طرابلس -«القدس العربي»: مازال الصراع الداخلي بين الشرق والغرب في ليبيا يتصاعد تدريجياً في ظل وجود مجلس النواب المتخذ من طبرق مقراً له، الذي يحاول أن يسيطر على كافة السلطات في البلاد؛ فعقب أن عين سلطة تنفيذية جديدة، فرض الأخير سطوته على السلطة القضائية، مما صاعد غضب سكان الطرف الغربي من البلاد والسلطات المسؤولة وجعلهم يحاولون منع انعقاد جلسات المجلس.
وبعد أن دعا مجلس النواب إلى عقد جلسة لمناقشة كتاب المجلس الأعلى للدولة بشأن ترشيح الجمعية العمومية للمحكمة العليا رئيساً جديداً للمحكمة العليا، ومناقشة عدد من مشاريع القوانين المدرجة بجدول أعمال المجلس، أعلن الناطق باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، تعذر انعقاد جلسة مجلس النواب هذا الأسبوع، نظراً لمنع مغادرة نواب من العاصمة طرابلس إلى مدينة بنغازي.
وعقب ذلك، أصدر رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بياناً دعا فيه النائب العام بالتحقيق في واقعة منع أعضاء من مجلس النواب من السفر من مدينة طرابلس إلى مدينة بنغازي، حيث كانت ستنعقد جلسة رسمية لمجلس النواب.
وطالب في بيان، بإصدار بيان بنتائج التحقيق وإحالة المتهمين للمحاكمة بعد منع النواب من مغادرة مطار معيتيقة الدولي إلى مطار بنينا.
واعتبر صالح أن هذه الواقعة تعطيل لعمل مجلس النواب ومنعه من ممارسة مهامه المنوطة به في سبيل تحقيق استقرار البلاد عبر الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، واصفاً ذلك بأنه سابقة خطيرة تهدد وحدة البلاد وتشكل جريمة تقييد حرية المواطنين وإساءة استعمال السلطة وعرقلة عمل السلطة التشريعية.
واعتبر رئيس مجلس النواب أن ما حدث دليل واضح على أن مدينة طرابلس مخطوفة من مجموعات مسلحة تدعمها الحكومة منتهية الولاية والمسحوب منها الثقة، مضيفاً أن هذا يؤكد صحة وجهة نظرنا بأن الحكومة لا يمكن أن تعمل من مدينة طرابلس في هذه الظروف.
وأعاد صالح مطالبة أعضاء مجلس النواب بحضور جلسات المجلس التي سوف يُعلن عنها، وذلك لاتخاذ قرارات حاسمة تصب في مصلحة الوطن، دون أن يكشف تفاصيل هذه القرارات. وقال سنتخذ قرارات بأغلبية الحاضرين تقديراً للمصلحة العامة وظروف السادة النواب الذين لم تمكنهم ظروفهم من حضور الجلسات وفقاً لما أقرهُ في جلسة سابقة. وحمل عدد من أعضاء مجلس النواب الموجودين في مدينة بنغازي، الإثنين، حكومة الوحدة الوطنية المسؤولية عن سلامة زملائهم في طرابلس، مطالبين النائب العام بالتحقيق في منعهم من السفر إلى بنغازي لحضور الجلسة المقررة في بنغازي.
كما عبر النواب الموجودون في بنغازي، في بيان نشره موقع المجلس على الإنترنت، عن بالغ قلقهم لما تعرض له أعضاء المجلس بمدينة طرابلس من سوء معاملة تلاها منع لرحلة النواب المغادرة من طرابلس إلى بنغازي لحضور جلسة المجلس العادية المقرر انعقادها الإثنين بمدينة بنغازي، المقر الدستوري لمجلس النواب.
وطالب أعضاء مجلس النواب الموجودون بمدينة بنغازي النائب العام بالتحقيق فيما حصل، محملين المسؤولية للحكومة المنتهية الولاية والمسيطرة على العاصمة طرابلس بقوة السلاح، وفرض الأمر الواقع، ويحملون هذه الحكومة المسؤولية عن سلامة أعضاء مجلس النواب، في إشارة إلى حكومة الوحدة الوطنية.
وقال النواب الموجودون في بنغازي في بيانهم، إن ما حدث يؤكد ما نبهنا عليه عديد المرات سابقاً من محاولات التدخل في عمل المجلس عبر كل الوسائل، كالمنع من التنقل والتهديد الشخصي للنواب، كالذي حصل بجلسة التصويت على منح الثقة للحكومة، في إشارة إلى الجلسة السابقة للمجلس في طبرق في الأول من شباط/فبراير الماضي، التي منح فيها المجلس الثقة للحكومة المكلفة برئاسة فتحي باشاغا.
وقبل أسبوعين، طالب رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا، رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بتسليم السلطة منعاً للاقتتال والحروب، وتحقيقاً لمبدأ التداول السلمي للسلطة”.
وقال باشاغا في بيان سمّاه “بلاغاً لإبراء الذمة” أن “حكومة الدبيبة انتهت دستورياً وقانونياً، مناشداً فيه روح المواطن الصالح الحريص على تجنب البلاد الشقاق والاقتتال، أن يجنح للسلم ويقوم بتسليم السلطة سلمياً ليتحقق السلام والرفاه”، وفق وصفه.
وأضاف باشاغا في رسالة موجهة للدبيبة: “هذا بلاغ إبراء للذمة، وإقامة للحجة، ودعوة وطنية صادقة؛ احتراماً لمصلحة الوطن، وتجسيداً لمعاني الشرعية والديمقراطية، وترسيخاً لأسس الدولة المدنية التي ضحى لأجل قيامها رجال يستحقون الوفاء لهم”.