باريس ـ بغداد ـ «القدس العربي»: أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اعتزام بلاده مواصلة دعم العراق مستقبلا في الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية». وفي أعقاب لقاء مع الرئيس العراقي برهم صالح في باريس أمس الاثنين، قال ماكرون: «يجب حماية هذا البلد من أزمات الشرق الأوسط، سواء في سوريا أو إيران».
وشدد في هذا الصدد على أهمية الوجود الدائم للتحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة» في العراق.
وزاد: «لدينا الكثير من المشاريع في اعادة تأهيل المحافظات المتضررة خلال حقبة داعش في العراق، بالاضافة الى انشاء منظومة مشتركة تحقق التعاون المشترك في المجال الاقتصادي بين البلدين».
ورحب الرئيس الفرنسي بقرار الولايات المتحدة عدم سحب جميع القوات الأمريكية من سوريا والإبقاء على عدة مئات من الجنود هناك، وقال: «القرار الأمريكي أمر جيد، وقد صحبناه سياسيا، وسنواصل العمل كجزء من التحالف في المنطقة».
صالح قال في المؤتمر الصحافي إن «النصر في العراق نصر غير مكتمل، بل يحتاج الى ادامة الزخم الاقتصادي والإقليمي»، مشددا على وجوب «العمل معا مع الحلفاء الدوليين من اجل تجفيف مصار الإرهاب، والقضاء على هذه الظاهرة الشاذة».
وأضاف أن «العراق يركز على التنمية البشرية وليس بالسهل تحقيقه، ولكننا نتوقع من الحلفاء أن يساعدونا في هذا المجال»، داعيا إلى «إعادة الإعمار في هذه المرحلة».
شريك اقتصادي فاعل
وتابع أن «فرنسا كانت دوما شريكا اقتصاديا فاعلا للعراق، ونتمنى أن تتطور أكثر»، مشيرا إلى أن «العراق امامه استحقاقات سياسية واقتصادية وإصلاحية كبيرة، خاصة وأن العراقيين مصرون على تلبية تلك الاستحقاقات والعودة إلى ما يستحقه العراق من مستقبل زاهر».
وزاد: «لا نريد أن يكون العراق ساحة للمنازلات، وإنما ساحة للتوافق بين الدول»، مستدركا: «أتطلع إلى شراكة فعلية مع فرنسا والاتحاد الأوروبي من أجل إنهاء المرحلة العصيبة من استفحال الإرهاب».
الرئيس العراقي، أعلن كذلك تقديم ثلاثة عشر فرنسيا مشتبها في أنهم قاتلوا ضمن صفوف تنظيم «الدولة»، إلى محكمة عراقية.
وقال: «ستتم محاكمتهم وفقا للقانون العراقي».
وأعلن الجيش العراقي، أمس، أن قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من أمريكا، سلّمت العراق في الأيام الأخيرة 280 أسيراً من مقاتلي تنظيم «الدولة» من العراقيين والأجانب.
وقال مصدر عسكري يقود قوات الجيش العراقي قرب الحدود السورية، وقريب من عملية التسليم، إن «من بين المجموعة التي تضم 280 فردا يوجد نحو 14 فرنسياً وستة عرب لم تحدد جنسيتهم».
لكن القوات العراقية أكدت أن مقاتلي التنظيم الذين تسلمتهم من سوريا، جميعهم يحملون الجنسية العراقية، وهم مطلوبون وفقاً للمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب العراقي.
وأكد عقيد في الجيش، لم يذكر اسمه أن «130 شخصا سلموا الأحد الماضي، بالإضافة إلى 150 سلموا يوم الخميس الماضي»، مضيفا: «تضمن ذلك أول عملية تسليم معروفة لأسرى غير عراقيين للعراق، ولكن لم يتضح ما إذا كانوا سيظلون محتجزين لدى العراق».
وقالت مصادر عسكرية عراقية أن «من المفترض القيام بمزيد من مثل عمليات التسليم تلك بموجب اتفاق لتسليم مجموعة تضم نحو 500 شخص تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية في سوريا».
وأصدرت خلية الإعلام الأمني (تابعة لرئيس الحكومة عادل عبد المهدي)، توضيحا بشأن أسباب تسلم «الدواعش» من الجانب السوري والاجراءات المتخذة بحقهم، مبينة أن هذا الإجراء يخص المعتقلين من حملة الجنسية العراقية فقط.
أكد خلال لقائه صالح على ضرورة حماية العراق من أزمات الشرق الأوسط
وقالت الخلية في بيان : «من خلال المعارك بين قوات (قسد) وداعش، اعتقلت قوات (قسد) السورية عددا كبيرا من الدواعش داخل سوريا، ومن جنسيات متعددة، ومنهم عراقيون يقدر عددهم بأكثر من 500 معتقل، جرى تسليم 280 منهم لحد الآن، إلى وزارة الداخلية».
وزادت: «تفاديا لإطلاق سراحهم من قبل قوات (قسد) جرى التحرك بسرعة لمنع إطلاق سراح (العراقيين) والعمل على تسلمهم من قبل الجهات الأمنية العراقية ليتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم». وأضافت: «بناءً على ذلك تم تسلم وجبتين منهم، وما تزال العملية مستمرة لغاية اكتمال العدد»، مشيرة إلى أن «القوات الاأنية تجري عملية استلام الأسماء أولا وتدقيقها وفق قاعدة بيانات وبالتنسيق مع القضاء الذي أصدر مذكرات قبض بحقهم واتخذت الاجراءات السليمة وفق القانون واحالتهم مخفورين من قبل وزارة الداخلية لإكمال الإجراءات القانونية واحالتهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل».
وتابعت إن «هذا الإجراء يخص المعتقلين من حملة الجنسية العراقية فقط».
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، دعا دولا أوروبية، بينها ألمانيا وفرنسا، عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، إلى استعادة أكثر من 800 مقاتل من تنظيم «الدولة» جرى أسرهم في سوريا، وتقديمهم إلى المحاكمة.
وهدد بأن في حال عدم استجابة الحلفاء، فإن الولايات المتحدة ستكون مضطرة إلى إطلاق سراح هؤلاء المقاتلين. يذكر أن هؤلاء المقاتلين الأسرى ليسوا تحت تحفظ الجنود الأمريكيين بل تحت تحفظ قوى كردية في سوريا.
وكشفت مصادر برلمانية مُطلّعة، أن العراق يعتزم إرسال عناصر التنظيم، ممن يحملون جنسيات أجنبية، إلى بلدانهم، ما لم يمارسوا أي نشاطٍ داخل الحدود العراقية.
تفكيك الخلايا النائمة
عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية علي الغانمي، قال: «المعتقلون الدواعش الذين تسلمهم العراق من قوات سوريا الديمقراطية سيتم التعامل معهم وفق القوانين العراقية على عدة اعتبارات وضمن آليات معينة»، مبينا أن «القسم الأول منهم، وهم العراقيون المتورطون مع داعش، والذين تجاوز عددهم المئة شخص، وهم مطلوبون للقضاء والأجهزة الأمنية العراقية، سيكون للتحقيق معهم أهمية قصوى لمعرفة الخلايا والخيوط المرتبطة بهم للزمر الإرهابية بغية تفكيك تلك الخلايا النائمة».
وأضاف أن «القسم الثاني بحال كان مع الذين تم تسلمهم إرهابيين غير عراقيين يعملون مع داعش، وبحال كانوا متورطين في أعمال إرهابية داخل العراق وسفكوا الدم العراقي ومطلوبين للقضاء العراقي وفق معلومات استخبارية، فسيتم محاسبتهم وفق القوانين العراقية كونهم اعتدوا على أمن العراق وشعبه».
ولفت إلى أن «القسم الثالث من الاجانب العاملين مع داعش ولم يكن لهم نشاط في العراق فهؤلاء ينبغي إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، وأن يتم استلامهم من تلك البلدان وفق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، خاصة أن هناك بعض البلدان ترفض استلام المقاتلين الدواعش ممن ينتمون لهم وهي مشكلة كبيرة ينبغي معالجتها وفق المعاهدات والمواثيق الدولية».
وأكد أن «سجن هؤلاء الإرهابيين والذين منهم قيادات كبيرة في تلك الزمر الإرهابية سيمثل إثبات لجميع من راهن على ضعف الأجهزة الأمنية وسيتم اثبات قدرة قواتنا الأمنية والاستخبارية على تأمين أماكن سجن هؤلاء وهم تحت السيطرة وعدم فسح المجال لهروبهم تحت أي ضغوط أو مؤامرات من أمريكا أو غيرها».