في نهاية الأسبوع، نشرت في ملحق “7 أيام” لهذه الصحيفة مقابلة جدية ومشوقة أجراها بن – درور يميني مع وزير الدفاع، كرستُ في معظمها لهذا الأمر ما يسمى الفكر. هذا مهم ليس فقط لرغبة في أن تعنى حملة الانتخابات بمواضيع ليست حسابات ائتلافية، بل لأن أجندة غانتس استظلت تحت علمين ليسا هما سيرته الأمنية: الكلمة الأولى في التوراة (فقط لا بيبي) والكلمة الثانية (“الرسمية”، التي هي فقط لا بيبي بلغة نقية). كل ما تبقى – سياسة وقضاء وبالتأكيد أيضاً اقتصاد وتعليم – أجملت بالشعارات.
لم يخرج غانتس عن عادته، وواضح أن التغيير الأعمق الذي وقع لديه يرتبط بما كان ينقصه من قبل: شهوته بأن يكون رئيس الوزراء. هذا هو السبب الذي يدعونا للتنبه أكثر لانعدام تغطية الشيكات التي وزعها في هذا الحديث، مثلما أيضاً للازدواجية القاسية (إلى جانب النبرة المتعالية القريبة من العنصرية) من خلف فكرة “الرسمية”. يكثر غانتس من التلويح بمعاملته “الطيبة” للأحزاب الحريدية، التي لا يمكن بدونها أن يقوم السيناريو المتطرف الذي يشكل فيه ائتلافاً.
لكن الأضواء يجب أن تلقى على المسألة الأهم بالنسبة لكل زعيم إسرائيلي: الاحتلال، والدولة ثنائية القومية، وخطر الأبرتهايد من خلف الخط الأخضر. هنا جاء غانتس بالبشرى زعماً: أؤمن بتقليص النزاع”، قال. ولمن يبدو له التعبير معروفاً، فإن “تقليص النزاع أصبح شعاراً شعبياً في دوائر الوسط عقب كتاب ميخا غودمان “شرك 67”. غودمان، مثل غانتس، شخص غني بالنوايا الإيجابية، كتب كعادته حججاً منمقة ومقنعة كيف يمكن لإسرائيل أن تقلص مظالم الاحتلال، وألا تدفع ثمناً أمنياً بذات القدر.
غير أن غانتس، ذاك الذي يفترض أن ينقل “تقليص النزاع” إلى مستويات عملية، جاء مع صفحة رسائل من العقد الماضي. ليس للفلسطينيين في الضفة قيادة منتخبة للبحث معها في شيء ما، خصوصاً وعداً فارغاً مثل “تطوير الاقتصاد” (كيف لم يفكروا في هذا من قبل؟!). ما يوجد لها هو قيادة غير ديمقراطية ومقيتة مع رئيس ابن 87. كما أنه من الشائق معرفة إذا كان غادي آيزنكوت أيضاً بأن مشكلة الاحتكاك تحل “بين 9 و13 تحويلة”، في مناطق “ج”.
يعتمد غانتس على فرضية مغلوطة: “معظم الإسرائيليين لا يريدون السيطرة على الفلسطينيين” مستنداً إلى هذا الاستطلاع أو ذاك. ولكن الواقع معاكس في الاستطلاع المقرر – الانتخابات. إذا حقق نتنياهو 61 فما فوق، فتكون أغلبية الإسرائيليين يريدون بل ويريدون جداً السيطرة على الفلسطينيين. إذا اعتزل غداً، فسيقوم ائتلاف يميني متصلب في غضون ساعة. عملياً، لو كان نجوم حكومة غانتس الليكود، وشاس، ويهدوت هتوراة، حيث “السيطرة على الفلسطينيين” فسيفضل غانتس الحبس في جزيرة معزولة مع ايتمار بن غفير، ولا يقول “احتلال”. وسيكون لطيفاً أن نعرف إذا كانت شخصيات مثل جدعون ساعر، وزئيف الكين، ومتان كهانا هي ممن “لا يريدون السيطرة على الفلسطينيين”. من جهة أخرى، لعله غانتس يقصد في “تقليص النزاع” حل خلافات الرأي داخل من يطمح لأن يكون الحزب الحاكم.
بقلم: عيناف شيف
يديعوت أحرونوت 19/9/2022