شاي هار – تسفي
الزيارة التي أجراها مسؤولون كبار في جهاز الأمن إلى الأردن تعكس القلق المتزايد على الاستقرار المملكة الداخلي، الذي يشكل عموداً فقرياً مركزياً في المبنى الأمني الإقليمي لدولة إسرائيل. ثمة تخوف في بؤرة الزيارة من وجود عناصر متطرفة في الأردن تشجيعاً من أحداث سوريا؛ تحاول العمل على إسقاط الأسرة المالكة الهاشمية. ومن جهة أخرى، يتعاظم الخطر في محاولة إيران حشد جهد خاص في الساحة الأردنية، في ضوء الضربة التي تعرض لها حزب الله وحماس وضياع السند السوري. هذا، في ظل استغلال العداء الأساس القائم في أوساط الجمهور الأردني تجاه إسرائيل مثلما هو الانقسام العرقي أيضاً، وحقيقة أن نحو نصف سكان المملكة -حسب تقديرات- (البالغ عددهم نحو 11 مليوناً) ذوو أصول فلسطينية ولاجئون من العراق وسوريا.
منذ نشوب الحرب يبدو واضحاً تعاظم التوتر بين إيران والأردن. وقد وجد هذا تعبيره في الجهود المتزايدة من جانب إيران لضعضعة مكانة الملك عبد الله – الذي كما يذكر، كان هو من حذر قبل عقدين من خطر “الهلال الشيعي” في أرجاء الشرق الأوسط، بسبب اعتبارها الأردن خاصرة طرية للمعسكر المؤيد لأمريكا في المنطقة. وذلك في ظل محاولات استغلال الحدود الطويلة (308 كيلومترات) بين إسرائيل والأردن لتهريب السلاح والوسائل القتالية لمنظمات الإرهاب في الضفة.
الفكرة الإيرانية بأن الأردن أدى دوراً نشطاً في صد الهجمات ضد إسرائيل أدت إلى تفاقم التوتر أيضاً. قد يضاف إلى هذا أيضاً لقاء وزراء الخارجية الذي عقد السبت في الأردن للبحث في تطورات سوريا، والتي لم يدعَ إليها وزير الخارجية الإيراني بشكل يجسد عملياً المس بمكانة طهران في المنطقة.
من جهته، يحاول الملك عبد الله منذ نشوب الحرب السير بين القطرات والمناورة بين اعتبارات استراتيجية واضطرارات داخلية. من جهة، يبدو واضحاً النقد الحاد من جانب كبار رجالات النظام على إسرائيل (بقيادة الملكة رانية ووزير الخارجية الصفدي) في “التنفيس” لعقد مظاهرات ضد إسرائيل ومساعدات إنسانية واسعة لسكان غزة. ومن الجهة الأخرى، يمتنع الملك عن اتخاذ خطوات تمس بالعلاقات الثنائية مع إسرائيل، والتي هي ذات أهمية استراتيجية للأردن نفسه أيضاً. هذا إلى جانب الفهم بأن نجاحات إسرائيل في ضرب المحور الراديكالي تخدم مصالح حيوية للمملكة أيضاً.
في ضوء أهمية الأردن للأمن القومي لإسرائيل، باتت الحكومة مطالبة ببلورة استراتيجية شاملة متعددة الأبعاد، في أساسها اتخاذ خطوات تضمن حفظ اتفاق السلام، وتعمق العلاقات وأوجه التعاون في طيف واسع من المجالات، وتساعد على حفظ استقرار الأسرة المالكة الهاشمية، وتشدد منظومات الأمن على طول الحدود المشتركة. عملياً، وزراء الحكومة مطالبون بالامتناع عن تصريحات وخطوات من طرف واحد تفاقم المخاوف بكون الأردن الوطن البديل والمس بالمكانة الخاصة للملك عبد الله كحارس الأماكن المقدسة في القدس، بشكل ربما يضعضع شرعية نظامه. بالتوازي، في ضوء الأزمات الداخلية المتزايدة في المملكة، ينبغي الاستجابة للمطالب الأردنية، بخاصة في كل ما يتعلق بالمساعدة الاقتصادية وبتوريد المياه.
في المستوى السياسي، ينبغي فحص سبل ترميم منظومة العلاقات المهزوزة بين رئيس الوزراء نتنياهو والملك عبد الله، إذ إنه لا بديل للحوار المباشر والحميم بين الزعيمين. لهذا معنى خاص بشكل عام، وفي الوقت الحالي بالذات. هذا، في ضوء الأهمية الجغرافية الاستراتيجية المتزايدة للأردن وبسبب إمكانية احتلال المسألة الفلسطينية مكاناً خاصاً في نشاط إدارة ترامب، بسبب حيويتها للتقدم لاتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية.
معاريف 16/12/2024