بداية الأسبوع الماضي حل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بالقاهرة في زيارة امتدت ليومين، تم التحضير لها بشكل سريع مع زيارة وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة للقاهرة.
الكثيرون تساءلوا عن خلفيات هذه الزيارة، وماذا يريد الرئيس الجزائري من مصر في هذه اللحظة الدقيقة؟
البعض سارع إلى الاستنتاج بأن هدف الزيارة واحد بارز لا تخطئه العين: طلب دعم القاهرة للجزائر لتنظيم القمة العربية في مارس المقبل، بعد أن أعلن مسؤول في الجامعة العربية عن تأجيلها، بسبب الوضعية الوبائية لمتحور أوميكرون.
تصريحات القياديتين سارت في اتجاه مختلف، فبينما ركز الرئيس المصري على «تعزيز العلاقات الثنائية»، وبشكل خاص، «تفعيل اللجان الثنائية المشتركة»، ركزت رسالة الرئيس الجزائري التي حملها وزير خارجية بلده إلى السيسي «زيادة تعزيز التنسيق والتشاور مع مصر لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجه المنطقة والأمة العربية وتعزيز العمل العربي المشترك».
ويؤشر هذا الاختلاف في الصياغة الرسمية على أن أجندتي الجزائر ومصر مختلفتان، فعين الجزائر على التنسيق في القضايا العربية والإقليمية والعمل العربي، بينما مصر عينها على تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي وجلب الأموال الجزائرية للاستثمار في مصر.
عمليا، يصعب الإجابة بشكل سريع عن هدف الرئيس الجزائري من زيارة القاهرة، فبين الفترة الذهبية التي عرفتها العلاقات الجزائرية المصرية، عقود من الجمود والخلاف وأحيانا التوتر، وما عرفه العقد الأخير من برود العلاقة بين مصر والجزائر، ووصولها في بعض المحطات إلى تقاطعات في النظر للأمن القومي والإقليمي، يعطي صورة عن براغماتية الزيارة، واختلاف الأجندتين.
استقراء مواقف الدبلوماسيتين المصرية والجزائرية بإزاء قضايا عربية وإقليمية، يبين أن المواقف المتقاربة جد محدودة، فباستثناء قبول القاهرة لعودة سوريا للجامعة العربية من غير شروط، تبقى الملفات الأخرى، نماذج لتباعد المواقف وتناقضها وأحيانا توترها وصراعها.
فمن جهة، مصر كانت حاسمة في اختيار التقارب مع دول الخليج، ومد القطيعة مع إيران، وعدم الاكتراث لرسائل طهران الغزلية للقاهرة، في حين، اختارت الجزائر في سياق صراعها الإقليمي مع المغرب، أن تعزز علاقاتها مع طهران، تقديرا منها أن ذلك يشكل الجواب عن تحدي تطبيع المغرب مع إسرائيل واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء.
ومن جهة ثانية، ترتبط مصر بعلاقة استراتيجية مع دول الخليج، إذ ينظر مجلس التعاون الخليجي إليها على أنها صمام أمان لاستقرار المنطقة، بينما تعتبر مصر أمن الخليج من أمنها، في حين تثير علاقة الجزائر مع إيران، وكذا قطع الجزائر العلاقة مع المغرب ورفضها أي وساطة خليجية لتسوية الخلافات بين البلدين قلقا خليجيا، تم التعبير عنه أكثر من مرة، في صورة دعم غير مشروط للمغرب، كان آخر مثال له دعم دول الخليج للقرار الأخير لمجلس الأمن حول الصحراء، والذي انتقدته الجزائر بشدة معتبرة إياه متحيزا للمغرب.
ما يثير العلاقات الخليجية الجزائرية أكثر هو الخلاف مع الإمارات في الملف الليبي، وصدور اتهامات جزائرية لها بالتآمر ضد أمنها القومي من خلال دعم الجنرال حفتر، وأيضا من خلال تعزيز التقارب الجزائري التركي في هذا الملف.
صحيح أن ثمة ملفات تجعل العلاقات الجزائرية الخليجية هادئة، حتى ولو كانت الاختلافات في العديد من القضايا تبرر التوتر، لكن التنسيق الخليجي الجزائري في منظمة في «أوبك»، يسقف الخلاف فقط، ولا يمنع الدبلوماسية الخليجية أن من إنتاج ديناميات تعاكس أجندة الجزائر، فالجزائر اليوم تعتقد أن علاقاتها مع الخليج ليست على ما يرام، وأن دبلوماسية الرباط حاصرتها، وجعلت دول الخليج تصطف معها ضد أجندتها.
من المثير جدا، أن يصدر عن الجزائر موقفان رسميان ينددان بالهجوم الحوثي على الإمارات، الأول عبرت عنه وزارة الخارجية الجزائرية، والثاني عبر عنه رئيس أركان الجيش السيد سعيد شنقريحة. والأكثر إثارة أن الموقف صدر بتزامن مع زيارة الرئيس الجزائري للقاهرة.
لكن مفردات بلاغ الخارجية الجزائرية يظهر هو الآخر مدى الخلاف بين الجزائر والقاهرة في النظر إلى موضوع اليمن، والهجوم الحوثي على الإمارات، فالجزائر، وهي تعرب عن تضامنها وتعاطفها مع دولة الإمارات العربية المتحدة، تأخذ مسارا مختلفا عن مصر، وهي ترفض الأعمال (من الطرفين) التي من شأنها تقويض الأمن والاستقرار في الإمارات وفي المنطقة»، وتدعو إلى تبني الحوار بين الطرفين وتجنب التصعيد، في حين تعتبر مصر استمرار هجمات «ميليشيا» الحوثي ضد السعودية والإمارات تهديدًا صريحًا لأمنهما واستقرارهما، وتدعم كل ما تقوم بهما الرياض وأبو ظبي من إجراءات للتصدي لتلك الهجمات.
الجزائر، وفي سياق تدبير صراعها الإقليمي مع المغرب، قفزت على القاهرة، وحاولت الاستثمار في ملف الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، من خلال الدعوة إلى اجتماعها في الجزائر، والإشراف على حوار لتقريب الشقة بين الفصائل، والخروج بخارطة طريق للمصالحة، والاتفاق على برنامج نضالي مشترك.
بدون شك، مصر انتزعت من هذه الخطوة الجزائرية، فملف العلاقة بين الفصائل كان دائما بين يدي المخابرات المصرية، ولم يخرج من مصر إلا إلى الرياض وقطر، في حين، تأتي خطوة الجزائر بعد جهود قامت بها القاهرة لإقناع الفصائل الفلسطينية بالانخراط في برنامج لإعادة إعمار غزة، وترسيخ الهدنة، غير أنها تعثرت بسبب خلافات جوهرية عبرت عنها بعض فصائل المقاومة الفلسطينية.
الجزائر أقدمت في سياق توتر العلاقة بين أثيوبيا ومصر إلى عرض وساطة بين الطرفين، لكن الأمر لم يتجاوز الخطاب والمفردات، ولم تسفر عن أي شيء يذكر، ولم تكتسب الجزائر بهذا الدور الخطابي أي رصيد يمكن أن تضعه في طاولة الجميل المقدم منها لمصر.
واضح من هذه المقارنة، أن ما يجمع الجزائر بمصر هو أقل بكثير مما يفرقهما، وأن نقطة واحدة ربما هي التي تجمعهما هو توافق على عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وما عدا ذلك، فشعاب متفرقة في الملفات المختلف حولها.
وإذا كان الأمر بهذه الشاكلة، فما الذي تريده الجزائر من مصر، وهي تختلف معها في كل شيء، وما الذي تستطيع مصر أن تعطيه للجزائر، وفي مقابل ماذا؟
الجزائر، تدرك أن رؤية مصر لأمنها القومي وامتداد مصالحها في ليبيا، مناقض تماما لرؤيتها لأمنها القومي، والأمر لا يتعلق فقط بالخلاف حول الجنرال حفتر الذي تدعمه مصر وتعاديه الجزائر، وإنما يتعلق أيضا بالخلاف حول الدور التركي.
ولذلك، فلا الموضوع الفلسطيني جاء بالرئيس تبون إلى القاهرة، ولا الموضوع الليبي، ولا حتى طلب دعم مصري لتثبيت موعد القمة العربية في مارس في الجزائر، وإنما التقدير أن الجزائر تطلب توسطا مصريا لإذابة الجليد في العلاقات الجزائرية الخليجية، لأنها توقن أن قرار التأجيل، إنما كان في الجوهر قرارا خليجيا محضا، وأن أسرع طريق إلى دول الخليج، يمر عبر القاهرة، أن الخطوة التالية هو مراجعة مواقف هذه الدول من القمة العربية، حتى لا يتعرض النظام الجزائري لصدمة كبيرة، بتأجيل انعقاد القمة العربية بها.
الرئيس عبد الفتاح السياسي براغماتي، يحسن الاستثمار في الأزمات، ولأنه يدرك حاجة الجزائر، ويفهم حجم الإحراج الذي ستتعرض إليه، لو لم تنعقد القمة بها وفي وقتها، فإنه بادر إلى طرح حاجته، فلخص أجندة مصر في كلمة واضحة، هي دخول مزيد من المنتجات المصرية إلى الجزائر، واستقبال الأموال الجزائرية لدعم الاستثمارات التي يريد السيسي تحقيقها في المدينة الإدارية.
من السابق لأوانه التكهن بمستقبل التوسط المصري المفترض، فدول الخليج لا تقبل أن تضحي بالمغرب من أجل عيون الجزائر، لكن، يمكن لمصر في سبيل الحصول على ما تريد من مكاسب اقتصادية وتجارية، أن تستثمر هي الأخرى في الخطاب، تماما كما فعلت الجزائر غداة إعلان القيام بوساطة بين مصر وأثيوبيا.
كاتب وباحث مغربي
الاعتبار الجيوسياسي هو مرتكز أساسي في تقدير وبناء سياسات الدول على المستوى الخارجي الذي يظل من المؤثرات الكبرى في الجانب الذاخلي….؛ وهذا الاعتبار يرتبط بسياقات تنطلق من الذاتي الى الإقليمي الى الدولي…ولاعلاقة له بالمماحكات والمزايدات اللفظية التي يفرزها الإعلام الرسمي وتوابعه من المزمرين الذين يجعلون من الانتكاسات انتصارات…ومن الكوارث فتوحات….ومن الفشل فروسية لايشق لها غبار…؛ والسعي الجزائري الى استجداء موقف رسمي مصري…وقبله سعودي…يصب في سياق رغبة ملحة لإقامة القمة العربية….وسببه الإحساس الواقعي بأن القيمة السياسية للنظام في طريق التلاشي بعد الوصول الى انعدام القدرة على التأثير في الأحداث المتلاحقة إقليميا وعربيا وقاريا…وتموقعه في نطاق ضيق أشبه بالحصار …بحكم توجه أغلب الدول العربية والافريقية الى التناغم المطلق مع المصالح والسياسات المغربية….؛ ولعل زيارة تبون لضريح السادات الذي يعتبر رمز التطبيع مع إسرائيل….هو إشارة إلى أن استعداد النظام للوصول الى أية نقطة تنازلية من أجل تضييق الخناق الخارجي عليه…حتى ولو وصل الأمر إلى فتح قنوات الإتصال الرسمي والعلني مع تل أبيب رغم وجود تواصلات اقتصادية غير معلن عنها….وهو ماستكشفه الأيام المقبلة..
منذ متى كان لدور العرب قيمة مظافة في العلاقات الدولية،ومنذ متى كانت الجامعة العبرية عفوا العربية موحدة،بل عايشنا النفاق والمكائد للبعض والتحالف مع العدو ضد القريب،نحن في عصر ملوك الطوائف وسيسقطون واحدا تلو الآخر،لأن التغيرات الجيوسياسية العالمية سوف تلتهم الضعفاء.نعود للقيادة الجزائرية فهي قد وضعت كل السيناريو هات امامها من ضمنها عدم التعويل على أي دور عربي حاضرا أو مستقبلا لقناعتها ان القرارات السياسية سلبت من هذه الدول.
انا جزائري، أنصح الدولة الجزائرية ان لا تتقرب من الدول العربية (مصر الامرات السعودية و البحرين) لأنهم منافقين ولا قرار هم، إنما يخضعون الى الدول الغرب و أمريكا. لم يأخذوا مبادرة الا و يتشورون عنها عند أسيادهم (الغرب)، هؤلاء عار العرب.
على الجزائر ان تربط علاقة جيدة مع تركيا و إيران، هذان الدولتين لهم مواقف مشرفة ولو يتنافقون مثل العرب. و هما أقوياء عسكريا و اقتصاديا. و خاصتا تركيا هي الوحيدة التي تقدم الدعم للجزائر و من يتعامل معها. تركيا تستطيع منافست الصين العملاق في أفريقية من السعر و الجودة، اذا الشراكة معها تعطي نفس جديد للجزائر لدخول سوق إفريقيا بدون منازع و حتى اسواق العالمية. على الجزائر ان تستغل هذه الفرصة في الوقت الذي تركيا غير مرغوب فيها من الدول العربية (مصر الامرات و السعودية). في هذا الحال تركيا تقدم تكنولوجية و ما تحتجه الجزائر لتقوية العلاقات التجارية و الاقتصادية معا. تركيا هي الدولة القوية مستقبلا، المنافس للصين.
من المؤكد أن تركيا تهتم بمصالحها الاقتصادية و استثماراتها المتزايدة في الجزائر خاصة و أن العلاقات قديمة منذ حكم الدايات. طبعا ليس من المهم أن نلاحظ أن تركيا اعترفت بإسرائيل منذ تأسيسها و أن رئيسها تلقى دعوة من أردوغان لزيارة تركيا و أن هذه الأخيرة مثل إيران يتفنون في ذغذغة مشاعر العرب و المسلمين بالشعارات الرنانة لتحرير فلسطين.
ماذا تجني الجزائر في تمتين علاقاتها بالخليج لا يمكن ان يحدث تقارب في ظل النظام الجمهوري ودعم الحركات التحررية ، وعدم الإنخراط في المشروع الأمريكي للمشروع المسمى الإبراهيمي (التطبيع) بدون شروط
لسوء حظك اخي الكريم .. تركيا لا تعترف بالبوليياريو .. و مع وحدة المغرب الثرابية .. فأين المفر من قدر الله ..
.
و ازيدك من الشعرربيت .. تركيا لها علاقة قوية مع اسرائيل .. فاين المبادئ .. ام هي بال discount .. او حسب المزاج ..
كلام صحيح يجب الأخد به عاجلا. شكرا
الجزائر دولة كبيرة بقيادة رئيس كبير
الله يبارك اسيدي
كلام صاءب وصريح .من كتبهشرح موقف صحيح.
اغلب الدول العربية بما فيها جميع دول الخليج مع المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية والجزائر تلعب في الماا العكر… ولتعلم ان دول الخليج من المستحيل ان تجتمع في إطار الجامعة العربية بدون حضور المغرب……. علما أن رسولنا بقى يوصي بالجار خيرا حتى كاد أن يورث الجار في جاره…. عودوا إلى الله يا كابرانات الجزائر وعملوا جاركم المغرب بالخير………
لا جميل للبلدين على بعضهما، لطالما دعمت الجزائر مصر و العكس، السيسي نفسه لما جاء بانقلاب و جمدت عضوية مصر جاء إلى الجزائر و طلب دعمها.
الجزائر تريد من مصر أن يرسم رئيس لليبيا في اسرع وقت ممكن ويكون توافقي بينهما حتى تغلق الملف الليبي لأن الحدود الليبية تشكل خطر للجزائر من جماعات وتهريب حتى تلتفت للحدود الجنوبية الملتهبة هي الثانية
مجرد تساؤل
لمن مازال لا يعلم بعد !!!؟؟؟
فليعلم أن كل العالم وأوله الفلسطينيون بأن الجزائر هي البلد الوحيد الذي لن يتخلى عن فلسطين ولن يطعن الفلسطينيين في ظهورهم.
فليعلم أن كل العالم وأوله العرب بأن الجزائر لن تدخر جهدا في تحمل مسؤولياتها اتجاه أشقائها العرب، لذلك لن “تتهرب” من احتضان أي قمة عربية عادية أو استثنائية بحجج واهية.
فليعلم أن كل العالم يعلم وأوله العرب أن الجزائر لم ولن تكون جاسوسا على القمة العربية.
فليعلم من لا يعلم بعد أن الجزائر ليس لها من مصلحة خاصة تؤثر على رؤيتها، لا مصلحة سياسية ولا مصالح اقتصادية كما هو الحال مع المغرب والسودان. وأن مصلحتها تتلخص في الحفاظ على ما بقي كرامتهم.
فليعلم أن كل العالم يعلم إن تأجلت أو ألغيت قمة الجزائر فستبقى الجزائر شامخة عند الشعوب العربية المغلوبة على أمرها لالتزامها بمبادئها.
لذلك قال الإعلامي والكاتب اللبناني سامي كليب تحت عنوان: “الجزائر لو تحرّكت…؟” ما نصه:
” لا بد للأمة العربية أن تحمل بعضا من “النيف” الجزائري للحفاظ على الكرامة والشعور بالاعتزاز.” انتهى الاقتباس.
متسائلا: ماذا لو حظيت الأمة ببعض النيف الجزائري؟
هدف من زيارة هو قياس نبض مصر
معالجة بنظرة احادية تبرز ضيق رؤية صاحبها محاولة منه لخدمة خطاب محدد بعينه و هو ما يجعلها غير منطقية و لا تستند الى حجج واقعية و انما افتراضات ذات مصالح ضيقة.