ما زال النجم الفرنسي كيليان الفرنسي يرفض الادلاء بأي تصريح أو تعقيب على قضية اغتصابه فتاة خلال رحلة الى السويد الأسبوع الماضي، لكن عالم السوشيال ميديا أدلى بدلوه، اما مدافعاً عن هداف ريال مدريد أو مؤكدا وقوع الحادثة، لكن الأكيد أن تأثير هذه الحادثة ووقعها على اللاعب سيكونا عظيمين.
في السنوات الأخيرة، شهدت الساحة الرياضية موجة من الاتهامات الموجهة ضد نجوم كرة القدم بالاعتداء الجنسي. هذه الظاهرة أثارت جدلاً واسعا حول تأثير الشهرة والسلطة والضغوط النفسية والاجتماعية على سلوك اللاعبين، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع هذه الاتهامات من وسائل الإعلام والجماهير. ولا شك أن الشهرة تؤدي إلى تغييرات كبيرة في حياة الشخص، ونجوم كرة القدم هم من بين الأفراد الأكثر شهرة وتأثيرا في المجتمع. حيث يحصل هؤلاء اللاعبون على رواتب ضخمة، ويعيشون في دائرة الأضواء المستمرة، ما يجعلهم عرضة للكثير من الإغراءات والمواقف الاجتماعية التي قد تكون محفوفة بالمخاطر. الشهرة تمنح اللاعبين قدرا كبيرا من القوة والنفوذ، وقد يؤدي ذلك إلى شعور بعضهم بالحصانة من العواقب.
تاريخياً، تم ربط السلطة والسلوك غير المنضبط ببعض الشخصيات العامة والمشاهير، وهذا قد ينطبق أيضا على لاعبي كرة القدم. فالتواجد المستمر في بيئة تحتفل بالنجاح والشهرة قد يؤدي إلى خلق شعور بالاستحقاق أو غياب الحدود الأخلاقية. وفي بعض الحالات، قد يشعر اللاعبون بأنهم فوق القانون، وأن بإمكانهم التصرف من دون عواقب. وبالإضافة إلى القوة والشهرة، يواجه لاعبو كرة القدم ضغوطًا نفسية واجتماعية كبيرة. الحياة تحت الأنظار تجعلهم دائما محط التوقعات العالية سواء من الأندية أو الجماهير أو حتى العائلة والأصدقاء. ويتوقع من اللاعب أن يكون ناجحا في الملعب، ومنضبطا خارجه. هذه الضغوط قد تؤدي إلى سلوكيات غير متوقعة عندما يشعر اللاعب بأنه لا يستطيع تلبية هذه التوقعات. كما أن الثروة الكبيرة التي يتمتع بها لاعبو كرة القدم قد تجعلهم محاطين بأشخاص يسعون للاستفادة منهم، ما قد يزيد من تعقيد الأمور. في بعض الحالات، يمكن أن يكون اللاعبون غير مهيئين للتعامل مع الإغراءات أو التحديات الاجتماعية التي تأتي مع الشهرة.
وتعتبر بعض الثقافات الرياضية في الأندية والمنتخبات محفزة لسلوكيات غير مناسبة. البيئة التي يغلب عليها التنافس الحاد، والتأكيد على «الذكورية» والقوة قد تدفع بعض اللاعبين إلى تصرفات غير لائقة. وفي بعض الفرق، قد يكون هناك تسامح ضمني مع سلوكيات غير لائقة خارج الملعب، ما يزيد من احتمالات ارتكاب اللاعبين لتصرفات غير أخلاقية. هذه الثقافة قد تغذي الاعتقاد الخاطئ بأن اللاعبين يستحقون معاملة خاصة، أو أن القانون لا ينطبق عليهم بالطريقة نفسها التي ينطبق بها على الأشخاص العاديين. هذا الإحساس بالحصانة قد يكون سببا في ارتكاب بعض اللاعبين لسلوكيات غير لائقة من دون خوف من العواقب.
عندما يوجه اتهام بالاعتداء الجنسي أو الاغتصاب ضد نجم كرة قدم، مثل مبابي، فإن الإعلام يلعب دورا محوريا في تشكيل الرأي العام حول هذه القضية. في كثير من الأحيان، تكون التغطية الإعلامية مكثفة وسريعة، ما يؤثر على صورة اللاعب بشكل كبير حتى قبل أن يتم الفصل في القضايا قانونيا. التغطية الإعلامية قد تكون متحيزة أو مغلوطة أحيانا، ما يزيد من تعقيد الأمور للاعبين المتهمين. ومن ناحية أخرى، تعكس ردود أفعال الجماهير غالبا انقساما بين من يدعمون اللاعب بسبب إنجازاته الرياضية، ومن ينتقدونه بناء على الاتهامات الموجهة إليه. وفي بعض الحالات، يتعاطف المشجعون مع اللاعب بشكل مفرط، معتبرين أن الاتهامات غير صحيحة أو أنها محاولات للتشهير به، وهذا قد يؤدي إلى توترات في العلاقة بين الجماهير والمجتمع، وكلنا يتذكر حالة كريستيانو رونالدو وقبله ديفيد بيكهام، وحديثا بنجامين ميندي ومايسون غرينوود، وغيرهم.
عندما تُوجَّه تهم الاعتداء الجنسي ضد اللاعبين، يجب أن يُنظر إلى القضية من منظور قانوني بحت بعيدا عن الضغط الاجتماعي أو الإعلامي. وغالبا ما يتم التعامل مع القضايا الجنسية بحساسية بالغة، وقد تستغرق التحقيقات وقتا طويلاً لجمع الأدلة والشهادات. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية التوفيق بين حق الضحية في العدالة وحق اللاعب في أن يُعتبر بريئا حتى تثبت إدانته.
الأندية، من جانبها، تواجه معضلة في التعامل مع هذه الاتهامات. ففي بعض الأحيان، يُطلب من الأندية اتخاذ إجراءات تأديبية داخلية ضد اللاعبين المتهمين حتى قبل أن يتم الفصل في القضايا قانونيا (غرينوود)، قد يشمل ذلك إيقاف اللاعب عن اللعب أو إبعاده عن النشاطات الجماعية (ميندي). لكن هذه القرارات قد تؤدي إلى توترات داخل الفريق وتؤثر على أداء النادي ككل. وفي النهاية، قضية اتهام النجوم بالاعتداء الجنسي تعكس تحديات أكبر تتعلق بالشهرة، والسلطة، والمسؤولية الاجتماعية. بينما يجب أن يتم التحقيق في هذه الاتهامات بحيادية وعدالة، يبقى من الضروري تحليل الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة وتفهم تأثير الشهرة والثروة على سلوك اللاعبين.