ماذا بعد سقوط القصير؟

حجم الخط
61

يتفق الكثيرون، ونحن من بينهم، على ان استعادة القوات السورية المدعومة بعناصر من حزب الله لمدينة القصير الاستراتيجية القريبة من الحدود اللبنانية تشكل نقطة تحول رئيسية، وعلامة فارقة، في الازمة السورية، لكن ما يمكن الخلاف عليه هو محاولة استشراف ملامح الايام والاشهر المقبلة في سورية والجوارين اللبناني والفلسطيني المحتل.
النظام السوري الذي حظي بنشوة معنوية انعكست من خلال تغطيات صحفه ومحطاته التلفزيونية، سيواصل حتما مساعيه لاستعادة مناطق اخرى، وفتح جبهات جديدة، وهذا ما يفسر سيطرته على مدينة الضبعة شمال القصير، واستعادة معبر القنيطرة بوابة هضبة الجولان بعد استيلاء قوات المعارضة عليه لعدة ساعات، وهناك انباء عن حشود عسكرية باتجاه مدينة حلب في الشمال ودرعا في الجنوب.
المعارضة السورية المسلحة التي اصيبت بنكسة قاسية بسبب خسارتها لمدينة القصير رغم دفاعها المستميت ستحاول امتصاص هذه النكسة المعنوية بكل الوسائل حسب ما تقوله بياناتها. ولكن من الواضح ان الاسلحة الحديثة التي انتظرت وصولها من الدول الغربية واوروبا وامريكا على وجه الخصوص لن تصل في المنظور القريب، لان هذه الدول تنتظر انعقاد مؤتمر جنيف الثاني في منتصف الشهر المقبل، ولا تريد حدوث اي تغيير في موازين القوى على الارض، وبما يؤدي الى افشال هذا المؤتمر، ولذلك على المعارضة ان تنتظر، اذا رغبت، حتى نهاية الشهر المقبل.
نكسة القصير لم تكن هزيمة للمعارضة السورية المسلحة بكل اطيافها بقدر ما هي هزيمة للدول العربية والغربية الداعمة لها، فقد صرح اكثر من مسؤول في المعارضة بان خذلان هؤلاء هو الذي ادى الى نقص الذخائر وبالتالي الهزيمة.
ولا بد من الاعتراف بان دخول عناصر تابعة لحزب الله اللبناني الى جبهة القصير، والقتال الى جانب الجيش السوري النظامي لعبا دورا رئيسيا في استعادة المدينة، واخراج مقاتلي المعارضة منها، فالجيش السوري الرسمي، لم يستطع وحده، نظرا لافتقاره للخبرة في حرب الشوارع، تحقيق انتصار كهذا، وبهذه السرعة في جبهات اخرى خسر فيها مواقعه مثل الرقة وادلب ومعرة النعمان والقائمة تطول.
استيلاء كتائب المعارضة على معبر القنيطرة ربما كان ردا سريعا ومباشرا على خسارة القصير، ومحاولة فتح جبهة مع الاحتلال الاسرائيلي، ولكن هذه المحاولة التي استعدت لها السلطات الاسرائيلية بحشد دباباتها تحسبا لاقتحام المعبر لم تعمر الا لساعات معدودة بسبب استنفار قوات النظام ونجاحها في استعادة المعبر.
من المرجح ان تحاول المعارضة فتح جبهات اخرى في لبنان خاصة للانتقام من حزب الله واصطفافه الى جانب القوات النظامية، فالسيد جورج صبره زعيم الائتلاف السوري بالنيابة هدد بنقل المعركة الى جنوب لبنان، والضاحية الجنوبية، وكرر الشيء نفسه اللواء سليم ادريس رئيس المجلس العسكري للمعارضة.
هناك سؤالان لا بد من محاولة البحث عن اجابة لهما اذا اردنا رسم خريطة للازمة السورية في مرحلة ‘ما بعد القصير’ الاول هو عما اذا كانت قوات حزب الله ستشارك في معارك اخرى الى جانب الجيش السوري، مثل حلب شمالا، ودير الزور والرقة شرقا، ودرعا جنوبا، ام انها ستكتفي بمشاركتها في القصير القريبة من الحدود اللبنانية؟
اما السؤال الآخر فهو يتعلق بموقف الدول العربية الداعمة للمعارضة، وقطر والمملكة العربية السعودية بالذات، ولا ننسى تركيا في هذه العجالة، من هزيمة المعارضة في القصير، وردود فعلها عليها؟
من الصعب اعطاء اجابات قاطعة عن هذين السؤالين، ولكن يمكن التكهن بان حزب الله قد يتشجع بدوره الحاسم في القصير للمشاركة في جبهات اخرى، وهذا قد يؤدي الى استنزافه وزيادة اعداد الخسائر البشرية في صفوفه مما قد يؤدي الى تزايد الانتقادات لدوره في اوساط انصاره في الجنوب اللبناني. ولا بد ان اتخاذ اي قرار بتوسيع دائرة مشاركة الحزب في الحرب السورية سيحتاج الى الكثير من البحث في مؤسساته قبل صدوره.
الاجابة عن السؤال الثاني لا يمكن التعاطي معها بمعزل عن قراءة الموقف الامريكي، فالدول الخليجية الداعمة للمعارضة ماليا وعسكريا، لا يمكن ان تقدم على اي خطوة دون التشاور مع الولايات المتحدة وقيادتها والتنسيق المباشر معها.
الرئيس باراك اوباما لا يريد التورط في اي حرب في سورية، ولذلك فشلت الجهود الفرنسية التي ارادت تغيير موقفه هذا بتقديم ادلة قالت فرنسا انها مؤكدة عن استخدام النظام السوري غاز السيرين ضد المعارضة، واصر المتحدث باسمه على ان هذه الادلة ليست كافية للتأكد من ان النظام السوري تجاوز الخط الاحمر الامر الذي اغضب القيادة الفرنسية.
ومن سوء حظ المعارضة السورية ان الداعم الاقليمي الاكبر لها، اي السيد رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا يواجه انتفاضة صاخبة مستمرة منذ اسبوع تحت ذريعة عزمه بناء مجمع تجاري في ميدان تقسيم السياحي في قلب اسطنبول مما يخالف مبادئ الحفاظ على البيئة.
لا نستبعد انتقال المواجهة الى لبنان، والضاحية الجنوبية تحديدا في محاولة للانتقام، مثلما لا نستبعد محاولة النظام في دمشق استعادة ما خسره في حلب واماكن اخرى لتعزيز موقفه التفاوضي في مؤتمر جنيف المقبل بعد ان اكد سيرغي لافروف ان السيد وليد المعلم سيمثله في هذا المؤتمر.
الازمة السورية ستستمر في احتلال العناوين الرئيسية في الايام المقبلة، ولا نمانع في تكرار الجملة التي تقول ان جميع الاحتمالات بل والمفاجآت واردة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمود:

    لا اظن ان الجيش السوري يفتقر الى مهارات حرب العصابات, ولكن الجيش السوري تم تشتيته على كامل الارض السورية, ومعظم فرق النخبة مشغولة بتأمين دمشق. اما الاماكن التي استطاع الارهاببون من السيطرة عليها لم يكن بها جيش اصلاً بل قوات شرطة, وتسلل الارهابيون اليها ليلاً واتخذوا من المدنيين دروع بشرية الرقة مثلاً لم تطلق بها رصاصة, ولا شك ان في ريف دمشق وجد الارهابيون حاضنة. ولكن معظم المواجهات مع الجيش السوري كانت لصالحه وان لم تحسم الكثير منها.. اغلب ما تهاجمه المعارضة هي نقاط حواجز وسجون او مطارات, حتى بهذه كان فشلها ذريع ومعظم المطارات صمدت تحت الحصار لاشهر والكثير تم فك الحصار عنها.

  2. يقول سعيد الشيخ - لواء الغدر:

    تكالبت الأمم على السوريين المطالبين بالحرية , وأصبح ” البغاث في أرضهم يستنسر ” ومن كان يعوي صار يزأر.. ولكن أي شعب تعرّض لنصف, بل لربع العذاب الذي تعرّض له السّوريون ولم يستسلم؟! .. وأمّا الأحرار من أهل الشام, أهل النخوة والمروة لن يستسلموا, لأنك لو بحثت في قواميسهم فلن تجد كلمة واحدة بمعنى ” الاستسلام ” … سنقف لمن أراد بالشام سوءاً حتى آخر رمقٍ في هذه الدّنيا, وسوف نذيق من أراد بالشام أمراً موتاً وعاراً وذلاً يلاحقه إلى يوم القيامة … حتى لو خان الأصدقاء والأقرباء, ولو غدر الجيران والأصحاب, لو انقطع المدد, وكثر العدد, وتكالب الأنذال… نحن بالمرصاد ولن يستشهد منا بطل قبل أن نرسل أكبر عدد من الغادرين إلى قبره ليكون عليه ظلام وظلمات ونار, وليحمل لواء غدْرته بين العباد وأمام ربّ العباد يوم القيامة, … لن نستسلم ولو حاربنا بالعصا أو بسكين المطبخ أو بأيدينا العارية … فلا يذهب الوهم بالواهمين بعيداً.. وسوف نموت شهداء ليحيا أبناءنا أو أبناءهم أعزاء… وعلى الباغي تدور الدوائر .. فليس المهمّ أن تكسب جولة في معركة, بل المهم أن تعلم أنّ الله يمكر لك أم يمكر عليك.

  3. يقول وسام:

    مع الاحترام الشديد لما ذكره ولكن هناك تناقض اذ كيف أن سقوط القصير هو هزيمة للقوى الغربية والعربية الداعمة للمعارضة في حين أ هذه القوى تمتنع عن ارسال الاسلحة للمعارضة اذا ما هي طبيعة هذا الدعم حتى أن نقول نستطيع أن نقول بان النصر كان هزيمة لها. أعتقد أن الدول الغربية هي شريكة في الاعداد لسقوط القصير والا كيف تفسر أنها رفضت وضع حزب الله على القائمة السوداء في حين أنها تضع حماس على قائمة الارهاب.

  4. يقول وهبى عمر:

    تريدون معرفة ما سياؤل علية الوضع فى الشام بكل بساطة اسالوا اسرائيل

  5. يقول رضوان بن الشيخ عبدالصمد:

    تحية طيبة لقدسناالعزيزة

  6. يقول jojo:

    اعتقد ان قوات حزب الله لن تتوقف عند ه\ا الحد فمعركه القصير هي البدايه وسوف تكون هناك هجمات اخرى

  7. يقول mohamed:

    اعتقد أن الغرب يتربّص بسوريا و حزب الله و ايران و مصر و السعودية و تركيا و الجزائر و لكن الفرق بين هذه الدول أن منهم من يراهن المهادنة وطأطأة الرؤوس حتى تمر العاصفة تلو العاصفة و منهم من له بعد النظر و يعلم أن مفاوضة العدو و السلاح بيده و يكون صاحب قراره خير من الاستكانة . هذا الموقف الأخير تتبناه ايرانو كان الأحرى من كل المسلمين في أصقاع الدنيا مساندة ايران عل استكمال المظلة النووية الاسلامية

  8. يقول haytam:

    شيئ وحيد أين اختفى العقيد صفوت الزيات الدي قال أنه يستحيل على القوات النضامية دخول القصير

  9. يقول محمد السنى عبد الله- السودان:

    اولا ..المعارضة المسلحة لم تعد قادرة على فتح اى جبهة ولا سيما خارج سوريا. تمثيلية السيطرة على القنيطرة بدأت قبل سقوط القصير وغالبا استعدادا لذلك حينما حذر احد قادة كتائب الجبش الحلر جيش الاحتلال الصهيونى من تجاوز الحدود فى وقت لم يكن فيه الجيش الصهيونى -على غير عادته – يتجاوز اى حدود وكأن ذلك كان ااتفاقا بين الطرفين بعد ما عرفت اسرائيل بعد قصفها لدمشق انها صارت مثل المريض بالجزام الذى يتحاشاه حتى محبيه او المجبورين عليه وان اقترابها من اى فصيل عربى يضعفه ويفرح الناس بهزيمته..
    ثانيا.. حزب الله غير المعادلة باسرار عسكرية خافية علينا جميعا وليس لأنه ارسل عشرات آلاف المقاتلين. (فئة قليلة هزمت فئة كثيرة) وحزب الله لم ينقل اسلحته من كهوفه فى لبنان الى سوريا بل نظم احتياجاته مع الجيش العربى السورى وهذا يعنى ان حزب الله اذا ما اراد وتطلبت المعركة يمكنه ان يشارك حتى فى الرقة على حدود العراق. ليس صحبحا ان بعد المنطقة من حدود لبنان تضضعف حزب الله. وليس صحبحا انه خسر الكثير من مقاتليه حتى نفكر انه لم يعد فى استطاعته مواصلة القتال.
    ثالثا. لم يعد هناك جيش حر ولا جيش غير حر. قادته فى اسطنبول وجنوده اما قتلى او اسرى وحينما يطفح بهم الكيل ويكفرو بثورتهم يحولوها الى جهاد وينضمو الى جبهة النصرة علهم يسجنوا فى جوانتانامو بدلا عن سجون سوريا سيئة الصيت.

    رابعا: مع احترامنا للشعب السورى ومطالبه الا ان الوضع يتغير وتختلط الاوراق حينما يتبين ان الغرب وبقوته العسكرية (الناتو) وظف سخط الشعوب العربية عليه لصالحه وأن الربيع العربى المزعوم لم يأتى للعرب سوى بدمار ليبيا وسوريا وبقاء مصر وتونس فى كف عفريت. الشرق الاوسط الجديد. الخطة رأت تدمير سوريا ثم لبنان والعراق ثم ايران فتركيا والمملكة العربية. ثم حرب نووية بين باكستان والهند. وهكذا يقضون على العرب والمسلمين. اقرأو مقالات وكتب هنرى كيسنجر. فيها وصف دقيق لما يحدث.

  10. يقول يحيي ابو دبورة النرويج:

    النصر للجيش العربي السوري .

1 2 3 7

إشترك في قائمتنا البريدية