مدير «الشبكة السورية» لـ«القدس العربي»: أكثر من 70 ألف مشرد في العراء بلا مأوى

هبة محمد
حجم الخط
0

حلب – إدلب – «القدس العربي» : في جانب أكثر إيلاماً من الكارثة الإنسانية، التي راح ضحيتها أكثر من خمسين ألف شخص في تركيا وسوريا جراء الزلزال المدمّر الذي ضرب البلدين في السادس من شباط/فبراير شرد قرابة 5,3 مليون سوري، وفق الأمم المتحدة. وفي شهادات ومعاينات تؤكد وجود آلاف العائلات الناجية من الموت حيث تعيش في العراء شمال غربي سوريا، إذ وثقت فرق الدفاع المدني السوري انهيار وتصدع أكثر من 2000 مبنى، بشكل كلي أو جزئي فيما تصدعت آلاف المباني والمنازل وباتت غير صالحة للسكن في عموم المناطق التي ضربها الزلزال. مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، أوضح تصريح خاص لـ”القدس العربي” أن التقديرات الأولية للمشردين السوريين بفعل الزلزال – دون الحديث عن التشرد بفعل الحرب التي يشنها النظام السوري ضد شعبه منذ أكثر من عقد – خلّف أكثر من 70 آلف مشرد في العراء دون أي مأوى. وقال عبد الغني: بالنسبة للسوريين المشردين هناك قرابة 70 ألف شخص مشرد بفعل الزلزال وحده، شمال غربي سوريا، وإلى الآن لا توجد حصيلة دقيقة لمعرفة أعداد المشردين السوريين في تركيا فهناك الوضع أصعب، وفق قوله.

مشردون بين الخيم والجرارات

وأضاف المشردون في العراء بحاجة إلى مأوى أولاً، فمقدماً ععلى كل شيء هناك عجز كبير في الخيم، هؤلاء مشردون في العراء وبأعداد هائلة، توجد مساعدات غذائية لكننا نطالب بخيم ومأوى بشكل أساسي ومحدد.
من جهتها قالت منظمة “منسقو استجابة سوريا” الخميس، إن أعداد النازحين الموثقين حتى اليوم العاشر 171,843 نسمة مع استمرار الإحصاء، بينما بلغ عدد النازحين القاطنين في مراكز الإيواء 35,843 نسمة ما يعادل 7,122 عائلة موزعين على 172 مركزاً منتشراً في إدلب وريف حلب.
وأنت تتجول بين أرياف حلب وإدلب شمال غربي سوريا، يكاد لا يغيب عن ناظريك انتشار العديد من العوائل المشردة الهاربة من كارثة الزلزال، تفترش العراء أو السيارات بعدما دمّر الزلزال منازلهم بشكل كامل أو جزئي وأصبحت غير قابلة للسكن. وفي درجة حرارة (2 تحت الصفر)، تفترش عشر عوائل مهجرة من القرى المجاورة إلى مدينة جنديرس، الأرض، التي تهدمت منازلها بشكل كامل بفعل الزلزال الذي ضرب المدينة، وباتوا يتخذون من سياراتهم الضيقة مأوى لأطفالهم.
يقول عبد الكريم من ريف حماة لـ”القدس العربي”: جهزت منظمات محلية مدرسة السواقة شرق جنديرس نحو 5 كيلومترات، على طريق عفرين جنديرس، لإيواء المشردين، لكن وبسبب العدد الهائل، لم تبق خيم تكفي لكل المشردين، فلم تجد هذه العائلات التي ينام أفرادها في العراء وسط هذا الطقس البارد، ويشعلون النار في كل حين لتبعث في عظامهم دفئاً ينسيهم برودة الجو. وتعففت هذه العوائل وفق الشاب الثلاثيني عن الطلب من المنظمات، ورفض أفرادها عروضاً للذهاب إلى مراكز الإيواء التي تم تجهيزها في عفرين واعزاز، فهم يريدون البقاء بالقرب من منازلهم المدمرة، علهم يخرجوا بقايا حاجياتهم وبعض النقود التي فقدوها، وعلى أمل أن يستلموا عددا من الخيم لتأويهم بالقرب من ركام منازلهم.
وإلى ريف شمال غربي عفرين وبالأخص في قرية كوخرة بريف المعبطلي شمال المدينة، حيث تضرر قرابة 80 من أصل 130 منزلاً في القرية. يقول أحمد البرهو لـ”القدس العربي” وهو مهجر من مدينة حلب ومن سكان المنطقة: يبيت معظم سكان القرية ليلتهم في العراء، بسبب الخوف من الهزات الارتدادية وتهدم جزء كبير من منازل القرية، كما خسرت القرية العشرات من أبنائها القاطنين في مدينة جنديرس، فبعضهم ينام في خيم أو في عربة يقطرها جرار زراعي تمت تغطيتها بجادر للوقاية من البرد، وفي النهار يجلسون بالقرب من منازلهم لتفقدها وإزالة الركام وإصلاح ما أمكن منها.
ويقضي أكثر من نصف أهالي مدينة سلقين ليلتهم على أطراف المدينة، بسبب تهدم وتصدع المنازل التي لم تعد صالحة للسكن، مما اضطر الكثير من العائلات لبناء خيم متطرفة أو الذهاب لمراكز الإيواء التي يتم تجهيزها في المنطقة. لجأت صفية محمد، 43 عاماً، مع أولادها إلى خيم في العراء، وهي أرملة سبق لها أن نزحت من مدينة حلب، بعد أن تهدم المنزل الذي تقطنه في مدينة سلقين. وتقول صفية لـ “القدس العربي”: هربت مسرعة أنا وأولادي الخمسة ومعي اختي أيضاً وهي أرملة ولديها 3 أطفال وجارتينا وأولادهن، فقد قضى أزواجنا كلهم في الحرب.
وتضيف: قضينا ساعات طويلة تحت وطأة البرد والخوف والمطر والظلام بسبب الزلزال، ومازلنا نبحث عن مأوى يحمينا من الأبنية المهددة بالسقوط، أخاف على الأطفال من المرض ها نحن نجلس في البرد لا نملك قوت يومنا ولا يمكننا أن نشتري لأحد من الأطفال زجاجة حليب أو قارورة ماء. تسكن صفية وأختها وجارتينا وأولادهن في خيمة واحدة، قد لا تتسع لعائلة واحدة، وصفية كلها أمل أن تحصل على خيمة إضافية.

سلقين: 40 ثانية تغيرت ملامحها بالكامل

سلقين تعتبر من أكبر مدن الشمال الغربي لسوريا، حيث يقطنها قرابة 400 ألف نسمة، تتميز ببنايات طابقية متلاصقة، ذات طابع أثري، ويتوسطها سوق تراثي قديم، وفي 40 ثانية تغيرت ملامحها بفعل الزلزال فكان لها النصيب الأكبر من الضحايا والدمار.
يقول بلال صفوق وهو مدير فريق “إصنع بسمة” التطوعي العامل في مدينة سلقين لـ “القدس العربي”: عملنا بكل طاقتنا لمتابعة المتضررين بفعل الزلزال، من تجهيز خيم ومراكز إيواء، ولكن حجم الدمار كبير، ففي سلقين وحدها سقط 1050 وفاة و2800 جريح، وتهدمت 51 بناية طابقية بشكل كامل، بالإضافة لمئات المنازل المتصدعة غير الصالحة للسكن، وأهلها في غالبيتهم خارج المدينة في الخيم المتطرفة ومراكز الإيواء أو عند أقاربهم في القرى الريفية القريبة.
وتحدث صفوق عن وجود الكثير من العوائل الفقيرة المتعففة التي لا تطلب مساعدات، مما زاد من تردي وضعها المعيشي، ويضيف: هم بحاجة ماسة لكل أنواع المساعدات الإنسانية، ونجد صعوبة في الوصول إليهم، بسبب كبر حجم المدينة، ومازال أهلها يعملون على رفع الأنقاض.
وتواصل فرق الدفاع المدني السوري عمليات البحث وانتشال الضحايا، خصوصا في جنديرس وحارم وسلقين التي تعرضت لدمار كبير في البنى التحتية، ووفق شهادات الأهالي فإن المنطقة التي دمرت بالكامل لم تشهد عمليات رفع الأنقاض وفتح الطرقات، فالأمر وفق قولهم يحتاج لعدة أشهر وقدرات عالية وآليات ثقيلة، كما هناك عشرات الآلاف من المنازل المتصدعة، حيث تم تشكيل فريقين من الدفاع المدني ونقابة المهندسين لتحديد الأبنية المتضررة والصالحة للسكن، وبحسب الدفاع المدني فإن 40% من المدارس قد تعرضت لأضرار ولم تعد صالحة للاستخدام، و70% من المشافي تعرضت لضرر بفعل الزلزال.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية