ماذا وراء «مثلث التقارب» المصري الايراني الامريكي؟

حجم الخط
25

شهد مثلث العلاقات المصرية – الامريكية – الايرانية تقاربا واضحا مؤخرا في تكريس الاتجاه نحو اعادة صياغة تكتيكية لخريطة استراتيجة اقليمية تعصف بها اضطرابات وحروب تشطب حدودا وتثمر «دويلات» في اندفاع مخيف نحو مجهول.
ومن ملامح هذا المثلث، القرار المفاجئ لواشنطن قبل ايام ابلاغ القاهرة بالافراج عن صفقة طائرات الاباتشي التي كان تعليقها مع باقي المساعدات العسكرية سببا مباشرا في توتر غير مسبوق شاب «التحالف القديم» بين البلدين.
وتشي المعطيات التي صاحبت القرار بأن ثمة «ضرورة استراتيجية» جعلته حتميا، خاصة ان العلاقات الدبلوماسية انحدرت الى «ملاسنات حادة» بين البلدين، بينها تصريحات للمتحدثة باسم الخارجية الامريكية بأن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي يستخدم المساعدات الامريكية في»قمع المعارضين»، وهو ما ردت عليه القاهرة باتهامها بالجهل، ثم اخضاع وزير الخارجية جون كيري للتفتيش الامني، بينما رفض السيسي حضور القمة الافريقية الامريكية في واشنطن الشهر الماضي، ثم قام بزيارة لروسيا في الاسبوع نفسه اسفرت عن اتفاق على شراء منظومة دفاع جوي وصواريخ متطورة.
أما على صعيد العلاقات مع ايران، فقد جاءت تصريحات علي اكبر ولايتي اثناء استقباله وفدا مصريا امس لتتوج توجها تدريجيا نحو التقارب بين البلدين. اذ اكد احترام طهران» لارادة الشعب المصري في اختيار حكامه، وتطلعه الى تعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجلات».
وبالطبع ما كان للوفد المصري ان يزور طهران اصلا الا بضوء اخضر من النظام، الذي قرر على ما يبدو الا يستثني احدا في سعيه لبناء تحالف اقليمي دولي لمكافحة الارهاب، وهي مهمة ساهم تنظيم «داعش» في جعلها اكثر سهولة بعد ما حققه من «فتوحات» في الفترة الاخيرة.
وكانت علاقات طهران بالقاهرة بعد اطاحة الرئيس المعزول محمد مرسي تتراوح بين «الغموض والتوتر»، وهو ما أدى الى استدعاء السفير الايراني في القاهرة منذ شهور فقط وابلاغه باحتجاج رسمي على تصريحات رسمية، اعتبرها النظام المصري «تدخلا غير مقبول». وفسر مراقبون ذلك الموقف بأن طهران كانت ترى في اطاحة حكم الاخوان في مصر تهديدا لمستقبل «الاسلام السياسي» برمته في المنطقة، وبالتالي تهديدا ضمنيا لنظامها.
فما الذي ادى الى هذا «التطور المفاجئ» في العلاقات؟ وهل ادركت طهران ببراغماتيتها المعروفة انه لا يوجد مفر من التعامل مع العهد الجديد، مع استبعادها عودة الاخوان الى الحكم؟
على اي حال فان ايران في سعيها الى حشد السنة العرب ضد «داعش» تدرك جيدا اهمية ما توفره مصر من»بوابة شرعية» الى العالم العربي باغلبيته السنية.
وللسبب نفسه وافقت طهران على ايفاد نائب وزير خارجيتها حسين عبد اللهيان الى الرياض مؤخرا، بعد تمنع طويل، لحثها على تحريك العشائر السنية في العراق ضد داعش، وهو ما بدأ يؤتي ثماره بالفعل.
وعلى الرغم من النفي الرسمي الايراني للتعاون الامني مع واشنطن في العراق، وهو ما اقرت به الادارة الامريكية رسميا، فان تسريبات عسكرية اكدت ان الولايات المتحدة تستفيد بالفعل وبشكل واسع من المصادر الاستخباراتية الايرانية في العراق، في شن غاراتها على قوات داعش.
ويفسر هذا التقارب الايراني الامريكي تصريحات وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف امس الاول التي توقع فيها التوصل الى اتفاق شامل مع الدول الغربية بشأن البرنامج النووي الايراني قبل التاريخ المحدد رسميا لذلك. وكما هو معروف فان واشنطن تمثل الطرف الرئيسي في المفاوضات مع ايران.
اما بالنسبة الى مصر، فان الولايات المتحدة، وكما فعلت في حروبها الاقليمية السابقة، تحتاج الى تسهيلات عسكرية مصرية، وخاصة مرور حاملات الطائرات من قناة السويس، والخدمات اللوجستية من قاعدة «غرب القاهرة» لشن حملات جوية مكثفة ضد داعش، ضمن التحالف الذي يجري بناؤه حاليا.
بالاضافة الى ان حملة «قطع الرؤوس» في سيناء اسفرت عن ستة ضحايا حتى الان، وهو ما تتعمد الحكومة المصرية التعتيم عليه اعلاميا. وبالرغم من أن تلك التنظيمات التكفيرية لم تشكل اي تهديد مباشر لاسرائيل، الا ان مجرد وجودها في سيناء يدق «جرس انذار» لدى مؤسسات امنية امريكية بشكل خاص.
انه عصر جديد من التحالفات لن يقف عند هذا المثلث، بل قد يغير مسارات وازمات ومحاور اقليمية ظن البعض انها قد لا تتبدل، متجاهلا تاريخ الصراعات الدولية وطبيعتها.

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    السبب في هذا التقارب يا قدسنا العزيزة هو
    موقف السيسي الايجابي مع بشار – عسكر مع عسكر – وضد الاخوان

    السعودية لا تخاف ايران لأنه عدو خارجي لا يؤثر على الحكم
    لكنها تخشى داعش لأنه عدو داخلي وممكن يغير الحكم

    أما داعش فهي صنيعة ايران وبشار لذلك فاءن ايران لا تخافها

    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول بو طلحة الاردن:

      هل انت مصدق حالك

  2. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    على الاقل هل ساهم هذا التقارب بفتح مدخل رفح امام المساعدة الطبيه الايرانيه؟؟؟؟
    اكيد القضيه الفلسطينيه ليست هي ما يهم الاطراف.

  3. يقول عامر:

    مقال رائع بجد يوضح كواليس مايجري في المنطقة

  4. يقول مهند الناصر.المانيا:

    لن ينجح الحل العسكري بل على العكس سوف تمد داعش بالمزيد من المجندين والمتعاطفين.

  5. يقول محمد علي الجزائر:

    نا حسب فهمي الذي قربته لي مشكورا بتحليلك للاحداث
    اقول ان ايران تعلم ما تريد و هي في خطى حثيثة للظفر بما تريده و تستعمل معهم التقية التي يعرفونها لكنهم لا يتعضون فبداية ستفرض نفسها في امر سوريا و تثبت صاحبها او النظام و فوق ذلك تستغل العربان في القضاء على خطر داعش الذي هو اصلا صناعة خليجية انقلبت على الايدي المرعوشة و فوق كل هذا مصر تريد ان تجعلها بيدقا في مخططاتها كما هي لامريكا و هذه الاخيرة ليست احسن منهم اذا الامر صراع غربي ايراني على راسالعربان الذين ما زالوا الى يومنا هذا لم يستبينوا الخيط الابيض من الاسود بل اوغلوا في شراك نصبوها لانفسهم
    الا تلاحظ ان ايران تحاصر الجزيرة العربية شيئا فشيئا اضف الى ذلك ظهورها كقوة يخشى جانبها
    و المرحلة القادمة ستكون تحت عناوان ( اية الله خرطي في مطبخ العربان)

  6. يقول د.منصور الزعبي:

    حلم المواطن العربي بالتغيير تم تدميره بفضل تحالف الأضداد، الأنظمة و الفكر الديني المتطرف ، وذلك تحت رعاية كاملة من الأضداد على الساحة الدولية .

  7. يقول رضوان الشيخ - السويد:

    تحياتي لقدسنا العزيزة
    وشكرا لقدسنا الغراء ع المقال والتحليل الرائعين الجميلين

  8. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم تحت عنوان(ماذا وراء «مثلث التقارب» المصري الايراني الامريكي؟)اما التقارب الايراني الامريكي،بل التحالف فهو اقدم من الغزو الامريكي للعراق وتسليمها لايران ومليشياتها الطائفية الدموية ضد السنة هناك ،ولا يزال هذا التحالف قائما وما يظهر على السط\ح من مناكفات وخلافات مصطنعة فهو فقط للتعمية ،وطبعا لن يكون هذا التحالف الا برضا ورعاية الصهيونية العالمية وربيبتها اسرائيل.واما مصر السيسي فهي تعاني من انصار ثورة 25 يناير وخاصة الاسلاميين منهم،وترى ان انضمامها لهذا الحلف القوي هو الضمانة الاقوى لتدعيم سيطرتها على الاوضاع لاطول فترة ممكنة.واما حكام السعودية فخوفهم من الاسلاميين السنة اكثر من خوفهم من ايران الشيعية وخصوصا عندما يكون الراعي صهيوامريكيا .ويلحق بحكام مصر والسعودية كثير من الحكام العرب؛واسأله تعالى ان لا تطول فترة الظلام هذه وان تكتسح هؤلاء جميعا ثورة الصحوة الاسلامية المجاهدة وبخلاف ذلك فان اطماع ايران الصفوية وبدعم صهيوامريكي ستكون هي الكفيلة باسقاطهم ،ولن ينفعهم الندم بعد ذلك.واستوقفني هذا العنوان ( الحفاظ على «أمن» اسرائيل صار همّا رئيسيا لأنظمة عربية)الذي ظهر في القدس العربي اليوم؛ولا اظنني ولا اظن غيري يشتط اذا شاطر هذا الكاتب رأيه في ذلك.وكثير من هؤلاء الحكام قناعتهم ان امريكا او اسرائيل او كليهما معا هما حماة كراسيهم من السقوط ولذلك يعتقدون ان زعزعة امن اسرائيل تهتز معه عروشهم ؛وقد ظهر ذلك جليا في عدوان اسرائيل الاخير على غزة حيث كانت صحافة السيسي بوق اسرائيلي للحط من قيمة منجزات المقاومة والشماتة بخساراتها او انتكاساتها؛ومثل هؤلاء الحكام لا يعدون عن كونهم رويبضات شعهوبهم لهم بالمرصاد .واختم بقوله تعالى(واما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض) صدق الله العظيم

  9. يقول salem Ateek:

    عجيب أمر الأنظمة العربية والإسلامية في المنطقة، فهي تمتلك جيوش نظامية جرارة وآلاف مؤلفة من الطائرات والدبابات والصواريخ الخ. من الأسلحة الفتاكة، ناهيك عن ملايين أخرى من القوات الأمنية ومليشيات وأتباع، ومع ذلك لا تقوى على مواجهة تنظيمات إرهابية صغيرة مثل”داعش” وأخواتها، التي هي أصلاً من إنتاج ظلمها وإستبدادها وطغيانها الطويل بحق الشعوب، قبل أن تكون بسبب الأطماع الخارجية في المنطقة، والتي ما كان لها أن ترى النور بدون إفراط وتفريط أنظمتها الجائرة بحق وحقوق شعوبها. لذلك، تُخطأ (رائدة العالم الحر) بالتدخل بل التورط العسكري مجدداً في المنطقة ولا حتى بغطاء من الشرعية الدولية، فلو كان لدى قادتها بقايا من الكبرياء العاقلة، لتركوها لحال سبيلها ليحِلّوا ناسها مشاكلهم بأنفسهم سلماً أو حرباً، فهكذا تريح وتستريح، ويكفي الأمة الأمريكية إستنزافاً عبثياً مُركباً. للأسف، إصرار وتشبث قادة أمريكا بالنهج الإمبراطوري الغريب عن الدستور الوطني، يجعلها لن تتعلم الدرس أبدأ، ولا حتى من أخطائها، لأن هذا النهج عبر الزمان والمكان واحد، إستكباري إستئثاري إستعماري غابوي بطبعه. أجل، هذا النهج غريب عن أمريكا الآباء المحررين المؤسسين، فهذه الجمهورية مُحرم عليها منطقياً وأخلاقياً ودستورياً أن تكون إمبراطورية، لأنه لم يتم تحريرها من براثن الإمبراطورية المقبورة التي ما كانت تُغيب عنها الشمس، لتقع بنفس الخطأ وترتكب ذات الخطيئة. يعني، أن تفرض نفسها على العالم كإمبراطورية جديدة.

  10. يقول عبدو المغرب:

    امريكا تعرف ماذا تفعل ،اماا النظامين الايراني والمصري فيفعل بهما ما تريد امريكا وبنو صهيون هذاليس غريبا ،فاذا كان الخلاف بين هذه الانظمة هو الاصل فانه ينعدم عندما يتعلق الامر بحق الشعوب الاسلامية في التحرر والعيش في الامن والرخاء والمساوات…هذا هو عقل الطواغيت والمتسلطين.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية