أدى الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022 إلى تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين روسيا وإيران، فيما تساعد إيران روسيا بوسائل قتالية وبدعم دبلوماسي. لروسيا وإيران مصالح مشتركة في مجالات عديدة: أولاً، ترى الدولتان في الولايات المتحدة تهديداً على نفوذهما، وهما معنيتان بتقليص دورها في الشرق الأوسط وأوروبا. كما أن الدولتين تعانيان من عقوبات اقتصادية فرضتها عليهما دول الغرب. ويستهدف التعاون بين روسيا وإيران تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط.
من ناحية إيران، يعد التقرب من روسيا مهماً في ضوء الحلف بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج. لروسيا وإيران مصالح مشتركة في سوريا أيضاً؛ فالدولتان تصارعان في العقد الأخير لحماية نظام الأسد في الدولة والقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبعض من المنظمات الجهادية السنية في سوريا. إلى جانب ذلك، لروسيا وإيران غير قليل من المصالح المتضاربة في سوريا وفي منطقة بحر قزوين. هكذا مثلاً، من جهة، الدولتان معنيتان بالحفاظ على نظام الأسد كصاحب السيادة في سوريا وتقليص حجم النشاط الأمريكي والتركي في الدولة، ومن جهة أخرى، روسيا معنية بالحفاظ على مناطق نفوذها الحصرية في منطقتي اللاذقية وطرطوس، المجاورتين لقاطع الشاطئ السوري والحرص على استقرار الدولة وإعادة بنائها. إضافة إلى ذلك، لا ترى روسيا بعين الإيجاب التموضع العسكري الإيراني في الدولة، الذي يجر ردود فعل عسكرية إسرائيلية وتخشى من تعلق زائد لنظام الأسد بإيران. من المهم لروسيا الحفاظ على علاقات مع السعودية، الخصم الأكبر لإيران في المنطقة، وبخاصة في كل ما يتعلق بالتنسيق في موضوع إنتاج النفط وتحديد سعره في السوق.
الحرب في أوكرانيا لم تعزز العلاقات بين روسيا وإيران فحسب، بل قلبت المواجع بينهما. فإيران كما أسلفنا هي التي تساعد روسيا الآن بوسائل قتالية وبدعم دبلوماسي، بينما تستخدم روسيا المفاوضات على الاتفاق النووي مع إيران كورقة مساومة مع القوى العظمى لأوروبا والولايات المتحدة. من جهة أخرى، روسيا غير معنية لأن ترى دولة نووية، مجاورة لها، تخرق التوازن الاستراتيجي في وسط آسيا.
في هذه المرحلة، يبدو أن تعميق التعاون بين إيران وروسيا لا يشكل تهديداً أمنياً ذا مغزى على القدس. على إسرائيل أن تتابع عن كثب تواصل توريد الوسائل القتالية الإيرانية لروسيا، لأن أوكرانيا تشكل بالنسبة لإيران منطقة تجربة مهمة لصناعة السلاح لديها، والتي ستستخدمها في مواجهة محتملة ضد إسرائيل. وإسرائيل ملزمة بالمحافظة على علاقات طيبة مع روسيا بسبب مصالحها لمواصلة المعركة بين الحروب في سوريا مع قيود قليلة قدر الإمكان.
إن الحاجة للحفاظ على سياسة حيادية تجاه روسيا قد تخلق توترات مع الإدارة الأمريكية ودول أوروبا والغرب. وعليه، فخيراً تفعل إسرائيل إذا ما واصلت المساعدة الإنسانية لأوكرانيا. وبالتوازي، عليها أن تجمع معلومات عن استخدام روسيا لوسائل قتالية إيرانية. إضافة إلى ذلك، على إسرائيل أن تتعاون مع أوكرانيا سراً لتطوير وسائل الدفاع ضد استخدام المسيّرات. إن تعاوناً كهذا سيسمح لإسرائيل بفهم أفضل قبيل التصدي لتهديد مشابه على أرض إسرائيل. إن الدبلوماسية الحكيمة، إلى جانب الحصول على المعلومات الاستخبارية، سيخدمان مصالح إسرائيل الأمنية جيداً.
بقلم: د. عومر دوستري
معاريف 17/1/2023
هههه بيت العنكبوت دويلة الباطل إسرائيل المحتلة لأرض فلسطين تتخبط مثل الأخطبوط ??