رأي القدس ستظل صحراء سيناء صداعا مزمنا لكل من اسرائيل ومصر في السنوات القادمة، مهما اتخذتا من اجراءات عسكرية لفرض الهدوء والاستقرار وفوق كل هذا وذاك السيطرة الامنية.ولذلك لم تكن مفاجئة بالنسبة الينا تلك الانباء التي تحدثت بالامس عن اقدام مسلحين على شن هجوم على كمين للجيش المصري في حي الزهور في مدينة الشيخ زويد شرق مدينة العريش.صحراء سيناء تحولت في الاعوام الاخيرة الى دولة داخل دولة، وميدان لجماعات متعددة المشارب والاهداف والايديولوجيات. فهناك المهربون وقطاع الطرق، وهناك الافارقة الذين يبحثون عن ثغرة للتسلل منها الى اسرائيل بحثا عن عمل او لجوء، وهناك، وهذا هو المهم، الجماعات الاسلامية المتشددة التي تريد ممارسة واجبها الديني والوطني بمحاربة اسرائيل التي تحتل الاراضي الفلسطينية، وتقتل عربا ومسلمين من خلال غاراتها المستمرة على قطاع غزة.السلطات المصرية استغلت جريمة الهجوم الذي ادى الى مقتل 16 جنديا مصريا في سيناء قرب معبر رفح من اجل القيام بحملة امنية لمواجهة هذه الجماعات، وفرض سيطرتها على المنطقة باسرها، من خلال ارسال دبابات وطائرات عمودية، مثلما قامت بتدمير الانفاق تحت الحدود المصرية مع قطاع غزة، وهي الانفاق التي كانت، وما زالت، تشكل شريان حياة رئيسيا لاكثر من مليوني فلسطيني يعيشون تحت حصار اسرائيلي.هذه الهجمات التي تستهدف كمائن للجيش المصري في سيناء مفيدة ومضرة لحكومة الرئيس مرسي التي تتولى الحكم في هذا الظرف المصري الصعب.مضرة لانها توقع خسائر في صفوف القوات المصرية، وتهز صورة النظام الجديد من خلال اظهاره بمظهر الضعيف الذي لا يستطيع بسط سلطته على مختلف انحاء البلاد، والتصدي للجماعات التي يصفها بانها خارجة عن القانون.ومفيدة لانها يمكن ان تظهر مدى تكبيل معاهدات كامب ديفيد الموقعة منذ عام 1979 للادارة المصرية لان ملاحقها الامنية تمنعها من تواجد قوات ومعدات عسكرية كافية لفرض سيادتها على هذا الجزء من اراضيها الذي انسحبت منه اسرائيل.السلطات المصرية وضعت مصلحة مصر وامنها فوق هذه الاتفاقات عندما ارسلت دبابات وطائرات عمودية بعد جريمة الاعتداء على القوات المصرية في شهر رمضان المنصرم من قبل جماعات اسلامية لم تحدد هذه السلطات هويتها الايديولوجية حتى هذه اللحظة، ولكنها اضطرت وبسبب ضغوط امريكية واسرائيلية الى سحب هذه الدبابات والطائرات في خطوة اثارت انتقادات عديدة للرئيس مرسي وحكومته.ربما من المبكر مطالبة الرئيس مرسي الغاء معاهدات كامب ديفيد او حتى المطالبة بتعديلها، لان مثل هذا الطلب قد يفتح عليه باب مشاكل عديدة مع واشنطن في هذا الوقت الدقيق الذي يحاول فيه بناء هياكل الدولة وترتيب البيت المصري وفق رؤيته وحزبه، ولكن التجاوب مع الضغوط الاسرائيلية ـ الامريكية في ظل استمرار الهجمات على وحدات الجيش المصري وقواعده في سيناء قد يثير عليه غضب المصريين، ويوفر ذخيرة حية لمنتقديه وما اكثرهم هذه الايام.الرئيس مرسي كان يجب ان يتريث، وان لا يسحب قواته ودباباته بهذه السرعة من سيناء، لان اسباب وجودها ما زالت قائمةن ثم ان مصر مرسي يجب ان تكون نقيضا لمصر مبارك.Twitter: @abdelbariatwan