‘مجموعة دعم سورية’ تعاني من مشاكل بعد ‘هوس’ في صفقة لبيع النفط السوري

حجم الخط
1

لندن ـ ‘القدس العربي’ في غمرة الاحداث التي تشهدها المنطقة العربية من اضطرابات في مصر بعد الانقلاب العسكري، وبدء الجولة الجديدة من محادثات السلام وبرعاية امريكية بين الفلسطينيين والاسرائيليين، خرجت من سورية التي تشهد حربا اهلية منذ عام 2011 صورة من مدينة حمص ثالث مدن القطر السوري تظهر مدى الدمار الذي حل بحي الخالدية بعد اعلان الجيش السوري سيطرته عليه وبالتالي بسطه السيطرة على كامل المدينة.
وقد ادت الصورة التي التقطت بالجو ببعض الصحف البريطانية لوصف المشهد السوريالي بانه تم قصف حمص واعادتها للعصر الحجري. وكتب شانشك جوشي في عدد يوم الاربعاء من صحيفة ‘ديلي تلغراف’ معلقا على المشهد، حيث قال ان ‘بناياتها الشاحبة اللون تشبه ستالينغراد، مدمرة والتهمتها القنابل، شوارعها سويت بالتراب، تلال من الغبار والركام’، واضاف وهو الباحث في معهد الدراسات المتحدة بلندن ان الصورة تحكي كل شيء فلا توحي بوجود سكانها فيها ‘وهو ما يريده النظام’ ‘فحي الخالدية وحمص بشكل عام، لا يعني سكانه الذين قصفوا بالقنابل والقي عليهم الغاز الكثير للنظام مثلما يهمه المكان. لان الحي كان يربط الاحياء الاخرى التي كان يسيطر عليها المقاتلون بسلسلة من الانفاق. ومن سوء حظ حمص انها تقع بين دمشق والمناطق التي يعيش فيها ابناء الطائفة العلوية في الساحل. و’لهذا السبب ارسل بشار الاسد احسن فرقه العسكرية ونصف قواته الخاصة ودمر الحي واستخدم غاز السارين كما يزعم البعض’. وجاء السقوط التدريجي لمدينة حمص بعد السيطرة على مدينة القصير قرب الحدود اللبنانية، وهذا يشير الى قوة ومحدودية الاستراتيجية المتوفرة لدى النظام، حسب الكاتب، والتي تقوم على تركيز القوات في محور يمتد من العاصمة الى الساحل، والقيام بعمليات تطهير طائفي، وتخفيف القوات في الشمال والشرق والاعتماد على الميليشيات المحلية والقوات الاجنبية.
ولهذا السبب فالاسد يحقق انتصارات في الاماكن التي يقاتل فيها، مشيرا الى كلام جي كارني المتحدث باسم الابيض ان الاسد لن يحكم كل سورية ابدا، وهو اعتراف تكتيكي من الادارة الامريكية ان الاسد لن يتم اخراجه من المناطق التي يسيطر عليها حتى لو انهارت البلاد وانقسمت مثل قطع الفسيفساء.

جمود ميداني

ومن هنا فالحديث عن انتصار محتوم للنظام مضلل لانه لا يمكن اخراج المقاتلين من المناطق التي يسيطرون عليها في المحور الذي يمتد شمال – غرب وجنوب – شرق. مما يعني استمرار حالة الانسداد في الافق في الوقت الذي تفتتت فيه سورية الى قطع بسبب الاقتتال بين النظام والمعارضة والمقاتلين انفسهم، ويتوسع الشق في جانب المعارضة التي تشهد اقتتالا بين الجماعات الجهادية والجيش الحر كما حصل في شهر حزيران (يونيو) وامتد الشهر الماضي في مواجهات بين جبهة النصرة والفصائل الكردية، كما ان الانقسام واضح بين جبهة النصرة نفسها والدولة الاسلامية في العراق والشام احد تنظيمات القاعدة. وقد يؤدي هذا الوضع الى ولادة امارات مستقلة ستكون مركزا للجريمة والتطرف وخارج سيطرة اية حكومة وطنية. كل هذا في ظل استمرار تدفق الالاف المقاتلين الاجانب من اوروبا والدول العربية والاسلامية حيث يقدر عددهم بحوالي 5 الاف ينتمون الى 60 جنسية، مما يجعل من سورية افغانستان جديدة، وقد تتفوق الحرب في سورية على الجهاد الافغاني مما سيترك اثارا خطيرة على دول الجوار السوري، تركيا والاردن ولبنان واسرائيل.
وهناك ملمح اخر لا ينتبه اليه الكثيرون وهو ان النظام نفسه يتشرذم بدخول المتطوعين الاجانب، فبالاضافة الى مقاتلين حزب الله المدربين على حرب المدن والعصابات هناك اكثر من 10 الاف متطوع شيعي جاءوا للقتال مع النظام، ومعظهم شبان متحمسون جاءوا لسورية من اجل ‘حماية الاماكن الشيعية’. ومثل المتطوعين السنة فهذه الجماعات ستظل تقاتل حتى بعد رحيل الاسد ـ خاصة اننا لا نعرف ان كانت تأخذ الاوامر من النظام ام من الميليشيات المحلية التي تقاتل الى جانبها. وعلى الرغم من هذا التحليل المثير للخوف والذي يضع الحرب الاهلية في سياق حرب الوكالة التي تدور بين دول الخليج وايران الا ان خسارة المعارضة للخالدية اعتبر ضربة جديدة لها بعد القصير وجاء في ظل خلافات بين فصائل المعارضة، حيث تعيش فوضى فيما تحاول مجموعة عول الغرب عليها لايصال الدعم للجماعات المقاتلة وخاصة الجيش الحر البقاء.
ففي تقرير لصحيفة ‘ديلي تلغراف’ في عدد اليوم قالت فيه ان مجموعة دعم سورية تعاني من مشاكل تتراوح بين تراجع قدراتها على جمع التبرعات في الولايات المتحدة الى امكانية اغلاق مكاتب عملياتها في اوروبا جراء ملاحقة صفقة لبيع النفط السوري. فقد كشفت الصحيفة نقلا عن احد اعضاء المجموعة السابقين قوله ان ‘مجموعة دعم سورية’ اصبح لديها ‘هوس’ بالنفط لدرجة نسيت فيه الهدف الرئيسي للنزاع. ويواجه مكتب عملياتها الاوروبي مطالب من الحكومة البريطانية برد الاف الجنيهات الاسترلينية بعد ان توصلت الخارجية البريطانية الى ان بعض الاموال قد انفقت بطريقة غير مناسبة.

مجموعة دعم سورية

وكانت الدول الغربية قد عبرت عن املها عن قيام مجموعة دعم سورية التي انشئت عام 2011 في واشنطن بتمرير الدعم المالي والعسكري للجماعات السورية المقاتلة، وحصلت في ايار (مايو) الماضي على رخصة مالية سرية يسمح لها بالالتفاف على الحظر الامريكي المفروض على سورية، لكن الاموال نفدت بعد ابلاغ وزارة الخارجية الامريكية من ان اموالها التي تجمعها لا يمكن استخدامها في شراء الاسلحة.
وعوضا عن ذلك يقول ديفيد فولت، الذي عمل مديرا للشؤون الاوروبية، وكشف عن الامر، حولت المجموعة نظرها من جمع التبرعات الى محاولة الحصول على صفقة نفط مثيرة للجدل وتحت قيادة براين سايرز، المسؤول السابق في حلف الناتو. وكشف فولت عن رسائل بالبريد الالكتروني بين سايرز واخرين وتحتوي على اقتراحات للحصول على المال من خلال بيع حقوق انتاج النفط السوري.
وقال فولت ان ‘براين وغيره اصابهم هوس في موضوع النفط، حيث تسيدت فكرة امكانية جمع مئات الملايين من بيع النفط السوري عمل مجموعة دعم سورية، لدرجة انهم اي المجموعة نسوا طبيعة النزاع’.
ويعتبر موضوع النفط حساسا بالنسبة للمعارضة التي تحاول تجنب شبهة الفساد او اي صفقة قد تثير الشبهات. ونقلت عن وليد صفور، ممثل الائتلاف الوطني في لندن قوله انه لا سلطة يملكها اي فصيل من فصائل المعارضة لبيع النفط السوري قبل انهيار النظام واستبداله بحكومة جديدة. ونقلت عن مازن الاباشي، مدير مجموعة دعم سورية والذي يقوم باعادة هيكلة المجموعة انه تم وقف الصفقة بعد ان اصبحت غير مرتاحة من نشاطات سايرز.
وقال ‘كانت هناك نقاشات اولية ولم نبحثها بطريقة جدية’، مشيرا الى ان ‘قضايا النفط من القضايا الحساسة والمعقدة ومنظمتنا تركز على توفير الدعم غير الفتاك للمجلس العسكري السوري’.
وفي الوقت الذي يقول اعضاء في مجلس المجموعة انهم امروا سايرز بوقف نشاطاته حيث اتهموه بمحاولة تحقيق الارباح الا ان سايرز يزعم ان كلا من مجلس المجموعة ومن رئيس هيئة اركان الجيش الحر، اللواء سليم ادريس كانوا داعمين لفكرة استخدام عوائد النفط لشراء الاسلحة ‘لم يكن هناك اي خلاف حول المبدأ وفكرة انني كنت ابالغ في البحث ليست صحيحة’. وفي اثناء المناقشات طلب اللواء ادريس دعم الغرب من اجل الهجوم على الجماعات الجهادية التي تسيطر على آبار النفط، وذلك في لقاء مع صحيفة ‘الفايننشال تايمز’ حيث قال ‘عندما تتوفر لدينا كتيبة مسلحة ونرسلها الى آبار النفط، فسيرى الآخرون انها قوة مركزية تقوم بحماية المصادر الوطنية وليست تابعة لفصيل معين يهدف لبيع النفط’.
وكانت مجموعة دعم سورية قد قامت بعمليات ضغط وحصلت على دعم مشروعين في 14 شهرا، احدها استئجار مكتب لممثل الائتلاف في لندن، حيث تم استئجار مكتب له يطل على الهايد بارك قرب مكتب لشيري بلير ـ زوجة رئيس الوزراء السابق توني بلير. ولكن الخارجية طلبت رد المال كجزء من المنحة، ولكن وليد صفور يقول انه اضطر لترك المكتب لان مجموعة دعم سورية لم تكن قادرة على توفير الاجر، وهو نفسه ‘لم اسألهم من اين جاءت الاموال’ للايجار. فيما قالت وزارة الخارجية انها لا توفر دعما للسيد صفور، الذي قال للصحيفة انه لا يجد مكانا يعمل من خلاله. وتعاني عمليات مجموعة سورية في اوروبا من مشاكل حيث لم يستبعد الاباشي اغلاق مكتبها في لندن، واشار الى ان الاموال المتوفرة لدى المجموعة لا تتجاوز 200 الف دولار.

تصريحات مختلفة

وكان مسؤول الائتلاف الوطني السوري احمد الجربا قد اكد انه لن يتم التفاوض مع النظام الا بعد اعادة التوازن لصالح المعارضة، مما يقلل من فرص عقد المؤتمر الدولي او جنيف -2.
وتعتبر تصريحاته الاخيرة تحولا عن تصريحات نقلتها عنه صحيفة ‘نيويورك تايمز’ يوم السبت من انه لا يمانع من المشاركة في جنيف ـ 2 بحضور ممثلين عن النظام السوري مقترحا ان تقوم الحكومة ببادرة حسن نية من مثل اطلاق سراح السجناء.
وفي لقائه مع وكالة الانباء القطرية رفض الجربا مشاركة الاسد او اي من افراد حكومته. وبدلا من مشاركته دعا الجربا الى معاقبة الاسد على جرائمة التي ارتكبها. واتفقت الولايات المتحدة وروسيا على عقد المؤتمر حيث ترفض الحكومة السورية اشتراط رحيل الاسد كشرط للتفاوض واقترحت ان الاسد قد يرشح نفسه لانتخابات عام 2014.
بالاضافة لذلك فالحكومة في دمشق تشك في امكانية المعارضة التي تعاني من خلافات داخلية الوفاء بأي اتفاقيات. كما ان الائتلاف الذي يقوده الجربا لا يتمتع بتأثير واسع بين الجماعات المسلحة داخل سورية، ولا تعترف به الجماعات المتشددة المرتبطة بالقاعدة.
وفي ضوء تغير الوضع الميداني لصالح الاسد والاقتتال الواضح بين صفوف المعارضة، فالنظام سيكون له موقف متشدد، وهو ما اشار اليه الجربا الذي ربط بين تغير الوضع الميداني لصالح المقاتلين وانعقاد مؤتمر جنيف-2.
وعن سبب تغير نبرة الجربا نقلت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ عن سمير نشار قوله ان لهجة رئيس الائتلاف اللينة التي وردت في لقائه مع الصحيفة الامريكية قد اغضبت الكثيرين من اعضاء الائتلاف، واضاف ان شروط الائتلاف للمفاوضات تضم رحيل الاسد، انسحاب القوات الاجنبية الى اراضيها في لبنان وايران ومحاكمة من ارتكبوا جرائم حرب. واضاف نشار ان المفاوضات قد تعقد حالة تغيرت الموجة لصالحهم اي حققوا انتصارات عسكرية.

غارات جديدة

وفي خبر آخر قالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين امريكيين ان الغارة العسكرية الاسرائيلية الاخيرة لم تنجح في تدمير كل الصواريخ المضادة للسفن الحربية الروسية الصنع، مما يقترح قيام اسرائيل بهجمات جديدة. وكانت اسرائيل قد اغارت في الخامس من شهر تموز (يوليو) الماضي على مخازن اسلحة في مدينة اللاذقية حيث دمرت صواريخ اشترتها دمشق من موسكو. وتوصل المحللون الامريكيون الى ان بعض الصواريخ ‘ياخنوت’ قد ازيلت من راجماتها واخرى من مخازنها قبل الهجمة بقليل.
وكانت اسرائيل قد قالت انها لا تريد الدخول في الحرب الاهلية السورية الا انها مستعدة لمنع وصول اية اسلحة متقدمة لسورية او حزب الله. ويعتبر المسؤولون الامريكيون والاسرائيليون الصواريخ هذه خطرا على السفن الحربية. واضافت ان واحدا من الاسباب التي قد تدفع اسرائيل لتوجيه ضربات هو استمرار تدفق الاسلحة من روسيا وايران للنظام والتي قد تقع في يد حزب الله.
وكانت اسرائيل قد اغارت على سورية مرتين الاولى في كانون الثاني (يناير) والاخرى في ايار (مايو) حيث دمرت قافلة عسكرية كانت تحمل ‘اس اي-17 ‘ في الاولى وفي الثانية صواريخ الفاتح ـ 110.

الكرواسون محرم

وفي اطار يظهر مختلفا اهتمت صحيفة ‘واشنطن بوست’ بالفتوى التي اصدرتها لجنة الشريعة في حلب والتي منعت فيها تناول ‘الكرواسون’ الذي قالت انه رمز من رموز الاستعمار، ولان شكل الكرواسون هو ‘هلال يحتفي بانتصار الاوروبيين على المسلمين’. وعلقت الصحيفة ان الفتوى جاءت في وقتها حيث تعاني المدينة من نقص من الخبز. وقالت ان هناك جانبا مهما للفتوى وهو ان مناطق حلب تسيطر عليها بشكل متزايد الجماعات المتطرفة مما يعني تهميشها للجماعات المعتدلة التي تعيش تحت رحمة الجهاديين. ففي بعض المناطق، تحركت بعض الجماعات المتشددة من ساحة القتال الى مرحلة بناء مجالس ادارية ومؤسسات حكم وجمعيات طوعية. وتتسيد كل من جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام على مناطق حلب حيث جلبتا معهما تفسيرات ضيقة للشريعة. مشيرة الى ان جبهة النصرة اعدمت صبيا لانه شتم النبي محمد. وتقول الصحيفة ان صعود هاتين المجموعتين لن يكون في صالح احد بل يهدد بزيادة مظاهر الانقسام داخل الجماعات المقاتلة المتشرذمة اصلا، ولن يقوم الغرب بارسال الدعم الذي يحتاجه المقاتلون بشكل ماس بسبب وجود هذه الجماعات.
وشهدت الاسابيع الماضية سلسلة من الفتاوى التي حرمت على النساء لبس الملابس الضيقة ووضع المكياج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول هدهد الدريقات:

    هكدا تستباح بلاد الشام التي أحبها الرسول صلي الله عليه وسلم في وضح النهار أمام أعين العرب والمسلمين كافة …ولله في خلقه شؤون …أتخيل أحيانا أن هذه عقوبة سلطها الله علي المسلمين يعذبون أنفسهم بأيديهم …حتي يرجعوا الي أمر الله .

إشترك في قائمتنا البريدية