ما بين إيماءات بايدن المراوغة وشعارات نتنياهو التوراتية تخرج الولايات المتحدة حل الدولتين من ركام غزة وبعد سبات طويل

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

في الرحلة المكوكية الثالثة لإسرائيل جاء وزير الخارجية الأمريكي هذه المرة محملا بوعد التوقف المؤقت للقتال، وضرورة تقليل القتلى المدنيين، مع أن إسرائيل نتنياهو قدمت له الرسالة أنها عازمة على فعل ما تريد حيث استهدفت مدخل مستشفى الشفا، أكبر المؤسسات الصحية في غزة والمستشفى الأندونيسي، وقافلة من سيارات الإسعاف كانت محملة بالجرجى الذين يحتاجون للنقل إلى رفح، وتعرف إسرائيل بها، ولكنها قالت إنها قصفت أهدافا عسكرية، فسيارات الإسعاف تحولت إلى قافلة عسكرية لحماس. وأصر الجيش الإسرائيلي أن لديه الأدلة على ذلك.
وفي الحرب الشاملة والانتقامية على غزة لا يحتاج رئيس الوزراء الإسرائيلي لأن يقدم أدلة للعالم الغربي الذي أعطاه الضوء الأخضر ليفعل ما يشاء في القطاع الذي لا يني هذا العالم بتذكيرنا أنه فيه أكبر كثافة سكانية في العالم، وأن الحملة الإسرائيلية التي دخلت أسبوعها الرابع حولت غزة إلى مقبرة لسكانها، وخاصة الأطفال، جيل لم ير الحياة سوى حروب متتالية ولم يخرج من غزة بسبب الحصار المستمر، ومات تحت الأنقاض والردم. وسجلت وزارة الصحة في غزة حتى الآن مقتل أكثر من 3700 طفل منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وحسب صحيفة «واشنطن بوست» (2/11/2023) فإن الأطفال يشكلون نسبة 2 من كل 5 وفيات بين المدنيين في غزة. فقد تجاوز عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة العدد الإجمالي للقتلى في جميع مناطق النزاع في العالم في أي عام منذ عام 2019 حسبما ذكرت منظمة «سييف ذي تشيلدرن».
ويأتي بلينكن برسالة ضرورة حماية المدنيين الفلسطينيين. وقد بدأ دعوته لحماية المدنيين وضرورة توفير الخدمات لهم، ونصح إسرائيل بفتح معبر رفح لأنه في مصلحتها وأمنها، بمقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» (1/11/2023) وأكد فيه أن دخول الغذاء والدواء والماء لغزة سيساعد الولايات المتحدة للبحث عن بديل لحماس من قيادة غزية، حيث ستكون جاهزة لأخذ الأمور، حالة انتهت إسرائيل من عملياتها وأطاحت بحماس.

اليوم التالي

إلا أن مجرد الحديث عن تدمير حماس وبنيتها التحتية والعسكرية هو إما حديث عن احتلال دائم أو مواصلة لعمليات التهجير العرقي الذي تقاومه مصر، حرصا على أمنها أو تعبيرا عن عدم معرفة إدارة الرئيس بايدن بخطة اليوم التالي. وهو ما قاله بلينكن في حديثه أنه يجب علينا التفكير باليوم واليوم التالي، قبل أن يركب طائرته إلى إسرائيل. لا أحد يعرف اليوم التالي وحتى إسرائيل. وبالنسبة لنتنياهو فقد حصل على ما يريد من دعم من واشنطن، مع أن الأخيرة تقول في السر إن حكمه لن يدوم، ومثلما تبحث عن بديل لحماس بين الفلسطينيين، فهي تبحث عن بديل له بين الإسرائيليين، والأسماء التي ذكرتها مجلة «بوليتكو» (1/11/2023) هي المعروفة، بيني غانتس، عضو حكومة الحرب ونفتالي بينيت، رئيس الوزراء السابق ويائير لابيد، زعيم المعارضة.
وتظل فكرة من يدير غزة بعد حماس، هذا إن تم تدميرها، فهي بالضرورة أيديولوجية وفكرة، السلعة الجديدة لبلينكن، وقد رفضها حتى القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان، بمقابلة مع مجلة «إيكونوميست» (30/10/2023) نفى فكرة أن يكون القيادة التي تنتظر بالجناح لتقود غزة ودعا إلى مرحلة انتقالية وانتخابات جديدة تشارك فيها كل الأطراف بمن فيها حماس، وقال أن الأخيرة لن تنتهي. وكذا أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية رفض فكرة إدارة السلطة الوطنية غزة، وربط بمقابلة مع «الغارديان»(29/10/2023) وحل الأزمة في الضفة الغربية، أي الاستيطان والحد من عنف المستوطنين، وهو ما ألمح إليه بلينكن، ذلك أن الضفة ظلت هي الساحة الأولى للمواجهة بسبب تغول المستوطنين الذي باتوا مسلحين ويهجرون الفلسطينيين من بيوتهم ويداهمون مزارعهم. وواحد من المبررات عن الفشل الأمني في 7 تشرين الأول/أكتوبر هو أن إسرائيل نشرت معظم قواتها في الضفة الغربية التي شهدت أكثر السنوات دموية، وبعد بداية حرب غزة الخامسة قتلت إسرائيل أكثر من مئة فلسطيني واعتقلت المئات.

سجل فقير

لكن ما هو اليوم التالي بالنسبة لبايدن ومبعوثه الدائم للشرق الأوسط، الذي إن طالت الحرب سيذكرنا برحلات هنري كيسنجر المكوكية إلى المنطقة بعد حرب اكتوبر 1973؟ ففي حديثه للصحافيين الأسبوع الماضي، قال بايدن إنه «عندما تنتهي هذه الأزمة، يجب أن تكون هناك رؤية لما سيأتي بعد ذلك، ومن وجهة نظرنا يجب أن يكون حل الدولتين» ما يؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة إلى جانب دولة إسرائيل. وهي نفس اللازمة التي تمسك بها بايدن منذ توليه الحكم، ولكنه تجنب أي جهد للعمل على تحقيقها، ومن هنا فالسؤال إلى أي مدى ينوي بايدن العمل لتحقيق هذه النتيجة؟
تقول صحيفة «نيويورك تايمز» (1/11/2023) إنه حتى الشهر الماضي، لم يكن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من بين أولوياته القصوى. فالرئيس الذي كان يركز على مواجهة الصين، ومن ثم الغزو الروسي لأوكرانيا، لم يكن لديه سوى القليل من الوقت أو الميل لتحقيق هدف بعيد أعاق العديد من أسلافه وألحق بهم جروحا سياسية. وشكك مسؤولو إدارة بايدن فيما إذا كانت القيادة الإسرائيلية المتشددة بشكل متزايد مهتمة بأي صفقة معقولة. وتساءلوا أيضا عما إذا كان الفلسطينيون سيثقون في الولايات المتحدة كوسيط للسلام بعد أربع سنوات من ميل إدارة ترامب الكبير المؤيد لإسرائيل وخطة ترامب للسلام التي أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أنها ماتت فور وصولها. وعلى عكس أسلافه القريبين، لم يعين بايدن مبعوثا خاصا للسلام في الشرق الأوسط ولم يكلف وزير خارجيته بمحاولة صياغة اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين. وبدلا من ذلك، ركز على التوسط في اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية، على أمل تحقيق تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين على الطريق.
ونقلت الصحيفة عن ديفيد ماكوفسكي، مفاوض عملية السلام السابق في إدارة أوباما: «لم يكن حل هذا الصراع هدفا سياسيا من المستوى الأول. كان الهدف هو تحقيق الاستقرار، وعدم المحاولة والفشل للمرة الخامسة». ويريد بايدن تحقيق حل الدولتين كإطار لليوم التالي بعد الحرب في غزة وقد فشل حتى في الجهود المتواضغة التي كان يتوقعها منه الفلسطينيون الذين أهملهم. فقد كانوا يأملون أن يتراجع بايدن عن العديد من قرارات عهد ترامب التي خفضت مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الفلسطينيين وخففت القيود المفروضة على النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية. وكمرشح، وعد بايدن بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والذي أغلقه ترامب، وطرد الممثلين الفلسطينيين من العاصمة. ولم ينفذ بايدن تعهده قط. كما أنه لم يف بوعده كمرشح بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية – التي أغلقها ترامب أيضا – والتي كانت بمثابة نقطة الاتصال الدبلوماسية المحلية الأمريكية للفلسطينيين لفترة طويلة. كما كان العديد من الفلسطينيين يأملون في أن تعيد الولايات المتحدة في عهد بايدن الرأي القانوني لوزارة الخارجية الذي يعلن أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية. وألغى وزير الخارجية مايك بومبيو هذا الرأي الذي ظل ساريا منذ أربعة عقود. ولم يتحرك وزير الخارجية أنتوني بلينكن لعكس ذلك. وكانت القضايا الثلاث كلها محل نقاش داخلي داخل إدارة بايدن. وفي كل حالة، خلص المسؤولون إلى أن الفوائد في العالم الحقيقي ستكون ضئيلة مقارنة بالتكلفة السياسية لإثارة غضب الحكومة الإسرائيلية والجمهوريين في الكونغرس، الذين دعموا خط ترامب المتشدد. ولم يختلف بايدن عن ترامب في كل هذا، فإلى جانب أنه رضي من الغنيمة بالإياب، أصبح داعية التطبيع الذي دعا إليه ترامب وركز على السعودية، رغم انتقاداته لولي العهد السعودي. وظل يتردد بالحديث مع محمد بن سلمان ولي العهد حتى زاره وبدلا من عناق الدب الذي فعله مع نتنياهو سلم عليه بالقبضة. وليس لدى إدارة بايدن إلا القليل من الذي تتحدث عنه من إنجازات للفلسطينيين، فيقولون إن بايدن تواصل مع عباس في عام 2021 والعام الماضي، منهيا تجميد الاتصالات في عهد ترامب. وأنها قدمت قبل هجمات حماس 1.4 مليار دولار من المساعدات الإنسانية للبرامج التي تخدم الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، بما في ذلك شبكات الغذاء والدواء والاتصالات، ما يجعل أمريكا أكبر جهة مانحة في العالم بفارق كبير. ومع ذلك لم يستثمر بايدن وبلينكن، اللذين يواجهان حكومة إسرائيلية اتخذت موقفا متشددا بشكل متزايد ضد الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، إلا القليل من رأس المال السياسي في التراجع عن إجراءات ترامب.

المثال الأوضح

وتعتبر الجهود الفاشلة لإعادة فتح القنصلية الأمريكية للفلسطينيين في القدس مثالا على ذلك يصلح للدراسة. فقد كانت الفيلا المبنية من الحجر الجيري والواقعة على طريق أغرون بالقدس، قد أشرفت على العلاقات بين الولايات المتحدة والفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة لعقود من الزمن. وبصفته مرشحا لعام 2020 أخبر بايدن وكالة التلغراف اليهودية أنه سيتخذ عدة خطوات لإصلاح العلاقات مع الفلسطينيين، بما في ذلك إعادة فتح القنصلية. خلال لقائه في 2021 مع عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، في مدينة رام الله بالضفة الغربية، قال بلينكن إن الولايات المتحدة ستتحرك لإعادة فتح القنصلية، واصفا إياها بأنها «وسيلة مهمة لبلادنا للتعامل مع وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني». وأيد الديمقراطيون الخطة. وفي كانون الأول/ديسمبر 2021 أصر نفتالي بينيت، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، على أنه «لا يوجد مكان لقنصلية فلسطينية في القدس». وأضاف أن «القدس هي عاصمة دولة واحدة، دولة إسرائيل – وانتهى». ووصف دانييل كيرتزر، سفير الولايات المتحدة السابق في القدس في إدارة جورج بوش الإبن، السنوات التي سبقت 7 تشرين الأول/أكتوبر بأنها فرصة ضائعة. وقال: «يمكن طرح السؤال: لماذا لم يتحرك بايدن لإلغاء ما فعله ترامب؟». ويظل نهج بايدن قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر مهما اليوم. وبينما كان من المفيد أن أعاد بايدن فتح الحوار مع الفلسطينيين وتقديم المساعدة لهم، قال كيرتزر إن الأشياء التي لم يفعلها الرئيس مثل إعادة فتح القنصلية، أو إعادة الرأي القانوني بشأن مستوطنات الضفة الغربية أرسلت رسالة سلبية. ما أضر كما يقول بمصداقية الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم العربي.

لدينا خطة

يبدو أن الإدارة ترى أنها قادرة، وفي رحلة بلينكن الأخيرة أشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» (2/11/2023) إلى أن وزير الخارجية يريد البحث عن ترتيبات جديدة مع الدول العربية والبحث عن متطوعين للمساهمة في إدارة القطاع بعد حماس، مع أن قطر تلعب دورا دبلوماسيا في الأزمة الحالية وتتفاوض للمساعدة من أجل الإفراج الرهائن لدى حماس. ويقول سايمون هندرسون من معهد الشرق الأوسط إن إسرائيل حاولت استبدال قطر، لكن واشنطن تجد صعوبة في تجنيد أي من الدول العربية، فمصر ترفض فتح معبر ورفضت في الماضي فكرة إدارة قطاع غزة خشية أن يكون هذا منفذا لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو ما يبدو تفكير الحكومة الصهيونية التي ترى في الحرب جزءا من تحقيق النبوءات التوراتية، وليس غريبا أن يحاول نتنياهو استعادة كل الرموز التوراتية في الحرب ضد حماس، مثل نبوءة أشعيا «الرب حامي الشعب اليهودي» و«أبناء النور والظلام» كما حاول استعادة أحداثا من الحرب العالمية خطأ، أو المقاربة بينها وتنظيم الدولة في مقاربة غير متساوية.

عناق الدب

ومشكلة بايدن، أنه فقد المصداقية بين الشعوب العربية، فموقفه الداعم والمتماهي مع نتنياهو جعله طرفا في النزاع. ولا غرو، فالقوات الأمريكية الخاصة في إسرائيل والمسيرات الأمريكية تحلق في سماء غزة، وبوارجه وأسراب مقاتلاته في البحر المتوسط قريبا من إسرائيل، والتي نشرها بذريعة منع حزب الله وإيران من فتح جبهة ثانية ضد إسرائيل في الشمال. ويرى إدوارد لوس في صحيفة «فايننشال تايمز» (1/11/2023) أن استراتيجية عناق الدب التي يمارسها بايدن مع نتنياهو جردته من أي فيتو على تصرفات رئيس الوزراء والذي يفعل ما يريد، وهو ما ظهر من زيارة بلينكن. وقال إن كل ما تتحدث عنه إدارة بايدن من خطوات صغيرة، مساعدات إنسانية قليلة لغزة وعودة الإنترنت التي قطعتها إسرائيل لاحقا وتأخير الغزو البري، كلها خطوات قليلة لم تقنع الرأي العام. ولهذا يتدهور منطق الأمريكيين كل يوم، فالحجة المؤيدة للنهج الأكثر صرامة يعلن عنها نتنياهو كل يوم تقريبا بتصريحاته التوراتية. ويتساءل لوس عن جدوى حل الدولتين الذين يعلن عنه بايدن، فهو وإن كان فرصة لأنه بديل عن دولة ثنائية القومية، إلا أن كل حياة وعمل نتنياهو كانت تقوم على جعل حل الدولتين مستحيلا. وفي بعض التقديرات، فهو أسوأ زعيم إسرائيلي. ولكن بايدن ليست لديه الرفاهية لانتظار حكم التاريخ. ويجب أن ترتبط خطط القوات الإسرائيلية للقضاء على حماس بتسوية سياسية بعد ذلك. ويقف نتنياهو أمام حل الدولتين الذي يدعو إليه بايدن. ولو افترضنا أنه معقول، فهل سيؤدي القضاء على حماس لزيادة الدعم الفلسطيني للبديل الداعي للاعنف؟ من سيدير غزة؟ والاحتمال هو أن تسوي إسرائيل غزة وتدمرها وتحاول إجبار مصر والدول العربية على استقبال 2.2 مليون فلسطيني ثم تتراجع خلف قلعتها الحصينة، ما سيزيد من الدعم للتطرف. وتظل الفرصة ما بعد الأزمة، فقد انتظر أنور السادات عدة أعوام قبل أن يكسر الحاجز النفسي ويزور إسرائيل ويعقد سلاما معها. لكن أمريكا تتحدث عن عملية تنظيف وسط إعصار من درجة خامسة. ويعتقد محللون أن حديث أمريكا عن دعم عربي لإدارة غزة أو تحقيق الاستقرار فيها هو مجرد فنتازيا، فمن يريد من العرب العمل في غزة وإسرائيل تدمرها وتقتل أطفالها؟ فهذه الدول وإن قبلت تظل خائفة من شعوبها، وليس غريبا أن ينظم السيسي مظاهرات داعمة لفلسطين، لكنه لم يمنع أشباح الربيع العربي التي تلاحقه، فقد هتف متظاهرون «خبز، حرية، عدالة اجتماعية» الذي أطاح بحسني مبارك. إن فكرة حل الدولتين هي بمثابة محاولة عمل القليل، فبايدن يعرف أنها مستحيلة، لكنها على الأقل فكرة تظهر أنه وفريقه يعملون، فبعدما أعطى الضوء الأخضر لعملية انتقامية في غزة، ها هو يعطي الضوء الأخضر لهدنة إنسانية، وهو ما طالب به الجميع. وقبل أسبوعين، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» ضد قرارات مجلس الأمن الدولي ذات اللهجة المعتدلة التي تدعو إلى «هدنة إنسانية» وهي اللغة التي يبدو الآن أن بايدن ومساعديه أكثر استعدادا لاستخدامها، بغض النظر عن الدمار الذي حدث في الأيام الفاصلة بين الأمرين. وخلافا للقادة والدبلوماسيين في أجزاء أخرى من العالم، كان المسؤولون الأمريكيون أكثر هدوءا في تعبيرهم عن قلقهم بشأن المدنيين الذين قتلوا وسط القصف الجوي الإسرائيلي المتواصل. أثار بايدن غضب الكثيرين عندما بدا وكأنه يرفض عدد القتلى في غزة باعتباره غير جدير بالثقة، نظرا للدور المهيمن الذي تلعبه حماس على مؤسسات القطاع. وتقول صحيفة «واشنطن بوست» (3/11/2023) إنه بالنسبة للعديد من المتفرجين في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، فإن إيماءات بايدن الأخيرة تجاه المراوغة بما في ذلك دعمه الخطابي لـ «التوقف المؤقت» جاءت متأخرة للغاية. فهو خسر المصداقية بين الشعوب الإسلامية والعربية ويخسر الدعم وسط ناخبيه، وستكون غزة محددة في انتخابات الرئاسة العام المقبل، وإن غدا لناظره قريب.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية