“مالية إسرائيل”: تنتظرنا أزمة اقتصادية تفوق ضرر حرب لبنان الثانية

حجم الخط
0

تحاول وزارة المالية في هذه الأثناء فحص مدى ضرر الحرب باقتصاد إسرائيل على المدين القريب والبعيد. في قسم الاقتصادي الرئيس في الوزارة دكتور شموئيل ابراميزون، يفحصون عدة سيناريوهات محتملة لتطورات الحرب، التي يحاولون بحسبها فحص ما تأثير الأزمة الأمنية على الاقتصاد، التي هي من أخطر الأزمات التي عرفتها إسرائيل.

تتراوح السيناريوهات المحتملة بين معركة محددة ببضعة أسابيع، ستنتهي بوقف لإطلاق النار، وبين تطور خطير يؤدي إلى اشتعال منطقة الشمال وحرب قاسية. لا تتوقع وزارة المالية نشر أي تنبؤ في الأيام القريبة، رغم أن عليها بلورة تنبؤ اقتصادي محدث، سواء في إطار تقرير للكنيست حتى الأول من تشرين الثاني، أو تقرير للحكومة في إطار خطة الميزانية متعددة السنوات. حتى الآن، ولغياب اليقين الكبير، لا يتوقع أن تشمل هذه التقارير أي تنبؤات عن تأثير الحرب على الاقتصاد.

كبار رجال وزارة المالية استغرقهم الكثير من الوقت لفهم مغزى الأحداث. في الجلسة الأولى التي عقدت السبت، عندما نشرت وسائل الإعلام عن أكثر من 100 قتيل في الهجوم الفجائي، قال كبار موظفي وزارة المالية في نقاش داخلي، إن الحدث لا يبدو مهماً من ناحية اقتصادية، وليس له تأثيرات بعيدة المدى، وأن نفقات تمويل الحرب ستكون من ميزانية الدفاع الحالية.

ربما يوجد مبرر لتفكير أولي لدى وزارة المالية حول تأثيرات الأزمة. عدد من الجهات الدولية، بما في ذلك شركات التصنيف الائتماني، اعتادوا على التعامل مع الأزمات الأمنية في إسرائيل على أنها حكاية مؤقتة ليس لها تأثير بعيد المدى على اقتصاد إسرائيل المزدهر. لذا، من النادر تعليق أي أهمية على الوضع الأمني عند تقييم التصنيف الائتماني أو عند التوصية بالاستثمار فيها.

أما الآن فتعرف وزارة المالية أن آمالها الأولية كانت خاطئة وارتكزت على معلومات ناقصة لساعات الحرب الأولى. وباتوا يدركون الآن أنه حدث مختلف كلياً، وأن الضربة ستكون مؤلمة وقوية وستقتضي إعادة تنظيم لميزانية الدولة، لا سيما لسنة 2024.

انخفاض ساعات العمل

جرى فحص التأثيرات الاقتصادية لأحداث غير متوقعة بشكل عام بواسطة المقارنة مع أحداث سابقة. آخر مقارنة حاولت وزارة المالية إجراءها كانت مع حرب لبنان الثانية في 2006 التي استمرت 34 يوماً وأدت إلى أضرار بلغت 0.5 على الناتج المحلي، حسب وزارة المالية. ولكن وزارة المالية تعتقد الآن أن تأثيرات حرب لبنان الثانية ستتقزم مقارنة مع الحدث الاقتصادي المتوقع في إسرائيل نتيجة الحرب الحالية.

التقديرات التي بدأت تتبلور لدى وزارة المالية تتعلق في هذه الأثناء بمسألة الاقتصاد الكلي: إلى أي درجة سيتأثر النمو في إسرائيل نتيجة الحرب. هذا الرقم سيؤثر بعد ذلك أيضاً على حجم الضرر الذي لحق بعائدات الضرائب وبخصوص التأثيرات الأخرى على الإيرادات – والنفقات أيضاً.

في كل ما يتعلق بالإضرار بالنمو، تعودت وزارة المالية على تقدير الأضرار بسبب شل الاقتصاد بعد أزمة كورونا في 2020. الإغلاقات التي فرضت خوفاً من تفشي الوباء، بدأت بشكل شامل واستمرت إلى إغلاق قطاعات مرتبطة بتجمع الجمهور. نسبة كل قطاع من هذه القطاعات مقارنة بمجمل الاقتصاد وحجم الأضرار بالإنتاج نتيجة شله ستكون الأساس الرئيسي لتقديم درجة الأضرار بالناتج المحلي أيضاً في هذه المرة.

على المدى القريب، فالمجالات الأساسية المتوقع أن تتضرر هي فرع السياحة والمناسبات والمطاعم والثقافة والاستجمام. باستثناء ذلك، شل جهاز التعليم يضر بتشغيل ما لا يقل عن واحد من الوالدين، على الأغلب الأم.

المؤشر الأساسي الذي ستستخدمه وزارة المالية لفحص الضرر هو حجم خفض ساعات العمل للعاملين في الاقتصاد – وفي أي قطاعات سيكون الضرر أكبر. مثلاً، فرع “الهايتيك”، ذو الإنتاجية الأعلى في إسرائيل، يتوقع أن يواصل عمله بإنتاجيه مرتفعة حتى في مثل هذه الأزمة، وذلك بسبب العمل عن بعد. في المقابل، هناك مجالات أخرى قد تتضرر بشكل أكبر. وتفحص وزارة المالية إمكانية أن تتضرر أعمال الموانئ في إسرائيل، الأمر الذي سيضر بتوفير السلع للدولة.

ثلاثة أسئلة رئيسية

يتوقع أن يتضخم حجم الإنفاق إلى أبعاد كبيرة، بسبب التكلفة المرتفعة المتوقعة لمنظومة الأمان. ولكن حتى قبل أن تتضح الصورة، ستكون تكلفة تمويل حوالي 360 ألف جندي احتياط مرتفعة في المدى القريب. الحد الأدنى للراتب الذي يدفع لجندي الاحتياط في اليوم هو 215 شيكلاً. الأمر الذي يعني أن تكلفة تجنيد الاحتياط تقترب الآن من 80 مليون شيكل يومياً. وإذا استمر حشد الاحتياط مدة شهر، فستبلغ التكلفة 2.3 مليار شيكل. عملياً، هذا المبلغ لليوم الواحد يبدو أنه سيكون أكثر ارتفاعاً. رغم أن جزءاً من الاحتياط هم طلاب يستحقون أجراً أقل، وآخرون أجرتهم أعلى، وبالتالي فإن الأجر اليومي سيكون أعلى.

إضافة إلى ذلك، تخصص وزارة المالية ميزانيات كبيرة لتعويض واسع، بالأساس لرجال أعمال قد يتضررون من القتال بشكل كبير، شبيهاً بنموذج التعويضات الذي اتبع في فترة كورونا. وكذلك الأضرار المباشرة نتيجة الهجمات.

على المدى القصير، الأسئلة الثلاث التي ستؤثر الآن على طبيعة الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي هي: إلى متى سيتم شل جهاز التعليم؟ ما هي درجة الإضرار بالقطاعات المرتبطة بالتجمع أو الاستهلاك الشخصي؟ وما هي تكلفة أيام الاحتياط؟ أصبحت وزارة المالية تدرك بأن الضرر من هذه الحرب سيكون مؤلماً، لكنها لا تعرف بعد ما هو البند الذي سيلحق الضرر الأكبر وما حجمه.

ما وراء المدى القصير، يتوقع أن تكون للحرب تداعيات بعيدة المدى. يتوقع أن يزداد العجز. وطبقاً لذلك، ستكون تكلفة الخدمة الإلزامية كبيرة في ظل سعر الفائدة المرتفع. إضافة إلى ذلك، نسبة كبيرة من ميزانية الدولة يمكن نقلها إلى ميزانية الدفاع بدلاً من نقلها إلى البنى التحتية وأهداف أخرى تشجع على النمو الاقتصادي.

حدث انخفاض معين على الاستهلاك وعلى النمو في الأحداث الأمنية السابقة، ولكن إسرائيل نجحت في تعويض ذلك في الأرباع السنوية التي تلت ذلك. وأصبحت أزمة كورونا وراءنا، وارتفع النمو في إسرائيل في 2022 واجتاز خط اتجاه النمو المتوقع الذي كان قبل الأزمة.

       بدون قيود

بعد الانتقاد الذي وجه وكأن كل شيء على ما يرام، أوضحت وزارة المالية أمس بأنه “من المتوقع أن تكون للحرب تأثيرات مهمة على الاقتصاد”، وأن “الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن والشرطة وقوات الإنقاذ تعمل طبقاً للحاجة العملياتية وبصورة جارية وبدون قيود. تكلفة القتال المباشرة ستتضح فيما بعد، وستتم بلورة الرد على ذلك طبقاً للحاجة.

وأعلنت الوزارة بأنه تم وضع إطار للميزانية حول التداعيات المدنية المتواصلة للحرب، لكنها لم تعط أي تفاصيل عن هذا الإطار ومصدر ميزانيته.

 ناتي توكر

هآرتس/ ذي ماركر 11/10/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية