ماكرون وتركيا: بونابرت أم أرنب دوراسيل؟

حجم الخط
13

بعد اتفاق تركيا والولايات المتحدة الأمريكية على إبعاد القوات التابعة لحزب العمال الكردستاني في سوريا عن الحدود وإنشاء «منطقة آمنة» بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإبداء مجموعة من المواقف الرافضة لذلك الاتفاق كان من بينها لقاؤه الشهر الماضي مع إحدى قيادات «قوات سوريا الديمقراطية» التي تعتبرها أنقرة تنظيما إرهابيا.
وقد تقصد ماكرون في تصريحاته المتلاحقة استفزاز القيادة التركيّة عندما شكك بالمادة الخامسة من معاهدة الحلف الأطلسي التي تنص على التضامن العسكري بين أعضاء الحلف إذا تعرض أحدهم للهجوم قائلا إن التدخل الذي قامت به تركيا في شمال شرق سوريا طرح أسئلة جدية (في حال إنها هوجمت من قبل روسيا أو النظام السوري)، وصولا إلى وصفه الحلف بأنه «في حالة موت سريري».
في الوقت الذي لجأ فيه إلى التشكيك بحقّ تركيّا في الدفاع عنها باعتبارها ضمن الحلف الأطلسي وتساءل عن كيفية توافق منظومة الصواريخ التي استلمتها من موسكو، كان ماكرون يؤكد على انتماء روسيا إلى أوروبا، وقد فهمت القيادة التركيّة، الحسّاسة للتمييز الأوروبي ضد شعبها، هذه التصريحات على أنها رسائل عنصريّة مبطّنة، وكذلك كدعوة لإخراجها من حلف الناتو، وهو ما أدّى إلى غضب واضح تركيّ تجلّى بتصريح حاد للرئيس رجب طيب اردوغان أمس الجمعة قال فيه إنه يتحدث من تركيا، كما أنه سيقول الشيء نفسه، في الناتو أيضا (خلال الاجتماع التالي له الأسبوع المقبل) وهو أن دماغ ماكرون يعاني «موتا سريرا» وليس الناتو.
التحليل التركي لموقف ماكرون هو أن فرنسا تحاول أن تجد لها موطئ قدم في سوريا، وأن ماكرون، في الوقت الذي تستعد فيه بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي، يحاول أن يلبس ثوب قائد القارة الأوروبية، لكن تطاوله على القيادة التركية ومحاولة إظهار قوته داخل الحلف الناتو أمران غير قابلين للنقاش، وعلى حد سؤال اردوغان له: «هل إخراج تركيا من الناتو أو إبقاؤها من شأنك. هل لديك صلاحيات اتخاذ هكذا قرارات؟».
الأوروبيون بدورهم وجدوا أن تصرفات ماكرون خرجت عن الحدود فقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن التصريح «غير مناسب»، ووصف رئيس الوزراء البولندي ماتوش مورافيتسكي أقواله بأنها «غير مسؤولة»، فيما اعتبر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن رؤية الرئيس الفرنسي بشأن حلف شمال الأطلسي «ناتو» يمكن أن تؤدي إلى تقسيم أوروبا.
باحث فرنسي في مركز أبحاث استراتيجية أوروبية قال إن ماكرون يشبه «بونابرت عند جسر أركول لكنه ليس في أركول ولا يوجد جسر»، في إشارة إلى معركة بدأت اسطورة الفاتح الفرنسي الشهير، ولكن جوناثان إيال، المدير المساعد في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث في لندن وجد توصيفا آخر له قائلا: «بعد انتخابه عام 2017 بدا أنه يجسد كل آمال أوروبا لكنه يبدو الآن أشبه بأرنب بطاريات دوراسيل. يثير الكثير من الضجيج ويتحرك في كل الاتجاهات بدون أي هدف محدد».
النتيجة أن ماكرون الذي لم يستطع حلّ مشاكل فرنسا، والذي تعرض جيشه لضربة كبيرة في مالي مؤخرا، يثير فعلا الكثير من الضجيج ويحاول تقليد نابليون بونابرت لكنّ أحدا لا يأخذه على محمل الجد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامي الصوفي:

    ماكرون ليس فقط مصاب بالموت الدماغي، بل يعاني من ضمور و موت عضو آخر في جسمه!

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    الذي عرقل دخول تركيا للإتحاد الأوروبي هي فرنسا ولعدة أسباب أولها الإسلام! أما الحرب التركية اليونانية بشأن قبرص سنة 1974 فلم تُخرج تركيا من الناتو!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه(ماكرون وتركيا:بونابرت أم أرنب دوراسيل؟)
    بروح صليبية متأصلة في لاوعي النخب الفرنسية خاصة والاوروبية عامة يخاطب الرئيسُ الفرنسي ماكرون الرئيسَ التركي ،اردوغان بعنجهية واستعلاء بأن وجود تركيا في حلف الأطلسي لا معنى له ،كون عقيدة الشعب التركي تتعارض مع عقيدة اوروبا . وكأنه يجسد روح اليمين الأوروبي المتطرف الصليبي المتعصب بعمى بصر وبصيرةضد الإسلام والمسلمين ظانا نفسه زعيم أوروبا ،متقمصا شخصية نابوليون بونابرت؛مما حدا باردوغان أن يصف دماغ ماكرون بأنه يعاني من موت سريري. وأبلغ من ذلك عندما وصفه جوناثان إيال،من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث في لندن وجد توصيفا آخر لماكرون بأنه( أشبه بأرنب بطاريات دوراسيل. يثير الكثير من الضجيج ويتحرك في كل الاتجاهات بدون أي هدف محدد».)
    ونكاية بتركيا فإن ماكرون استضاف إحد قادة حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا إرهابيا واتفقت مع امريكا على إبعاد القوات التابعة لهذا الحزب (في سوريا عن الحدود وإنشاء «منطقة آمنة»)
    ‌وعلى العموم فإن صليبية ترامب لا تقل حدة عن صليبية ماكرون وعلى اردوغان أن يكون أكثر حذرا من ترامب.

  4. يقول سامى عبد القادر:

    عقدة الرئيس الفرنسى الكبرى هى أن تركيا دولة “مُسلمة” تقف موقف الند للند مع أى دولة فى العالم, وخاصة ما يُسمى بالدول الكبرى, والتى اعتادت منذ سقوط دولة الخلافة الكبرى, وتفككها إلى دويلات صغيرة ممزقة بائسة (عِزب سايكس بيكو) … اعتادت على معاملة تلك العِزب من منطلق السيد المُطاع للتابع الذليل الذى لا إرادة ولا كرامة له … وطبعاً كان لفرنسا باعها الطويل والقذر فى هذا المضمار, وخاصة مع دول المغرب العربى الثلاثة
    .
    ولم يختلف الأمر كثيراً مع تركيا طوال ما يقرب من ثمانية عقود حالكة السواد تحت حكم العسكر الأشقياء الفشلة دائماً وأبداً … وأمام رغبة العسكر الترك الجارفة فى الإنضمام للإتحاد الأوروبى, اشترط عليهم الأوروبيون شرطاً تعجيزياً, وهو ضرورة وجود حكومة مُنتخبة ديمقراطياً!! … وبقية القصة معروف, وينطبق عليها تماماً قول الحق سبحانه وتعالى: “وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ”
    .
    وها هى الحرية فى تركيا, تُفرز رجالاً أشداءً, يعتزون بدينهم وتراثهم, بزعامة الزعيم التركى العملاق أردوغان, الذى يقف موقف الند -وأكثر- مع أكبر الرؤوس فى عالم اليوم, وها هو يصفع رئيس فرنسا على قفاه, ويجد من دول أوروبا الكبرى من يسانده!! … حاجة عظمة

  5. يقول بلحرمة محمد:

    الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون هو احد افشل الرؤساء الدين عرفتهم فرنسا ويظهر دلك جليا من خلال احتجاجات السترات الصفر التي عبرت عن امتعاض الشارع الفرنسي من سياساته وكدلك بالنسبة للسياسات الخارجية فهو يبدو ضعيف التجربة الم يكن يفتقر اليها فالخلاصة هي ان فرنسا لم تعد بتلك القوة التي كانت عليها.

  6. يقول إبن كسيلة:

    هل حان الوقت لبعث …بطولة العالم …….للملاكمة بين رؤساء و ملوك و أمراء الدول ….؟

  7. يقول سامح//الاردن:

    *الجواب:- (أرنب) طبعا..

  8. يقول تونس الفتاة:

    فى السياسية دائما العبرة بالنتائج و ما يسير على الارض ….و النتيجة ستكون اوروبا موحدة وهى تسير بخطى ثابتة و ستتسارع خصوصا مع خروج بريطانيا التى كانت تنخر اوروبا من الداخل و تعطلها ….و النتيجة ايضا انه مهما فعل اردوغان لن تكون له قدم فى أوروبا وحتى وان احترم كل معايير الانتماء المهينة ….وذهب زحفا على بطنه من اسطنبول الى بروكسال ….سؤال لما لا يخرج من الناتو الذى يهينه و لماذا لا ينهى علاقاته مع اوروبا و يعلن صراحتا انه لا يريد الدخول الى اوروبا التى توجه له الاهانة تلوة الأخرى….؟ خطابات عنترية فارغة موجه لمجموعة ممن يحب هذه الخطابات البهلوانية…. الواقع هو ماما اوروبا و ماما الناتوا و مصالح تركيا و الاتراك……ومهما كان الثمن ….

    1. يقول فرنسا العجوز:

      فرنسا هي مثل عزيز قوم ذل، ثم عليك أن تغير كلمة “صراحتا” في تعليقك إلى الكلمة الصحيحة “صراحةً”.

    2. يقول تونس الفتاة:

      شكرا على التصحيح …..فرنسا العجوز سمعتها منذ 60 سنة ….ومن اصابهم العجز هم من يرددوها دائما دون ان يتقدموا خطوة او يقدموا شئ جديد للانسانية …..فرنسا و المانيا و ايطاليا و اسبانيا و…….و……انتهوا كدول وهم يعرفون ذالك و باختيارهم الاستراتيجى ….من يحدد كل شئ هو بروكسال و سترازبورغ فى السياسة و فرنكفورت فى الاقتصاد و المال …مرحبا اوروبا ….

  9. يقول اسامة كليّة:

    وجدت ان رد اردوغان غير دبلوماسي فهل ماخفي اعطم؟ انا ماكرون فهو يقود اوربا الى مشاريع فاشلة وهو يقدم شيء جديد للشعب الفرنسي ويريد إلهاء الشارع الفرنسي بهذه السياسة القديمة

  10. يقول اسامة كليّ:

    عدرا اقصد لم يدم شيء جديد

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية