مراسل بالبيجاما لتغطية الهجوم على وزير الداخلية والسيسي يتقمص القذافي على الجزيرة!

يمكن ببساطة إدراك إشارات الإكراه والإجبار على وجوه الشبان والصبايا الذين أظهرتهم الفضائية السورية على إعتبار أنهم (متطوعون) يخططون للإقامة الطويلة على جبل قاسيون وسط العاصمة دمشق لحمايته من الضربة الأمريكية العسكرية المحتملة.
كيف سينام هؤلاء الفتية مكرهين وسط ضجيج المدافع على الجبل الناري الذي خصص لقصف أحياء دمشق الجميلة بعد أن كان لعقود إستراحة للعشاق وللسهرات العليلة ولطلاب الليالي المدهشة؟
يمكن تزويدهم على الأرجح بنوع حربي من قطن أو صمغ مخصص للبلاهة السمعية أما البلاهة البصرية فيمكن رصدها ببساطة عبر صوت المشرفة على تجهيز الإستشهاديين الجدد وهي تدفع بعضهم دفعا نحو حافلة الموت مع عبارة أخفق خبراء الصوت في إخفائها وهي تقول (إيه إطلاع أخي).
المشهد ذكرني بعطلة المدارس في الدول الشمولية حيث يصطف الأطفال بشوارع العرب قسرا لتحية الزعيم الأبدي الخالد لكن مع فارق بسيط جدا فالنظام السوري وحده من يستطيع المجازفة بأكثر من الوقوف على قارعة الطريق والتلويح بعلم وهمي عبر تجهيز هؤلاء للموت المحقق.

قاسيون والطائرات
تقول خبرتنا ان طائرات الموت الأمريكية تفقد حاسة التمييز وهي بهذه الخصلة تشبه النظام السوري تماما مما يعني أن جبل قاسيون سيكون هدفا مكثفا للهجوم – لو حصل- .
لا يوجد نظام يحترم قيمة الحياة أو فكرة الشعب يوافق على منطق يضع أطفالا ومراهقين في مرمى الأهداف لحماية جبل تحول إلى آلة للقتل..على أساس أن تجميع هؤلاء الصبية يمكن أن يردع الجيش الأمريكي بحال من الأحوال.
نفسها تماما نظرية الدرع التي أفتى بها بعض مشايخ العنف والإرهاب من خصوم النظام السوري لتبرير القتل الجماعي للأبرياء.
ونفس العملية فكر بها نظام الراحل صدام حسين وأخفقت بشريا وإنسانيا وقيميا ونفسها إستخدمتها الآلة الوحشية الإسرائيلية.
هذا حصريا ما تفعله الديكتاتوريات فقط فالأجدى أن ينام في خيام قاسيون جنرالات النظام وقططه السمان والعسكر لا شبان في عمر الورد يمتقع لونهم وهم يركبون الحافلة وقبل الوصول إلى جبل المقبرة والدفائن الذي يؤكد صديق من تجار الشام لي شخصيا أن أعشابه جفت بسبب هبات البارود.
لا يمكن لمن سمح بهذه الخرافة في دمشق أن يكون وطنيا ولو حمل الفتية زهور السلام ولافتات فيها شعارات إنسانية ضد الحرب ومع الوحدة الوطنية والمصالحة لقلنا بأنها محاولة ينبغي أن تحترم.
لكن الشباب يتطوعون قسرا للنوم على جبل قاسيون وسط أصوات المدافع التي تدك منازل أقاربهم وجيرانهم وأحبتهم.
بصراحة كنت ساحترم أكثر هذا المشهد لو رأيت الرئيس السوري شخصيا وكبار لصوص دمشق من جماعته وأركان نظامه وشبيحته يحجزون الخيمة الأولى على الجبل الذي يحتل بالمنطق المرتبة الأولى في بنك أهداف الهجمة الأمريكية التي نتأمل بأن لا تحصل بل نعارضها وبكل اللغات لأنها قد- نقول قد- تزهق نقطة دم واحدة بريئة أو تجرح ورقة شجر.

القذافي مجددا على الجزيرة

السيسي (القائد) كما وصفه الناشط السياسي محمود عطية كان مثارا للنقاش في حلقة ما وراء الخبر التي أدارها الزميل محمد كريشان حيث قرر كريشان وكعادته عدم تفويت المسألة فتوجه بالسؤال لضيفه قائلا ببعض السخرية: هاي قصة الـ (قائد) من أين أتيت بها؟… هل تقصد أنه قائد الأمة؟
طبعا سارع الرجل لطرح الأمنية التالية على الهواء: أقصد قائد القوات المسلحة .. وإن شاء ألله سيصبح قائد الأمة… علقت إحدى جاراتنا على هذا الجزء من برنامج كريشان: ‘الشر بره وبعيد’ وهي مقولة أردنية تشبه (يا راجل تف من بؤك).
نفس الجارة إستذكرت الفضائية الليبية وهي تنشد (للقايد) معمر القذافي رحمه الله قبل ساعات فقط من مقتله وكأن صاحبنا عطية وهو قيادي في مجموعة (مصر فوق الجميع) يستحضر تراثيات الحقبة القذافية على الشاشة.
عموما قيادة الأمة لا يمكنها ان تجلس في حضن أي رجل إلا إذا حرر فلسطين.
دون ذلك لا أرى قائدا لهذه الأمة البائسة اليوم وإن كان الضيف الثاني على برنامج الجزيرة وهو الناشط جمال ناصر أصرّ بدوره على أن الإنقلاب العسكري تبرمج على أساس (أخونة الدولة) فإنتهينا بـ (عسكرة) الدولة مع أن القيادي الإسلامي الشيخ سعود أبو محفوظ حدثنا على هامش عشاء دسم مؤخرا عن (صهينة) الدولة المصرية.
بيجامة وزير الداخلية
أما شبه البيجاما التي أثارت ضجة واسعة على شبكات التواصل بعدما ارتداها مراسل التلفزيون المصري وهو يلتقي وزير الداخلية الخارج للتو من الموت المحقق فقد أثارت جدلا في منزلي لأن أم العيال وهي خبيرة إستثنائية في القماش والأزياء أصرت على أن ما يرتديه الزميل المراسل لا يمكنه بحال من الأحوال أن يكون بيجاما.
وجهة نظر المدام أنه قميص طويل مزركش طوليا من الصنف الكلاسيكي جدا وان المراسل من فرط الإستعجال نسي ربط الأزرار فتسبب ذلك في رداءة المشهد وغياب الألوان وترهل أكمام القميص مع رصد جيوب طويلة تحت أسفل الكاميرا.
هذه الرواية تبدو منطقية وكي أعالج المسألة أستطيع الإدعاء بأنه قميص مزركش وفضفاض وجميل من النوع الذي يمكن النوم فيه في لحظات الطوارئ ومن الطراز الخاص بوظيفة (مراسل حربي) أو مراسل متخصص بتغطية العمليات الإنتحارية.
ومن الواضح تماما أن الوزير الخارج للتو من فم الموت أجبر هو الأخر لظرف أمني طارئ على قبول تسجيل حديث متلفز مع مراسل يرتدي قميصا من هذا النوع فالأمن القومي في حال خطر والمسألة جدية ولا تقبل المداعبة والمزح.

إرتعاشات الفراق
ملحوظة أخيرة إستفزتني لتسجيلها محطة العربية وهي تبث الشريط المسجل لمجزرة الكيماوي كما عرض على الكونجرس الأمريكي: لا خير في هذه الأمة ولا مستقبل لها إذا أفلت المسؤول عن تلك (الإرتجافات) التائهة للأطفال الضحايا قبل لفظ أنفاسهم الأخيرة… لهم الله والسماء ولنا بعدهم حسرة المشهد وضميرنا المثلج.

مدير مكتب ‘القدس العربي’ في عمّان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد، ٦ شارع الآلام، القدس:

    مقالٌ ينبع من نبض الشارع العربي الحزين،، وصدقت وصح لسانك اخي بسام ؛لا يقود هذه الأمة المهترئة الا من يحرر فلسطين أولاً ، ومن ثم يحرر الوطن العربي بأكمله من سايكس بيكو وعملائها وأعوانها الفاسدين.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية