من رسم الحدود وسواها
يا فصول العمر؟
من؟
مرة واحدة نكون شتاءً،
وقد نقضي شتاءً،
قبل بزوغ أخضرنا البهي.
مرة واحدة نصير ربيعاً،
وقد نمضي ربيعاً،
قبل تفتح الزهر على أرواحنا
مرة واحدة نختال صيفاً،
وقد نذوي صيفاً،
قبل نضوج الثمر على أغصاننا.
أما خريفنا،
طال أم قصر،
فخريف أخير.
من رسم الحدود وسواها
يا فصول العمر؟
من؟
لماذا لا نكون مرة واحدة ـ يا عمرُـ
جمالَ كل هذي الفصول؟
سيريالي هو العمرُ.
ربيع أنثوي يموت عشقاً بخريف كان فارسا في معارك العشق.
وخريف ناكص يتوه جنوناً بربيع عشتاري
خريف يجيء من أقاصي الليلٍ،
يغتصب شتاءً خائفاً،
يسرق منه الغيم،
والمطرَ،
وصوت الريح،
وحضن المدفأة.
سيريالي هو العمر.
لماذا تطلُ يا عمر خريفاً،
مع أول دمعة من دموع الشتاء؟
ورق أصفر فيه حنين للثمر،
ثمر في متعة الفناء بالورق الأصفر
يغني،
ورد شقائق النعمان
يغرد من وجد :
أحبك يالغصن الأجرد.
سيريالي هو العمر.
يختال في أول الخريف،
شبقاً، كأنه في أول الربيع ِ،
في عز فصل الصيف،
فخوراً يختال بفودين
بلونٍ كلون غيم الصيف،
وامرأة تلون خريفها،
خجولة، بلون زهر الربيع.
لماذا… لماذا؟
لماذا يأتي خريفك باكراً
يافينوس؟
لماذا يأتيك حاقدا؟
يعتم ما فيك من ضياء.
ويرسم آهات الحزن جسوراً
على جفنيك؟
لماذا.. لماذا؟
آدم يزهو بالورق الأصفر،
ويمضي جموحاً نحو الزهر.
وأنت تخبئين ما أصفر من العمر،
وتبكين سراً رماد الحياة،
وجحودَ عيون الذئاب.
لماذا.. لماذا؟
سيريالي هو العمر.
فرح حزين يختبئ في ذاكرة العمر،
يبكي زماناً ولى،
ويعزف على الناي حداد الحنين.
لماذا تظلين يا لحظة الحزن
حائمة في النفس؟
ولماذا تقيمين في كل الفصول؟
لماذا… لماذا؟
سيريالي هو العمرُ.
بالأمس كان طفلاً
يلهو على أرجوحة الحياة،
ينسج للقادم من الزمن
سجادة بكل ألوان الفرح.
وما كان يدري بأن الموت يختبئ
خلف ضلوعه الحارسة،
مضى بعينين ساخرتين،
وسؤال حريق
من رسم الحدود وسواها
يا فصول العمر
من؟
٭ أكاديمي فلسطيني