الناصرة ـ «القدس العربي»: فيما حمل مدير منظمة حقوقية على إسرائيل في الأمم المتحدة، قال رئيس محكمتها العليا السابق، أهارون براك، إنه يخشى على «الديمقراطية فيها، وإن ما حصل في ألمانيا قد يحصل في داخلها، من باب أن النظام الذي يرفض فصل السلطات والقيم الأساس وحقوق الإنسان ليس نظاما ديمقراطيا».
وفي خطاب ألقاه في مؤتمر عقد في إيلات، أمس بمناسبة مرور 70 عاما على «النيابة العامة»، وفي إطار مخاوفه على الديمقراطية، قال براك إن استبعاد حصول ذلك خاطئ «فإذا كان ذلك قد حصل في ألمانيا باخ وغوته وبتهوفن، فإنه قد يحصل في كل مكان».
وأضاف «قد يحصل ذلك ولكن ليس بنفس الشدة، ولكنه قد يحصل في كل مكان». وردا على من يدعي «إن ذلك لن يحصل لدينا»، قال براك إن ذلك يحصل، مضيفا أن «الديمقراطية في العالم تواجه اليوم هجمات، خاصة بسبب مشاكل الهجرة والإرهاب، وإذا لم نحم الديمقراطية فلن تحمينا». كما تطرق إلى تصريحات وزيرة القضاء، أييليت شاكيد، دون أن يذكر اسمها، بالقول «إذا شطبت المحكمة العليا قانون أساس فسوف تحصل هزة أرضية» ، علما أن شاكيد سبق وتحدثت حول ضرورة تقليص صلاحيات العليا ومنعها من إلغاء قوانين. وتابع براك «في الخطابات التي نسمعها يقولون إنه إذا ألغت المحكمة العليا قانونا للكنيست فلا توجد ديمقراطية بعد.. صحيح أن الديمقراطية هي حكم ممثلي الشعب، والديمقراطية هي سلطة ممثلي الشعب، التي هي الكنيست، ولكن يجب ألا ننسى أن النظام الذي يرفض مبدأ فصل السلطات وسلطة القانون والقيم الأساس وحقوق الإنسان هو ليس نظاما ديمقراطيا»
. كما انتقد براك اقتراح قانون شاكيد لتغيير طريقة تعيين المستشارين القضائيين للوزارات الحكومية، بحيث يكون بإمكان الوزير أن يختار المستشار القضائي لوزارته بناء على ثقته الشخصية. وقال إن الحكومة تسعى لتقليص دور «الحراس». واعتبر فكرة تحويل منصب المستشار القضائي للوزارة إلى «منصب ثقة شخصية حيث سيكون للوزير المسؤول تأثير حاسم على قراراته واستقلاليته مسا خطيرا».
حان وقت العمل لإنهاء الاحتلال
ورغم حملات التحريض الرسمية والشعبية عليه، قدم مدير عام «بتسيلم» ـ مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة ـ المحامي حغاي إلعاد، خطابا أمام مجلس الأمن أكد في نهايته على أنه «حان الآن وقت الفعل» من أجل وقف الممارسات الإسرائيلية القمعية بحق الفلسطينيين وإنهاء الاحتلال».
وقال في مستهل خطابه إنه «من الصّعب جدا، إن لم يكن مستحيلا، أن أنقل لكم الصّورة الكاملة للإهانة والغضب والألم التي يحسّها شعب تُسلب منه حقوق الإنسان طيلة أكثر من خمسين سنة».
وتابع «يصعب هنا في هذه القاعات التعبير بصيغ تنقل بدقّة معنى الحياة المُستباحة التي يعيشها الفلسطينيون. ولكن مهما كان صعبًا وصف ذلك فإن المشقّة الحقيقيّة هي في المعيشة التي لا تُطاقـ مجابهة مستمرّة على نحو يوميّ: الكفاح من أجل العيش ورعاية أسرة وتنمية مجتمع في مثل هذه الظروف».
وأشار إلعاد إلى خطابه السابق أمام مجلس الأمن قبل سنتين، ليصف حياة الفلسطينيين وتنكيل إسرائيل بهم خلالهما «منذ خطابي الأخير قُتل 317 فلسطينيا على يد قوات الأمن الإسرائيلية وقُتل 13 إسرائيليًّا على يد فلسطينيين. هدمت إسرائيل 294 منزلًا فلسطينيا وواصلت حملات الاعتقال اليوميّة بما في ذلك اعتقال القاصرين».
وضمن «لائحة الاتهام» التي قدمها العاد قال» خرب المستوطنون الإسرائيليون الحقول الفلسطينية وأبادوا آلاف أشجار الزيتون وشجيرات الكرمة وواصلت قوات الأمن الإسرائيلية اقتحاماتها العشوائية لمنازل الفلسطينيين في دُجى الليل أحيانا حيث تُفزع الأطفال من نومهم لكي تسجل أسماءهم وتلتقط صورا لهم. وأيضا خلال السنتين الأخيرتين خسر الفلسطينيون آلاف الساعات في طوابير الانتظار على حواجز التفتيش دون توضيح أي سبب. وهكذا يواصل الاحتلال مسيرته الروتينية دون عائق».
محاولة تفتيت الشعب الفلسطيني
ولفت إلى أن «هذا الواقع يوصف في معظم الأحيان بعبارة «الوضع القائم» رغم أنّه لا شيئ قائم ولا ثابت في هذا الواقع»، مشددا على كونها عملية محسوبة ومقصودة لتجزئة الشعب وتفتيت أرضه وشرذمة حياته: فصل غزة عن الضفة الغربية وفصل الضفة الغربية عن القدس الشرقية وتشظية بقية أراضي الضفة الغربية إلى جيوب منفصلة وإنشاء جدار يعزل القدس عن بقية أراضي الضفة الغربية. ما يتبقى في نهاية المطاف قطع منفصلة من الأسهل التحكم بها».
وأكد أن لا شيء من هذا يجري عشوائيا، بل إنها سياسة منهجية. وقدم اثنين من أكثر الأمثلة وضوحا أخيرا: ممارسات إسرائيل في مواجهة احتجاجات غزة الأخيرة والمخططات التي وضعتها للخان الأحمر التجمّع الرّعويّ الفلسطيني. أكثر من 200 شخص لا يفصلهم عن القدس سوى بضعة كيلومترات يعيشون في منطقة عزمت إسرائيل على تقليص الوجود الفلسطيني فيها لأجل توسيع المستوطنات… تدّعي إسرائيل أنّ لممارساتها شرعيّة قانونيّة: ألم تمنحها المحكمة العليا مصادقتها؟».
السجن المفتوح
ووصف إلعاد قطاع غزة بـ»السجن المفتوح» وتطرق إلى مظاهرات مسيرات العودة، مشددا على أنه «خرج نزلاء السجن في الأشهر الستة الماضية محتجين على أوضاعهم بعد أن عانوا طيلة أكثر من عشر سنوات تحت وطأة حصار تفرضه إسرائيل، حصار أدى إلى انهيار اقتصاد القطاع وارتفاع حادّ في معدلات البطالة وتلوّث مياه الشرب وتناقص إمدادات الطاقة الكهربائية، وفي نهاية المطاف أدى إلى حالة يأس عميق. واستذكر على مسامع العالم أنه منذ آذار/ مارس الماضي، جُرح أكثر من خمسة آلاف فلسطيني بنيران إسرائيلية وقُتل أكثر من 170 بينهم 31 قاصرًا ومنهم أطفال صغار: مجدي السطري وياسر أبو النجا وناصر مصبح قُتلوا ولمّا يتجاوز أيّ منهم الـ11 من عمره. لافتا الى انه كما في حالة خان الأحمر قررت محكمة العدل العليا في إسرائيل أن سياسات إسرائيل تجاه قطاع غزة «قانونيّة» في عدّة قضايا مختلفة منها شرعنة بعض أبعاد الحصار وشرعنة تعليمات إطلاق النار التي تبيح للقناصة الإسرائيليين مواصلة قنص المتظاهرين داخل القطاع من بعيد.
وشدد على أن «المشكلة الوحيدة مع هذا كله هي أنه لا شيء منه في الواقع قانوني أو أخلاقي… وعلى عكس ما تدعي إسرائيل، لا علاقة لأي من هذه الأفعال والممارسات بالأمن».
وحول سعي حكومة اليمين المتطرف الحالية في إسرائيل إلى قمع المنظمات الحقوقية، قال إلعاد إن «المساعي الحثيثة لسن القوانين ضد منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية تلازمها جنبا إلى جنب محاولة المفاضلة بين رفض الاحتلال والخيانة»، مؤكدا ان تصريحات حكومة إسرائيل قبَيل انعقاد جلسة مجلس الأمن اليوم هي مثال آخر مؤسف على روح العصر.
خطوة ملحة
وتابع « لذلك أتوجّه إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لأقول له التالي: لن تستطيع إسكاتنا أبدا لا نحن ولا آلاف الإسرائيليين الذين يرفضون الحاضر القائم على الفوقية والاضطهاد ويصرون على مستقبل قوامه المساواة والحرية وحقوق الإنسان. أنا لست خائنا ولست بطلا أيضا. الأبطال هم الفلسطينيّون الذين يتحملون هذا الاحتلال بشجاعة ومثابرة، الصامدون على أرضهم رغم علمهم بأن وصول الجرافات مسألة وقت فقط».
وخلص الى القول «أودّ أن نعود معا إلى خان الأحمر. الحاجة إلى خطوة فعلية في هذا الشأن باتت ملحة وعاجلة. وفيما تختبر إسرائيل تصرف المجتمع الدولي لترى بأية سرعة وإلى أي مدى سوف يتحرك، ما قد يحصل الآن في كل يوم في الخان الأحمر سوف يحدد مصير التجمعات الفلسطينية في جميع أنحاء الضفة الغربية… وقد ردت إسرائيل على ندائكم بمواصلة الاستعدادات للهدم والاقتلاع… أعضاء مجلس الأمن، لقد تكلمتم وقد جاءكم رد إسرائيل. أما الآن فقد حان وقت الفعل».
تأميم
وفي سياق أعمال السلب والنهب أعلنت وزيرة القضاء الإسرائيلية، أييليت شاكيد، أمس أنها ستسعى إلى سن قانون يهدف إلى مصادرة أراض تابعة للكنيسة الأرثوذكسية في القدس المحتلة بادعاء «حماية» مبان أقيمت فيها ويسكنها إسرائيليون، وأن البطريركية الأرثوذكسية في القدس باعت هذه الأراضي لمقاولين إسرائيليين. وقالت إنها تعتزم تمرير مشروع قانون أعدته عضو الكنيست راحيل عزاريا، من حزب «كولانو»، في اجتماع اللجنة الوزارية للتشريع، يوم الأحد المقبل.
وينص مشروع القانون على أن هدفه «حماية» السكان في أراضي الكنيسة، علما بأن المقاولين استأجروا هذه الأراضي من «كيرن كييمت ليسرائيل» الذي كان قد استأجرها لمدة 99 عاما من البطريركية في القدس.
وفي سياق صفقات الفساد التي أبرمتها البطريركية الأرثوذكسية في القدس، فإن مقاولين إسرائيليين يدعون أنهم استأجروا هذه الأراضي من البطريركية في عام 2010، ويقولون إنهم يعتزمون إخلاء السكان من هذه المباني.
وتعتزم شاكيد، قبيل التصويت على مشروع القانون بالقراءة الأول، أن ترفقه بمشروع قانون حكومي بهذا الخصوص وتطرحه بنفسها على الكنيست. ويدعو مشروع القانون إلى «تأميم» هذه الأراضي، التي استأجرتها صندوق «ارض إسرائيل»(كيرن كييمت) من البطريركية في خمسينيات القرن الماضي لمدة 99 عاما. وينص مشروع القانون أيضا على أن الحقوق في هذه الأراضي تُنقل إلى ملكية الدولة مقابل تعويض يحصل عليه المقاولون.
ويعبر أتباع الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية خصوصا، والفلسطينيون عموما، عن غضبهم الشديد من فساد البطاركة الذين يبيعون الأملاك، خاصة في القدس.