نيويورك – «القدس العربي»: حصلت «القدس العربي» على تقرير اللجنة الفنية المنبثقة عن مجلس الأمن الدولي حول قبول الأعضاء الجدد، والتي ناقشت أخيرا في سلسلة اجتماعات طلب دولة فلسطين لقبول عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة.
ويصوّت مجلس الأمن الدولي، على مشروع قرار بشأن نيل فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، في ظل ترجيحات باستخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض «الفيتو» لإسقاطه.
وأكد مصدر دبلوماسي عربي رفيع لـ«القدس العربي» أن التصويت سيحصل اليوم الخميس في الساعة الثالثة من بعد الظهر بتوقيت نيويورك. وقال مصدر دبلوماسي عربي آخر لـ«القدس العربي» إنه جرت محاولة لتأجيل التصويت إلا أن الجزائر رفضتها.
وكانت ليندا توماس غرينفيلد المندوبة الأمريكية في المجلس قد قالت في وقت سابق إنها «لا ترى أن العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة ستساعد على التوصل إلى حل الدولتين للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي»، واستدعى ذلك موقفا مستنكرا من الرئاسة الفلسطينية.
خلاف في اللجنة
وقدمت اللجنة الفنية لقبول الأعضاء الجدد تقريرها الى مجلس الذي عبّر عن خلاف في المواقف بين غالبية تؤيد الطلب، وأقلية تفضل التريث لغاية الانتهاء من مفاوضات الوضع النهائي والتوافق بين الأطراف المعنية.
وسيتم عرض قضية الاعتراف بعضوية فلسطين الكاملة اليوم الخميس في اجتماع على مستوى الوزراء.
وقد وصل زياد أبو عمرو، رئيس دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية ونائب رئيس الوزراء السابق، للمشاركة في الاجتماعات.
وفي تصريح حصري لـ «القدس العربي» أكد مصدر من بعثة فلسطين أن هناك على الأقل 10 أعضاء سيصوتون بتأييد العضوية الكاملة. وقد تلحق سويسرا لتصبح الدول الحادية عشرة، خصوصاً إذا صوتت فرنسا إيجابياً، وهو أمر متوقع حسب المصدر، إلا إذا حصلت مفاجآت.
ومن المتوقع أن تصوت ثلاث دول بـ «الامتناع» هي المملكة المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، في حين أن الولايات المتحدة، حسب كل التقديرات، ستطيح بالمحاولة عبر استخدام التصويت السلبي (الفيتو).
وقد عقدت اللجنة اجتماعها الأول يوم 8 نيسان/ أبريل حيث كانت معروضة عليها رسالة موجهة الى مجلس الأمن مؤرخة في 2 نيسان/ أبريل 2024 ((S/2024/286 يطلب فيها المراقب الدائم لدولة فلسطين المراقبة من الأمين العام تجديد النظر في طلب فلسطين المؤرح في 23 أيلول/ سبتمبر 2011 بشأنه الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة وفقا للمادة 59 من النظام الداخلي المؤقت لمجلس الأمن والواردة في الوثيقة رقم (S/2011/592).
وأحال رئيس مجلس الأمن (مالطة) الطلب إلى لجنة قبول الأعضاء الجدد للنظر في طلب الحصول على دولة فلسطين المراقبة خلال شهر نيسان/ أبريل لدراسته وإعداد تقرير.
وجاء في التقرير أن اللجنة أعادت النظر في طلب دولة فلسطين في جلستيها 112 و113، المعقودتين في 8 و11 نيسان/ أبريل 2024، على التوالي، وما إذا كانت فلسطين تستوفي المعايير المحددة للقبول في عضوية الأمم المتحدة الواردة في المادة 4 من ميثاق الأمم المتحدة، وما إذا كانت دولة محبة للسلام، وراغبة وقادرة على تنفيذ الالتزامات الواردة في الميثاق.
ويتابع تقرير اللجنة الفنية أنها راجعت مداولات لجنة قبول الأعضاء الجدد في تقرير عام 2011 والمشمول في الوثيقة (S/2011/705) وأعرب العديد من الأعضاء عن رأي مفاده أن قبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة مسألة سياسية وليس شرطا تقنيا أو قانونيا. وخلال اجتماعات لجنة قبول الأعضاء الجدد تم التعبير عن وجهات نظر مختلفة.
وأعرب بعض الأعضاء عن رأي مفاده أن مقدم الطلب يستوفي جميع المعايير المنصوص عليها في الميثاق الذي يشير أيضا إلى الفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية عام 1948 بشأن شروط قبول الدولة عضوا في الأمم المتحدة. وذكر أيضًا أن الاعتراف كان خطوة مهمة نحو حل الدولتين والسماح لفلسطين بالمساواة في السيادة مع إسرائيل.
وتمت الإشارة إلى الدعم الذي أعربت عنه جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز في رسالتهم المؤرخة 2 نيسان/ أبريل 2024 والتي تشير أيضًا إلى إعتراف 140 دولة من أعضاء الأمم المتحدة بفلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة. كما أُعرب البعض عن رأي مفاده أن جميع جوانب المعايير قد نوقشت باستفاضة وأُدرجت في تقرير عام 2011.
ويعرض التقرير لرأي آخر تم الإعراب فيه عن موقف مفاده أن مقدم الطلب قد لا يستوفي جميع متطلبات العضوية بموجب المادة 4 من الميثاق، في ضوء الوضع على أرض الواقع.
المجموعة العربية تدعم
وفي هذا السياق، ذكر أن الحل التفاوضي يظل الخيار الوحيد القابل للتطبيق لـسلام مستدام طويل الأمد، وأن قضايا الوضع النهائي يجب حلها من خلال المفاوضات. كما تم التعبير عن تطبيع العلاقات بين إسرائيل وجيرانها باعتباره المسار الرئيسي للمضي قدمًا. وذكر أن التطبيق الحالي سابق لأوانه وأن المسائل المعقدة لا تزال دون حل.
وفيما يتعلق بمسألة ما إذا كان الطلب يستوفي جميع معايير العضوية المنصوص عليها في المادة 4 من الميثاق، وفي تلخيص المناقشات التي جرت في الجلستين 112 و113 للجنة، ذكر الرئيس أن اللجنة لم تتمكن من التوصل إلى قرار بالإجماع لتقديم توصية إلى مجلس الأمن عام 2011، واختتمت لجنة قبول الأعضاء الجدد نظرها في طلب فلسطين الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة.
وفي الجلسة 114، وافقت اللجنة على هذا التقرير الذي يعبر عن نظرها في طلب دولة فلسطين الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة.
ووزع مكتب بعثة الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة بيانا جاء فيه أن المجموعة العربية عقدت اجتماعا على مستوى السفراء في نيسان/ أبريل 2024 برئاسة المملكة العربية السعودية، وأصدرت بيانا بشأن دعمها الثابت لطلب دولة فلسطين لعضوية الأمم المتحدة.
وجاء في البيان: «تواصل المجموعة العربية جهودها للعمل بشكل بناء مع مجلس الأمن على تحقيق العضوية الكاملة لدولة فلسطين انطلاقا من مسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ولا سيما مسؤولياته تجاه دولة فلسطين والشعب الفلسطيني، من خلال التعبير عن دعمه الثابت لقضية فلسطين ودعم طلب دولة فلسطين للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وهذه خطوة طال انتظارها وكان ينبغي اتخاذ ذلك ليس فقط منذ عام 2011، بل منذ عام 1948».
ودعا بيان المجموعة العربية جميع أعضاء مجلس الأمن إلى التصويت مع مشروع القرار المقدم من الجزائر نيابة عن المجموعة العربية وبدعم من الدول من جميع مناطق العالم.
أبو ردينة
وطالب البيان بـ «تصحيح هذا الخطأ التاريخي الذي تم التنكر له طويلا وذلك لإنفاذ حقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف بما فيها حقه في تقرير المصير والسيادة وإقامة الدولة. والمجموعة العربية تحث مجلس الأمن على الاستجابة لنداء المجتمع الدولي الموافقة على طلب عضوية فلسطين دون مزيد من التأخير. أي شيء أقل من ذلك سيكون تنازلا صارخا من المجلس عن مسؤوليته في دعم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي».
واختتم البيان مؤكدا تضامن المجموعة العربية مع الشعب الفلسطيني ودعوة «كافة الدول الأعضاء إلى دعم هذه القضية العادلة وتحقيق الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني التي طال انتظارها». واستنكرت الرئاسة الفلسطينية، أمس، تصريحا للمندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بشأن سعي فلسطين لنيل العضوية الكاملة في المنظمة الدولية. وقال متحدث الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في بيان، إن «هذه التصريحات لا ترقى إلى المواقف الأمريكية التي تتحدث عن حل الدولتين وإقامة سلام عادل ودائم وفق قرارات الشرعية الدولية».
وتابع: «دولة فلسطين حصلت على العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بصفة مراقب عام 2012 وبأغلبية ساحقة، ومن حقنا الحصول على العضوية الكاملة». ودون ذلك، كما أضاف «ستبقى شرعية إسرائيل نفسها مشكوكا فيها، لعدم تنفيذها القرارين 181 و194، اللذين اشترطا حصول إسرائيل على عضوية الأمم المتحدة بقبولها تنفيذ قرار مجلس الأمن الخاص بوجود دولة عربية (فلسطين)، ولم تنفذ ما تعهدت به».
وقال أبو ردينة: «نعبر عن شجبنا لهذه المواقف الأمريكية التي تهدد باستخدام الفيتو (النقض) غدا الخميس؛ الأمر الذي يشكك في مصداقية الولايات المتحدة». وعزا ذلك إلى «تراجعها المستمر عن تنفيذ وعودها وتبنيها المواقف الإسرائيلية المتهورة، واستمرار عدوانها (تل أبيب) على الأراضي الفلسطينية المحتلة في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية».
وشدد على أن ذلك «يجعل أمريكا مسؤولة عن هذه السياسات الإسرائيلية التي تنتهك جميع قرارات الشرعية الدولية».
وقال إن «السلام لن يكون بأي ثمن، فإما الأمن والسلام للجميع، أو لا أمن ولا سلام لأحد».
وزاد أن «تجسيد إقامة دولة فلسطين، بعاصمتها القدس الشرقية وبمقدساتها الإسلامية والمسيحية، هو الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والازدهار وإنهاء الحروب التي تعانــــيها المنطقة منذ أكثر من مئة عام».