تونس – “القدس العربي”: أثار إعلان وزير الاقتصاد الليبي عن استئناف مشروع “مترو أنفاق طرابلس” موجة من الجدل والتهكم في البلاد، وخاصة بعد الإعلان عن التكلفة الكبيرة لهذا المشروع في بلد يعاني من أزمات اقتصادية وأمنية واجتماعية كبيرة.
وفي مؤتمر صحافي عقده في العاصمة طرابلس، أعلن وزير الإقتصاد بحكومة الوفاق علي العيساوي عن استئناف مشروع ” مترو الأنفاق”، بعد توقفه لعشرين عاما، مشيرا إلى أن المشروع سيكلف حوالي 10 مليارات يورو.
تصريح العيساوي تسببت بموجة من الانتقاد والتهكم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث خاطبه السفير السابق إبراهيم قرّادة في رسالة نشرها على صفحته على موقع فيسبوك، وكتب فيها ” إلى السيد وزير الاقتصاد: في الاقتصاد ليس هناك شيء دون مقابل. مصيدة التمويل بالاستدانة ونقاط أخرى، حول “مترو أنفاق طرابلس”، فمهلاً وبعض التريث”.
وأضاف “البداية ستكون من نقطة الاستثمار الخارجي والذي هو تمويل المشروع خارجياً عبر استرداد القيمة من عوائد المشروع. شكلياً يبدو هذا الاتجاه مربح للطرفين، غير ان هناك وقائع قديمة وحديثة، تشير إلى عجز دولة ما عن توفير عوائد الاستثمار الخارجي وتضع المشروع او الأصل تحت الحجر الاقتصادي لحين استيفاء قيمة قرض الاستثمار وفوائده المتراكمة. وهناك قصص مؤلمة لكيفية فقدان دول سيادتها وحتى استقلالها نتيجة مشاريع ممولة من الاستثمار الخارجي. ويصل الارتهان للوقوع تحت شروط قاسية تجعل تدفق الأموال سلبيا وهيمنة الادارة والعمالة الأجنبية، اي خسارة بدلاً عن الاستفادة”.
وتعود فكرة مترو طرابلس إلى عام 1993، حيث كان المشروع يهدف إلى تخفيف الاختناق المروري الذي تعيشه العاصمة الليبية آنذاك، لكن تأخر تنفيذه في مناسبات عدة، كان آخرها في 2011، حيث حالت الأحداث التي شهدتها البلاد بعد الثورة بتأخير تنفيذ المشروع مجددا.
وكتب الصحافي بشير زعبية “مشروع مترو الأنفاق في طرابلس وفق ما هو متاح من المعلومات، ليس مشروعا جديدا كما يتداول على صفحات الفيسبوك، وقد طرحت فكرته في بداية التسعينيات، فيما عرف أيضا باسم “مترو المدينة” وهو عبارة عن شبكة تربط مدينة طرابلس وضواحيها تصل إلى أكثر من 100 كلم وتمتد من جنزور غربا إلى تاجوراء شرقا ومطار طرابلس الدولي وقصر بن غشير جنوبا فوسط المدينة وشمالها، حسب القائمين على المشروع، في ذلك الوقت، ووقع عقد تنفيذه العام 2009 مع شركتين صينية وروسية، بقيمة 2.5 مليار دولار تقريبا بشراكة بين المال العام والخاص”.
ولجأت الوزيرة السابقة، فاطمة حمروش إلى “التهكم” على فكرة إعادة طرح المشروع في الوقت الحالي، حيث دوّنت على صفحتها في فيسبوك “مترو طرابلس ذكرني بمقولة ليبية قديمة: ما ناقص عالمشنوق إلا وكال الحلوى. يعني الآن كل شيء متوفر لليبيين وما ناقص عليهم إلا مترو الأنفاق! المترو يحتاج للمال لإتمامه، ولكهرباء ونفط لتسييره، ولشعب آمن وأمين للحفاظ عليه وتشغيله واستخدامه. فأين الأولويات، وأين نحن اليوم من كل هذا؟”
ومن جهته قال الكاتب محمد علي المبروك “قال مترو انفاق، وليبيا لا استقرار، والحالة حالة حرب ولابنية تحتية في ليبيا، وعجز حتى على توفير الكهرباء. هذا غباء او حالة سكر”.
ومنذ سقوط نظام معمّر القذافي عام 2011، تعيش ليبيا حالة من عدم الاستقرار وسط أزمات اقتصادية واجتماعية مستمرة، وتنازع على السلطة بين أطراف عدة، أبرزها حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، في الغرب، وحكومة طُبرق، التي لا تحظى باعتراف دولي، في الشرق.