أنقرة– “القدس العربي”: قدم هاكان أتيلا المدير التنفيذي لبورصة إسطنبول استقالته، الإثنين، من منصبه في خطوة مفاجئة يعتقد أنها جاءت كإجراء استباقي لخشية الحكومة التركية من استئناف الإدارة الأمريكية الجديدة التحقيقات والمحاكمات في القضية المرتبطة بانتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.
وأتيلا الذي كان يشغل منصب نائب رئيس هالك بنك الحكومي في تركيا جرى توقيفه في الولايات المتحدة وأدين عام 2018 بمساعدة إيران في التحايل والالتفاف على العقوبات الأمريكية وهي التهم التي نفتها الحكومة التركية بشكل مطلق واعتبرت أن المحاكمة سياسية.
وعقب قضائه قرابة العامين في السجون الأمريكية، أطلق سراح أتيلا نهاية عام 2019 في ظروف غير واضحة، لكن يعتقد على نطاق واسع أن إطلاق سراحه جاء في إطار صفقة غير معلنة تم الاتفاق عليها بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي السابق دونالد ترامب للإفراج عن الراهب الأمريكي أندرو برانسون الذي كان معتقلاً في تركيا ويحاكم باتهامات تتعلق بدعم التنظيمات الإرهابية ومحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف عام 2016، وتسبب في واحدة من أسوأ الأزمات بين البلدين. إلا أن الجانب الأمريكي نفى هذه التكهنات وقال إن أتيلا أفرج عنه عقب قضائه فترة العقوبة المقررة.
وأعلنت بورصة إسطنبول، الإثنين، في بيان لها أن أتيلا “استقال بملء إرادته”، موضحةً أن مجلس إدارة بورصة إسطنبول وافق على طلب الاستقالة وأنه جرى إبلاغ مجلس أسواق المال بالقرار، دون الإعلان بعد عن تعيين رئيس جديد للبورصة الرئيسية للبلاد.
وعقب وصوله تركيا في تشرين الأول/أكتوبر 2019، أعلن أردوغان تعيين أتيلا مديراً تنفيذياً لبورصة إسطنبول، لكن وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض والتوقعات بقرب نظر القضاء الأمريكي في القضية المتهم بها أتيلا يعتقد أنها السبب الرئيسي لاستقالته من بورصة إسطنبول.
التوقعات بقرب نظر القضاء الأمريكي في القضية المتهم بها أتيلا يعتقد أنها السبب الرئيسي لاستقالته من بورصة إسطنبول
ويعتقد أن الرئيس أردوغان وجه أتيلا لترك منصبه قبيل بدء المحاكمة واحتمال تأثير أي قرارات يتخذها القضاء الأمريكي على بورصة إسطنبول التي يمكن أن يطالها عقوبات أو تتضرر بشكل غير مباشر من محاكمة “هالك بنك” واحتمال صدور قرار قضائي جديد بحق أتيلا نفسه.
ومنذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض لم يتصل بالرئيس التركي بعد، واقتصرت الاتصالات على مستوى وزراء الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي، حيث تشير كافة التطورات إلى أن العلاقات بين الجانبين لن تكون كما كانت عليه في عهد سلفه دونالد ترامب الذي أقام علاقات وثيقة مع أردوغان تمكنا بفضلها في حل الكثير من مواطن الخلاف بين البلدين.
وبدرجة أساسية، يتوقع أن تفعل إدارة بايدن ملف العقوبات على تركيا في ملفات مختلفة أبرزها ملف شراء تركيا منظومة إس 400 الدفاعية الروسية، وملف هالك بنك المتعلق بانتهاك العقوبات الأمريكية على إيران، إلى جانب الملفات الحقوقية والحريات السياسية وغيرها.
وبالتزامن مع استقالة رئيس بورصة إسطنبول، تراجعت الليرة التركية حوالي 2.3 بالمئة، مسجلة هبوطا في عشر من الجلسات الإحدى عشرة الأخيرة، مع ارتفاع كل من التضخم وعوائد السندات العالمية وأسعار النفط، وهو بمثابة اختبار لتعهد البنك المركزي بتشديد السياسة النقدية.
كانت بنوك وول ستريت سيتي جروب وجيه بي مورجان أحدث من توقع أن يرفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة الأسبوع القادم لتحقيق الاستقرار في العملة ومعالجة التضخم، الذي تجاوز 15 بالمئة الشهر الماضي. وعقب رفع أسعار الفائدة إلى 17 بالمئة في ديسمبر كانون الأول، قال ناجي إقبال محافظ البنك المركزي يوم الجمعة “سنتخذ خطوات حاسمة” من أجل استقرار معدل التضخم الذي بلغ خانة العشرات.
وارتفعت الليرة نحو 20 بالمئة منذ نوفمبر تشرين الثاني لكنها تخلت عن نصف هذه المكاسب في الأسبوعين الأخيرين، وبحلول الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش سجلت 7.67 مقابل الدولار، بعد أن هبطت في وقت سابق إلى 7.71، وهو أدنى مستوى لها هذا العام.