مراسل دبلوماسي إسرائيلي بشأن اغتيال أبو عاقلة: خسرنا على الساحة الإعلامية الدولية ولكن بشكل مؤقت”

وديع عواودة
حجم الخط
3

الناصرة – “القدس العربي”: فور اغتيال الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة داخل مخيم جنين سارعت إسرائيل لخوض المعركة على الرواية وعلى الوعي في العالم مع الجانب الفلسطيني خاصة أن تجارب الماضي تدلل على أن الكفة الفلسطينية ترجح عليها في المستوى العالمي الأهلي غير الرسمي بعكس المستوى الدبلوماسي حيث جاءت ردود الفعل العالمية خاصة الغربية منضبطة وحذرة وربما فاترة بسبب تأثير منظومة المصالح مقابل منظومة الأخلاق.

ففي ردة الفعل الأولى أنكرت إسرائيل على لسان المستويين السياسي والعسكري فيها مسؤوليتها عن جريمة قتل أبو عاقلة واتهام المقاومين الفلسطينيين، ولكن لاحقا وبعد ساعات عدلت روايتها بالقول إنها لا تستطيع تحديد هوية مطلق الرصاص عليها داعية السلطة الفلسطينية لتشكيل لجنة تحقيق مشتركة وبمشاركة مندوب أمريكي. ويبدو أن تعديل الموقف جاء بنصيحة خبراء في مجال الدعاية والإعلام لأن النفي والإنكار يظهر إسرائيل كطرف كاذب.

وبالتزامن رفضت الجهات الفلسطينية محاولة إسرائيل أن تكون الخصم والحكم أو الوقوع في مصيدة لجنة التحقيق المشتركة كما قال بعض المراقبين المحليين. وخلال ذلك دعت جهات إسرائيلية المؤسسة الحاكمة لبذل مساع أكبر لتقليل الأضرار اللاحقة بصورة إسرائيل في العالم بعد هذه الجريمة فيما قالت جهات إسرائيلية أخرى إن المعركة محسومة لصالح الفلسطينيين منذ اللحظة الأولى ولا يمكن تعديل الميزان.

في الأثناء سارع  قائد جيش الاحتلال الجنرال أفيف كوخافي للنفي بالقول إنه على عكس الفلسطينيين، يقوم الجنود الإسرائيلون بإطلاق نار احترافي وانتقائي، والمراسلة التي قُتلت في موقع المعركة في هذه المرحلة لا يمكن تحديد السلاح الناري الذي أصابها، ونحن نأسف لموتها”.

مساعي تقليل الضرر

 

وأثنى الجنرال في الاحتياط غيورا ايلاند على أداء إسرائيل الرسمي ضمن حديث للإذاعة العامة عقب قتل أبو عاقلة بساعات وقال إنها أحسنت القول عندما لم تتبن قتل الصحافية بخلاف ما جرى مع محمد الدرة عام 2000. ويرجح ايلاند أن تكون أضرار هذه المعركة على الوعي محتملة بالنسبة لإسرائيلي مشيرا إلى أن العالم منشغل بفنلدنا والسويد والسالمونيلا في بريطانيا، معتبرا أن قصة أبو عاقلة تشارف على الانتهاء والنسيان اليوم بعد دفنها. لكن على إسرائيل برأيه مواصلة العمل في حلبة المعركة على الوعي بشكل عام  وعلل ذلك بالقول إن الصحافة الأجنبية في معظمها تشير لواقع الاحتلال وتظهر الفلسطينيين كداوود مقابل جوليات خاصة إن إسرائيل دولة قوية قادرة على إطلاق صواريخ دقيقة عبر النوافذ. لكن أنصارنا في العالم يدافعون عنا في الشبكة العنكبوتية بينما أنصار القضية الفلسطينية عشرة أضعاف أنصارنا؟ وعلى سؤال الإذاعة العبرية هذا قال ايلاند “علينا مواصلة المساعي لأن هناك جماهير لم تتخذ موقفا بعد. واعتبر أن الأخبار السيئة هي أن الجزيرة تتهم مباشرة إسرائيل داعيا لتجنيد مشاهير إسرائيليين عالميين متماثلين مع إسرائيل أمثال العارضة بار رفائيلي الإسرائيلية لمواجهة مشاهير منحازين لفلسطين أمثال العارضة العالمية بيلا حديد الأمريكية الفلسطينية.

وفي هذا السياق اعتبرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم الجمعة أن إسرائيل فعلت كل ما في وسعها لتقليل الأضرار الإعلامية – صورتها التي أعقبت قتل أبو عاقلة – لكن لا أحد في إسرائيل يخدع نفسه، لقد تم بالفعل تدمير الصورة، حتى لو لم يتضح مطلقا من قتلها حقا. ونقلت عن مصدر إسرائيلي رفيع المستوى أمس قوله: “تمكنا من تقليل الضرر ومنع حدوث أضرار سياسية كبيرة، من الواضح أنها ليست قصة جيدة، لكن هذه المرة استجبنا بسرعة وبشكل جيد، وقد تم بالفعل اتخاذ عدة إجراءات، حيث تحدث وزير الخارجية في حكومة الاحتلال يائير لبيد مع وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ وعرض عليه إجراء تحقيق مشترك”. كما قال هذا المصدر إنه على المستوى السياسي هذا أيضا حدث غير عادي، لأن أبو عاقلة كانت تحمل الجنسية الأمريكية، وفي الوقت نفسه، أجرى لابيد حوارا مع الأمريكيين، وطلب منهم إقناع الفلسطينيين بالموافقة على تشريح جثة الصحافية، وأبدى استعداده لحضور جهة دولية مستقلة عند تشريح الجثة. كما نقلت الصحيفة العبرية عن مصدر أمني رفيع قوله إن إسرائيل ترى بوجود أهمية لتوضيح ظروف مقتل الصحافية بشكل شامل والوصول إلى الحقيقة، منوها أن ما يعرف بـ “منسق العمليات الحكومية” في الضفة الغربية المحتلة دعا لاستلام الرصاصة التي عثر عليها في جسد الصحافية، بهدف إجراء فحص شرعي إسرائيلي. وتابع في مزاعمه: “من باب الشفافية والانفتاح عرضت إسرائيل على ممثل السلطة الفلسطينية، وممثل أمريكي أن يكونا حاضريْن في عملية الفحص الجنائي للرصاصة”. في محاولة لتشويه الرواية الفلسطينية قالت “يديعوت أحرونوت” متماثلة مع موقف المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة إنه في غضون ذلك، بدأت السلطة الفلسطينية بالفعل في استغلال مقتل الصحافية لمهاجمة إسرائيل وعلى غير العادة أقيمت جنازة أبو عاقلة في المقاطعة في رام الله بمشاركة محمود عباس والقيادة الفلسطينية، ضمن حفل عسكري رسمي. وفي إشارتها لخطورة استشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة في المعركة على وعي العالم نوهت “يديعوت أحرونوت” إلى أن حادثة مقتلها تذكر بحادثة مقتل الطفل محمد الدرة في بداية الانتفاضة الثانية، وقالت إنه كان حدثا له تأثير على مستوى الوعي كبير، وأصبح رمزا فقط بعد وفاته، أما شيرين أبو عاقلة كانت رمزا في حياتها ومماتها.

وتتابع “يديعوت أحرونوت” تم تحديد الخسارة الإعلامية لوفاة المراسلة إلى حد كبير في الدقائق الخمس الأولى بعد الحادث، عندما حددت شبكة الجزيرة دون أي دليل أنها قُتلت بنيران إسرائيلية وقد تم تبني هذه الرواية على الفور من قبل جميع وسائل الإعلام العربية والفلسطينية، لجنة التحقيق التي شكلها الجيش الإسرائيلي لفحص الحادث لن تغير بعد الآن أي شيء في الحملة الدعائية، بغض النظر عما إذا وجدت أن أبو عاقلة قُتلت على يد جنود إسرائيليين أو بنيران فلسطينية في مخيم جنين للاجئين”. وكشفت أنه بعد نصف ساعة من تلقي بلاغ عن مقتلها، عقد نظام المعلومات الوطني (مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي) مكالمة هاتفية بسبب إدراك أن هذا حدث معقد للغاية، في غضون فترة وجيزة، أرسل نظام المعلومات الوطني بالفعل رسائل إلى وزراء حكومة الاحتلال وجميع الأطراف المعنية مع شريط فيديو من ميدان الحدث بغية تفنيد الرواية الفلسطينية أو التشكيك فيها.

وانضم رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت للمعركة الدعائية فقال إنه حسب المعطيات الأولية المتوفرة هناك فرصة جيدة أن تكون الصحافية تعرضت للأذى من قبل الفلسطينيين المسلحين، ولكن من أجل الوصول إلى الحقيقة، نحتاج إلى إجراء تحقيق حقيقي، والفلسطينيون في هذه المرحلة يمنعون ذلك”.

من جهة أخرى قال كبير المراسلين الدبلوماسيين في صحيفة “يسرائيل هيوم” أرئيل كاهانا إنه فور ورود أنباء مقتل شيرين أبو عاقلة، تحول مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، ووزارة الخارجية، والمكتب الإعلامي الحكومي، والشرطة الإسرائيلية، ومديرية الدبلوماسية العامة في مكتب رئيس الوزراء، إلى قاعدة طوارئ، إذ كان من الواضح أن الحادث لم يكن في صالح إسرائيل، وأن الرد السريع والواضح كان ضروريا. وتابع حديثه عن المعركة على الرواية “كدرس مستفاد من إخفاق قضية محمد الدرة، تجنبت إسرائيل يوم الأربعاء  الماضي الوقوع في نفس الفخ من الرواية العربية، ولم تعترف بأن جنودنا هم من قتلوا أبو عاقلة، علاوة على ذلك: في الساعة الثامنة صباحا، بعد ساعة واحدة فقط من مقتلها، أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالفعل بيانا قال بموجبه: “على ما يبدو ، الفلسطينيون أنفسهم قتلوا أبو عاقلة في خضم تبادل إطلاق النار”، وبحلول الساعة التاسعة صباحا، تُرجمت كلماته إلى العربية والإنكليزية، وأُرسلت إلى وسائل الإعلام الدولية والمراسلين الأجانب، وفي الوقت نفسه، تم نشر مقطع فيديو يهدف إلى دعم الادعاء الإسرائيلي. (والذي فندته مؤسسة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان وأثبتت عدم صحته).

وبرأي كهانا كانت سرعة الاستجابة هذه المرة حاسمة مقارنة بالصمت المطبق من قبل مديرية الدبلوماسية العامة خلال عملية “حارس الأسوار” قبل عام، أدى الإصدار السريع للنسخة الإسرائيلية إلى قلب حصرية الفلسطينيين وأثبت موقف إسرائيل. وتساءل لكن أين نحن ما نزال مقصرين في محكمة الرأي العام الدولي؟ عندما يدعي الفلسطينيون بحماس أن “إسرائيل قتلت” بينما نقول “ربما لا” – فإن الجانب الإسرائيلي غير قادر حقا على قلب الطاولة، مقابل قول الفلسطيني “بالتأكيد”، لا تملك إسرائيل سوى “ربما”. ويضيف: “لكن بصفتهم ممثلون لدولة مسؤولة، لم يستطع المتحدثون الإسرائيليون بالكامل استبعاد تورطنا في الحادث، فالحقيقة تحل محل المصلحة، ومع ذلك أثمرت جهود المتحدثين الرسميين الإسرائيليين، إذ كانت معظم وسائل الإعلام الرئيسية في العالم بحلول الساعة 12 ظهرا، قد أبرزت الموقف الإسرائيلي بالفعل. نعم لم يكن الموقف الإسرائيلي هو العنوان الرئيسي، لكن شكوك إسرائيل بشأن الرواية الفلسطينية للأحداث تم التعبير عنها على الأقل. ويرى المحلل الإسرائيلي المعروف بتوجهاته اليمينية المتشددة أنه في الساحة الدبلوماسية الأكثر أهمية، حيث يتم إعطاء الأولوية للحقائق والأدلة إلى حد كبير، كانت لإسرائيل اليد العليا، حيث لا توجد دولة جادة تندد بإسرائيل منوها إلى أن الدول المهمة تتواصل بشكل أساسي في خط مفتوح مع تل أبيب حيث طلبت بريطانيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ببساطة إجراء تحقيق في الحادث، وبالطبع أعربت عن ندمها على وفاتها.

رد فعل عربي

ويشير إلى أنه حتى مصر والأردن لم يتبنيا النسخة الفلسطينية علنا أو خلف الكواليس، فوزارة الخارجية لم تتلق أي توبيخ، فضلا عن أن أهم دولة على الإطلاق – الولايات المتحدة – اكتفت بدعوة عامة لإجراء تحقيق، دون لوم أي من الجانبين، مع الأخذ بعين الاعتبار كون أبو عاقلة كانت مواطنة أمريكية. وهذا هو بالضبط موقف إسرائيل “أن تحقق، كما يزعم كهانا، أنه في غضون ذلك أضاف الرفض الفلسطيني لإجراء تحقيق مشترك نقاطا لصالح إسرائيل، والخلاصة أننا خسرنا على الساحة الإعلامية الدولية، ولكن هناك فقط بشكل مؤقت، بينما على الصعيد الدبلوماسي لخص مسؤول إسرائيلي بإيجاز: “ما من أزمة”، هذا هو المهم.

ويخلص كهانا المتماثل مع ماكينة الدعاية الإسرائيلية للتساؤل بالقول: أخيرا… ماذا سيحدث إذا كشف تحقيق الجيش الإسرائيلي أن جنديا أطلق النار بالخطأ على الصحافية؟ ويجيب: “من الآمن أن نفترض أن الجندي سيواجه العدالة بالفعل وأن المجتمع الدولي سيدين ذلك بالفعل، لكن حتى لو وصلنا إلى تلك اللحظة، يجب ألا ننسى أهم شيء: “على مدى عقدين من الزمن، كانت شيرين أبو عاقلة جزءا من آلة دعاية تعمل تحت ستار الصحافة، والتي تبث الأكاذيب وتحرض على الإرهاب والعنف في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بالطبع ما كان يجب أن تقتل، لكنها لم تكن قديسة أيضا، من المفترض أن تعارض الصحافة العنف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    خسرنا ولكن بشكل مؤقت،. زبانية دويلة الإجرام الاسرائيلي الصهيوني العنصري البغيض الذي يقتل أبناء فلسطين و يهدم مساكنهم بغير وجه حق متؤكدون من أنهم سينتصرون بعد أن ينسى الناس الذين هم في قمة الغضب على مقتل شرين أبو عاقلة، ولكن هيهات هيهات يا ساسة غربان دويلة إسرائيل الشعب الفلسطيني لا ينسى أبناءه اابررة الذين سقطوا في ميدان المعركة وشرين واحدة من هؤلاء الأبطال الذين سقوا بدمائهم الزكية الطاهرة أرض فلسطين عربون لتنتصر فلسطين على المحتل اللعين

  2. يقول عايش نمير:

    الخسارة القاصمة في الطريق ، إنتظروا إنا منتظرون ! Wait and See

    1. يقول ميساء:

      والله يحرر فلسطين ويكسر شوكة إسرائيل كسرا لا جبر بعده أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا أبدا

إشترك في قائمتنا البريدية