تدخل العلاقات الدولية مرحلة جديدة على صدع الحرب الاهلية السورية ومن باب ضيّق في استخدام الاسلحة الكيميائية لتصل مكانا رحبا على غير ما هو متوقع. ففي اقل من اسبوع بلغ الصدع الغربي اقصى مدى له في مواقف الدول الغربية تجاه الزعامة الاميركية وليس تجاه استخدام الكيمياوي في سورية، فهذه قضية تدينها كل الشعوب والحكومات وهي قضية اخلاقية وانسانية بامتياز. لقد وجدنا المانيا وحتى بريطانيا ودول اوروبية اخرى لا تقيم للتحرك الاميركي وزنا من اي نوع تجاه التهديد بضربة حتى لو كانت محدودة ليس حبا بسورية او حتى نظامها القائم حاليا. الاوروبيون بدأوا يدركون ان اميركا امبراطورية جريحة ليست بتلك القوة لتقود العالم وتفرض رأيها على الاخرين وينساق الاوروبيون خلفها مثل قطيع اغنام كما كان يحدث في السابق فامريكا تأكل البصلة وهم يشمون رائحتها ويدمعون، واليوم باتوا يخرجون من تحت عباءة اميركا علنا وفي وضح النهار رافعين لها اصبعهم الاوسط، فحتى روسيا التي كانت مشغولة عن مشكلات الشرق الاوسط في ترتيب بيتها الداخلي وبعقدين من الزمن على اسوأ تقدير. اليوم يعودون الى الشرق الاوسط ومن باب تحالفات جديدة هم انفسهم يدركون مخاطرها المستقبلية عليهم قد تكون مرحلة لا بد منها للعبور على صميم مصالح حيوية باتوا يخططون لها بشكل واضح، في الوقت الذي كان به الامريكان يديرون حروبا فاشلة في افغانستان ومن ثمة العراق. لم يكن احد ليلتفت جيدا الى المانيا المغرورة والتي نمت وتضخمت عقب انهيار الفكر الماركسي بصورة متسارعة ومذهلة في الجوار السوفيتي، وهي ما زالت تحمل في نفسها الاستعلاء والغطرسة فهي اليوم عملاق لملم جراح الماضي ويطمح بدور دولي متميز لا يقيم وزنا لروسيا وامريكا الا بذلك القدر الذي بات ينازع كليهما لامتلاكه مرة اخرى الامكانية كمقرر في الشأن الدولي متساوي معهما في حرية اتخاذ القرار بما يؤمن مصالحه وبدون امتنان لأي منهما. الامريكان انتخبوا اوباما كرجل سلام اقام دعواه على انهاء الحروب والالتفاف الى الشأن الداخلي، ففي اميركا تشكل رأي عام جمعي مناهض لسياسات امريكا الخارجية السابقة ويقيم دعواه على شأن اميركي داخلي فقط، ولا يشذ الرئيس اوباما عنه قيد انملة، فقد خاطب الاميركيين ان تناوله المسالة السورية من منظور الامن القومي ومن المنظور الاخلاقي، لكنه بقي يؤكد لهم ان اميركا لن تكون شرطي العالم ولن تخوض حروب الاخرين. هذه العبارة الاخيرة اصابت قادة في اسرائيل بالهلع والصدمة وباتوا متيقنين بما لا يدع مجالا للشك ان العلاقات الدولية في طور جديد لايخدم مستقبلهم في المنطقة فلربما باتوا يفكرون مليا باعادة صياغة تحالفات جديدة تؤمن مصدرا اخر يمكن ان يعول عليه في ضمان امنهم، فقد بات يقينا ان امريكا التي ترددت الف مرة في توجيه ضربة محدودة لسورية المنهكة في كل شيء فمن المستحيل ان تفكر مجرد تفكير في ضرب ايران هنا على الاسرائيليين ان يفكروا مليا بما قد تُقدم عليه طهران في المستقبل سواء بخيار نووي او ما شابهه فهل بات زمن الغطرسة الاسرائيلية في خبر كان!؟ هذا ما سنراه قريبا في المفاوضات الاسرائيلة – الفلسطينية ان كان هناك عقلاء فيها يجيدون القراءة ويدركون ان نمرا ورديا في حديقة البيت الابيض الابيض بات لا يعنى الا في بيته (امريكا) وكلبه المدلل غير قادرا ان يرد تهكمات بسطاء في الشرق الاوسط والادنى ايضا وكلما فكر ان ينظر الى اصبعه الاوسط كي يرد ولو من باب المجاملة يجد في اعماق نفسه من يقول له (واوا)، فتلك رسالة وصلت طهران عبر موسكو قبل ان تصل الى اسرائيل وفهمت في طهران جيدا لدرجة ان ايران تنفست الصعداء اخيرا ومن قادتها مَن يضحك اليوم ملء شدقيه وبصوت عالي وشامت ايضا باسرائيل وغيرها من عرب علّقوا كل امالهم على حماية امريكا. الصينيون ضاعت منهم فرصة ان تقوم اميركا في حرب قذرة وطويلة تخسر بها امولا طائلة كي تشتري مزيدا من الديون فلا يختلف الصينيون عن اليهود في رؤيتهم للعالم فهم يؤمنون كما اليهود ان السيطرة على راس مال عالمي ضخم يقربهم من التحكم بكل شيء عالميا. العرب لازالوا في غفلة من امرهم لايهمهم ما يدور حولهم وربما لايفهمونه، لازلوا يحلمون في الغيد الحسان وغاضات الطرف بملابس او بدون في الدنيا وفي الاخرة ويقتلون بعضهم بكل الوسائل المتاحة من الغرب ومن والشرق غير نادمين . امين الكلح [email protected]