».
وحسب يوسف طه، فإن الجيش العراقي «تعرض لمؤامرات من أجل تدميره وتحطيمه، كما حصل في حرب 1991 حيث شاركت أمريكا ومعها 32 دولة من أجل تدمير وإنهاء الجيش العراقي الذي كان من أقوى الجيوش في المنطقة» مضيفا : «لقد نجحت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى حد كبير في لتدمير هذا الجيش خصوصا في سنوات غزوها عام 2003 للعراق وكان أول قرارات أمريكا هو حل الجيش العراقي بالتعاون مع حلفائها الذين أتت بهم لحكم العراق». وأشار إلى أن «من أسباب إنهاء الجيش العراقي، القوة التي كان يتمتع بها والعقيدة العسكرية لديه، اليوم وبعد تدمير ذلك الجيش القوي أصبح العراق مرتعاً وساحة للصراعات الدولية والإقليمية وأصبح من أضعف دول العالم».
أما وسام جبار، فأوضح أن «لم يكن الجيش العراقي يومًا يمثل العراق بل كان يمثل الحكومات والأنظمة العسكرية التي كانت تقود البلد وأصبح أدة بيد تلك الحكومات لقمع الشعب وإدخاله في أتون حروب إقليمية ودولية».
وزاد: «الجيش العراقي كان قد اشترك بقتل وقمع الانتفاضات ضد النظام السابق في جنوب العراق لذلك لا يجب علينا الاحتفال بذكرى تأسيسه بل يجب تحديد ذكرى ويوم جديد لهذا الجيش». إلى ذلك، ذكرت دائرة الإعلام والمعلومات في حكومة إقليم كردستان الثلاثاء، أن يوم الأربعاء أمس يعد دواماً اعتيادياً في جميع المؤسسات الحكومية، وقالت الدائرة في توضيح لها، إن الدوام في جميع المؤسسات الحكومية سيكون اعتيادياً يوم الأربعاء 6 كانون الثاني/يناير 2021 وليس عطلة. ويتهم الكرد، الجيش العراقي، ولا سيما في عهد النظام السابق، بالمشاركة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتنفيذ إبادة جماعية بحق الشعب الكردي خلال العقود الماضية التي شهدت توترا واصطدامات مسلحة بينهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية