مبعوث الجامعة العربية لليبيا: هناك دول تؤجج الحرب في البلاد

حجم الخط
1

تونس- يسرى ونّاس: اعتبر مبعوث الجامعة العربّية إلى ليبيا، صلاح الدّين الجمالي، أنّ “الاستقواء بالخارج في ليبيا أمر خطير جدا، ولا يكون التدخل الأجنبي ممكنا إلا إذا وجد من يناديه ويدعوه من الداخل”.

وأوضح الجمالي: “هناك تدخلات دولية يومية في ليبيا، ومواقف هذه الدّول لا تدعو كلها إلى إيقاف الحرب وإخماد نار السلاح، بل هناك من يشجع على ذلك”.

وحمّل مسؤولية ما يحصل من تدخلات أجنبية، بالدرجة الأولى للمسؤولين السياسيين الليبيين، بغض النظر عن صفاتهم ومناصبهم، سواء كانوا قادة أحزاب أو نواب وغيرهم.

وأضاف أنّه “مع إقناع الدول التي تتدخل في الشأن اللّيبي، بعدم التدخل، والابتعاد عن فتح جبهة معها، وكذلك وقف لجوء (الليبيين) إلى الأطراف الأجنبية، والاقتناع بأولوية الحوار والتنازل المتبادل”.

 

نرفض العنف مهما كان مصدره

وردّا عن سؤال عن عدم وضوح موقف الجامعة العربية من الهجوم الذي تشنه قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود الجيش في الشرق، على العاصمة الليبية طرابلس، بيّن الجمالي، أن “الجامعة ترفض اللجوء للعنف مهما كان مأتاه، وترفض اللجوء إلى السلاح مكان الحوار، وهو من أحد أهم مبادئها”.

وشدد على أنّ “الجامعة العربيّة ترفض أي تدخل في الشّأن الدّاخلي الليبي أو اللجوء إلى السلاح وتصر على وحدة ليبيا شعبا وأرضا، وهي تريد رعاية المفاوضات، وتسعى إلى تقريب وجهات النّظر وليس تأجيج النفوس وتأليبها.”

الجامعة العربيّة ترفض أي تدخل في الشّأن الدّاخلي الليبي أو اللجوء إلى السلاح وتصر على وحدة ليبيا شعبا وأرضا

كما دعا “جميع الأطراف الليبية إلى إخماد نار السلاح، والعودة إلى طاولة المفاوضات، واستئناف المساعي السلمية، في إطار المبادرة الأممية، لأن العنف لا يحل المشاكل”.

وعن الموقف التونسي من العملية العسكرية الأخيرة اعتبر الجمالي، أنه “موقف عقلاني وقريب من موقفهم في الجَامعة العربية، لأن الحرب تعمق الجراح وتزيد في المآسي، لكنها لا تحل المشاكل، وأنّ من يفكر بأن الإشكال يحل بالحرب فهو مخطئ”.

 

غياب إرادة سياسية قوية

وشدد الجمالي، (تونسي الجنسية) على ضرورة أن تكون هناك إرادة سياسية قوية لدى الليبيين على اختلافهم للتحاور الذّي سيؤدي إلى التنازل والتفكير في مصلحة الوطن”.

كما أوضح أن “الحوار لا يعني إضعاف الآخر واحتواءه، عكس ما عرف به في العقلية العربية التي يكون فيها الحوار إصرار على موقف، ومحاولة استدراج الخصم، واستضعافه واحتوائه، وهذه مناورات وليست مفاوضات”.

ووصف الجمالي، ما يحصل في ليبيا بأنه إخلال بالأمن القومي العربي، المختل أساسا لكثرة البؤر الساخنة في العالم العربي من السودان واليمن والعراق وليبيا”.

وأعرب عن جاهزية الجامعة العربية لأن تكون فاعلة في ليبيا إذا طُلب منها ذلك، وإذا ما توفرت إرادة سياسية، لأن هدفها لا يتمثّل في إرضاء الأشخاص، وإنما في وضع أسس جديدة للحكم في ليبيا يقوم على الديمقراطية والدولة المدنية.

 

بلد مستهدف وسياسيون خرجوا عن منطق الوطنية

كما لفت الجمالي، إلى أنّ “ليبيا دولة مستهدفة، بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي المهم جدّا، وثرواتها الطبيعية الكبيرة، مثل البترول والغاز وغيرها وهو ما يسيل مطامع العديد من الدول (دون ذكرها)”.

وعن الاتهامات التّي وجهها البعض إلى كل من الإمارات والسعودية وفرنسا بوقوفها وراء دعم هجوم قوات حفتر، على طرابلس، أفاد المبعوث العربي، “هذه الاتهامات يجب إثباتها أولا، وتأكيدها بأشياء ملموسة، لذلك فإن تصنيف الدول وتوزيع الاتهامات لا يخدم القضية اللّيبية”.

وتابع أنّ “الإشكال الحقيقي يكمن في السياسيين الليبيين، الذّين خرجوا عن منطق الوطنية.. وأصبحوا يبحثون فقط عن البقاء في الكرسي، فليس هناك من يبحث عن إنهاء الخصومة ولا أستثني أي طرف.. فحب الكراسي مصيبة عربية”.

وأشار إلى أنّ “الإشكال الثاني، يتمثل في انعدام الثقة بين الأطراف الليبية، فلولاها لما احتاجوا إلى وساطات أممية وعربية وإفريقية وغيرها ولجلسوا مع بعضهم مع واتفقوا”.

ولفت إلى أنّ “اللقاءات بين الأطراف اللّيبية تتم دائما خارج ليبيا، في حين أن مؤتمر غدامس، كان من الممكن أن يكون فرصة أخرى للقاء ولمناقشة كل المواضيع العالقة”.

وكان مقررا أن ينعقد مؤتمر الحوار الوطني، بمدينة غدامس، جنوب غربي ليبيا، تحت رعاية دولية، ما بين الأحد والثلاثاء، قبل تأجيله بعد الهجوم الذي يشنه حفتر، للسيطرة على طرابلس، منذ 4 أبريل/ نيسان الجاري.

واستدرك: “لكن هذا المؤتمر ليس الفرصة الأخيرة، وأعتقد أن المواجهة المسلحة ستدفع نحوَ المفاوضات، لأنه كلما اندلعت حرب إلا وأعقبتها مفاوضات بأكثر جدية، وبأكثر حرص على التّوصل إلى الحل الوسط”.

 

المواجهة العسكرية لم تكن منتظرة

وعن زيارته إلى ليبيا قبيل القمة العربية، التي انعقدت في تونس أواخر مارس/ آذار الماضي، قال الجمّالي، إنه “كان على اتصال بالشرق والغرب (الليبيين) وأنه لمس رغبة من الطرفين في التفاوض رغم اختلاف وجهات النظر، ورغم وجود بعض الإحباط لتأخر الحوار، وأحيانا تعبير عن عدم الثقة فيه”.

وتابع: “لم نكن نشعر بوجود استعداد للمواجهة، ولكن الرغبة في الحوار كانت موجودة، مع بعض التحفظات وبعض الأفكار المختلفة، التي لم تكن تعْني أبدا الوصول إلى المواجهة”.

وشدّد المبعوث العربي، على أنّ “المواجهات لا تخدم ليبيا ويجب على كل طرف أن يفكر في مصلحة بلاده.. فمصيبة ليبيا تتمثل في الزعامات، والحرص على عدم ترك الكراسي”.

وأضاف “نتمنى أن تتوقف هذه المواجهات الدّائرة في ليبيا، لأنها لن تساعد على إيجاد الحل بل ستزيد من عرقلة مسار السلام الذّي نسعى إلى إنجاحه، مؤكّدا أنّ “استخدام السّلاح والعنف بين أفراد الشعب الواحد هي خسارة كبرى ومصيبة وتعميق للجراح في ليبيا”.

 

ليس هناك حرص على إشراك الجامعة العربية

وحول ما قدّمته الجامعة العربية لليبيا لفت الجمالي، إلى أنّ الأطراف الليبية، ليست حريصة على إشراك الجامعة العربيّة، و”نحن جاهزون دائما، رغم أننا لا نحبّذ كثْرة المبادرات، ونؤيّد المبادرة الأممية”.

وأشار إلى أنّ “موقف الجامعة كان ضعيفا في 2011، عندما كان حلف شمال الأطلسي (الناتو) يدمر المؤسسات الليبية، وكانت غير قادرة على اتخاذ مواقف كما تأخذها اليوم، لأنه كانت كل الدول العربية منشغلة في قضايا داخلية، وما يسمى بالربيع العربي كان في أوج تحركه”.

وفي سياق متصل، اعتبر الجمالي، أن “قرارات الجامعة الآن هامة، ولكن يجب على الأطراف الليبية إشراكها”، في حل الأزمة

كما أكّد أنّ “كل الدول العربية في القمة الأخيرة ودون استثناء ودون تشكيك كانت مع الحل التفاوضي والسلمي مع جميع الأطراف وكانت مع دعم مسار الأممي في ليبيا”.

وأردف: “على العرب إعطاء الصلاحيات للجامعة العربية لأنه إلى هذه اللحظة هناك من لا يريد ذلك مثل ما هو الحال بالنّسبة إلى الدّور الأممي والإفريقي والأوروبي وبالتالي فإن علوية قرارات الجامعة مفقودة وليس هناك احترام للقرار العربي”.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن الجاحظ:

    لا مجال لحكم العسكر فى شمال إفريقيا منذ اليوم …..أحب من أحب و كره من كره ……

إشترك في قائمتنا البريدية