منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، وعين أنقرة على حلم قديم. هذا الحلم هو “العثمانية الجديدة” التي ترمي إلى توحيد الشعوب التركية من بحر إيجة مروراً بآسيا الوسطى ودول القوقاز (دول الاتحاد السوفياتي السابق) وصولاً إلى حدود الصين.
المشروع التركي ليس وليد اللحظة بل يعود في جذوره إلى أواخر القرن التاسع عشر، ومحركه هو “القومية التركية”. صحيح أنّ النهج التركي اليوم ذو “وجه علماني”، إلاّ أنّ هذا النهج في العمق ذو نزعة ترمي لإحياء الإمبراطورية الدينية القديمة في الشرق، لكن في الوقت نفسه تسعى إلى الالتحاق بالغرب!
خلال إحياء ذكرى وفاة مصطفى كمال أتاتورك قبل سنوات، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: “لا يمكننا أن نُسجن في 780 ألف كيلومتر مربع (مساحة تركيا)، فحدودنا الطبيعية شيء وحدودنا العاطفية شيء آخر”.
بدا هذا الخطاب كمن يؤسس لإعادة إحياء الوعي التاريخي التركي، الذي تجده حاضراً أيضاً في أدبيات رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو، وتحديداً في كتابه: “العمق الاستراتيجي”. في نظر داود أوغلو فإنّ الهوية الوطنية لا يمكن فصلها عن التاريخ، كما أنّ العثمانية هي “ميراث عظيم”.
يقول داود أوغلو أيضاً إنّ الدولة التركية “قد تبقى بحدودها الحالية لكنّها ستجتازها من خلال إحياء صلاتها الإسلامية مع شعوب المنطقة وتتخطى الحدود عاطفياً”.
ما وجهة نظر الغرب من كل هذا؟
الغرب لا يرفض تطلعات تركيا طالما أنها بعيدة عن أراضيه، وطالما أنّها قادرة على خلق نزاعات مع روسيا. فبريطانيا تدعم الفكر التوسعي لتركيا خصوصاً إن التوسّع شرقاً، بينما الولايات المتحدة تحاول الاستفادة منه لخدمة مصالحها في تلك المنطقة.
أمّا روسيا فتدرك خطورة هذا الكلام على وحدة أراضيها وتتوجس من تحركات أنقرة، خصوصاً داخل دول آسيا والوسطى ودول القوقاز، التي تنشط فيها البعثات الأكاديمية والدينية التركية بشكل مضطرد.
ترى موسكو بذلك خطراً على القومية الروسية، وهذا الخطر في نظرها، مصدره مؤسسات تركية تنشط في هذه الدول، فتتهمها بـ”تنمية الحسّ القومي التركي”، بينما هذه المؤسسات هي: وزارة الشؤون الدينية التركية (ديانت)، والوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا)، وصندوق الشباب التركي (توغفا).
هذه المؤسسات تتبنى مشاريع وبرامج تعتبرها موسكو “مدمرة لبنية المجتمع الروسي”، ولهذا تسعى إلى الحدّ من تأثيرها وتقويضها قدر المستطاع.
تتركز أنشطة الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) التابعة للحكومة التركية في شمال القوقاز، وتنشط في محاولات لـ”إثارة النزعات والاختلافات الطائفية بواسطة الإعلام”، بحسب موسكو.
ترأس “تيكا” قطاع الخدمات في تركيا، وتأخذ على عاتقها مهمة “تعزيز التعاون بين تركيا وبين شعوب الدول الناطقة باللغة التركية” وذلك في المجالات الاقتصادية والتجارية والتقنية والاجتماعية والتعليمية، حيث تقوم بذلك من خلال برامج محددة.
هذه البرامج بحسب موسكو، وظيفتها المراكمة لبناء “عقيدة سياسة لأنقرة مع الخارج”، ومن أجل بناء “مجتمع سياسي وثقافي في فضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي”. صممت “تيكا” برامجها لخدمة غرضٍ واحدٍ هو “خلق صورة مواتية لتركيا خارج الحدود، وتنفيذ تطلعاتها الجيوسياسية من أجل دمج هذه الدول ضمن النفوذ التركي”.
الاتجاهات الرئيسية لأنشطة المنظمة في المناطق الروسية، هي غالباً تعزيز دور الدين الإسلامي، وتنمية الثقافة الوطنية التركية. تمول “تيكا” مشاريعها المستهدفة بواسطة المنح وبمشاركة ناشطين من الدول نفسها، حيث يتم إيلاء الأولوية لتعزيز دور هؤلاء الناشطين في الدوائر السياسية وفي هياكل السلطة بدول شمال القوقاز وفي روسيا ككل.
يتزايد نشاط “تيكا” في جمهوريتي قراتشاي تشيركيسيا، وقباردينو بلقاريا، كما تمارس نفوذاً على المواطنين الروس الذين يعيشون في جمهوريات داغستان وأنغوشيا وأوسيتيا الشمالية – ألانيا، وأديغيا والشيشان، إضافة إلى إقليم ستافروبول.
تحولت وزارة الشؤون الدينية التركية (ديانت)، على مدى العقود الثلاثة الماضية، إلى جمعية عابرة للقارات، تتوسّع وتنتشر بين شعوب دول العالم من أجل التأثير عليها سياسياً من المدخل الديني.
تراقب موسكو محاولات “ديانِت” التأثير والسيطرة على المديريّات الروحية الإقليمية لمسلمي روسيا، وذلك من خلال ما تعتبره “دعماً ماليّاً خفيّاً”، تنفقه على تمويل المشاريع، ومساعدة بعض المسلمين الذين تختارهم بعناية لتنفيذ مشاريعها.
ترسل “ديانِت” أئمةً أتراكاً إلى مساجد في مناطق الاتحاد الروسي التي يقطنها سكّان ناطقون باللغة التركية، فتنشر أفكار الوحدة التركية، التي تظهر موسكو توجّساً حيالها وتعتبرها “مدخلاً رئيسياً لاختراق مواطنيها المسلمين، ومحفّزاً لإمكانية تسلّل التنظيمات الإرهابية والمتطرّفة إلى الروس، وذلك عن طريق البيئة التعليمية، والحركات الطلابية، والحلقات الدينية.
تقوم “ديانِت” أيضاً بتكثيف أنشطتها لصالح “صندوق الشباب” المعروف في اللغة التركية باسم (توغفا). هذا الصندوق يخضع لسيطرة “ديانت”، التي رسمت له مهمة محددة عنوانها “توعية الشباب الوطني”، لكنه يقوم بذلك بـ”روح الأيديولوجيا القائمة على مزيج من النزعة القومية والتركية”، فضلاً عن “تعزيز العامل الديني بوصفه مكوناً أساسياً لوحدة مختلف شعوب المجموعة التركية”، وذلك حسب اتهامات موسكو له.
ينظم “توغفا” في تركيا برامج تعتمد على التواصل مع الشباب من مختلف البلدان، وتتنوع عناوين هذه البرامج بين تعلم اللغات الأجنبية، والتقاليد الثقافية، وتعليم مهارات استخدام تقنيات المعلومات الحديثة لتنفيذ مبادرات مختلفة، بما في ذلك منصات الشبكات الاجتماعية.
نظّم صندوق “توغفا” عشرات المشاريع في مناطق دول القوقاز، وشاركت بها مجموعة كبيرة من الشباب الروس. هذه البرامج شملت تطوير محتوى فيديو على موقع “يوتيوب” لصالح “تلفزيون توغفا” الافتراضي، إضافة إلى ورش عمل على منصة “يوتيوب”، ودورات تدريبية على التصوير وتحرير الأخبار ونشر الفيديوهات.
برامج الصندوق حصدت اهتمامَ الكثير من الشباب في روسيا، وبات تأثيرها كبيراً جداً على الجمهور الروسي، نتيجة الدعم المالي الذي قدّمه إلى منظمات دينية إسلامية في مجمل روسيا، كما استقطب الشباب من خلال تقديم المساعدات المالية لكل المشاركين، ناهيك عن منح السفر التي قدموها للشباب من أجل زيارة تركيا.
تعتبر موسكو أنّ هذه المنح تُخفي في طيّاتها مشاريع أخرى تصب كلهّا في خانة “دعم التطرّف”، فتتهم أنقرة بأنها “تقوم بتجنيد المهاجرين المقبلين من هذه الدول”، وذلك كله من أجل “استثمار هؤلاء في مناطق ذات أهمية جيوسياسية بالنسبة لأنقرة”.
هذا كله تتطلع تركيا إليه من أجل إيجاد موطئ قدم متين في آسيا الوسطى ودول القوقاز، ومن خلاله أيضاً إلى شرق آسيا باعتبار هذه المناطق تملك من المقومات الثقافية والجغرافية والاقتصادية، التي تسمح لأنقرة بتحقيق القفزة الاقتصادية المطلوبة أولاً، ورفع معدلات النمو الاقتصادي ثانياً… وخصوصاً وأخيراً تؤسس في نهاية المطاف لولادة “العثمانية الجديدة”.
كاتب لبناني
بسم الله الرحمن الرحيم
تركيا خطت خطوات ملموسه على صعيد لم شمل الشعوب التركيه في منظمه الدول التركيه .
اما فيما يتعلق بالعثمانيه الجديده فهي فعلا في ضمير الاتراك وقد اشيع سابقا عن رغبة تركيا تأسيس جامعة دول إسلامية برئاستها ولكن الشخص التركي الرسمي الذي ردد تلك الاقوال أقيل على الفور من منصبه.
الحقيقه ان العام القادم سيشهد تحرر تركيا من العقوبات المفروضة منذقرن كامل على السلطنه العثمانيه وبالتالي تستطيع تركيا الاستفاده من ثرواتها ونفوذها الطبيعي وستكون دوله عظمى بجميع المعايير.
بينما كان اقتراحي هو انشاء خلافة إسلامية رمزيه على غرار الفاتيكان في مسجد أيا صوفيا وذلك بان يقوم مجلس الامه التركي باختيار خليفه للمسلمين( ليس شرطا أن يكون تركياً)كما فعل عندما اختار آخر خليفه وهو عبد المجيد الثاني وبالتالي يسهر هذا الخليفه على وحدة الامه الاسلاميه في جميع الاقطار وبكافه المذاهب ويمثل ضمير الأمة وهمزة الوصل مع العالَم الخارجي برسالة النور والمحبة والسلام ومن الجدير بالذكر :يُحبذ ان يكون نائبه من الطائفة الشيعيه لبث الوئام في جسم الأمة الواحدة
من الشخصيات التي اقترحتها طاهر القادري العلامة الباكستاني