مدينة الشرقاط العراقية من أقدم المدن التي بقيت مسكونة على مدى آلاف السنين، فالشرقاط اقيمت على خرائب مدينة آشور التاريخية التي كانت العاصمة الألولى للإمبراطورية الآشورية. تقع المدينة على بعد 320 كم شمال العاصمة بغداد، وهي مركز قضاء تابع إداريا لمحافظة صلاح الدين. تتوسطها ثلاث محافظات عراقية وتربطها ببعض، إذ تقع الشرقاط على بُعد 115 كم جنوب مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، وعلى بعد 125 كم شمال مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، وعلى بعد 135 كم غرب مدينة كركوك مركز محافظة كركوك.
يقسم نهر دجلة المدينة إلى قسمين، الجانب الغربي يمثل مركزها الحضري، بينما يمثل الجانب الشرقي قرى وأرياف الشرقاط. ونتيجة خصوبة الأرض ووفرة المياه، عاشت الشرقاط بشكل أساسي على الزراعة، كما مثلت همزة وصل تجارية بين عالمين، إذ ان موقعها الوسطي بين المنطقة الجبلية شمال وشرق المدينة ارتبط عبر بصحراء الجزيرة الممتد غربها.
وقد مثلت الشرقاط مؤلا تاريخيا للعديد من القبائل العربية القادمة من بادية الشام، إذ عاشت فيها قبائل عراقية عتيدة أبرزها شمر، حيث كان قصر شيخ مشايخ شمر عجيل باشا الياور في الشرقاط، كما يعيش فيها اليوم من القبائل العراقية طيف متنوع مثل الجبور والجميلة والتكارتة والعبيد والدليم والجغايفة والعكيدات واللهيب. وبلغ عدد سكان القضاء أكثر 220 ألف نسمة، لكن هذا الرقم يشير إلى إحصاء تقريبي لعدد السكان عام 2014 قبل أن تقع المدينة بيد عصابات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وتتعرض لهجرة كبيرة، وبالرغم من عودة النازحين إلى ديارهم بعد تحرير المدينة عام 2016 إلا إن الكثير من سكانها لم يعودوا نتيجة نكبتهم باحتلال الإرهابيين للمدينة وما أنتجه ذلك من خراب وتدمير للمنازل والبنى التحتية.
التاريخ وأصل التسمية
ذكر كثير من الرحالة والآثاريين والإخباريين مدينة الشرقاط، ويذكر جمال بابان في كتابه “أصول أسماء المدن والمواقع العراقية” أنه “لا يعرف معنى كلمة شرقاط بالضبط، ولعله يخفي اسما آشوريا مركبا من لفظين أولاهما كلمة “شرو” أي الملك فيكون المعنى الملك قات، أما إذا لفظ الاسم بصيغة “شرقات” فيحتمل أنه يعني القلعة الشرقية، وقد سمى العثمانيون موضع آشور أيضا باسم طبراق قلعة أي قلعة التراب”.
ويذكر الأب انستاس ماري الكرملي في مجلة “لغة العرب” في العدد الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 1912 “الشرقاط، أو شرقاط، والمشهور قلعة شرقاط، آثار مدينة قديمة كان اسمها سابقا آشور، وقد ورد ذكرها في الرقم المسمارية فضلا عن التوراة. هذا ويواصل الألمان فيها الحفر منذ عشر سنوات تقريبا، وهذه القلعة تبعد عن جنوبي الموصل 90 كم وهي على عدوة دجلة اليمنى. وقد كشف فيها المنقبون تحفا نفيسة تاريخية منها رقيم طويل يعود تاريخه إلى 1100 ق.م، وقد أعيد نقله على أربعة مواشير من الفخار وجدت في أربع زوايا الهيكل العظيم الذي كان في آشور، وقد عثروا على كتابات كثيرة نقلت إلى متحف الأستانة وبرلين ولندن وباريس وغيرها”.
أما المؤرخ العراقي عبد الرزاق الحسني فيذكر في كتابه “موجز تاريخ البلدان العراقية” الصادر عام 1930 أن “الشرقاط هي مركز ناحية الشرقاط، تبعد عن الموصل 104 كم إلى الجنوب، عدد 138 قرية، يقول بعضهم إن أصل شرقاط هو قلعة شهرقرد أو قلعة شروقات، ويذكر القس سليمان صائغ بأن التسمية الصحيحة لهذه القرية مأخوذة عن الآثورية فالأصح أن يقال شروقات أي الملك قات”.
أما الآثاريان العراقيان طه باقر وفؤاد سفر فقد أشارا إلى الشرقاط في كتابهما “المرشد إلى مواطن الآثار والحضارة” الصادر عام 1966 في الرحلة الثالثة بالقول “تقع آشور التي هي أقدم العواصم الآشورية والمعروفة خرائبها بقلعة شرقاط على الضفة اليمنى لدجلة في بقعة من الأرض تحاذي نهاية جبال حمرين التي يمكن اعتبارها الحد الفاصل بين بلاد بابل وبلاد آشور. وقد سمى الآشوريون جبل حمرين باسم “أبخ” ونعتوه بأنه موطن الآله آشور. وإلى الغرب من آشور تبدأ بادية الجزيرة الواسعة، وتبعد خرائب آشور إلى جنوب الموصل بمسافة 110 كم وبنحو 10 كم جنوب مدينة الشرقاط”.
وتشير الأبحاث إلى إن مدينة الشرقاط “آشور” اشتهرت بكونها أول مستوطنة للآشوريين، ومقر عبادة كبير آلهتهم الآله آشور، ومن ذلك جاء اسمهم واسم بلادهم. ولكن لا يعلم أحد بوجه التأكيد هل إن اسم المدينة مأخوذ من اسم الإله القومي للآشوريين، أو العكس؟ وقد بقيت هذه المدينة عاصمة للإمبراطورية الآشورية حتى عهد الملك سرجون الثاني الذي حكم في (721ق.م – 705 ق.م) والذي انتقل منها إلى نينوى، فدور شروكين (خرساباد). وبالرغم من انتقال العاصمة من آشور إلى مدن جديدة، إلا إن خلفاء الملك سرجون اعتنوا بها عناية كبيرة، لاسيما الملك سنحاريب (705 ق.م – 681ق.م) الذي شيد فيها قصرا ومعبدا لأعياد رأس السنة، ولكن أخذ شأن المدينة يقل تدريجيا بعد موت الملك سنحاريب، إذ عانت من ضربات الميديين والكلدانيين في هجومهم على الدولة الآشورية، فخربوها عام (614 ق.م) قبل سقوط العاصمة نينوى بعامين، وبالرغم من تدميرها فإن الحياة عادت للمدينة مجددا في العهود المتأخرة كالعهد البابلي الحديث والعهد الأخميني وازدهرت بوجه خاص في العهد الفرثي (140 ق.م -226م) حيث شيدت فيها القصور والمعابد لاسيما في القسم الجنوبي من المدينة.
“داعش” ومحنة المدينة
كحال أغلب مدن غرب وشمال غرب العراق سقطت الشرقاط في قبضة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الإرهابي في صيف 2014 في فورة تمدد التنظيم واحتلاله العديد من مدن العراق وسوريا، وفرض التنظيم المتشدد قوانينه على حياة المواطنين على مدى سنتين كاملتين من سيطرته، كما إن عددا من شباب المدينة انخرطوا في العمل مع التنظيم الإرهابي طمعا في المكاسب، أو خوفا من التهديد، أو انسياقا مع موجة جنون القتال التي سيطرت على المنطقة بعد أن غذتها النزاعات الطائفية.
تعرضت المدينة لحملات عسكرية وقصف من طيران التحالف على مدى شهور حتى تم تحريرها من سيطرة الإرهابيين عام 2016 إلا إن مناطق حدود الشرقاط الشرقية مع مدينة الحويجة وشرق كركوك ومناطق تلال حمرين بقيت هي الأخطر حتى الآن، نتيجة تواجد خلايا التنظيم الإرهابي التي تتحرك في بيئة تسهل لهم الاختباء وتنفيذ هجمات الكر والفر بين الحين والآخر.
لقد أحدث احتلال المدينة زلزالا هز البنية الاجتماعية القبلية لشرقاط، إذ طالب المئات من أبنائها ممن فقدوا أفرادا من عوائلهم كانوا قد قتلوا على يد الإرهابيين، طالبوا بعمليات ثأر من عوائل أفراد “داعش” لكن النتيجة كانت تسوية على الطريقة العشائرية، وذلك بترحيل عوائل الإرهابيين عن المدينة وإبقائهم في معسكرات إيواء جنوب الموصل قرب مدينة حمام العليل.
وقد أشارت منظّمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بحقوق الإنسان في أحد تقاريرها إلى مشكلة تهجير عوائل الإرهابيين، إذ ذكرت أن ميليشيات مسلحة هجّرت قسرًا 125 عائلة على الأقل في محافظة صلاح الدين، لوجود صلة قرابة بينهم وبين عناصر من تنظيم “داعش” لافتة إلى أن مجموعات الحشد العشائري السني التابعة للحشد الشعبي أجبروا عشرات العائلات على مغادرة منازلهم والتوجّه إلى مخيم وصفته المنظمة بـ “السجن في الهواء الطلق” ثم تم تدمير منازل المهجرين في المنطقة. وحسب تقديرات المنظمة فإن هناك نحو 100 ألف شخص يعتبرون من ذوي “داعش” في العراق، يعيشون في مخيمات بمختلف المحافظات التي كانت تحت سيطرة التنظيم.
وقد أّكد رئيس مجلس محافظة صلاح الدين حينذاك، أحمد الكريم، ما جاء في تقرير منظّمة “هيومن رايتس ووتش” حول ترحيل عائلات عناصر “داعش” من المحافظة، مشيرًا إلى أن تلك الإجراءات تمّت بموافقة كافة الأجهزة والقوى الأمنية في المحافظة، وأضاف أن عددًا من عائلات التنظيم المتطرّف تم طردهم من قضاء الشرقاط، وإسكانهم في مخيمات خاصة بعيدًا عن مناطق سكناهم، وذلك بعد خروقات أمنية عدّة، وتبيّن فيما بعد ومن خلال التحقيق والمتابعة أن تلك العائلات ساعدت المتطرّفين من خلال التخفي في منازلهم، والتواصل معهم وتزويدهم بالمعلومات عن الواقع في المحافظة، فهم في النتيجة حواضن لعناصر “داعش”.
بعد مرور أكثر من سنتين، في ايلول/سبتمبر 2019 توقعت الحكومة العراقية إن جرح المدينة قد إندمل، وإن إمكانية إعادة تأهيل عوائل تنظيم “داعش” والعمل على ادماجهم مجتمعيا قد حانت، لذلك قررت الحكومة المركزية في بغداد، والحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين نقل 150 عائلة من عوائل “داعش” تضم 650 فردا جميعهم من أبناء قضاء الشرقاط إلى مخيم جديد في أطراف المدينة في خطوة لإعادة تأهيلهم وإدماجهم من جديد في المجتمع.
لكن هذه الخطوة أججت نيران الغضب والثأر من جديد، إذ عبر عدد من ذوي ضحايا “داعش” من أبناء الشرقاط عن رفضهم لإعادة إسكان هذه العوائل في منطقتهم، محملين إياهم مسؤولية انخراط أبنائهم في صفوف التنظيمات الإرهابية، وهاجموا المعسكر الجديد مطالبين بالثأر لدماء أبنائهم الذين قضوا غدرا على أيدي الإرهابيين. ويبدو إن مشكلة المدينة ما زالت عصية على الحل حتى الآن.
إذن نستنتج من ذالك بان اسم مدينة الشرقاط مأخوذ من تسميه شيرو قات اَي بان الملك قات. وأصبحت تسمى شرقاط اَي اخذ الاسم من شقين من شيروقات بمعنى شير قات واذا كانت مأخوذه من شيركات وتعني مدينة الذئاب ولذالك سمية الشرقاط مدينة الذئاب نتيجه على اسمها الآشوري آنذاك فيهي شيرو تعني الملك وكان اسمه كات والمعنى الاخر كان شير كاتا الذي تعني مدينة الذئاب محن الان نريد أيهما الأصح نذهب مع الاسم الاول على الملك قات ام الاسم الثاني مع شيركاتا؟؟؟