رغم القسوة التي نراها من حولنا، من عنف وتنكيل وقتل بات حالة يعيشها الكثير من البشر تجاه بعضهم بعضاً، وتجاه البيئة والحيوانات الأليفة وغير الأليفة، بعضها بهدف التسلية والتفاخر بالقسوة في مواقع التواصل، إلا أن الرّحمة لا تخلو من قلوب البشر. قبل أكثر من شهر نشر شاب يهودي من بات يام قرب تل أبيب فيلماً له وهو ينكّل بكلبه، في بث مباشر عبر الفيسبوك، بهدف إغاظة صديقة له تركته.
بسرعة نقلت الفيلم إلى صفحة خاصة للمدافعين عن الكلاب يبلغ عدد أعضائها مئة وخمسين ألفاً، وعرفوا عنوان الشقة التي يعيش فيها، ونشروا مقاطع من عمليات التنكيل، وخلال ساعة من النشر، هُرع المئات من الرجال والنساء والفتيان، فحاصروا العمارة التي فيها شقة المجرم وما برحوا أن اقتحموها. الجمهور الغاضب انتصاراً للجرو، كاد أن يقتل الرجل، فنكلوا به وحرّروا الكلب من الأسر، حتى راح المعتدي على الكلب يستجدي الرحمة والغفران وهو يرتجف رعباً وخوفاً على روحه، ولم ينقذه سوى رجل قوي من بين الجمع حماه من الضرب المبرح، إلى أن تدخلت الشرطة، وأخرجته بصعوبة من بين الجمع الغاضب، الذي شيّعه بالتفّ عليه وبالشتائم والصفعات، ثم نقل إلى الاعتقال لمحاكمته.
وسائل الإعلام الإسرائيلية احتفت بما حدث، واستضافت أبطال الحادثة، واعتبرتها بشارة خير، وإشارة إلى أن الطيبة والعاطفة الإنسانية ما زالت موجودة بين الناس، رغم الظروف القاسية، وما يبدو من مظاهر التوحش والجريمة المنتشرة، وفي أحيان كثيرة لأسباب تافهة. لم يفاجئني ما حدَث، ولكنني في الوقت ذاته أشعر بهذا التناقض الصارخ الذي يعيشه المجتمع اليهودي، من جهة ينتفض الآلاف لإنقاذ كلب في مظاهرة صاخبة، ومجموعة على الفيسبوك لحماية الكلاب فيها مائة وخمسون ألف عضو، ومن جهة أخرى يتجاهلون ويديرون ظهورهم إلى ما يعانيه الفلسطيني في أرضه وفي بلده وبيته وفي حقله بسببهم، ومما يقترفونه بأيديهم وأيدي أبنائهم وأخوتهم.
التعامل مع الفلسطيني هو المقياس الحقيقي للرغبة أو عدمها في السّلام، والمؤشر لحقيقة وصدق المشاعر الإنسانية أو زيفها
في حالات قتل الفلسطيني أو تعذيبه والتنكيل به أو بحماره وقطع أشجاره، لا يُظهر الرأي العام الإسرائيلي أي ردّ فعل إيجابي، سوى قلة قليلة نادرة وهامشية صوتها غير مسموع، وهذه القلة تُتّهم من قبل الأكثرية الساحقة بالخيانة والنفاق، ويسخرون منها ويطلقون على أفرادها تسمية «أصحاب النفوس الجميلة» و»عشاق العرب» و»كارهي أنفسهم» وكارهي اليهود». حتى عندما يحققون في جريمة قتل فلسطيني نتيجة ضغط دولي ويدان أحدهم بقتل غير ضروري للدفاع عن النفس، فالرّدود تكون داعمة للقاتل ومتعاطفة معه بشكل عام، وحكمه يكون شكلياً فقط، مثل العمل لصالح الجمهور لبضعة أشهر. حدّثني صديق يعيش في أحد مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، أنه في يوم من الأيام اقتحم جنود الاحتلال بيته، ولكنهم وقفوا مستغربين عندما رأوه يقدم الطعام لبعض القططة السائبة، وراحوا يستجوبونه عن سبب إطعامه للقططة، فهم يرفضون القبول بأن للعدو الفلسطيني عاطفة ومشاعر إنسانية تجاه الحيوان، لأن نزع الصفات الإنسانية عنه يسهّل عليهم عملية إيذائه. قبل أيام قليلة تنكّر بعض الشبان من مدينة كفر قاسم في زيٍ إماراتي تقليدي، وذهبوا إلى تل أبيب وهرتسليا، فتسارع المارة من اليهود لالتقاط الصور التذكارية معهم، وكأنهم لم يروا عرباً من قبل، لكن لو عرفوا أن هؤلاء الشبان المتنكّرون هم من كفر قاسم القريبة منهم، ومن أولئك الذين يلتقونهم يومياً في الصباح والمساء في ورش العمل والشوارع، حينئذ قد يكون الرّد ليس بارداً فقط، بل قد يتحول إلى اعتداء عنصري.
هذا الموقف المتناقض المتحمس للقاء بعض العرب والمعادي لبعضهم، يذكّر بأن حكومات إسرائيل المتعاقبة ما زالت ترفض الاعتذار لأهالي كفر قاسم، وترفض تحمّل المسؤولية عن المجزرة التي نفّذتها شرطة حرس الحدود ضد أبناء هذا البلد عام 1956 فقتلت تسعة وأربعين من العمال الزراعيين أثناء عودتهم من الحقول بذريعة خرقهم لقرار حظر التجوّل. السبب في تعاملهم المتناقض هذا، هو أن الفلسطيني هو صاحب الوطن الذي يحاولون انتزاعه منه، وهو الذي يواجه مخططهم ويحتكّ بهم يومياً، وليس سائحاً أو عابر سبيل أو صاحب مصلحة تجارية طارئة، ولهذا فالتعامل مع الفلسطيني هو المقياس الحقيقي للرغبة أو عدم الرغبة في السّلام، وهو المؤشر إلى حقيقة وصدق المشاعر الإنسانية أو زيفها.
كاتب فلسطيني
الفلسطيني الذي يطالب بحقه يؤرق راحتهم و يذكرهم بأنه صاحب الأرض التي سلبوها منه و أنه ضحية جرائمهم. لذلك كل مؤسساتهم و زعمائهم نشيطين الفلسطيني كي يسهل البطش به دون رحمة. إن وعد الله حق.
هذه حادثة معبرة جدا. وما جعل الصهيوني يدافع عن كلب أكثر من الفلسطيني هو خيانات أكثر زعماء العرب الأشاوس لأنهم اليوم يتصهينون أكثر من الصهاينة. وهنا لا بد من تعريف جديد للكلب، وللإنسان العربي في زمن الخذلان العربي
نعم ابو سمير ان محاولة التنكيل ((بكلب)) اثارت اصحاب الضمائر !! وجمعيات الرفق بالحيوان وجاء الاعلام ليضخم الامر اكثر ويشغل مساحة وقضية ويلقي الضوء ان هذا الشعب رمز للانسانية ولتحسين صورته بالعالم . ولطمس الحقائق وتغييبها عن المآسي التي يقترفها يوميا بحق الشعب الفلسطيني من محاولات تشريد وتجريف اراضي وهدم بيوت وقتل ابرياء كان اخرها الشهيد ((علي)) الطفل .
ان هذا الطفل الفلسطيني هو الذي يخيفهم لانه يفضحهم ويفضح سياستهم وعنصريتهم ولذالك يهمش الخبر ولا يأخذ مساحة في الاعلام ليطمس قذارتهم. فعدوهم الاساسي هو وليس ذاك العربي المصنف كأخ للفلسطيني وهو يتسابق على المصالحة والتطبيع والخنوع.
هذه الشعوب لا ترغب بالسلام الحقيقي بل تعتاش على العدائية والعنصرية والكراهية لمن اغتصبت ارضهم وشردتهم عن بلادهم . واخيرا طوبى للغرباء في اوطانهم وللاطفال الشهداء الذين بأرواحهم يسطرون المقياس الحقيقي للانسانية وللعدالة .
*للأسف معظم الصهاينة يحتقرون العرب
ويعتبرونهم أقل درجة من الحيوانات..
حسبنا الله ونعم الوكيل.
هذه ثقافة شائعة حتى في الغرب ( وأغلب عتاة الصهاينة أتوا من الغرب) الكلاب والقطط عندهم أهم من البشر. لقد رأيت بأم عيني سيدة اشترت قوالب شوكلاتة وأطعمتها لكلبها وابنها بجانبها يبكي لأنه يريدها لنفسه إلا ان السيدة فضلت كلبها على ابنها. وفي نقاشات مع غربيين يؤكدون أن الكلب (خاصة) أهم من الولد فالولد يكبر ويترك المنزل وبالكاد يعود ليسأل عن والديه أم الكلب فهو
رفيق الدرب المخلص حتى الموت.
أعيش في بريطانيا ، عندما أرى مظاهر الرفق بالحيوان و الإنسان في هذا البلد يغتبط قلبي
لكن أيضاً أتسائل : أليست هذه البلاد من أرسلت الجيوش المسلحة لأنيابها لغزو بلاد أخرى؟!
يا عزيزي، إنسانيتهم فقط لأبناء جلدتهم أما المجنسين أمثالك وإن كانوا يحملون جنسيتهم فلا إنسانية لهم ولا بواكي عليهم. والله ما أن يعرفونك غريب من السحنة أو اللهجة إذا كنت تخابرهم حتى يتغيروا. وإن كان هناك قلة قليلة منهم لا يزالون يتمتعون بالإنسانية والرأفة وقد كنت محظوظاً أني عرفت بريطانيين غاية في النبل والروعة والإخلاق ولكن أكد أنهم قلة كقلة الملح في الطعام.
هو ذا.
التباكي على القطط و الكلاب من جهة..
و مبيعات الأسلحة البريطانية بالمليارات تقتل اطفال اليمن، و لا احد يرمش له جفن.
من المنطقي أن ينتصر الكائن الحي لابن جلدته. فنحن لا نجادل عادة اذا “اعتدى” كلب او ذئب على انسان وتحركت باقي الكلاب أو الذئاب لتؤازره وتمعن اعتداء معه ضد المُعتدَى عليه.
والانسان، رغم اختلاف طبائعه عن الحيوان، من المفروض أن ينتصر هو الآخر لابن جلدته ويدفع عنه الأذى والبلاء أو على الأقل الاّ يكون هو السبب في بلاء أخيه الانسان.
وعندما تلتاع في نفس الانسان النخوة وتجعله يحلّق في أجواء الفضيلة منتضرا للكلب الذي ظلمه انسان آخر، فذاك ضربٌ من الشهامة وكرم الأخلاق تجعل ذلك الانسان مع الصفوة التي أحبها الله.. فما بالك بعباده؟
ولكنك عندما ترى هذا الذي ينتصر للكلب عديم المشاعر بل تراه محترفا للتنكيل والتعذيب وسلب الحق والتنكر له تجاه انسان آخر فاحكم عليه بالنفاق لا غير، والاّ فهو مطبوع بطبع الحيوان.
واذا أمعنت النظر ورأيت الحاكم يرفل في الحرير ويغرق في متاع الدنيا ومن حوله شعبه يزحف جوعا وحرمانا واهمالا وجهلا…. الى ما سئت فقد تعدى مرحلة النفاق الى مرحلة “ما بعد النفاق”.
بوركت أبا سمير، فقد سلطت الضوء على جانب قد يخفى على البعض.
لا جف قلمك.
كلام جميل و معبر عن الواقع الصهيوني و نفاقه و عنصريته البشعه. فهم يدعون الانسانيه من ناحيه و يحللون ابشع عمليات القتل البربري للاطفال و المعاقين و غيره من الجرائم من ناحيه اخري. اعتقد شدة حقد الصهاينه المحتلين للطفل الفلسطيني هو ان الطفل الفلسطيني يمثل لهم المراءه الحقيقيه التي من خلالها يرون انفسهم و اعمالهم الاجراميه العنصريه علي حقيقتها.
يسلم يمينك
مقاله رائعه تبحث في واقع العلاقات بين اسرائيل ومشايخ التطبيع والتي يتلخص جوهرها في البحث عن مصالح ثنائيه وليس عن اي سلام.
فالتحالف الجديد بشقه الأمني يستهدف شعوب المنطقة العربية عبر تغيير خارطة العلاقات التاريخية فيها، ويهدف إلى حد النفوذ التركي والإيراني في المنطقة.
هذا واذا بحثنا في العوامل التي لعبت دوراً في الاختراق الإسرائيلي للإمارات ومنطقة الخليج، فأهمها الضعف العربي وفق التقدير الإسرائيلي مع تنامي مخاوف دول الخليج من التهديد الإيراني المزعوم، وانخراط دول المواجهة العربية باتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي كالأردن ومصر، وخروج دول المواجهة المركزية من الصراع مع انهيار جيوش سوريا والعراق، وما تبعها في السنوات القليلة من تراجع السعودية التي أطلقت المبادرة العربية للسلام مع الاحتلال الإسرائيلي، وبالتوازي انحسار الفعل السياسي الفلسطيني، ضمن أزمة المشروع الوطني الفلسطيني، كل تلك الامور مجتمعة سمحت للاحتلال الإسرائيلي أن يمد نفوذه في المنطقة بصورة متسارعة .( يتبع)