مدريد تضع إطارا جديدا شائكا للعلاقات مع الرباط يقوم على “التعاون المخلص” و”احترام” حدود سبتة ومليلية

حسين مجدوبي
حجم الخط
22

مدريد-“القدس العربي”: صادقت الحكومة الإسبانية أمس الثلاثاء في اجتماع لها على “الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي”، والتي تضمنت إشارات رئيسية إلى نوعية العلاقة مع المغرب والتي من شأنها التسبب في مزيد من توتر العلاقات الثنائية بحكم أنها تطالب الرباط “بالولاء في التعاون” و”احترام الحدود الوطنية”، أي سبتة ومليلية.
وتعالج الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي التي هي تحسين لاستراتيجية 2017 المخاطر والتحديات التي تواجهها إسبانيا في السياق الجيوسياسي الحالي، وكان من المنتظر دراسة المجلس الوزاري لهذه الاستراتيجية خلال السنة المقبلة، لكن حكومة الائتلاف اليساري بزعامة بيدرو سانتيش أعطتها أولوية بسبب تأثيرات جائحة كوفيد-19 علاوة على التغيرات الحاصلة في العلاقات الدولية على المستوى الإقليمي والأوروبي والعالمي. وتقدم الوثيقة عدد من التوصيات الهامة للغاية في كيفية التعاطي مع التغيرات، وهذا يقدم صورة مسبقة عن نوعية القرارات التي ستتخذها الإدارة الإسبانية في الملفات الشائكة التي ستواجهها.
وشارك في إعداد هذه الوثيقة خبراء من مختلف الإدارات مثل الخارجية والاستخبارات والدفاع والداخلية والصحة م بشكل غير رسمي مراكز التفكير الاستراتيجي وعدد من الباحثين في علم الاجتماع ومؤرخين ضمن آخرين.
وكالعادة، تعطي هذه الاستراتيجية حيزا هاما لمنطقة المغرب العربي بحكم التحديات وفرص التعاون التي تشكلها لمصالح إسبانيا. فهذه المنطقة هي في آن واحد مصدر القلق بسبب نزاعات ترابية مع المغرب والهجرة السرية والإرهاب ومصدر التعاون بحكم الفرص الاستثمارية والتبادل التجاري ثم كمصدر رئيسي للغاز من الجزائر التي أصبحت إسبانيا رهينة له بحكم استيرادها أكثر من نصف حاجياتها.
وتضمنت الوثيقة الاستراتيجية فقرة هامة تبرز رؤية ما يسمى الدولة العميقة الإسبانية تجاه المغرب العربي وأساسا المغرب والجزائر، تقول حرفيا بشأن العلاقة معهما “علاقة إسبانيا بالمغرب والجزائر هي علاقة صداقة من منطلق التعاون المخلص واحترام الحدود الثنائية”.
والمثير أنه وللمرة الأولى تختزل مدريد المغرب العربي في المغرب والجزائر وتضع البلدين في كفة واحدة بعدما كانت تعطي أولوية رئيسية للمغرب في وثائقها السابقة وتوحي بنوع من الامتياز لصالح العلاقات مع الرباط. في هذا الصدد، ولم تعد مدريد تجد حرجا في تطوير العلاقات مع الجزائر ولم تعد تأخذ بعين الاعتبار حساسية المغرب من هذا التقارب لا سيما بعدما قررت الجزائر إنهاء العمل بأنبوب الغاز “المغرب العربي-أوروبا” وتعويضه بأنبوب “ميد-غاز” الذي يمر مباشرة من الجزائر نحو الجنوب الإسباني.
وهذا يشكل منعطفا في العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد بعد الأزمة الأخيرة الناتجة عن معارضة إسبانيا لموقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء ثم تساهل المغرب مع دخول أكثر من 10 آلاف مغربي إلى سبتة المحتلة.
ويبدو من خلال ما تسرب من وثيقة “الاستراتيجية الجديدة للدفاع الوطني”، وضع إسبانيا شروطا غير مباشرة على المغرب لإرساء علاقات جيدة وتتجلى فيما أسمته “التعاون المخلص” بين البلدين ثم احترام الحدود. وهذا يترجم مباشرة على ضوء الأحداث الأخيرة بعدم تكرار تساهل الدولة المغربية مع اقتحام المغاربة لسبتة كما حدث في مايو الماضي، ثم تجميد المغرب لمطالبه في استعادة سبتة ومليلية وباقي الجزر المحتلة.
وعلاقة بالمدينتين، وكما أكدت خلال مايو الماضي عند وقوع الأزمة مع المغرب، تتشتمل الوثيقة التي صادقت عليها حكومة مدريد على مخطط خاص وشامل بمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين يشير إلى “نظرا لطبيعة المدينتين لموقعهما الجغرافي في القارة الإفريقية وخصوصية حدودهما الإسبانية والأوروبية يستوجب الأمر اهتماما خاصا لضمان أمنهما ورفاهية ساكنتيهما”. وكانت جريدة “القدس العربي” قد تناولت يوم 13 ديسمبر الجاري مخطط إسبانيا لجعل سبتة ومليلية مستقلتين اقتصاديا عن المغرب بعد قرار الرباط إغلاق الحدود البرية وإنهاء التهريب.
وتأتي وثيقة “الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي” الإسباني في وقت تمر به العلاقات بين الرباط ومدريد بتوتر حقيقي يتجلى في سحب المغرب لسفيرته من مدريد منذ مايو الماضي ثم جمود الزيارات الثنائية بل ولم تعد هناك تصريحات ودية تثني على هذا البلد أو ذاك مثلما كان يحدث حتى الأمس القريب. وتضع حكومة مدريد بطريقة غير مباشرة شروطا لتأطير مستقبل العلاقات بين البلدين، وهذا يتماشى والتلميحات السابقة للمسؤولين الإسبان وعلى رأسهم وزير الخارجية الحالي مانويل ألباريس مفادها أنه يجب إرساء مفهوم جديد للعلاقات يقوم على الثقة والاحترام، في إشارة إلى احترام موقف إسبانيا من نزاع الصحراء التمثل في دعم مساعي الأمم المتحدة.
واعتمادا على أحداث سابقة، يبدو أن الحكومة الحالية قد استوحت الأطروحة الحالية من التصور الذي كان قد اعتمده وزير الخارجية الأسبق مانويل غارسيا مارغايو سنة 2013 عندما اشترط على المغرب أنه من أجل علاقات مستقرة يجب على الرباط وقف الرباط مطالبها باستعادة سبتة ومليلية”، وصرح بذلك في ندوة في مدريد بحضور وكيل الخارجية المغربية وقتها يوسف العمراني.
ومن شأن طريقة معالجة العلاقات الثنائية في هذه الاستراتيجية الخاصة بالأمن القومي وضع العلاقات على المحك، إذ يجهل طريقة تصرف المغرب ونوعية الإطار الذي سيضع فيه العلاقات مع مدريد مستقبلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    هههههههه خياران أحلاهما مر ، التعاون المخلص و احترام حدود سبتة ومليلية التي تعتبرهما محتلين

    1. يقول حقائق:

      وأساسا المغرب والجزائر، تقول حرفيا بشأن العلاقة معهما “علاقة إسبانيا بالمغرب والجزائر هي علاقة صداقة من منطلق التعاون المخلص واحترام الحدود الثنائية”.

  2. يقول حقائق:

    “…وأساسا المغرب والجزائر، تقول حرفيا بشأن العلاقة معهما “علاقة إسبانيا بالمغرب والجزائر هي علاقة صداقة من منطلق التعاون المخلص واحترام الحدود الثنائية”.
    هذا من الأدلة على كلامي أن مقالك هذا لا معنى له. فكيف تدعي أنه يخص المغرب فقط فيما يقول البند حرفيا أن العلاقة مع المغرب و الجزائر ?

  3. يقول حميدان:

    سبتة و مليلية مدينتين مغربيتين محتلتين المغرب يلتزم الصمت ولا يطالب بهما و السبب هو المرور الحتمي عبر تقرير المصير لسكانهما عبر استفتاء لا يكون في صالح المغرب .

  4. يقول عبد المنعم عبد الصمد:

    ”التعاون المخلص” اسبانبا شخصت الداء وطلبت المستحيل…

  5. يقول عبد الله:

    ماذا تنتظرون من اسبانيا اتي كانت أول من عارض إعلان ترامب مغربية الصحراء؟ في العلاقا الدولية لا مجال للنوايا الحسنة والغباء.

  6. يقول سعيد:

    أوروبا تعيش الماضي الاستعماري، وهي تتخلف تدريجيا على جميع المستويات لصالح قوى جديدة صاعدة، لذلك لا المغرب و لا الجزائر في حاجة لاسبانيا و أوروبا، بل هي من يحتاج لنا…

  7. يقول عبد السلام بن جلون:

    المملكة المغربية الشريفة لم ولن تساوم على وحدة ترابها وسيادتها على المدينتين المحتلتين والجزر الجعفرية. إنما هي فقط مسألة وقت. واكيد ان الفكر الاستعماري البغيض لا زال يعشعش في عقول الاسبان. فالاستعمار ماله الزوال طال الزمن او قصر.

  8. يقول مغربي أصيل:

    ننتظر فقط إذن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله للخروج في مسيرة خضراء ثانية إلى سبتة ومليلية المحتلتين والصلاة في مساجدها بإذن الله ورفع الراية المغربية مع الأذان المبارك.

  9. يقول عبد الرحيم المغربي .:

    رد الفعل الإسباني لن يتجاوز حدود المماحكة الإعلامية… خوفاً من تطور الأمور إلى تجاوب مغربي مع تطلعات شعوب كاتالونيا والباسك وغاليسيا ونافارا…كرد فعل طبيعي تجاه التآمر الإسباني على وحدة المغرب…؛ والسبب في هذا التشنج راجع إلى العجز المطلق عن القيام بأي رد فعل حقيقي….بعد محاصرة سبتة ومليلية….وترسيم الحدود…وارجاع ألمانيا الى بيت الطاعة المغربي…واعتراف أمريكا بمغربية الصحراء….والاتفاقيات العملاقة بين المغرب وبريطانيا في مجال نقل الطاقة المتجددة التي ستناهز 30 مليار دولار….وتحكم المغرب المطلق في كنوز جبل تروبيك….واقفال أنبوب الغاز القادم من الجزائر بشكل نهائي من طرف المغرب …رغم محاولات التوسط بعد عجز الأنبوب البديل عن توفير الكميات المطلوبة….والانطلاق في المرحلة الجديدة من تصنيع السيارات …بدون أدنى اشراك للطرف الإسباني….الخ..ولذلك فليس من المستغرب أن يتقمص الإسبان بيمينهم ويسارهم شخصية دون كيشوت…للترويج للخطاب الايزابيلي…في الوقت بدل الضائع….

  10. يقول بدر الدين:

    يجب ان تعي إسپانيا التي يحكمها مسؤولون مدنيون يؤمنون بالديموقراطرية أن المغرب انتزع صحرائه من بين مخالب حكام عسكريين ديكتاتوريين و فاشيين أيام الديكتاتور فرانكو..ويوم يصمم على استعادة مناطقه المحتلة فلن تستطيع قوة التصدي لملايين المغاربة المدنيين الذين سيتوجهون إليها.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية