الأهداف الإستراتيجية لا تموت، تخبو نارها، ولكنها تبقى كالجمر تحت الرماد، بحاجة إلى من يحركها.. في مطلع شهر آذار من العام الحالي كانت هناك زيارة لمجلس الدوما الروسي إلى كوبا، وتم التباحث في كثير من القضايا ووصف مساعد رئيس المجلس كوبا بأنها الصادق الصدوق، ونحن نعلم أن كوبا ولوقت ليس بالبعيد كانت قاعدة روسية متقدمة في الأطلسي وعلى مشارف الولايات المتحدة الأمريكية، ونعلم أن روسيا كانت تنظر وتخطط إلى كوبا المستقبل كما تنظر الولايات المتحدة إلى إسرائيل ألان. ولكن ومع تغير الكثير من الواقع العالمي المتقلب وجد الروس أنفسهم أمام حقيقة أخرى ألا وهي: الشرق الأوسط هو بؤرة التنافس وبؤرة الصراع ومنبع الثروات، الشرق الأوسط هو الموقع الاستراتيجي الأهم على خريطة العالم، والثروات الاقتصادية أساس التفوق، ومن المؤكد أنها تعي جيداً ما قاله قادة الحرب الألمان: الحلفاء انتصروا لسيطرتهم على منابع النفط، وبناء عليه كان لا بد للمُخطط الروسي أن يعطي استراتيجياته نوع من المرونة تواكب تقلبات وأهمية الموقع والثروات، ومفاد ذلك: إسرائيل هي كلب الصيد في هذه المنطقة بالنسبة لأمريكا وتشد له السلسلة وترخيها حسب مصالحها المدفوعة الثمن لهذا الكلب، ونحن روسيا اليوم لا بد لنا من قفزة وموطئ قدم في هذه المنطقة يمكننا في المستقبل من التفاوض على مصالح في شرق اوروبا ومنافذ البحر الأسود وحصة في ثروات شمال إفريقيا وغرب آسيا، ونحن نعتقد أن روسيا تجد في الجنوب اللبناني هدفها المنشود وطويل الأمد ومن النوع السهل الممتنع، ونعتقد أيضاً أن الدعم العسكري بالأسلحة النوعية في هذه الفترة ليس للجيش السوري بشكل حتمي بقدر ما له من أبعاد وأهداف إستراتيجية تخص حزب الله وعليه فأن هذا الحزب لن يرفض مثل هذه الهدايا النوعية خصوصا وإنها إذا ما تحقق ووصلت فأنها تخفف الضغط على الجمهورية الإيرانية. الأشياء لا تقاس بالمساحة وإنما تقاس بفعالية الموقع وجيوبولتيك الأرض وخصائصها الطبيعية والبشرية وهنا تحقق شرطين أساسيين الأول: ارض الجنوب تقف على انف إسرائيل. والثاني: البشر في ذلك الجزء من العالم يشتغلون في السياسة. ومن يدقق في أقوال نصر الله الأخيرة وقبل أيام حين قال: ان سورية ستعطي مقاومته سلاحاً نوعياً يجد نفسه أمام السؤال التالي: هل تملك سورية فعلاً سلاحا نوعياً يخدم حزب الله؟ ونحن نعلم أن التهديد الأول والمباشر والأخطر على قواعد الحزب هي الطائرات المتطورة، وعلى فرض امتلاك سورية لهذه الأسلحة النوعية لماذا لم تستخدم ضد الغارات الإسرائيلية المتكررة على الكثير من المواقع السورية. لذا نحن نعتقد أن الأسلحة النوعية قادمة من روسيا وفي هذا التوقيت تحديداً وليس من سورية، وأضف إلى ذلك أن الدارس لجميع الضربات الجوية التي كان وما يزال الكيان الصهيوني المحتل يقوم بها خارج حدود فلسطين المحتلة كان لها مجموعة من الأهداف وعلى رأسها تدمير أسلحة الردع لدول الجوار، وهذا يشير إلى أن الدول العربية التي لم تُضّرب من قبل إسرائيل لا تملك أي نوع من هذه الأسلحة ولا تملك أي سلاح يمكن أن يشكل تهديداً لأمن إسرائيل. وخلاصة القول، الجنوب اللبناني ممثلاً بحزب الله أصبح على أهمية بالغة من الناحية السياسية والعسكرية ولم يسبق له وأن حظي بهذه الأهمية والأسباب عديدة: ومنها العيون الروسية تريد الاقتراب أكثر من الولاية الأمريكية رقم واحد ‘إسرائيل’ والأكثر أهمية من باقي ولاياتها، وهنا لا بد من السؤال التالي: هل ستقبل إيران بهذا الشريك في الجنوب اللبناني؟ انها لعبة الشطرنج على رقعة الوطن العربي. محمد علي مرزوق الزيود [email protected]