بداية من تسعينيات القرن الماضي، أطل علينا العالم بشكل مختلف؛ حيث بدأت عمليات رقمنة النظم القديمة مع بدء تطوير الكومبيوتر وأشكاله وأنواعه، وبدأت الرقمنة تبلغ أشدها مع تفشي الإنترنت، وإتاحته للجميع، بل وصل الأمر أنه صار وسيلة التواصل الرسمية في المراسلات، بدلاً من المراسلات البريدية، التي قد تأخذ أسابيع، أو حتى شهورا حتى تصل إلى صاحب الرسالة، وقد يصل الأمر أن تضيع المراسلات في مكاتب البريد، بسبب تعرضها للتلف، أو بسبب الإهمال، أو لأسباب عدة قد تأتي متفرقة أو مجتمعة، علماً بأن جميعها تنشأ بسبب بعد المسافات، وتدخل العنصر البشري بشكل سلبي. لكن مع البريد الإلكتروني، صارت المراسلات محفوظة، ومؤرشفة، وتصل للمستلم أو جماعة عينها في وقت واحد بضغطة زر واحدة. وهكذا، بعد رقمنة Digitising نظم المراسلات صارت رقمية، وغلفت بثوب رقمي تام بعد ظهور الهواتف الذكية، التي صارت بمثابة معمل اتصالات متنقل، وعالم ساحر من صنع البشر، أعطي فيه البشر القدرة على اتخاذ القرار، وأن يشكل حياته وشخصيته وفق أهوائه. ولا غرابة في ذلك، فحامل هذا العالم بيده، صار الصانع والمانح الذي رضي بالرقمنة سبيلاً إلى أن صار رقميا.
ومن الملاحظ أنه مع بدء رقمنة عالمنا، تم استحداث مصطلحات جديدة، تم فرض فهمها وتداولها، وإلا لن يستطع الفرد أن يواكب التغييرات الحالية، والتواصل بشكل فعال بين أقرانه. ومن أهم تلك المصطلحات التي ظهرت على الساحة وبشدة كانت مصطلح «مرقمن» ومصطلح «رقمي». فغالباً، ما يخلط الكثير بينهما، وقد يعتبر البعض أنه لا يوجد فرق بينهما، وقد يصل الأمر أنه قد يفضل بعضهم استخدام مصطلح «مرقمن» على مصطلح «رقمي»؛ باعتبارهم أن الأخير صار استخدامه مستهلك، وأنه من الأفضل استخدام مصطلح غير متداول بشدة كدليل على الرقي والتبحر في المعرفة. وقطعاً، ظنهم يخالف المنطق، ويخالف حدود المعارف الرقمية.
وتظهر أهمية معرفة الفارق بين المصطلحين، خاصة في عالم الأعمال والتطوير؛ لأن القائمين عليه في أمس الحاجة إلى وجود تعريفات واضحة وصريحة لإجراء التخطيطات الخاصة بهم.
وقد أكدت أهمية التمييز بين تلك المصطلحات وتوضيحها للجميع مؤسسة جارتنر للإلكترونيات Gartner Electronic GMBH، التي تعد مــــــن باكــــــورة الشـــركــــات الرائـــدة في مجـــال تقنـــــية الاتصـــالات قــريبـــة المدى Near-Field Communications Technology (NFC)، والتي كانت ابتكاراتها في الأجهزة والبرامج المحفز الرئيسي لتغيير الطريقة التي تتفاعل بها الشركات مع عملائها وموظفيها على مدار الخمسة والثلاثين عاماً الماضية. ومن ثم، قدمت مؤسسة جارتنر تعريفا للرقمنة مفاده أن عملية الرقمنة هي تحويل النظم التناظرية إلى محتوى رقمي، أو بمعنى آخر «تحويل النظم والبرامج التي تعتمد على العنصر البشري إلى نظم رقمية.
هناك مؤسسات ومنظومات تعمل جاهدة على تحديث العالم ودفعه على طريق الرقمنة الإيجابية، ما وصل للمواطن العادي من تكنولوجيات لرقمنته لم يفهم مغزاها الحقيقي، فصارت وسيلة لتدمير إنسانيته، ودفعه في غياهب عالم افتراضي مواز لا يمكن الفرار منه.
وأضاف الخبراء، أن الرقمنة هي استخدام التقنيات الرقمية لتغيير أنماط الأعمال، لتوفير فرص جديدة لتدر المزيد من الدخل، وتعمل على تحسين القيمة، من خلال الانتقال إلى مجال الأعمال الرقمية. ومن هنا يمكن معرفة الفارق بين مصطلح «مرقمن» و«رقمي». فالمرقمن هو ما تم تحويله من منظومة تعتمد على العنصر البشري إلى نظام رقمي ـ كما سبق توضيحه. أما الرقمي فهو تلك الآلات والتكنولوجيات التي تم تصنيعها لتكون رقمية، أي ولدت رقمية. ومن الآلات التي ولدت رقمية ونستخدمها في العصر الحديث: أجهزة الكومبيوتر، والهواتف الذكية، والروبوت.
ووصل الأمر أنه تم إنشاء مؤسسة ماليزية رقمية اقتصادية كبرى
Malaysia Digital Economy Corporation (MDEC) هدفها الأوحد هو بناء مستقبل رقمي متكامل، ذي قيم اقتصادية، وبيئية، واجتماعية رقمية خالصة. واستخدمت تلك المؤسسة أربع ركائز استراتيجية للرقمنة من أجل تحقيق تحول فعال متكامل للنظم الرقمية، وتلك الركائز هي: دفع الاستثمارات، خلق أبطال للتكنولوجيات المحلية يحتذى بهم ، تحفيز النظم الإيكولوجية المخصصة للابتكار الرقمي، وأخيراً، تمكين المزيد من الشمولية الرقمية.
وبينما هناك مؤسسات ومنظومات تعمل جاهدة على تحديث العالم ودفعه على طريق الرقمنة الإيجابية، ما وصل للمواطن العادي من تكنولوجيات لرقمنته لم يفهم مغزاها الحقيقي، فصارت وسيلة لتدمير إنسانيته، ودفعه في غياهب عالم افتراضي مواز لا يمكن الفرار منه. فبالنظر لما يحيط بنا من منظومة تقنية – ثقافية معاصرة، نجد أنه من الصعب فهم العلاقة بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي، فكل منهما عالم منفصل، لكنه يتصل بالآخر بشكل غريب؛ لدرجة أنه صار من الصعب جداً تحديد الخط الفاصل بين الاثنين. وبالنسبة للأجيال الجديدة، تمت رقمنة جميع مناحي حياتهم اليومية، حيث اختلطت الحياة الرقمية مع الحياة المنزلية، وكأن المسار الطبيعي للحياة يقضي برقمنة الصغار ومنظومة تربيتهم. فقد صار للإنترنت دور لا يمكن الاستغناء عنه، ويظهر ذلك بشكل طبيعي جداً: فهو المعلم وقت الحاجة، وهو الظهير والسنيد الذي يمكن استشارته في أوقات الشدة عندما لا يوجد من يستمع لنا، وهو الوحيد الذي يمكن البوح له بأسرارنا. صارت الإنترنت أيضاً مصدر المعرفة القادرة على تقديم المعلومة لحظياً وبشكل ممتع، وهي الصديق الذي يمكن تمضية أوقات الفراغ معه، بدون ملل أو ضجر؛ لأنها تقدم لنا جميع وسائل الترفيه والإمتاع، بما في ذلك تقديم ألعاب تناسب وكل الأذواق. وعلى هذا أصبح الإنترنت الملجأ الأول لجميع الشباب الذي يطمئنهم تواجده بجانبهم.
قد يبدو الموقف إيجابيا ومبشراً بالأمل، لكن للأسف لم يفكر القائمون على الرقمنة العالمون ببواطن الأمور أن العامة لن يفهموا مقاصدهم العظمى، التي من أجلها تم طرح نظم لرقمنة الأجيال القادمة لتحقيق منظومة رقمية متكاملة. فلم يهتم القائمون على الرقمنة بسد الفجوة الفكرية بين الإنسان البسيط والعالم المستنير. وعلى هذا، فمن المتوقع خلق جيل جديد مرقمن جاهل؛ لأنه يفتقد لنعمة إعمال العقل؛ بسبب أنه يعتمد بشكل كلي على عطايا الإنترنت.
٭ كاتبة من مصر
عنوان (مبروك… ابنك اترقمن) ومعلومات مهمة يا (د نعيمة عبدالجواد) في التعريف كيف تم التحوّل إلى جيل الرقمنة،
ولكن لدي مشكلة مع عقلية (مقاصدهم العظمى) لأساس عقلية نظرية المؤامرة، بحجة هناك معنى ظاهر، وهناك معنى باطن، التي أنهيت بها مقالك في جريدة القدس العربي،
وفي هذا المجال إقتصاد دولة الحداثة مفهوم أوربي، بينما إقتصاد سوق العولمة (بعد عام 1945) والإقتصاد الإليكتروني/الرقمي (بعد عام 1992) منتجات أمريكا لإحياء في الحالة الأولى، لمنع انهيار الإقتصاد العالمي في الحالة الثانية،
رُبّ ضارةٍ نافعةً، فعراق الحضارة الإنسانية، من أجل محاربة حصاره الظالم في الفترة ما بين 1990-2003،
اخترع إقتصاد جديد رائع، أساسه البطاقة التموينية كحاضنة للإقتصاد الوطني من جهة، والمقايضة بمنتجه الوطني من جهة أخرى،
لتجاوز آثار حصار النظام المالي الربوي والتأمين عليه، الذي أعلن انهياره بعد ذلك عام 2008،
وبعد 2008 عند انهيار النظام الربوي والتأمين عليه، قامت كذلك دول شرق آسيا بقيادة الصين، أخذ زمام المبادرة وطرحت مفهوم إقتصاد المقايضة بالمنتج الوطني، كبديل احتياطي، للإقتصاد المالي/النقدي.
الجيل الجديد الطفل فيه يعلم كيف يستخدم الكمبيوتر والموبايل ويلعب ألعاب الفيديو، وأدهشني وجود طفل عنده 3 سنوات غير كافي له وجود الموبايل في يده علشان عاوز انترنت كمان مع أن الكبار يمكن أن يكونوا غير قادرين على حتى مجاراة الطفل ومهاراته لكن على الرغم من هذا لكن كل الجيل الجديد من الشباب عبارة عن مجموعة من اشباه المتعلمين الغير قادرين حتى على حساب ارقام بسيطة ولو اتحدثنا عن الثقافة العامة نجد انهم لا يعرفون شئ وكمان بيخلطوا بين عبارات الميمز الضاحكة وبين اقوال الحكماء. انا مش عارفة احنا رايحين فين. قمة التكنولوجيا هي نفسها قمة الجهل
عجبني اوي توضيخ الفرق في المصطلحات بين الرقمي والمرقمن. حقيقي انا بجد كل واحد عاوز يوضح انه مطلع على الثقافة ومتمكن من اللغة العربين يستخدم كلمة مرقمن وكأنه مع اختياره لكلمة غريبة بيأكد انه مثقف وان اللي بيستخدم كلمة رقمي شخص عادي. لكن الفرق ما طلعش كده خالص. اشكرك د. نعيمة على التوضيح وإثارة كل ما هو جديد