ماهر المذيوب لـ”القدس العربي”: الغنّوشي جنّب تونس الحرب الأهلية بعد “انقلاب” سعيّد

حجم الخط
0

تونس- “القدس العربي”: أكد ماهر المذيوب، المستشار الإعلامي لرئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي إن الأخير جنب تونس الحرب الأهلية عقب إعلان الرئيس قيس سعيد عن تدابيره الاستثنائية التي جمد من خلالها عمل البرلمان التونسي عام ٢٠٢١.

وفي حوار خاص مع “القدس العربي” قال المذيوب: “لنكن أكثر انصافا، المعارضة التونسية للانقلاب على الدستور، مثلت نموذجا مشرفا وفريدا للمعارضة في دول الربيع العربي التي شهدت جميعها انقلابات عسكرية على الثورة السلمية المدنية منذ عام 2011، فهي رفضت رفضا باتا أن تسقط في الفخ بتجنبها وتجنب الأستاذ راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب (السابق) الصدام مع قوات الجيش والأمن صبيحة يوم 26 يوليو/ تموز ٢٠٢١، حيث دعا أنصار الديمقراطية للعودة إلى ديارهم بعد أن استحثهم للحضور في وقت سابق”.

وأضاف “لكن الغنوشي- وهذه شهادة مني للتاريخ- أحجم عن أي تحشيد أو اعتصام، يوم رمى بعض من يقولون إنهم أنصار قيس سعيد الحجارة على سيارة الأمن الرئاسي، وعلى أنصار الديمقراطية. لحظتها وبعد استحضاره لخطورة الموقف وسهولة الانحدار لمربع العنف، خيّر الانسحاب من أمام مجلس نواب الشعب ودعا أنصار الديمقراطية للانسحاب، ما مثل لحظة فارقة في تاريخ تونس، وجنبها مصير الحرب الأهلية والاقتتال، لا قدر الله”.

وتابع بالقول “ثم بعد فترة الصدمة الأولى، بدأ المجتمع المدني التونسي في التنظم لمقاومة الانقلاب على الدستور، من خلال حركة مواطنون ضد الانقلاب، وأقرت حركة النهضة استراتيجية المشاركة (وليس القيادة لهذه المقاومة) احتراما لشرف المبادرة الوطنية المدنية وتقديرا لكل المكونات وتفهما لما قد يكون علق لبعض الفئات من الشعب التونسي من تحفظ لبعض الممارسات الني حفت مرحلة الانتقال الديمقراطي، والمساهمة في تجميع المعارضة من أجل هدف نبيل هو إسقاط الانقلاب على الدستور عبر الوسائل القانونية السليمة المدنية”.

وكان الغنوشي قال، في حوار سابق مع “القدس العربي”، إن التونسيين أضاعوا فرصة إسقاط “الانقلاب” على الطريقة التركية، لكنه اعتبر أن فرصة التغلب عليه عبر التراكم أو “تسجيل النقاط كما في الملاكمة” ما زالت ممكنة.

ومن جهة أخرى، قال المذيوب إن جبهة الخلاص الوطني جاءت نتيجة “نجاح حركة مواطنون ضد الانقلاب في استنهاض الشارع ضد الانقلاب، وإضرابات الجوع وتحركات النواب والسياسيين في الخارج، ومن جهة أخرى، وصول أغلب الطيف السياسي والشخصيات الوطنية لقناعة راسخة بفشل مخطط قيس سعيد ورفضه المطلق لأي إنسان ممكن أن يقترب منه أو يتحدث إليه أو يقدم له وجهة نظرة مغايرة. وقد ولدت الجبهة من رحم تلاقي الشارع التونسي والنخب الوطنية من أجل تسريع نسق المقاومة عبر توحيد المعارضة وتقديم بديل وطني ديمقراطي موحد، إلا أن قيس سعيد، العاشق للانقسام، اعتقل أبرز رموز المعارضة وشل حركتها ونكل بهم وبعائلاتهم”.

وأضاف “وإذ تمثل هذه المسيرة، طيلة عامين من النضال والكفاح السلمي المدني، مرحلة مشرقة من تاريخ تونس في النضال المستميت من أجل استعادة الديمقراطية بدون إراقة قطرة دم ولا إطلاق رصاصة أو حجر على أي كان أو إتلاف أي مرفق عام أو ملكية شخصية، فإن انقلاب قيس سعيد، ومصالحه المرتبطة عمليا برأس الثورة المضادة إقليميا ودوليا، يحاول إطالة أنفاسه بكل الطرق، متناسيا ذكاء الشعب التونسي القاصم بطريقة مبتكرة لكل ظالم. وأعتقد (والله أعلم) أن قيس سعيّد الذي صعد بقوة العالم الرقمي سيغادر الكرسي صاغرا بقوة ذكاء الشعب التونسي ومنصته في الذكاء الاصطناعي”.

الرئيس يرفض الحوار

وحول إمكانية الحوار مع الرئيس سعيد، قال المذيوب “كنت ولا زال أحلم (واهما للأسف الشديد) بأي إمكانية لحوار بناء ومثمر تونسي- تونسي شامل وفي حضور رئيس الجمهورية التونسية، لكن قيس سعيد يرفض أي حوار مع أي كان في تونس والمنطقة والإقليم والعالم، ولا يعمل إلا ما يفكر فيه”.

وأضاف “لذلك فإن الإمكانية المتاحة الوحيدة أمام المعارضة، بما في ذلك النهضة، هي الصمود والنضال السلمي المدني حتى يسقط قيس سعيد. لعل من يأتي من بعده يفتح كوة نافذة أمل في جدار إسمنتي مسلح مليء بالأساطير والأكاذيب والترهات. ويعيد الحد الأدنى الضروري للعيش في تونس، والعمل بالعقل وليس الوهم والعلو الشاهق”.

سجن الغنوشي وصمة عار

واعتبر المذيوب أن الغنوشي كمفكر إسلامي معتدل وشخصية اعتبارية تونسية بارزة، من أجل كلمة في مسامرة سياسية، هو “وصمة عار في كتاب قيس سعيد المخجل، ولحظة حزينة في تاريخ تونس وثورتها المغدورة وانتقالها الديمقراطي السلمي المدني”.

وأضاف “وإذ أضيف إلى ذلك تقدم الرجل في السن، حيث احتفل أخيرا بعيد ميلاده الـ83 ومرور 100 يوم في المعتقل، فإن الأمر يصبح معرة شخصية لكل من قام بهذا الاحتجاز والاعتقال التعسفي للغنوشي وكافة المناضلين الأشاوس من أجل الحريات واستعادة الديمقراطية المختطفة في تونس، فهؤلاء ليسوا مصاصي دماء مثل رؤوس الثورة المضادة في الإقليم، وليسوا سارقين لأموال الشعب ولا فاسدين ولا هم باعة للوهم والشعبوية الرثة، بل هم من بين أنبل ما أنجبت الأم التونسية الحرة الأبية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية