رايات ترتفع هنا وأعلام تعلو هناك ومقار وبعثات دبلوماسية في هذه العاصمة وتلك، وأموال ومساعدات وتشريفات تعطى لرجالات الصف الأول، مع عدد محدود جدا من المقاعد في المنظمات الإقليمية والدولية، قد لا يتعدى أصابع اليد الواحدة. أليست هذه هي حصيلة نضالات جبهة البوليزاريو منذ ظهورها الدراماتيكي على الساحة مطلع السبعينيات كحركة تحرر وطني، والإشارة الوحيدة التي تدل اليوم على أنها مازالت رقما صعبا في معادلة تنازع الانتماءات المستمرة في الشمال الافريقي، وأنها لم تصب بعد بعوامل التآكل والاندثار الطبيعي والتاريخي؟
لكن على فرض أن مثل ذلك الحكم كان مبالغا وقاسيا، أو غير منصف بالمرة، وأن في جعبة الجبهويين ما هو أعلى أو أكثر منه، فهل سيكون بوسع الأجيال الشابة منهم، أي الجيل الثاني وربما حتى الثالث من الابناء، أن يحافظ على ما اعتبر مكاسب حصل عليها الآباء والأجداد المؤسسون في عصر الأحلام الكبرى والطموحات والمراهقات السياسية الجامحة، وتنازع العالم بين شرق وغرب؟ أم أن كل ذلك بات الآن على المحك، ومهددا بأكثر من ريح عاتية؟
لقد عاد الناصر بوريطة قبل ايام من جولة بعيدة قادته إلى مجموعة مختارة من الدول، التي قالت عنها الصحافة المغربية إنها كانت «إلى وقت قريب من ابرز معاقل تنظيم جبهة البوليزاريو». واستطاع وزير خارجية المغرب في الجولة التي اخذته إلى الدومينيكان وسورينام والبرازيل وتشيلي والسلفادور، أن يسجل بعض المكاسب والنقاط الرمزية في صراعه المحتدم على إثبات مغربية الصحراء، ويوسع شيئا فشيئا من دائرة الدول التي باتت تؤمن مثله ومثل حكومته بـ»الحل الواقعي» الذي اقترحته الرباط للمشكل ويضيف لها المزيد من الانصار والمؤيدين. وربما شعر المسؤول المغربي بالكثير من الغبطة والسعادة، حين استمع السبت قبل الماضي إلى الرئيس السلفادوري الجديد نجيب أبوكيلة وهو يقول في مؤتمر صحافي عقده معه في ختام لقائه به «إن السلفادور كانت اعترفت لأسباب ايديولوجية بجمهورية افتراضية غير موجودة لا تتوفر على أرض أو ساكنة»، وإن قرار الاعتراف بتلك «الجمهورية الوهمية» قد عزل بلاده عن المغرب وعن العالم العربي».
الحركة التي تطالب بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره تعاني مثل معظم الأنظمة العربية من ترهل وهرم قياداتها، والغموض في إدارتها للأموال والمساعدات الخارجية
فلم تدغدغ الكلمات حينها عاطفة الوزير فقط، بل زادت اللغة البراغماتية التي تحدث بها رئيس بلد امريكي صغير من قناعته بأن العصر قد تغير بالفعل، وأن الزمن فعل فعله في الكثير من الاشياء، وأن باب التحولات الكبرى في المواقف الدولية من الملف الصحراوي لم يعد مواربا، بل صار اليوم مفتوحا على الاخر، بعد أن سقط الكثيرون حتى في أقاصي الدنيا أسرى لجاذبية المصالح وسحرها، ولكن كل تلك النجاحات التي عاد بها بوريطة لم تعن أبدا أن كتابة السطر الأخير من فصول المعضلة الصحراوية قد باتت وشيكة. فحتى لو لاح الطرف الآخر الان في أضعف حالاته، ورآه البعض معزولا ومحاصرا داخليا وخارجيا، وتصور قلقه العميق والمتزايد مما يحصل حوله من تطورات سريعة وغامضة في البيت الداخلي لحليفته الأقوى الجزائر، فإن كل ذلك لن يعني انه سيقدم صكا على بياض، وسيبادر في لحظة يأس لرفع الراية البيضاء والتسليم بسهولة بالحل الواقعي الذي يطرحه المغرب، وهو الحكم الذاتي للصحراء ضمن دولة واحدة، ولكن السؤال الملح هو، ما الذي يملكه من أسلحة وأوراق مكشوفة أو خفية حتى يستطيع التماسك بوجه ما يلوح عاصفة هوجاء تنذر باقتلاعه ودماره؟ وهل سيتمكن من قلب الطاولة والصمود طويلا أمام ما يبدو انتصارا حتميا للجانب المغربي؟ إن بديله الوحيد ساعتها هو ان يشن حرب عصابات ربما على طريقة «داعش» واخواته. ولعل كل المعارك والمواجهات القديمة التي خاضتها الجبهة ستوضع في كفة، ومثل ذلك السؤال المفصلي سيوضع اليوم في كفة ثانية. فلن يكون ممكنا أن تستمر حربها على ما تسميه المحتل المغربي، من أن تحسم في مواجهة اكبر واخطر منه، وهي قدرتها على البقاء في واقع اقليمي ودولي يزداد يوما بعد يوم غموضا وتعقيدا، ولا تبدو فيه الخيارات مفتوحة ولا هامش المناورة واسعا وعريضا. فلوقت طويل لم يعد يظهر في تطورات نزاعهم أي جديد، اللهم إلا ما ينقل بين الحين والاخر عن بعض اللقاءات التي كان يجريها المبعوث الاممي، قبل استقالته الغامضة والمفاجئة، أو جولات الحوار الرباعية التي كان يرعاها في جنيف وما يخرج على اثرها في كل مرة من تصريحات من هذا الجانب أو ذاك.
وربما كان الأمر مفهوما، فالأوضاع على الأرض ظلت على مدى أكثر من عقدين من الزمن، باستثناء بعض ما حصل في بعض الفترات من مناوشات أو تحرشات أو حتى تهديدات بين الطرفين المغرب والبوليزاريو، ثابتة ومستقرة على حالها، ولم يكن هناك ما يدل على أن موازين القوى قد تنقلب أو تتغير بسرعة تكفي لطي الملف، ولكن الهدوء الظاهر الذي يخيم اليوم على الجبهة العسكرية قد لا يعكس بالمرة هدير الصخب الداخلي، الذي لا يسمع جيدا في المخيمات، والتوجس الكبير مما تخبئه الايام لحركة ولدت في عز المعارك والاستقطابات الكبرى، واستطاعت أن تلعب على تناقضات المعسكرين وصراعتهما وحروبهما المريرة بالوكالة. فليس بوسع أحد أن يتخيل الآن وأكثر من اي وقت مضى أن لا يكون قادة الصف الاول على الاقل مشغولين جدا بالتفكير في المستقبل، فهم لا يعرفون بعد كيف ستكون الجزائر الجديدة، وبأي وجه ستظهر بعد المخاض العسير والطويل للحراك، وهل انها ستختار العقلانية والواقعية السياسية أو البراغماتية، وستفضل التوصل لاتفاق ما مع جارتها المغرب، يغلق ملف التوتر المفتوح بينهما ويأذن ببدء صفحة جديدة قد لا يكون لجبهتهم بالضرورة مكان أو موضع فيها. ومع انهم يدركون جيدا انه متى قرر الجزائريون أن يرفعوا ايديهم ويسحبوا البساط من تحت ارجلهم، ويوقفوا دعمهم لهم، فإنهم سيكونون في العراء تماما وفاقدين لاي سند اخر، إلا أن ما يطمئنهم قليلا هو ان تشابك المصالح وتوثقها بينهم وبين الجنرلات، قد يجعل من ذلك الاحتمال في الظرف الحالي على الاقل مستبعدا. والمشكل هو ان الحركة التي تطالب بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره لا تفكر في كل ذلك بصوت عال ومسموع، وتعاني مثلها مثل معظم الأنظمة العربية من ترهل وهرم قياداتها، ومن الكثير من الغموض الذي يلف طريقة إدارتها للأموال والمساعدات الخارجية.
كما أنه لا شيء يدل على انها جهزت خططا بديلة، أو أن لديها بالفعل مقترحات اخرى للخروج من الازمة. ومع انها تعتقد أن الثبات على موقفها هو عين الحكمة، إلا أن الوقت لم يعد يخدم أحدا آخر غير المغرب. وربما إن لم يسارع الجبهويون قريبا بالقيام بالمراجعات والاصلاحات المطلوبة لبيتهم فانه لن يكون بوسعهم أن يروا مستقبلا حتى تلك الرايات القليلة التي ما زالت ترتفع فوق بعض مباني بعثاتهم في الخارج.
كاتب وصحافي من تونس
ماذا بقي للبوليساريو ? بقي له شيء واحد قبره تحت رمال الاراضي العازلة .الجميع يعلم ان تنظيم البوليساريو ابن بار للنظام العسكري الجزائري الفاسد حيث استطاع به اغراق الجزائر والجزائريين قبل غيرهم في بحر عميق يصعب الخروج منه بسلام ،وما تعيشه اليوم الجزائر من اخطار على جميع الاصعدة خير دليل .
معظم الصحراويين لا يريدون حُكم المغرب! هم أقرب لموريتانيا من المغرب!! لماذا إستقلت موريتانيا ولم تستقل الصحراء المُحتلة؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
لقد فشل المغرب في إستمالة الصحراويين لنظامه! متي سيفهم البعض بأن العصفور يفضل الصحراء عن القفص العاجي!! ولا حول ولا قوة الا بالله
عندما يصل الحال حد بيع القدس وفلسطين فإن الصحراء الغربية تصبح تحصيل حاصل..
لكن من يعتقد أن خق الشعوب في الحرية يسقط بالتقادم فهو واهم مهما نعقت الغربان وارتشتي المرتشون وخانت الاقلام لأجل درياهمات لماعة..
ماذا بقي للبوليزاريو؟؟
بقي لها انها ربت جيلا عالي الأنف والجبهة لا يعرف كيف يؤدي طقوس البيعة.. لا بتقبيل يد لا بصلاة دون وضوء قبلتها صنم كرسي.. وهذا بحد ذاته انتصار كبير لإنساية الانسان الصحراوي الحر.
إسطوانة التراب الوطني شُرِخَت يوم تقاسم المغرب الصحراء مع موريتانيا! قال من طنجة للكويرة, والكويرة مع موريتانيا!! ولا حول ولا قوة الا بالله
ما الذي خسره المغرب من إستقلال موريتانيا؟ لا شيئ! وما الذي سيخسره من إستقلال الصحراء؟ أيضاً لا شيئ!! ولا حول ولا قوة الا بالله
تصحيح لسؤالك،
.
ما الدي خسره المغرب بعد خسارته موريتانيا ؟ و ماذا سيخسر المغرب بعد خسارته الصحراء؟
.
ايه المعلق من النرويج، اظن ان سؤالك بهذا الشكل اكثر بلاغة
اخي نزار مع الأسف سيبقى لهؤلاء الانفصاليين إسبانيا وان ذهبت إسبانيا تنوب عنها فرنسا الخ..الغرب لا يمكن ان يدع هذه المنطقة بدون مشاكل، لا بد لهم من بيع أسلحتهم و..الخ، و لإيجاد أوراق ضغط على جميع الأطراف. شكرا على هذا المقال.
يا سيد عبد القادر..
ربما أتت لا تعرف أن إسبانيا هي من سلم الصحراء للمغرب مقابل السكوت عن الأراضى التي تحتلها اسبانيا في الشمال وان فرنسا هي التي تدافع عن المغرب في مجلس الأمن وتعرقل كل حل يفضي لحق الصحراويين في ممارسة اختيار مصيرعم السياسي مقابل الهيمنة هلي الاقتصاد ونهب خيرات الشعب تلمغربي..
ولك أن تتأكد من كلامي إن كنت تريد أن تستزيدا معرفة بقضية تشيه ما بحدث لسقطرى اليمنية.
يا سيد عبد القادر..
ربما أتت لا تعرف أن إسبانيا هي من سلم الصحراء للمغرب مقابل السكوت عن الأراضى التي تحتلها اسبانيا في الشمال وان فرنسا هي التي تدافع عن المغرب في مجلس الأمن وتعرقل كل حل يفضي لحق الصحراويين في ممارسة اختيار مصيرعم السياسي مقابل الهيمنة هلي الاقتصاد ونهب خيرات الشعب المغربي..
ولك أن تتأكد من كلامي إن كنت تريد أن تستزيدا معرفة بقضية تشيه ما بحدث لسقطرى اليمنية
@عبد الوهاب عليوات … خطأ مبين ..
.
أولا المغرب هو من سجل الصحراء في الأمم المتحدة كجزء مغربي مستعمر من اسبانيا ..
.
ثانيا انطلقت المفاوضات لأجل استرجاعها من اسبانيا، و بالفعل استرجع منطقة طرفاية التي كانت تستعمرها اسبانيا .. و استمرت المفاوضات الى المسيرة الخضراء المظفرة ..
.
كما انطلقت مفاوضات اخرى مع اول حكومة جزائرية من اجل استرجاع مناطق اخرى التي اقتطعتها فرنسا من المغرب عقابا له على مساندة الثورة الجزائرية .. إلى أن جاء بودين و انقلب على كل شيئ .. و لكي لا يفكر المغرب باستكمال المفاضات مع الجزائر، جائته (بودين) فكرة الهاء المغرب .. فوضع له حجرة في حدائه .. و هكذا فكر بومدين، انه طالما المغرب منشغل بالصحراء، فلن يفكر ابدا في المفاوضات مع الجزائر .. فاستحوذ على شباب مغاربة ثائرون و وحدويون .. و صنع منهم البوليساريو .. و هو من طلب منهم النداء بالاسقلال في ثاني مؤتمر تاسيسي جنوب تندوف في الجزائر .. بعدما صفى رئيس البوليساريو “الوالي رحمه الله” لأنه كان وحدويا.
.
تتمة رجاءا
.
المشكلة هي ان بومدين وضع حجرة في حداء الجزائر .. و كل المواضيع التفاوضية لا زالت مفتوحة .. فالمغرب لم يرسم حدوده مع الجزائر .. الخلاصة هي، بعد سرقة ثورتكم، اورثكم بومدين مشكلا يستنزفكم .. لأن مصلحة العسكر هي ان يطول المشكل .. هروب الى الأمام من طاولة التفاوض. لكن إلى متى …
يصعب معرفة الموقف الحقيقي للاجئين الصحراويين المقيمين على الأراضي الجزائرية بتندوف وذلك بسبب عدم وجود هيئات منتخبة ديموقراطيا ولا صحافة حرة, فمسيري هياكل التنظيم الإنفصالي يتم اختيارهم بالتراضي بين أقطاب من الإنفصاليين وجنرالات الجزائر كما حدث بعد وفاة عبد العزيز المراكشي القيادي السابق. نحن أمام تنظيم مغلق لا يسمح بتداول السلط و لا بمعارضة حرة ولا بمجلس منتخبين ممثلي اللاجئين. فمن يجزم بقبول أو رفض اللاجئين لمقترح الحكم الذاتي أو غيره من الحلول المطروحة؟
كلامك رشيد يا عزيزي رشيد! أنا ضد نظام البوليساريو والأنظمة الدكتاتورية بالمنطقة, ومع الشعب الصحراوي وشعوب المنطقة!! ولا حول ولا قوة الا بالله
قبول الشعب المغربي باقتطاع الصحراء الجنوبية من اراضيه التاريخية ممكن يوم يلج الجمل في سم الخياط.
لقد اقتطع المستعمر الفرنسي من أراضي المغرب منطقة بشار وتندوف وألحقها بالجارة الشرقية لأنه كان يعتقد أنه لن يخرج أبدا من الجزائر, فمن المستحيل بعد فقدان المغرب لصحرائه الشرقية أن يقبل باغتصاب صحرائه الجنوبية سواء بوساطة الأمم المتحدة أو بغيرها, بالحرب أو بالسلم.
كالشكر للكاتب على نصيحته :”وربما إن لم يسارع الجبهويون قريبا بالقيام بالمراجعات والاصلاحات المطلوبة لبيتهم فانه لن يكون بوسعهم أن يروا مستقبلا حتى تلك الرايات القليلة التي ما زالت ترتفع فوق بعض مباني بعثاتهم في الخارج.” لكن الوضع أعقد من أن يكون زمام الأمور بقادة الجبهة لأن مصير اللاجئين هو بيد الجزائر إن حدث وتنصلت الحكومة الجزائرية من واجبها نحو اللاجئين الصحراويين على أراضيها فلن يكون هناك خيار لنا غير التفرق في بلدان الجوار وداك ما يخشاه معظمنا في مخيمات تندوف.