ماذا يخطّط بلير ضد’دول الخليج العربي؟

حجم الخط
29

ذكرت دراسة نشرت امس الخميس ان بريطانيا صرفت ما يعادل 58 مليار دولار على العمليات العسكرية منذ الحرب الباردة. الجزء الأكبر من المال الذي أنفق (84 في المئة) كان على فشل استراتيجي فادح لبريطانيا عنوانه: التدخل في العراق وافغانستان.
من الاستنتاجات التي قدمتها الدراسة ان الدور الذي لعبته المملكة المتحدة في حرب العراق ‘أدى الى زيادة تطرف الشباب المسلمين في بريطانيا، وساهم في ترويج الارهاب الدولي بدلاً من تقليصه’، وقالت الدراسة ان صعود تنظيم ‘القاعدة’ في شبه الجزيرة العربية ‘كان رد فعل على غزو العراق وتهميش السكان السنة فيه واجتثاث حزب البعث وحل الجيش’ وهو ما أدى بحسب الدراسة الى ‘انتشار هذا التنظيم والجماعات الجهادية المتطرفة عبر الحدود العراقية السورية وبات يشكل تهديدات ارهابية جديدة على المملكة المتحدة وحلفائها قد لا تكون برزت لو بقي الرئيس العراقي السابق صدام حسين في السلطة’.
خلاصات الدراسة لا تحتاج الى عبقرية كبيرة لإدراكها، فقد دفعت بريطانيا ثمنها هجوماً ارهابياً في لندن عام 2005 أودى بعشرات القتلى، فيما دفع العراق الفاتورة الكبرى، وما يزال، مع تدهور جهاز مناعته الوطنية كشعب وتحلّل مكوّناته الى عناصر طائفية وقبلية ودينية واثنية تحكمها طغمة فاسدة تابعة لإيران وسقوط ملايين الضحايا بين’قتلى وجرحى ومعاقين ومعتقلين ومهجرين.
خلال الغزو، ابتكر الجيش الأمريكي أوراق لعب تحمل صور أهم المطلوبين العراقيين، وكان أولهم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ولو أن التاريخ كان منصفاً لتمت مطاردة بوش وبلير اللذين تنطبق عليهما (لو قامت العدالة الانسانية بطباعة أوراق المطلوبين الحقيقيين) رتبة الأس الأسود للأول (كما كان صدام)، وبعده مباشرة يأتي الأسّ الأحمر (الذي كان مخصصا لعديّ حسين) ويستحقه بلير بجدارة.
من الطبيعي أن بلير، المسؤول عن خلق ذلك المناخ المثالي للتطرف والراديكالية والارهاب، لا يريد الاعتراف بمسؤوليته الجسيمة تلك، لكننا لم نتوقع منه أن يفكر باعادة الكرّة، مع أمل بنتائج كارثية أكبر، فقد أخرج مؤخراً ورقة جديدة من جعبته المتهالكة واقتـرح يوم الأربعاء الماضي جبهة عالمية تتشارك فيها امريكا وبريطانيا وروسيا والصين في مواجهة الإسلام… الراديكالي!
أي أن الشخص الذي صنع الجرح الكبير في الضمير البشريّ وفتح اوتوستراداً هائلاً للتطرّف يريد الآن أن يوسّع الاوتوستراد لتشمل حربه دولاً ‘نقيم معها علاقات وثيقة في مجالي الأمن والدفاع’. لأن المشكلة بحسب بلير هي ‘ايديولوجيا’ يتم الدفاع عنها في مدارس ومؤسسات تلك الدول، والترجمة لمن لم يستوعب الأمر هي: عليكم بالسعودية ودول الخليج!
كنا نتخيل أن بلير ‘العمّالي’ الذي أصبح مليونيراً كبيراً، والذي اعتنق الكاثوليكية (على كّبّر)، أن يخصّص باقي حياته للأعمال الخيرية تكفيراً عن ذنوبه ضد البشرية، لكنه فاجأنا بأنه يحلم بفتح أكبر من الذي أنجزه في العراق وافغانستان، وبجبهة أكبر تضم، هذه المرّة، الصين وروسيا ضدّ عدو واحد أوحد: الإسلام (بحرف كبير)… الراديكالي (بحرف صغير)، ويجب الانتباه هنا الى انه لا يتحدث عن الارهاب، فزّاعة العالم كله (والذي لا يحتاج لدعوة لجبهة عالمية ضده لأنها موجودة بالفعل) بل يتحدث عن ايديولوجيا، وهي كلمة لا ينتطح عنزان في أن ترجمتها: الدين الاسلامي.
بإحالته ما يحصل الى الدين الاسلامي لا إلى أفعال الإمبريالية الغربية ودول الطغيان العربي، يمثّل بلير انحطاط الاستشراق الغربي وتحوّله الى شركة ابتزاز ومقاولات عنصرية مسعورة باسم مواجهة التطرف والراديكالية، ولكن من يلومه ان كانت الدول التي يتهمها والتي ‘نقيم معها علاقات وثيقة في مجالي الأمن والدفاع’ تمشي في ركابه وتخوض مثله حربها الافتراضية ضد ‘الارهاب’، دون أن يسألها أحد: من صنع هذا الارهاب غيركم؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد:

    هذا مجرم حرب، هذا مجرم حرب ! أين الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان التي يدعون إليها في بريطانيا ؟ كيف يظل هذا المجرم وشريكه بوش بلا محاكمة ؟؟ أين الديمقراطية والعدالة والقوانين التي يعلموننا إياها ؟ أم أن معناها يتغير خارج بريطانيا ؟؟ هل غير الطريق ويريد ابتزاز الخليج وأهله ؟

  2. يقول سلمى:

    المقال كفّى ووفّى و لم يعد هناك شئ يُقال باستثناء الرد على الأخ , مع احترامي, الذي يقول أن بلير يعمل لمصالح الغرب. الحكومات الغربية لا تعمل لصالح شعوبها. اقتصاد بريطانيا في حالة يُرثى لها و لولا أموال العرب لانهار منذ أمد بعيد و كذلك الاقتصاد الأمريكي يعاني تحت وطأة تبذير الثروة الوطنية على الحروب و التسلح. و من الناحية الثقافية فقد ساعدت سياسات مثل هؤلاء القادة على نشر البغضاء و الكراهية بين الشعوب. الشعب الأمريكي مثلا ليس صورة مصغرة عن حكومته و يتم الكذب عليه ليلا نهاراً و تشويه صورة العرب و المسلمين في نظره حتى لا يتجرأ على مناقشة سياسات حكومته. ربما يكونوا حكام دول ديمقراطية و لكنهم يعلمون في نهاية المطاف و خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الشعوب الأخرى لمصالح لوبيات الضغط و الشركات الكبرى و أصحاب النفوذ.

  3. يقول خالد:

    ان ما قاله هذا المجرم هو نفسه ما قاله ابو الحقد والكراهية ضد الاسلام والعرب هامة هنري كيسنجر في عام 2007 في النيورك تايمز واتمنى من الاخوة في القدس العربي ان يسترجعوا هذه المقالة. هذه المقالة كانت قبل 4 اشهر من هبوط سعر النفط الى ما يقارب الثلاثين دولار وطلب كيسنجر بالتحديد استعادة الاموال التي حققتها دول الخليج وقبل انهيار الاسواق

  4. يقول العبدري السودان:

    المشكل ليس في بلير ولا في الاسلام المشكلة في هؤلاء الاعراب الذين يدعون الاسلام

  5. يقول قارئ غير عراقي:

    توني بلير رجل شجاع وواحد من اهم اثنين رؤساء وزراء بريطانيين، تحمل مالم يتحمله بشر من ضغوط نتيجة قراره بالاستراك في الغزو. صحيح ان غزو العراق كانت وراءه مصالح غربية استراتيجية ولكنه لم يكن ممكنا لولا الاسباب التي خلقها صدام حسين بأصراره علي عدم الكشف عن الاسلحة الكيماوية فضلا عن غزو الجيران. مع ذلك فقد جعلنا منه بطلا وبلير ، الحاكم المنتخب الخاضع للنقد والمناقسة شيطانا.
    الدمار الذي احدثه الغزو ثلاثة ارباعه من صنع ( المقاومة ) العراقية .. كان علينا التعامل مع الاحتلال بما يمكننا من اقامة نظام ديموقراطي مثل النظام البريطاني والامريكي. هكذا نبطل كافة المخططات المعادية لنا كعرب ومسلمين وليس بجعل صدام حسين بطلا وهو الذي تسبب في كل هذه الكوارث او اعتبار المنطرفين الاسلاميين والطائفيين مقاومه.

  6. يقول gareeb:

    انه يلهث وراء ثروات العرب واستغلالهم ؟؟؟
    وقام بالوقوف مع العدو الصهيوني ضد الحقوق الفلسطينية
    ولبس القبعة الصهيونية في زيارته المشئومة للعدو الصهيوني ومؤازرتهم بما يسمى بالمحرقة المزعومة
    ؟؟ يجب محاكمته …..

  7. يقول حسين المغربي:

    بوش وبلير مجرمان ارهابيان ولكن مهما كرهنا هذين فاننا مع قليل من المنطق يمكننا تبرير افعالهما بحجة انهما ينصران اهلهما ويدافعان عن مصالح شعبيهما ولكن هناك من هم اكثر ارهابا ونذالة وهم اولئك الذين وضعوا ايديهم في ايدهما وسخروا الوطن ومقدراته ورجاله لنصرتهما وتذليل المصاعب لهما ومحارة اخوانهم اولئك الاعداء المندسون بيننا يخربون اسس الوطن من الداخل اكثر اجراما واشد سفالة من الاعداء المباشرين وهم من تجب محارتهم اولا وبعد ذلك يسهل امر الاعداء الواضحين ,الخونة هم اشد المخلوقات وضاعة فطعناتهم مؤثرة لانها تاتي من الخلف وعندما ننظف الاوطان من هؤلاء يمكن الحديث عن تحريرها وبنائها

  8. يقول وليد جبرين فلسطين:

    الى المدعو زياد ، قبل ان تتفلسف وتقف الى جانب المجرم بلير ومع الحكام القتلة في العالم العربي انصحك بتعلم اللغة العربية لتعرف متى تستعمل كلمة ( مجرمون) وكلمة ( مجرمين)

  9. يقول بو محمد الامارات:

    لنا الله ولهم الشيطان والغلبه للاول بدون منازع

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية