جاءت استقالة رئيس نادي برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو الثلاثاء الماضي، كصاعقة على البعض، وكأجمل خبر للكثيرين، بينهم عشاق البارسا حول العالم، وأولهم لاعبو “البلوغرانا” وعلى رأسهم ليونيل ميسي، الذي اجتزأت الكاميرات ابتسامات من محياه خلال التدريبات، وقدم عرضا حيويا مليئا بالنشاط خلال الفوز على يوفنتوس في دوري الابطال، وكأن مفعول رحيل الرئيس السابق كان سحريا.
كل التركيز سيكون على ميسي، كالعادة، خلال الأسابيع المقبلة، كونه الرجل الذي اشترط بقاءه مع الفريق برحيل بارتوميو خلال أسابيع الصيف الحامية، لكن الآن هل تحقيق الشرط بات كافيا لبقاء النجم الاسطوري في النادي؟ وهل مستقبل النادي فعلا سيتحسن مباشرة فور رحيل المغضوب عليه؟
لا شك ان ما حصل خلال فترة السنوات الست من رئاسة بارتوميو أثقلت كاهل النادي، بسبب سوء قراراته، بدءاً بفقدان النجم البرازيلي نيمار، ثم اختيار بدلاء غير موفقين له، والتعاقد مع شركة اتهمت بتلميع صورة الادارة على حساب اللاعبين في مواقع التواصل الاجتماعي، والنزاع بين قائد الفريق ميسي والمدير الرياضي إيريك أبيدال قبل اقالة الأخير لاحقا، وأزمة تخفيض الرواتب في خضم أزمة فيروس كورونا، بل زاد الامر تعقيدا في 2020 وبات كارثياً على برشلونة على مختلف الاصعدة، آخرها الخسارة أمام الغريم التاريخي ريال مدريد 1-3 في الدوري وفي عقر داره “كامب نو”، بعد أسابيع على الاذلال أمام بايرن ميونيخ 2-8 في ربع نهائي دوري الأبطال، لينهي أول موسم له في ست سنوات بدون احراز أي لقب في مختلف المسابقات. ورغم هذا الاعصار المستمر منذ مطلع العام، حاول برشلونة إعادة بناء تشكيلته في أيلول/سبتمبر مع تعيين الهولندي رونالد كومان مدربا بدلا من كيكي سيتيين. وأخفى كومان، المُهدَّد ربما مع أي ادارة جديدة، تراجع أداء نجوم الفريق على غرار ميسي وأنطوان غريزمان من خلال الدفع بالمواهب الشابة مثل أنسو فاتي وبيدري وترينكاو وديست.
الآن الهدف الأول لأي ادارة جديدة ستخلف ادارة بارتوميو ستكون ضمان بقاء ميسي، الذي ينتهي عقده في نهاية الموسم، وتحدث فيكتور فونت أبرز مرشحي الرئاسة عن جلب تشافي مدرباً ورموز النادي أمثال غوارديولا وأنييستا وبويول للعب دور حيوي في هيكلة ادارة النادي وأجهزتها الفنية، للاستفادة من “ممثلي” الحقبة الذهبية لبرشلونة، واعادة التذكير بها، فيما يعتقد ان الرئيس السابق خوان لابورتا سيكون الأكثر تأثيرا على قرار ميسي بالبقاء، بجلب غوارديولا من مانشستر سيتي، في محاولة لاعادة بناء حقبة 2008 الرائعة، لكن هل الاكيد ان أول قرار من الادارة المنتخبة الجديدة، سيكون اقالة رونالد كومان؟
كومان الذي يملك عقدا لعامين ينتهي في 2022، يعلم ان النتائج هي التي تحكم، وأنه رغم الحديث العلني لمرشحي الرئاسة بجلب تشافي وغوارديولا، الا ان مرشحا ثالثا هو توني فريشا أعلن مساندته المطلقة لكومان، الذين كان أصلا على دراية غداة تعيينه في الصيف ان رئيسه الذي عينه (بارتوميو) لن يكمل الموسم في منصبه، وأنه قد يكون محل تشكيك، في مغامرة اشباع رغبته الجامحة لتدريب البارسا، على أمل ان يتألق الفريق تحت ادارته ويصعب بالتالي مهمة الرئيس المقبل في أخذ قرار اقالته.
لكن أكثر ما يقلق مستقبل برشلونة، بغض النظر عمن سيأتي الى سدة الحكم، وبعيدا عن الامور الكروية، هو الجانب الاقتصادي والأزمة المالية التي يعانيها النادي، خصوصا بسبب أزمة فيروس كورونا، حيث أقر مجلس الادارة يوم الاثنين قبل تقديم استقالته، موازنة 2020-2021 مع الكثير من التخفيضات، بعد الاعلان عن خسائر بلغت 97 مليون يورو الموسم الماضي وارتفاع مجمل الديون إلى 488 مليون يورو. وهي ضربة أخرى لناد مثقل بالديون (200 مليون يورو كمدخول منذ بداية الحجر، مقابل صافي الدين بنحو 200 مليون يورو منذ بداية 2019). وطلب النادي من لاعبيه التفاوض مجددا على تخفيض رواتبهم، رغم التخلص من بعض اصحاب الرواتب الكبيرة على غرار أرتور وإيفان راكيتيتش وأرتورو فيدال ولويس سواريز، ولهذا السبب يظل هناك شك في بقاء ميسي، كونه أعلن في خضم ازمة رحيله، أنه يفعل ذلك “خدمة للنادي ولمساعدته مادياً”، فهو مستقبل برشلونة الناصع، سيكون حقاً بدون أبرز من ركل الكرة في تاريخه؟