ماذا بعد انهيار الهدنة؟

رأي القدس لم نعلق الكثير من الآمال على هدنة عيد الاضحى التي توصل اليها السيد الاخضر الابراهيمي من خلال اتصالاته المكثفة مع السلطات السورية والمعارضة المسلحة التي تريد ازاحتها من الحكم، ولكننا كنا نأمل، مثل الكثيرين غيرنا، بفترة التقاط للانفاس، ووقف لاعمال القتل والدمار لبضعة ايام حتى يتمكن السوريون، من الاحتفال بالعيد لبضعة ايام بعيدا عن السيارات المفخخة وقصف الطائرات والمدفعية الثقيلة والصواريخ.انهيار هدنة السيد الابراهيمي، او بالاحرى عدم الالتزام بها، كان متوقعا، خاصة ان نوايا الطرفين لم تكن صافية، فالنظام يريد استمرار حلوله العسكرية، والمعارضة المسلحة بفصائلها كافة تعتقد ان مواصلة القتال حتى اطاحة النظام هي السبيل الوحيد لتحقيق اهدافها.الامور عادت الى وضعها الطبيعي، بل لم تحد عنه في الاساس، حيث استمرت الخروقات للاتفاق وبطرق اكثر عنفا ودموية، حيث تؤكد المصادر المستقلة سقوط اكثر من 250 شهيدا حتى كتابة هذه السطور في اليومين الماضيين فقط، اي منذ اعلان التوصل الى هذه الهدنة.لا نعرف ما هي خطة السيد الابراهيمي للايام المقبلة، وما اذا بقي في جعبته من حيل جديدة بعد فشل آخرها المتعلق بالهدنة، لكن ما نعرفه ان مئات الشهداء سيسقطون في الايام المقبلة، وعشرات الآلاف من السوريين سينضمون الى قوائم واحصاءات الامم المتحدة للاجئين.السيد الابراهيمي ليس ذلك الشخص الذي يعترف بالفشل، ويسارع الى تقديم استقالته، وانهاء مهمته بالتالي، على غرار رئيسه الاسبق كوفي عنان، ولهذا نتوقع ان يواصل تنقلاته بين نيويورك والعواصم العربية والعالمية بحثا عن مخرج.المحطة الاولى للسيد الابراهيمي، في جولته المكوكية الجديدة ستكون العاصمة الصينية بكين، ثم يطير بعدها الى موسكو، قبل ان يتوجه الى مجلس الامن الدولي في نيويورك لتقديم تقرير جديد عن زيارتيه يقال انه يتضمن افكارا جديدة.مهمة الابراهيمي الجديدة في موسكو وبكين تتلخص في محاولة اقناع قيادتيهما بالتعاون مع مجلس الامن الدولي، والضغط على سورية ونظامها لتطبيق اتفاق مجموعة التواصل الدولية اثناء اجتماعها في جنيف قبل بضعة اشهر الذي ينص على انتقال سلمي للسلطة.فرص فشل هذه المهمة اكبر بكثير من فرص نجاحها، لان الجانبين، الروسي والصيني، مصممان على دعم النظامين السوري والايراني معا، ومنع اي تدخل عسكري دولي، وعرقلة اي جهود في مجلس الامن الدولي يمكن ان تشرع مثل هذا التدخل.المؤلم ان دوامة القتل وسفك الدماء ستستمر في سورية التي تحولت الى ميدان صراع للدول العظمى، وللدول الاقليمية في آن، والضحية هو الشعب السوري بشقيه، المؤيد للنظام او المعارض له.لا نعرف ما اذا كان علينا ان ننتظر الى العيد المقبل حتى نحلم بمشروع هدنة جديدة؟ لا نعتقد، فلا احد يستطيع ان يتنبأ بالحال الذي ستكون عليه المنطقة، ناهيك عن سورية، بعد اسابيع او اشهر، الامر الوحيد المؤكد ان السيد الابراهيمي سيعود الى تقاعده المريح قبل حلول العيد المقبل بكثير.Twitter: @abdelbariatwan

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية