يبدو ان هوس النجومية قد طال بعض الكاتبات العربيات لدرجة الحرفنة، فلا تحتاج الكاتبة منهن الى مؤسسة تدعمها كالفنانة العربية ومؤتمرات صحافية تروّج ألبوماتها الغنائية او مدراء اعمال يديرون حفلاتها ويتفقون على اجورها.
فقط من خلال تصريحات صارخة.. مثيرة، باعثة على الضجيج والهجوم والاعتراض في الصحافة المكتوبة او المرئية.
ومن المؤسف ان نجد الكاتبة العربية تلجأ الى قانون الشهرة والأضواء عبر وسائل خارجة عن الفهم العميق لجوهر الكتابة، اذا كانت الكاتبة بالفعل هي مواجهة مع الذات في عزلتها او وحدتها في عالمها.. وهي بذلك تبتعد عن سؤال المرأة الباحثة عن حريتها.
فامام سيل من التصريحات المبثوثة هنا وهناك من قبل بعضهن رغبة في الظهور بشكل يستهلك خصوصية تجاربهن ويظهرهن بمظهر متهافت مبتذل سعيا وراء الشهرة، نجدهن يسخرن كل دهائهن من اجل ذلك.
فإذا كنت ترغبين عزيزتي الأديبة الواعدة بالدخول الى عالم النجومية عبر بوابة الأدب، ما عليك الا اتباع النصائح التالية:
اختاري لكتابك عنوانا منتخبا من حقل دلالي بالغ الحسية، كاستعراض كتالوج الجسد على غرار «انه جسدي»، «ذاكرة الجسد»، «ضجيج الجسد» «الجسد المستباح»، او مفردات تنتمي لغرفة النوم من (سرير)، (مخدع)، (وسادة)، (قميص نوم) وغير ذلك.
ثم صرحي للصحافة عكس ذلك كأن تقولي:
«لا اتعمد وضع العناوين المثيرة لكتبي «ذاكرة الجسد»، «فوضى الحواس»، «عابر سرير»، وزوجي هو من دفعني الى عنوان «عابر سرير»، واحضر الآن نصوصا عاطفية بعنوان «في مخدع الكلمات».
فجري في الصحافة بين الحين والآخر تصريحات تثير الضجة وتحرك البرك الراكدة.. علّ ذلك يؤسس حضورك الأدبي بقوة.. عبر احاديث او مقالات متمردة على سبيل (خالف تعرف) بأفكار ومعارك وشطحات كالخروج عن الشائع والمالوف كإثارة بعض الاطراف ثم إنكار ذلك بوصفه مؤامرة ومخططا ارهابيا بهدف النيل من رموز التنوير بمعنى «انك مطلوبة» امرأة مثيرة للجدل.. صدامية بامتياز.
استفيدي من تصريحات نجمات الأدب حول مشاريعهن، أفكارهن، طقوس كتابتهن و..الخ، أرفق إليك بعضها:
ـ «اكتب في السرير، أتقاسم شراشفي مع الاقلام الملونة، في تلك اللحظة تعري حميميتك.. طبعا، لست مارلين مونرو، وكأن اضع عطر شانيل 5»..
ـ «دموعي اتركها للكتابة، أخاف على قلمي من خدر النشوة».
ـ «بعد سقوط بغداد غيّرت لون شعري».
ـ أنا الكاتبة الأكثر تزويرا في العالم العربي».
ـ احد المزورين قال لي: نريد كتابا جديدا لنزوره، اطبعي عملا لننسخه.. نريد ان نعيش».
*****
وإذا ما جاء الحديث عن النجومية فقاطعيهم على الفور:
«لست نجمة، أنا في الضوء مع الأسف، لا أحب نجوميتي، بل أكرهها، إنني لا أطيقها».
وابتعدي عن الصحافة بعض الوقت مدعية الرغبة في العزلة، او تجنب الاضواء والحاقدين واستثمري وقتك في التخطيط لظهور اكثر تفجيرا واثارة وترويجا لمبيعاتك.
عذرا، عزيزتي الأديبة، قائمة النصائح قد تطول، ولكن المجلات السيارة متوفرة في كل المكتبات وعلى أرصفة الطرقات يمكنك الاطلاع عليها للاستزادة منها في رفع مهاراتك وتطوير خبراتك.
اما الامر الذي دعاني الى السخرية نزفا على حال بعضهن رغم مواهبهن هو شيء من الضوء في نصوصهن والايمان بالكاتبة العربية عبر رحلتها الوعرة تاريخيا، واستحضر في هذا المقام آخر لقاء لي بالصديقة الروائية فوزية رشيد في البحرين. عندما كنا نتأمل هذه الظواهر في أدبنا النسائي ـ وكيف وجدت فيها روح الكاتبة القلقة على مستقبل الكتابة النسوية العربية، واهتمامها لا أساسي بقضية المرأة في أدبها، قائلة: «ما يحرضني على الكتابة في قضية المرأة هو علاقة المرأة بذاتها وبالحياة، وهي العلاقة التي لم تختبر كثيرا خلال ما مضى من تاريخ. فنحن لا نعرف في التاريخ المرأة التي اهتمت بقضايا العالم الكبرى او اهتمت بقضايا الوجود او بالفلسفة، كل هذه الاهتمامات كانت استثنائية. يمكن ان نشير الى فيلسوفة ما، او مفكرة ما في التاريخ، لكن لا يمكن ان نقول ان هذه المشاغل الوجودية الكبرى كانت تشغل المرأة مثلما كانت تشغل الرجل لاسباب معروفة منها واقع المرأة الذي لم يتح لها الخروج عن ذاتها لتلتحم بالوجود الاكبر. كان هذا الحوار قبل اصدار روايتها (عذابات شهرزاد) تلك الرواية المسكونة بأسئلة كبرى تطرحها المرأة متجاوزة تهميشها بوعي وبذات تكتسب اتساعا وأفقا واهتمامات لم تكن تعنيها فيما سبق..
ويبدو ان ما يحرض بعضهن على الكتابة يختلف عن هموم نجماتنا الأديبات، والا ما تفسير عدم إدلاء كاتبة كبيرة مثل فاطمة المرنيسي بأي تصريحات صارخة للصحافة رغم مشروعها الفكري الاستثنائي، او الروائية المصرية المقيمة في بريطانيا اهداف سويف، صاحبة «في عين الشمس»، «وخارطة الحب»، او هدى بركات او صاحبة الثلاثية «مريمة والرحيل» رضوى عاشور، او غيرهن كثيرات.
شاعرة واعلامية بحرينية*
بروين حبيب
نص جميل ..موضوعي من حيث الرؤية الدالة والمبدا الانساني والموقف النبيل ..ولعل المقصود بالنص ليست الكاتبة الروائية صاحبة عابر سرير ..وفوضى الحواس …فقط بل شبيهاتها ونسخها اللواتي افرزهن عصر “الماركوتين” و”الرقص ” وعرض الجسد ..وادراك معنى صناعة النجمة في مجتمعات عربية تعاني مشكلة الجنس والخطاب الجنسي مثلما تعاني الحرب وخطاب الحرب ..الدين وخطابه ..تقدير
على العموم لا يمكن ان تكون الكتابة الا فيضا من رحيق القلب او ومضة من ومضات العقل او نفحة من نفحات الروح….بالمختصر المفيد. الكتابة هي صاحبها….